إسبانيا تأمل تجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب

أغادير تحتضن الدورة الرابعة لمعرض هاليوتيس

إسبانيا تأمل تجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب
TT

إسبانيا تأمل تجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب

إسبانيا تأمل تجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب

تتّجه أنظار الصيادين الإسبان إلى مدينة أغادير المغربية التي ستنطلق فيها غدا الثلاثاء الدورة الرابعة لمعرض هاليوتيس للصيد البحري في المغرب، والتي يعلق عليها الصيادون الإسبان آمالا كبيرة لتعبيد الطريق نحو تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي تستفيد منها 90 باخرة إسبانية.
ويرتقب أن يحل كارمينو فيلا، المفوض الأوروبي للبيئة وشؤون البحار والصيد البحري، بأغادير للمشاركة في افتتاح المعرض إلى جانب وزير الفلاحة والصيد المغربي عزيز أخنوش.
ويتوقع المتتبعون أن يتصدر موضوع تجديد الاتفاقية جدول أعمال زيارة فيلا للمغرب، خاصة بعد سلسلة اللقاءات التي عرفتها مدريد وبروكسل خلال الأسبوع الماضي، والتي حثّت فيها جمعيات الصيد البحري الإسبانية سلطات بلدها وسلطات الاتحاد الأوروبي باستعجال الدخول في مفاوضات جديدة مع المغرب وعدم انتظار انتهاء الاتفاقية الحالية المقرر في نهاية فبراير (شباط) 2018.
ويتخوف الصيادون الإسبان من تعثّر المفاوضات لسبب أو لآخر، كما حدث بالنسبة للاتفاقية الحالية التي ظلت جامدة لمدة سنتين قبل أن تدخل حيز التنفيذ في سياق تداعيات الحملة ضد اتفاقية الفلاحة مع المغرب. وارتفعت درجة القلق الإسباني أخيرا بسبب التوتر الذي عرفته العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي خلال الأيام الماضية، بسبب تصريحات نائب إسباني في البرلمان الأوروبي حول المجال الجغرافي لصلاحية اتفاقية مبادلة المنتجات الزراعية بين الجانبين، والتي اعتبر أنها تستثني المحافظات الصحراوية.
وسارع المغرب إلى التعبير عن غضبه من تعرضه لمثل هذه الاستفزازات، معلنا استعداده للتخلي عن اتفاقيات الشراكة والتعاون التي تربطه بالاتحاد. وعلى إثر ذلك، صدر بيان مشترك عن الخارجية المغربية والمفوضية الأوروبية يؤكد تشبّث الطرفين بالشراكة الاستراتيجية بينهما وعزمهما على صيانتها وتطويرها.
وفي لقاء خلال الأسبوع الماضي بين كونفدرالية الصيد البحري الإسبانية مع كريستيان رامبو، رئيس وحدة الأسواق في المديرية العامة للصيد البحري لدى اللجنة الأوروبية، وألبيرتو لوبيز أسانخو، الأمين العام للصيد البحري في الحكومة الإسبانية، أكد الصيادون الإسبان على ضرورة حماية اتفاقيات الصيد البحري للاتحاد الأوروبي مع الدول غير الأعضاء من الانتقادات والهجمات التي تتعرض لها من طرف أطراف خارجية. وفيما جاء الاجتماع تحت العنوان العام لـ«اتفاقيات الصيد البحري مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد»، إلا أن السياق الذي جاء فيه والذي تميز بارتفاع حدة التوتر مع المغرب وتهديد المغرب بوقف شراكاته مع الاتحاد الأوروبي، يبين أن هدف الاجتماع هو بحث وضعية اتفاقية الصيد مع المغرب في هذا السياق.
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي يرتبط باتفاقيات في مجال الصيد البحري مع 14 دولة أفريقية، أهمها الاتفاقية مع موريتانيا التي تكلف الاتحاد 59 مليون يورو، واتفاقية مع المغرب مقابل 30 مليون يورو، ثم مع غينيا بيساو بـ9 ملايين يورو.
وتدعو الكونفدرالية الإسبانية للصيد البحري إلى إبرام اتفاقيات مع دول أفريقية أخرى، خاصة مع كينيا وتنزانيا. وتسمح اتفاقية الصيد البحري مع المغرب بممارسة نشاط الصيد في مياهه الإقليمية لـ120 باخرة من 11 دولة أوروبية، بينها 90 باخرة إسبانية. ويكتسب الصيد في المياه الإقليمية المغربية أهمية خاصة بالنسبة لإسبانيا، نظرا لدوره في التشغيل وفي الاقتصاد المحلي لعدة مناطق، خاصة الأندلس وغالسيا.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.