أفلام الأسبوع

«الفضاء بيننا» فيلم المغامرة الدرامية والرومانسية
«الفضاء بيننا» فيلم المغامرة الدرامية والرومانسية
TT

أفلام الأسبوع

«الفضاء بيننا» فيلم المغامرة الدرامية والرومانسية
«الفضاء بيننا» فيلم المغامرة الدرامية والرومانسية

* To Kill a Mockingbird (***)
هذا الفيلم من عام 1962 هو من بين ما تعرضه حاليًا الشاشات الباريسية من أفلام قديمة يُـعاد الكشف عنها وتقديمها لأكثر من جيل في وقت واحد. لا يهم، في هذا العرف، أن الفيلم عرض مرارًا على الشاشة الصغيرة، ولا أنه متوافر على أسطوانات. إنه من إخراج الراحل روبرت موليغن (فاز الفيلم بثلاث جوائز أوسكار) ومأخوذ عن رواية هاربر لي، التي توفيت قبل سنوات قليلة، حول عائلة محام أبيض في الجنوب الأميركي (غريغوري بك وإحدى هذه الجوائز الثلاث ذهبت إليه) قرر الدفاع عن متهم بريء أسود، ووقع ذلك على المحيط الاجتماعي الذي ينتمي إليه. فيلم مهم بأسلوب مخرجه الهين والعميق والناعم دومًا.
* Les Derniers Parisiens (***)
ينجز المخرجان الشابان محمد بوركبة وإيكو لابيتي فيلما آسرًا في موضوعه، وجيدًا في صياغته ضمن حدود إنتاجية تفرض شروطها على تركيبة الحكاية لناحية الأحداث والأماكن، لكن المخرجين ينجحان في تكثيف ما لديهما من عناصر والتصرف بحكمة واقتصاد بحيث يتأقلم الفيلم مع تلك الحدود جيدًا. الممثل المنطلق رضا كاتب في دور شاب خرج من السجن بعد سنوات يحاول العودة إلى حياته الطبيعية والعمل في الحانة التي يملكها شقيقه الأزرقي (الجيد سليمان دازي). لكن العودة ليست سهلة، وهناك تضارب في اهتمامات كل منهما وفهم مختلف. الفيلم مصنوع بمهارة، لكن أفضل ما فيه يأتي في ربع الساعة الأخيرة.
* The Space Between Us (*)
يُقصد بالعنوان «الفضاء بيننا» شيء آخر مما يتبلور حين مشاهدة هذا الفيلم الذي قام بيتر شلسوم (ممثل سابق) بتحقيقه. فالعنوان معبّـر عن الجمهور والفيلم أكثر مما يعبّـر عن حالة الصبي الأرضي الذي وُلد على سطح المريخ. الفيلم سقط من أسبوعه الأول في «الثقب الأسود» والمغامرة الدرامية والرومانسية التي أراد تجسيدها سقطت معه. مخرج آخر بلمسات فنية وأسلوب عمل ذكي ربما كان صنع شيئا أفضل من هذه الحكاية.
القرموطي في أرض النار
انضم المخرج الجديد أحمد البدري إلى زملاء مهنته قبل سنوات قليلة قدّم خلالها نحو عشرة أفلام، ليس من بينها ما يستحق التنويه أو التميّـز باستثناء أن بعضها، كحال هذا الفيلم، يطرح أفكارًا جديدة. إنه عن شخصية القرموطي (يؤديها أحمد آدم) الذي يدرس كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الحياة العصرية، وكيف أن هذه الوسائل هي من ألهبت المصريين في ثورة 2011 وما بعدها. فجأة ما يرغب الفيلم في توسيع طروحاته فإذا بمجموعة داعشية تختطف القرموطي وتخيره بين الانضمام إليها أو القتل.
* The LEGO Batman Movie (**)
الموجة الجديدة في عالم أفلام «السوبر هيرو» هي نزع بعض الشخصيات، مثل سوبرمان أو باتمان كما الحال هنا، وتقديمها في مسلسلات موازية للأولى. لقد شاهدت «باتمان» منفردًا، ثم شاهدته مع «سوبرمان» في فيلم حديث (وفاشل)، تعالوا لنشاهده الآن كرسوم وكومبيوتر غرافيكس في عمل لن يكون الأخير من نوعه. هناك حكاية يستطيع المراهقون ومن هم أصغر سنا الاستمتاع بها على الرغم من ضوضائها وزحمة مشاهدها المتوترة وغير المرتاحة. لكن ما يوفره الفيلم على نطاق العمق والدلالات المهمة معدوم.



«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).