قيادي آخر من مؤسسي حركة التغيير الكردية ينشق عنها

سالار عزيز: أسسناها لتغيير النظام القائم لا المشاركة فيه

سالار عزيز
سالار عزيز
TT

قيادي آخر من مؤسسي حركة التغيير الكردية ينشق عنها

سالار عزيز
سالار عزيز

مع احتدام المنافسة الانتخابية بين القوائم المترشحة لانتخابات مجلس النواب العراقي في إقليم كردستان العراق وانتخابات مجالس محافظات الإقليم التي ستجرى معها الأربعاء المقبل، أعلن قيادي آخر من مؤسسي حركة التغيير التي يتزعمها نوشيروان مصطفى انشقاقه عن الحركة واستقالته منها.
وقال سالار عزيز، في بيان، إن اللبنات الأولى لتأسيس حركة التغيير وضعت في عام 2007 من قبل خمسة أشخاص كانوا ضمن صفوف «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وإن «الضغط الشعبي والجماهيري للجماهير الغاضبة أدى بهم إلى تأسيس الحركة والمشاركة بقائمة مستقلة في انتخابات برلمان الإقليم لعام 2009». وبين عزيز أن الحركة في البداية رفضت عروضا كثيرة للمشاركة في الحكومة، لأنها «تأسست من أجل تغيير النظام الحالي الموجود في الإقليم، لا المشاركة فيه». وهاجم عزيز قيادة حركة التغيير متهما إياها بـ«تركيز هجومهم ضد الاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني)، وإبداء مرونة غير طبيعية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد توقيعهما اتفاقية المشاركة في الحكومة». ووصف عزيز التقارب بين حركة التغيير و«الديمقراطي» بـ«الانقلاب» على مبادئ حركة التغيير. كما هاجم زعيم الحركة، نوشيروان مصطفى، شخصيا متهما إياه بـ«محاولة بث التفرقة في صفوف (الاتحاد الوطني الكردستاني)، بالأخص بعد غياب زعيم الحزب جلال طالباني».
من جهة أخرى، نفى القيادي في حركة التغيير صلاح مزن، أن يكون لاستقالة القياديين الذين كانوا ضمن صفوف الحركة أي تأثير على أداء الحركة ونتيجتها في الانتخابات المرتقبة، نافيا في الوقت ذاته أن يكون خطابهم الإعلامي ضد «الحزب الديمقراطي»، «أصبح مرنا مقارنة بالخطاب الإعلامي للحركة ضد (الاتحاد الوطني)»، مبينا أن الشعارات الانتخابية للحركة «تنتقد وبشدة أداء الحكومة التي يترأسها (الحزب الديمقراطي الكردستاني)».
وقلل مزن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من استقالات بعض قياديي الحركة أخيرا، وآخرهم عزيز، قائلا إن «الكثير من الشخصيات المهمة من مثقفين وسياسيين ينضمون بشكل يومي ومنتظم إلى صفوف الحركة»، مشيرا إلى أن «تصرفات قيادات (الاتحاد الوطني الكردستاني) تؤكد أن الحزب فقد الكثير من شعبيته وجماهيره».
على صعيد آخر ذي صلة، رفض مرشح «الاتحاد الوطني الكردستاني» لمنصب محافظة السليمانية آسو فريدون علي أمين: «مجرد التفكير» في تولي شخص قال إنه «كان يمجد ويصفق ويطبل للنظام السابق» بتولي منصب محافظ السليمانية، في إشارة إلى مرشح حركة التغيير هفال أبو بكر. وكان فريدون اتهم أبو بكر في ندوة جمعته الأسبوع الماضي به وبرؤساء بعض القوائم المشاركة في الانتخابات بجامعة التنمية البشرية في السليمانية بأنه كان بعثيا وعرض مقالات صحافية وقصائد تتضمن مديحا لـ«البعث» منسوبة إلى مرشح حركة التغيير نشرت في صحيفة «هاوكاري» الكردية التي كانت تصدر في زمن نظام الرئيس الأسبق صدام حسين.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال أمين إن ما فعله أثناء الندوة وما عرضه من أدلة في الكثير من القنوات الإعلامية الكردية «لم يكن إلا واجبا يقع على عاتق جميع مثقفي وصحافيي وأدباء الإقليم للكشف عمن يريد أن يمحي ماضيه بعدد من الشعارات البراقة». وانتقد أمين موقف بعض المثقفين والشعراء والأكاديميين الكرد الذين دافعوا عن أبو بكر، داعيا إياهم إلى «عدم خذلان الشعب» في الانتخابات. ورغم اتصالاتها المتكررة، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» الحصول على تعليق من أبو بكر على هذه الاتهامات.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.