حماس تنتخب السنوار قائدًا لقطاع غزة خلفًا لهنية

وضعته أميركا على قائمة الإرهاب... والإسرائيليون: «لا يتردد في اللجوء إلى العنف»

إسماعيل هنية (يسار) ويحيى السنوار في صورة أرشيفية (أ.ف.ب)
إسماعيل هنية (يسار) ويحيى السنوار في صورة أرشيفية (أ.ف.ب)
TT

حماس تنتخب السنوار قائدًا لقطاع غزة خلفًا لهنية

إسماعيل هنية (يسار) ويحيى السنوار في صورة أرشيفية (أ.ف.ب)
إسماعيل هنية (يسار) ويحيى السنوار في صورة أرشيفية (أ.ف.ب)

انتخبت حركة حماس، القيادي في كتائب القسام، يحيى السنوار، قائدا لها في قطاع غزة، خلفا لإسماعيل هنية المرشح الأبرز لتولي القائد العام للحركة، بديلا لخالد مشعل، الذي يغادر منصبه نهاية الانتخابات الحالية.
وترأس السنوار وهو أحد أبرز صقور القسام، قيادة القطاع التي تضم خليل الحية وهو سياسي يتوقع أن يتسلم منصب نائب السنوار، ومروان عيسي الذي يوصف برئيس أركان القسام، وروحي مشتهى أحد أبرز قادة القسام ومقرب من السنوار، وفتحي حماد وزير داخلية حماس الأسبق، وأحد صقورها المحسوب على القسام، ومحمود الزهار، القيادي البارز المعروف بعلاقته بالقسام، إلى جانب صلاح البردويل، وأبو فكري السراج وعطا الله أبو السبح، وإسماعيل برهوم وسهيل الهندي، أبو عبيدة الجماصي، وياسر حرب، أحمد الكرد وجواد أبو شمالة، وغالبيتهم على علاقة مباشرة بالقسام إلى جانب عملهم السياسي.
وتشير هذه النتائج إلى إحكام القسام قبضته على المواقع السياسية كذلك في الحركة، خصوصا أنها ظهرت بعد أيام من إعلان تولي القياديين في جناح حماس المسلح، محمد عرمان وعباس السيد قيادة الحركة في السجون ضمن الانتخابات الداخلية التي يفترض أن تجرى أيضا في ساحات أخرى، وصولا إلى المكتب السياسي العام.
وتشكل غزة مع السجون، قطاعين من بين 4 قطاعات تجري فيها انتخابات داخلية في حماس كل 4 سنوات. وينتظر أن تجري الحركة انتخابات في الضفة الغربية وفي الخارج.
وينتخب أبناء الحركة قيادة القطاعات الـ4 الذين يشكلون كذلك، مجلس شورى الحركة والمكتب السياسي العام الذي يتوقع أن ينتخب في أبريل (نيسان) المقبل أو مايو (أيار).
وهذه السيطرة التي تبدت للقسام، جاءت نتيجة طبيعية لفوز معظم عناصر الجناح المسلح للحركة في انتخابات المناطق في قطاع غزة، الذين بدورهم انتخبوا مكتب حماس السياسي في القطاع.
وكانت «الشرق الأوسط» نشرت عن سيطرة العسكر في انتخابات حماس الداخلية، ما يمهد لسيطرة أكبر على باقي مؤسسات الحركة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن نتائج الانتخابات أظهرت في حقيقة الأمر، سيطرة شبه كاملة للعسكر، وهو ما تسبب في تعطيل الانتخابات وتوقفها في بعض المناطق وإعادتها في أخرى، وحسمها بالتزكية أحيانا، بهدف ضم سياسيين إلى المكتب السياسي في غزة، بغية الحفاظ على التوازن داخل الحركة.
وتنتخب حماس قيادة مناطق ومجالس شورى وقيادة لكل منطقة، ومن ثم يجري انتخاب المكتب العام.
ويعد قطاع غزة أهم القطاعات الـ4 على الإطلاق، إذ يشكل أبناؤه الأغلبية داخل مؤسسات حماس، ولهم ثقل كبير مؤثر في رسم سياسات الحركة، ناهيك عن أن الجيش الذي شكله القسام، يتموقع في غزة وقيادته كذلك.
ويعني تولي السنوار قيادة غزة، تغييرا متوقعا في سياسة الحركة في قضايا محلية وإقليمية كانت محل خلاف في السنوات القليلة الماضية.
وتبرز العلاقة مع إسرائيل والتحالفات في المنطقة، كأبرز ملفات على السنوار الوقوف أمامها ومعالجتها، خصوصا أن السنوار من التيار الذي يبدي تشددا كبيرا فيما يخص عقد أي اتفاقات مع إسرائيل، سوءا فيما يتعلق بالهدنة أو إتمام صفقات تبادل، وهو الذي وضع شروط حماس الصعبة من أجل إتمام صفقة تبادل أسرى أخيرة، ورفض عروض مختلفة، كما أنه بخلاف المستوى السياسي يدعم تقاربا أكبر مع إيران في سبيل الحصول على دعم مالي وعسكري لصالح القسام، وهو الأمر الذي حاولت قيادة حماس السابقة إبطاءه إلى حد ما.
ويدفع قادة العسكر إلى ترميم العلاقات مع إيران منذ سنوات وفتحوا خطوطا معها.
ويتشارك هنية المرشح لقيادة حماس مع السنوار، في ضرورة فتح علاقات مع الجميع بما في ذلك إيران.
لكن السنوار يختلف عن هنية كرجل معروف بالحزم الشديد والبطش.
واتهمت عائلات في حماس السنوار سابقا، بتصفية أبنائهم بسبب شبهات مختلفة، كما أنه قضى فورا على كل من ثبت تعاونه مع إسرائيل من دون محاكمات.
وكان السنوار قد حوكم عام 1989 في إسرائيل، لقتله متعاونين فلسطينيين، وقضى 22 عاما في السجون قبل إطلاق سراحه عام 2011 ضمن صفقة الجندي الإسرائيلي، غلعاد شاليط، الذي عقدت بين حماس وإسرائيل.
وتسلم السنوار فورا أمن القسام وأصبح أحد أبرز قادته المهابين، قبل أن تضعه الخارجية الأميركية على قائمة «الإرهاب» مطلع سبتمبر (أيلول) من عام 2015 إلى جانب قائد القسام العام محمد الضيف وصديقه الذي نجح في المكتب السياسي الجديد في غزة روحي مشتهى. ولاحقا وضعت الخارجية كذلك، فتحي حماد، الذي نجح كذلك في الانتخابات.
وإضافة إلى هذه الملفات، على السنوار أن يحسم أمر العلاقة مع مصر، في ظل أن القاهرة تضع شروطا أهمها تسليم مطلوبين لها من القسام، وهو الأمر الذي يتوقع أن يرفضه السنوار بقوة.
واهتمت وسائل إعلام إسرائيلية بانتخاب السنوار، ووصفه مسؤولون إسرائيليون بمتطرف لا يتردد باللجوء إلى العنف.
وحذر ممثل الحكومة الإسرائيلية يوآف مردخاي، مما وصفه «تداعيات تعزيز مكانة الجناح المتطرف لحماس في غزة وما قد يجره على الساحة الفلسطينية بأسرها من مغامرات هدامة» على حد وصفه.
وثمة توقعات في إسرائيل بمعركة أكثر عنفا مع حماس في المواجهة المقبلة في ظل سيطرة السنوار على القطاع.
لكن مراقبين في حماس قالوا إن قرارات حماس الكبيرة، في النهاية، تحكمها مؤسسات تعمل بمبدأ الشورى وليس السنوار وحده أو غيره.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.