زعيم «الاستقلال» المغربي يتهم وزيرًا بالفساد

«العدل والإحسان» تتهم الدولة باستهداف أعضائها في المؤسسات الحكومية

حميد شباط خلال مؤتمره الحزبي مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)
حميد شباط خلال مؤتمره الحزبي مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

زعيم «الاستقلال» المغربي يتهم وزيرًا بالفساد

حميد شباط خلال مؤتمره الحزبي مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)
حميد شباط خلال مؤتمره الحزبي مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)

لم يمنع تحرك وزارة الداخلية المغربية للتحقيق في الاتهامات التي وجهها الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، إلى جهات في الدولة بالسعي إلى تصفيته، مواصلته توجيه الاتهامات إلى أطراف عدة في لقاء حزبي عقده، فيما يشبه تحديًا لكل معارضيه.
ففي تجمع خطابي نظمه مساء أول من أمس، في مدينة القنيطرة (شمال الرباط)، اتهم رئيس حزب «التجمع الوطني للأحرار»، وزير الفلاحة والصيد البحري في حكومة تصريف الأعمال، عزيز أخنوش، بـ«الاغتناء (الإثراء) غير المشروع»، وقال إن ثروة أخنوش، وهو رجل أعمال يملك شركة لتوزيع الوقود والغاز، «تفوق ثروة كل المغاربة المغلوبين على أمرهم»، وزعم أنه «وراء عرقلة منح الحكومة الدعم المباشر للفقراء، واستفاد من 13 مليار درهم (1.3 مليار دولار) مخصصة من الدولة لدعم الغاز».
وردًا على هذه الاتهامات ضد شخصية سياسية متنفذة، سارعت أمس «جمعية النفطيين المغاربة» بإصدار بيان وصف هذه التصريحات بـ«الخاطئة والدالة على جهل تام بالحقائق، وتحمل من المغالطات ما يمكن أن يسبب تضليلاً للرأي العام». وأوضح البيان أن «شباط بتقديمه معلومات خاطئة تمامًا عن الدعم الحكومي لغاز البوتان (الغاز المنزلي)، قام بتضليل الرأي العام، وأبان عن جهل صارخ بمعايير المقاصة»، أي صندوق دعم المواد الأساسية.
وأشارت الجمعية إلى أن «الشركات العاملة في القطاع تتزود بالغاز بأسعار مرتفعة، وتعيد بيعه بناء على لائحة أسعار منظمة ومحددة سلفًا من قبل الدولة، وذلك بغرض جعل سعر الغاز في متناول المستهلك»، وتابعت أن «هذا الإجراء الذي وضع في إطار دعم الدولة المغربية لسعر الغاز، يجعل العاملين في القطاع يتحملون فرق السعر في انتظار استعادة مستحقاتهم من صندوق المقاصة»، وأوضحت أن «الدعم يستفيد منه المستهلك مباشرة، وشركات التوزيع لا تقوم إلا بتوفير خدمة نقل هذا الدعم إلى المستهلك».
وفي تجمع خطابي آخر نظمه في مدينة فاس، قال إنه لن يرد على بيان وزارة الداخلية المتعلق بالمقال الذي لمح إلى وجود نية لاغتياله من قبل جهات في الدولة، بعدما اتهمته الوزارة بـ«اختلاق وقائع، وفبركة ادعاءات، وإثارة مزاعم مغلوطة، تحركها دوافع سياسية غامضة».
وقال إن «الحضور الجماهيري الكبير في اللقاءات التي ينظمها الحزب في مختلف المناطق هو الجواب الحقيقي على كل البيانات»، وأكد أن حزبه يحترم القضاء المغربي، وأن محاكمته إن تمت «ستكون أكبر محاكمة في القرن الحالي، وسينكشف بالفعل من هو ضد الديمقراطية ويسعى إلى تخريبها، ومن هو مع الديمقراطية ويكافح من أجل بنائها وترسيخها»، وأضاف: «لا يمكنني أن أقبل بتكميم الأفواه والاعتداء على حرية التعبير والصحافة».
وأضاف أن «حزب الاستقلال سيظل قويًا، رغم كيد الكائدين، لأنه ضمير الأمة، وصمام الأمان في هذا الوطن، ومن دون حزب الاستقلال لا يمكن أن تستقيم الأمور»، وأوضح أن «الاستقلاليات والاستقلاليين مستعدون دائمًا للتضحية بدمائهم وأرواحهم، ومع النظام الملكي الذي هو ضامن أمن واستقرار هذا الوطن... الدخلاء والسماسرة والباحثون عن الفتن والذين يخلقون العداوات هم المشكلة الحقيقية في البلاد».
إلى ذلك، اتهمت جماعة «العدل والإحسان»، الإسلامية شبه المحظورة، الدولة المغربية بشن حملة لإعفاء ونقل وتغيير المواقع الإدارية والوظيفية لعشرات من المنتمين إليها في كثير من القطاعات والوزارات، معتبرة أن «هذه خطوات غير قانونية مشوبة بالشطط الإداري والتعسف المكشوف، من ورائها عقلية تسلطية، تعرّض العشرات من أطر وأبناء هذا الوطن لتغيير المهام والتنقيل، وجرم هؤلاء هو إيمانهم بمشروع جماعة العدل والإحسان الذي يحث على التفوق والإتقان والتفاني في العمل»، وأشارت إلى أن القرارات المزعومة «تخلو من ذكر المبررات»، مرجحة أن يكون السبب هو «شطط في استعمال السلطة، واستغلال للنفوذ لتصفية حسابات».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.