تعمق أزمة الغذاء في فنزويلا وسط غياب أمني ملحوظ

رابطة التجار: غلق أكثر من 100 متجر بسبب عدم وجود منتجات للبيع

عاملة في القطاع الطبي أثناء احتجاجها على نقص الدواء والسلع العلاجية في فنزويلا (أ.ف.ب)
عاملة في القطاع الطبي أثناء احتجاجها على نقص الدواء والسلع العلاجية في فنزويلا (أ.ف.ب)
TT

تعمق أزمة الغذاء في فنزويلا وسط غياب أمني ملحوظ

عاملة في القطاع الطبي أثناء احتجاجها على نقص الدواء والسلع العلاجية في فنزويلا (أ.ف.ب)
عاملة في القطاع الطبي أثناء احتجاجها على نقص الدواء والسلع العلاجية في فنزويلا (أ.ف.ب)

وليس بعيدًا عن الأزمة السياسة، فهناك الأزمة الإنسانية التي تضرب البلاد، حيث تعتبر أيام الاثنين من كل أسبوع هي الفرصة الوحيدة أمام فيرونيكا، المواطنة الفنزويلية التي تبلغ من العمر 33 عامًا، لكي تتمكن من شراء احتياجاتها الأسبوعية من المواد الغذائية الأساسية. ولقد تأسس هذا الروتين من قبل حكومة البلاد قبل عام من الآن، عندما بدأت أزمة نقص إمدادات الغذاء في الظهور، وبدأت العائلات في رحلة العناء للحصول على المواد الأساسية. وهناك الملايين مثل فيرونيكا من المواطنين في فنزويلا الذين يجدون صعوبة يومية بالغة في العثور على المواد الغذائية التي تشكل الأساس اليومي للطعام في فنزويلا مثل الأرز، والحليب، والسكر أو دقيق الذرة لإعداد فطائر «أريباس» الشعبية الشهيرة، والتي تعتبر حجر الزاوية في النظام الغذائي اليومي هناك.
وأصبح من روتين الحياة اليومية في فنزويلا أنك ترى المئات من المواطنين يصطفون في طوابير مطولة أمام متاجر السوبر ماركت في جميع أنحاء البلاد لشراء رطل من الأرز، أو السكر، أو بعض من الخبز. واليوم الذي يُسمح فيه للمواطنين للذهاب إلى المتاجر لشراء الاحتياجات يتوقف على الأرقام الأخيرة من رقم بطاقة الهوية القومية لكل مواطن. ومع ذلك، فإن الانتظار في الصفوف لا يعني حصولك على الغذاء الذي تريده بالضرورة.
ويقول لويس فيسنتي ليون من مؤسسة داتا أناليسيس المعنية باستطلاعات الرأي في فنزويلا، يتعين على المواطن في فنزويلا الانتقال بين ما لا يقل على 5 محال للسوبر ماركت لاستكمال شراء احتياجاته من المواد الغذائية الأساسية. ويعني ذلك أنه لكي يحصل المواطن هناك على وجبة غذائية كاملة عليه أن يقضي يومه بالكامل منتظرًا في الطوابير أمام مختلف المتاجر للحصول على ما يريد. ويوضح ليون أن «أهم أجزاء المشتريات تتم بالقنوات والطرق غير الرسمية، والتهريب، وربما من خلال السوق السوداء لاستكمال الشراء الرسمي للمنتجات». وهذه العملية المستهلكة للكثير من الوقت هي أحد الأسباب التي أدت إلى نمو معدلات البطالة في البلاد بشكل كبير. وفي الكثير من الحالات، تترك النساء أعمالهن من أجل محاولة الحصول على المواد الغذائية الأساسية. والأرقام الدقيقة حول معدلات البطالة في فنزويلا غير متاحة في المجال العام، ولا تكاد تكون هناك أرقام رسمية تصدر بهذا الشأن. ولأن شراء الاحتياجات الأساسية من المواد الغذائية يجبر الكثير على مغادرة محال عملهم مثل فيرونيكا لتستطيع المحافظة على وظيفتها في الوقت نفسه، فهي قد بدأت في شراء المواد الغذائية من السوق السوداء بدلا من المتاجر الرسمية، ومن دون الحاجة إلى الوقوف لساعات طويلة أمام أبواب المتاجر. وفي السوق السوداء، تعتبر الأسعار باهظة للغاية بالنسبة للسواد الأعظم من سكان البلاد. ومن المعتقد أنه بين تعداد السكان البالغ 30 مليون نسمة، هناك 12 مليون نسمة من مواطني فنزويلا يعيشون في حالة من الفقر المدقع، وهم الذين يعانون من الصعوبات البالغة لعدم توافر الأموال الكافية لشراء الاحتياجات من المواد الغذائية الأساسية.
ومع وضع مستويات التضخم العالية التي تسبب الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية في الاعتبار، فإن التكاليف والأعباء التي يتحملها المواطن في فنزويلا تصبح أكثر صعوبة. وتتذكر فيرونيكا أنها دفعت 6 دولارات أميركية كاملة لقاء شراء رطل واحد من الأرز من السوق السوداء، في حين أن سعر رطل الأرز العادي في المتاجر الرسمية لا يتجاوز بضعة سنتات قليلة. ولشراء الخبز عليها الانتظار في طابور طويل من المواطنين لمدة ساعة أو أكثر، وغير مسموح لها بالحصول إلا على رغيف واحد فقط بسبب اللوائح الحكومية التي نظمت عملية توفير الخبز للمواطنين.
وفي كل يوم يصبح أكثر شيوعًا أن ترى الناس يبحثون في صناديق القمامة عن بقايا الطعام الذي يتركه أناس في الشوارع.
وعزز النقص في الإمدادات الغذائية من الصناعة غير المشروعة، حيث يستطيع المواطنون من أصحاب الأموال شراء الغذاء بثلاثة أضعاف السعر الحقيقي. ووفقًا لتقرير صادر في الصحافة المحلية يقول إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية في ديسمبر (كانون الأول) لعام 2016 وصل إلى نسب قياسية. ومن جانبها، حذرت رابطة التجار في فنزويلا من أنه في الأيام الأولى من عام 2017، أغلق أكثر من 100 متجر أبوابه بسبب عدم وجود منتجات للبيع. ولكن الأزمة لا تتعلق فقط بالمقدرة على شراء الغذاء، ولكنها تتعلق أيضا بالأدوية الأساسية للأمراض المزمنة. ولقد مرت فيرونيكا بكل هذه التجارب أيضًا. حيث يحتاج والدها إلى العلاج الدوائي لكليتيه ولكن الأدوية غير متوفرة في الأسواق. وعليه أن يشتريها من دولة كولومبيا المجاورة لفنزويلا. وأحد تلك الأدوية المهمة بالنسبة لحالته، والذي يتم استيراده من كولومبيا المجاورة، يكلفه راتب شهر بأكمله. ولكن في سلاسل الصيدليات المحلية فإن المواطن العادي لا يعثر حتى على القطن الطبي، أو الكحول الطبي، أو حتى الأربطة للجروح والإصابات.
ورغم ذلك، فإن أكبر المخاوف لدى المواطنين في فنزويلا في هذه الأيام هي الأمن والسلامة. ووفقًا لمؤسسة داتا أناليسيس المعنية باستطلاعات الرأي، فإن نسبة 85 في المائة من المواطنين في البلاد لديهم مخاوف قائمة بشأن سلامتهم الشخصية. والسير في شوارع العاصمة كاراكاس صار من الأنشطة الخطيرة؛ بسبب تعرض الناس على نحو مستمر لسرقة هواتفهم ومتعلقاتهم الشخصية، أو السيارات، أو حتى حوادث الاختطاف السريعة، مما يجعل العاصمة في وضع صعب للغاية؛ حيث يتم احتجاز المواطن في بعض الحالات لبضع ساعات، مع إجبار عائلته على سداد مبلغ كبير من المال مقابل الإفراج عنه.
وليست هناك تقارير رسمية حول عدد الجرائم التي ترتكب في فنزويلا، نظرًا لأن الحكومة لا تفصح عن مثل هذه المعلومات. ومن غير المعروف أيضًا عدد المواطنين الذين غادروا البلاد منذ عام 2014 وحتى الآن ولكن من المعروف أن الآلاف من مواطني فنزويلا قد بدأوا حياة جديدة في دولة كولومبيا المجاورة، إلى جانب بنما، والأرجنتين، وحتى الولايات المتحدة الأميركية. ومع ذلك، لم تفكر فيرونيكا حتى الآن في مغادرة فنزويلا مثلما صنع بعض من أقاربها أو أصدقائها بالفعل. وتقول فيرونيكا إن والدتها كولومبية الأصل وجاءت إلى فنزويلا مهاجرة في السبعينات من القرن الماضي، يغمرها حب البلاد، وقالت لابنتها إنه على الرغم من الصعوبات الشديدة لا بد على المرء أن يتحلى بالصبر والبقاء لكي يساعد في إعادة البناء، حيث إن الأزمات الشديدة سرعان ما تنجلي ولا تستمر إلى الأبد بأي حال.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.