تونس تتجه إلى الأسواق الدولية للاستدانة رغم تراجع تصنيفها

للحصول على سندات بقيمة مليار يورو

تونس تتجه إلى الأسواق الدولية للاستدانة رغم تراجع تصنيفها
TT

تونس تتجه إلى الأسواق الدولية للاستدانة رغم تراجع تصنيفها

تونس تتجه إلى الأسواق الدولية للاستدانة رغم تراجع تصنيفها

أكدت تونس توجهها نحو الأسواق المالية الأوروبية خصوصا الألمانية منها، للحصول على سندات مالية بقيمة مليار يورو (نحو 2.437 مليار دينار تونسي) لدعم موارد إضافية في خزينة الدولة. وانطلق ممثلو الحكومة التونسية في عقد اجتماعات مع عدد من صناديق الاستثمار الأوروبية منذ الخامس من شهر فبراير (شباط) الحالي، في محاولة لتحديد قيمة تلك السندات ونسبة الفائدة عليها، إضافة إلى فترة التسديد.
وبلغ العجز المسجل على مستوى إجمالي الناتج الداخلي التونسي خلال السنة الماضية نحو 6.4 في المائة، وهو ما يتطلب التوجه من جديد إلى الأسواق المالية العالمية من جديد، للحصول على قروض تغطي الهوة الفاصلة بين موارد الدولة المحدودة نتيجة ضعف الصادرات، وتراجع مداخيل القطاع السياحي، وبين مصاريف الدولة المتصاعدة نتيجة زيادات كبرى على مستوى كتلة الأجور في القطاع العام. وتخشى السلطات التونسية من التأثير المباشر لتخفيض وكالة «فيتش» التصنيف الائتماني لتونس بدرجة واحدة من «بي بي سلبي» إلى «بي إيجابي»، وإبقاءها على الآفاق المستقبلية أمام الاقتصاد التونسي مستقرة، بسبب انخفاض موارد الأنشطة السياحية وتباطؤ نسق الاستثمارات المحلية والأجنبية. وتعود هذه الخشية إلى تأثر المفاوضات التي ستجريها مع الهياكل المالية بهذا التصنيف وجميع التقارير الصادرة عن هياكل التمويل الدولية، مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الدين الخارجي. ومن المتوقع وفق خبراء في المالية والاقتصاد أن ترتفع نسبة الفائدة الموظفة على الديون إلى نحو 8 في المائة عند احتساب هامش المخاطر الموجودة في تونس، وهي نسبة مرتفعة للغاية قد تعمق الأزمة الاقتصادية وتجعل عملية الخروج إلى الأسواق المالية مكلفة.
وقدرت الوكالة النمو الاقتصادي في تونس بـ1.2 في المائة فقط، خلال السنة الماضية، مقابل توقعات أولية بنحو 2.2 في المائة، وهي نسب منخفضة مقارنة مع ما تحققه الدول المصنفة بالدرجة نفسها، إذ تقدر نسبة النمو لديها بنحو 4 في المائة.
وتتفق وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني تقريبًا مع الأرقام التي أقرها صندوق النقد الدولي، حول نسبة النمو الاقتصادي في تونس خلال السنة الماضية، وقد قدرها بنحو 1.3 في المائة، وأوضحت «فيتش» أن تونس تحتاج خلال السنة الحالية لاقتراض ما يعادل 7 في المائة من ناتجها الإجمالي الداخلي من الأسواق الخارجية لتسديد ديونها المستحقة وتغطية احتياجات الميزانية. وأشارت إلى وجود عناصر إيجابية تجعل الوضع الاقتصادي في تونس مستقرا، وهي على وجه الخصوص التقدم في الإصلاحات الاقتصادية والبنكية خصوصًا في القطاع المصرفي، والالتزام بتوصيات برنامج الدعم المتفق بشأنه مع صندوق النقد الدولي الممتد على أربع سنوات. وكانت لمياء الزريبي، وزيرة المالية التونسية، قد أكدت خلال عرض قانون المالية لسنة 2017 أن تونس في حاجة ماسة لقروض مالية جديدة بقيمة 1.5 مليار دينار تونسي كحد أدنى لتمويل ميزانية الدولة.
وارتفعت حاجيات التمويل في تونس من 6.4 مليار دينار، إلى ما لا يقل عن 7.8 مليار دينار، وهو ما أثقل كاهل ميزانية الدولة وجعلها تبحث عن موارد مالية إضافية لسد ثغرة كبرى تفصل بين الموارد الذاتية المتوفرة وحاجيات تمويل الاقتصاد التونسي.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.