واشنطن تدرس تصنيف الحرس الثوري جماعة إرهابية

قائد التنظيم الإيراني المسلح: أميركا نمر من ورق وتهديداتها بلا جدوى

جانب من استعراض قوات الحرس الثوري التابع للمرشد الإيراني
جانب من استعراض قوات الحرس الثوري التابع للمرشد الإيراني
TT

واشنطن تدرس تصنيف الحرس الثوري جماعة إرهابية

جانب من استعراض قوات الحرس الثوري التابع للمرشد الإيراني
جانب من استعراض قوات الحرس الثوري التابع للمرشد الإيراني

بعد أيام من تطبيق وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني قال مسؤولون أمیركيون أمس، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب تدرس مقترحا لتصنيف الحرس الثوري في قائمة التنظيمات الإرهابية، فيما حذر مسؤول أميركي من أن معاقبة الحرس الثوري قد تكون لها نتائج عكسية بتقويتها «شوكة المحافظين وتضعف الزعماء الأكثر اعتدالا»، مثل الرئيس حسن روحاني. مقابل ذلك، اعتبر قائد الحرس الثوري الإيراني أن تهديدات أميركا ضد قواته «بلا جدوى»، مشددا على أن موقع إيران يمكنها من رؤية أميركا بمثابة «نمر من ورق».
وقال مسؤولون أميركيون إن إدارة ترمب تبحث مقترحا حول وضع الحرس الثوري على القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية. وأفادت وكالة «رويترز» أمس عن مسؤولين بالإدارة الأميركية لم تذكر أسماءهم بأخذ رأي عدد من الوكالات الأمیركية بشأن مثل هذا الاقتراح الذي سيضاف إن تم تنفيذه إلى الإجراءات التي فرضتها الولايات المتحدة بالفعل على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
والحرس الثوري هو أقوى كيان أمني إيراني على الإطلاق بعد تأسيسه بداية ثمانينات القرن الماضي، وإلى جانب اعتباره موازيا للجيش والمخابرات على الصعيدين العسكري والأمني فهو يسيطر أيضا على قطاعات كبيرة من اقتصاد إيران وله نفوذ قوي في نظامها السياسي.
ورغم أن الخزانة الأميركية أقرت خلال السنوات الماضية عقوبات استهدفت شركات ومؤسسات تابعة للحرس الثوري الإيراني بتهمة القيام بنشاط إرهابي ودعم المنظمات المدرجة على قائمة الإرهاب الأميركية فإنها المرة الأولى التي يطرح فيها مقترح لتصنيفه منظمة إرهابية.
وبحسب التقرير فإن «المقترح قد يأتي في شكل أمر تنفيذي يحمل توجيهات لوزارة الخارجية ببحث تصنيف الحرس الثوري الإيراني جماعة إرهابية». ورفض البيت الأبيض أمس تأكيد أو نفي صحة المعلومات التي نسبت إلى مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية.
أول من أمس، وصف ترمب في آخر تغريدة له عن إيران بأنها «الدولة الأولى الراعية للإرهاب»، وكان في موقف مشابه اعتبر نائب الأول إيران الدولة الأولى الراعية للإرهاب. ويحث بعض أكثر مستشاري ترمب في البيت الأبيض تشددا الرئيس على زيادة العقوبات على إيران منذ أن بدأت تتضح ملامح إدارته. وبعد تشديد العقوبات على إيران الأسبوع الماضي ردا على اختبار صاروخ باليستي قال مسؤولون بالبيت الأبيض إن الإجراء خطوة «مبدئية» وإن «جميع الخيارات مطروحة على الطاولة».
في سياق ذلك، رد المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر بأشد العبارات على تصريحات أدلى بها المرشد الإيراني علي خامنئي قائلا إن «إيران إن لم تدرك أن هناك رئيسا في البيت الأبيض فإنها تسخر من نفسها»، وذكر سبايسر أن الإدارة الأميركية قد تتخذ إجراءات جديدة لم تكشف عنها مسبقا إذا ما تواصل السلوك الإيراني الحالي.
وفي إشارة إلى قرار مجلس الأمن 2231 قال سبايسر إن ترمب «لن يجلس مكتوف الأيدي» إذا ما تواصل خرق إيران للاتفاق النووي.
بدوره، دخل قائد الحرس الثوري الإيراني على خط الحرب الكلامية المتبادلة بين الجانبين الإيراني والأميركي، وفي حين اعتبر أميركا «نمرا من ورق» قال إن التهديدات الأميركية لإيران «لا جدوى منها» وفق ما نقلت عنه وكالة «تسنيم» المنبر الإعلامي لمخابرات الحرس الثوري.
منتصف الشهر الماضي، كشفت مصادر أميركية أن السيناتورين الجمهوريين تيد كروز وجيم إيفنهاف بصدد تقديم مشروع قانون للكونغرس يلزم الخارجية الأميركية بإدراج الحرس الثوري وذراعه الخارجي «فيلق القدس» منظمة إرهابية تعرض الأمن العالمي والمصالح الأميركية للخطر، وتضمن المقترح مساءلة المرشد الإيراني علي خامنئي. وبحسب تلك المصادر المقربة من مكتب كروز فإن «النجاح المرتقب للمشروع الذي قدمه السيناتور الجمهوري يفتح الباب على مصراعيه لإدراج منظمات تتعاون مع الحرس الثوري مثل الحوثيين والحركات الشيعية في العراق (الحشد الشعبي)».
خلال الأيام الماضية أخذ التوتر بين واشنطن وطهران منحى تصاعديا بعد تجربة صاروخ باليستي في إيران، والجمعة الماضي أضافت الخزانة الأميركية ثمانية إيرانيين من بينهم قادة في الحرس الثوري وخمس مؤسسات إيرانية ضمن عقوبات استهدفت 25 كيانا وشخصا متعاونا مع البرنامج الصاروخي والحرس الثوري الإيراني.
ويعد الحرس الثوري من الجهات التابعة للمرشد الإيراني علي خامنئي الذي تتجاوز سلطته سلطة روحاني.
وأدرجت الولايات المتحدة بالفعل عشرات الكيانات والأشخاص على قائمة سوداء بسبب ارتباطها بالحرس الثوري. وفي 2007 صنفت وزارة الخزانة الأميركية فيلق القدس التابع للحرس الثوري والمسؤول عن عملياته في الخارج جماعة إرهابية «لأنه يدعم الإرهاب» وقالت إنه ذراع إيران «الأساسية لتطبيق سياستها بدعم الإرهاب والجماعات المتمردة». وتصنيف الحرس الثوري بأكمله جماعة إرهابية قد تكون له تداعيات أوسع بكثير بما في ذلك على الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى في 2015. وكانت أوسع عقوبات أقرت الخزانة الأميركية طالت الحرس الثوري بشكل كبير في منتصف أغسطس (آب) 2010، وشملت العقوبات قيادات الحرس الثوري وفيلق «القدس» محمد علي جعفري ومحمدرضا نقدي وقاسم سليماني وحسين سلامي ورستم قاسمي، كما ضمت منظمات ومؤسسات اقتصادية كبيرة تابعة للحرس الثوري الإيراني مثل مجموعة «خاتم الأنبياء» التي تضم أكثر من 800 شركة و650 ألف عامل وتتعاون مع خمسة آلاف مقاول إيراني.
وكان نشاط الحرس الثوري الاقتصادي من الأسباب الرئيسية التي أبقت طهران على قائمة الدول الأكثر خطورة على المنظومة المالية الدولية بسبب دعم الإرهاب وغسل الأموال. ولا يقتصر نشاط الحرس الثوري على مجموعة «خاتم الأنبياء» التي امتد نشاطها إلى العراق، ويقدر حجم استثمارات الشركة في مدينة النجف بمليار دولار، وكان الحرس الثوري أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي أن المجموعة بصدد تنفيذ 30 مشروعا اقتصاديا بقيمة ملياري دولار.
وتعد الأذرع الاقتصادية للحرس الثوري المصدر الرئيسي لتمويل مشاريع برنامج التسلح وتمويل الجماعات المرتبطة بالحرس الثوري خارج الحدود الإيرانية.
في هذا الصدد، قال عباد الله عباداللهي في مايو (أيار) الماضي إن الحرس الثوري بحاجة إلى بين 5 و7 مليارات دولار لإنهاء عشرة مشاريع عملاقة تدر سنويا 40 مليار دولار على خزائن الحرس الثوري. لاحقا في أكتوبر (تشرين الأول) أظهرت دراسة من مركز الأبحاث «الدفاع عن الديمقراطية» الأميركي أن الحرس الثوري أكبر الجهات المستفيدة من رفع العقوبات بعد تنفيذ الاتفاق النووي، وبحسب الدراسة يسيطر الحرس الثوري على نسبة 20 إلى 40 في المائة من الاقتصاد الإيراني، وقالت الدراسة إن «الحرس الثوري يستغل الفساد المنظم في السلطة لإثراء خزانته».
وتستحوذ شركات الحرس الثوري بشكل كبير على قطاع الاستثمار الإيراني، وهو ما تسبب في خلافات بين حكومة روحاني والحرس الثوري الرافض لفكرة دخول الاستثمار الأجنبي إلى الاقتصاد الإيراني.
وقد يشكل تصنيف الحرس الثوري أقوى مؤسسة عسكرية وسياسية في إيران جماعة إرهابية ضربة لطموح إيران الإقليمي الذي تعتبره دول عربية تهديدا للاستقرار والأمن في المنطقة، كما من المرجح أن يؤدي ذلك إلى تأجيج الصراعات الإقليمية التي تتبادل واشنطن وطهران الاتهامات بالتدخل فيها.
وأظهرت مواقف الفريق الجديد في البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي سيتخذ إجراءات أكثر تشددا من الحكومة السابقة للضغط على طهران.
ورجحت تقارير دولية سابقة أن يكون تصنيف الحرس الثوري على قوائم الإرهاب من بين الحلول على طاولة الرئيس الأميركي تجاه إيران. وسيكون الهدف هو صرف اهتمام الاستثمار الأجنبي عن الاقتصاد الإيراني بسبب مشاركة الحرس الثوري في قطاعات كبيرة من بينها النقل والنفط. وكثيرا ما تكون هذه المشاركة ملكية مستترة.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول أميركي رفيع أمس يشارك فيما وصفها بأنها مراجعة واسعة للسياسة تجاه إيران: «تعتبر الإدارة الجديدة إيران أوضح خطر على المصالح الأميركية وتبحث عن سبل للضغط»، مضيفا أنه لا بد من تمزيق الاتفاق النووي. لكن المسؤول حذر من أن معاقبة الحرس الثوري قد تكون لها نتائج عكسية. فقد تقوي شوكة المحافظين وتضعف الزعماء الأكثر اعتدالا مثل الرئيس حسن روحاني وتشجع قوى تدعمها إيران في العراق وسوريا على الحد من أي جهود ضد تنظيم داعش في البلدين وربما رعاية جهود ضد قوى تدعمها الولايات المتحدة أو القوات الأميركية التي تحارب التنظيم المتشدد بالعراق.
وتابع المسؤول: «لن يقبل الإيرانيون أي تصرف أميركي باستسلام. قد لا يتصرفون بسرعة أو في العلن لكن هناك خطر نشوب صراع متصاعد».



خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
TT

خامنئي: غرفة عمليات أميركية - إسرائيلية أطاحت بالأسد

المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)
المرشد الإيراني علي خامنئي خلال كلمته اليوم (موقعه الرسمي)

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، اليوم (الأربعاء)، إن الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد كانت نتيجة خطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل، نافياً تراجع دور إيران في المنطقة.

وأضاف أن «إحدى الدول المجاورة لسوريا كان لها دور أيضاً». ولم يذكر تلك الدولة بالاسم لكن بدا أنه يشير إلى تركيا التي تدعم معارضين مسلحين مناهضين للأسد. ويُنظر للإطاحة بالأسد على نطاق واسع على أنها ضربة كبيرة للتحالف السياسي والعسكري المسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران، الذي يعارض النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.

وقال خامنئي في كلمة نشرها موقعه الرسمي إن «ما حصل في سوريا كان مخططاً له بشكل أساسي في غرف عمليات بأميركا وإسرائيل. لدينا دليل على ذلك. كما شاركت حكومة مجاورة لسوريا في الأمر»، وأضاف أن تلك الدولة الجارة كان لها «دور واضح ومتواصل للقيام بذلك» في إشارة ضمنية إلى تركيا.

وكانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في شمال سوريا بعد عدة توغلات عبر الحدود ضد وحدات حماية الشعب الكردية السورية، داعماً رئيسياً لجماعات المعارضة المسلحة التي سعت للإطاحة بالأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب ونشرت «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة. وبعد ساعات من سقوط الأسد، قالت إيران إنها تتوقع استمرار العلاقات مع دمشق بناء على «نهج بعيد النظر وحكيم» للبلدين، ودعت إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل جميع فئات المجتمع السوري.

وقال خامنئي في كلمته أيضاً إن التحالف الذي تقوده إيران سيكتسب قوة في أنحاء المنطقة بأكملها، وأضاف: «كلما زاد الضغط... تصبح المقاومة أقوى. كلما زادت الجرائم التي يرتكبونها، تأتي بمزيد من التصميم. كلما قاتلت ضدها زاد توسعها»، وأردف قائلاً: «إيران قوية ومقتدرة، وستصبح أقوى».

كما نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن خامنئي قوله إن المخابرات الإيرانية حذرت الحكومة السورية بوجود تهديدات لاستقرارها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مضيفاً أن دمشق «تجاهلت العدو».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، للتلفزيون الرسمي إن «الاستخبارات الإيرانية والسورية كانتا على دراية كاملة بتحركات إدلب، وتم إبلاغ الحكومة السورية بذلك»، لافتاً إلى أن طهران «كانت تتوقع حدوث هذا السيناريو» بناءً على المعلومات التي وصلت إليها.

وأشار عراقجي إلى أن الأسد أبدى «انزعاجه واستغرابه» من الجيش السوري.

ونفى مكتب علي لاريجاني، ما قاله محلل مقرب من السلطات للتلفزيون الرسمي بشأن عرض إيراني للأسد في اللحظات الأخيرة، يقضي بحض جيشه على الوقوف بوجه المعارضة السورية لمدة 48 ساعة، حتى تصل قوات إيرانية إلى سوريا.

وقال المحلل، مصطفى خوش جشم، في تصريح لـ«القناة الرسمية الثانية»، إن لاريجاني التقى بشار الأسد، الجمعة، وسأله عن أسباب عدم التقديم بطلب لإرسال قوات إيرانية إلى سوريا. وفي المقابلة التي أعادت بثها وكالة «مهر» الحكومية، صرح خوش جشم بأن الأسد قال للاريجاني: «أرسلوا قوات لكنني لا يمكنني إعادة معنويات هذا الجيش»، وأوضح المحلل أن «تصريح الأسد كان اعترافاً منه وكرره عدة مرات»، وتابع: «ماذا يعني ذلك، عندما قال بصراحة: تقرر أن يتدخل الجيش ويعمل لمدة يومين حتى تصل القوات الإيرانية ومستشاروها، وهو ما حدث جزئياً»، ولفت إلى أن «جماعات (محور المقاومة) هي التي تسببت في إيقاف زحف المسلحين في حمص لبعض الساعات»، وأضاف في السياق نفسه: «لكن عندما كانت أفضل قواتنا تعمل هناك، الجيش توقف عن العمل، وانضمت له وحدات الدفاع الشعبي السورية، ونحن بقينا وحدنا، حتى لم يقفوا يوماً واحداً لكي نبقى».