إسرائيل تشن عشرات الغارات على قطاع غزة

ادّعت أنها رد على «إجراءات حربية ضخمة» تقوم بها حماس

إسرائيل تشن عشرات الغارات على قطاع غزة
TT

إسرائيل تشن عشرات الغارات على قطاع غزة

إسرائيل تشن عشرات الغارات على قطاع غزة

ردت إسرائيل على الانتقادات الشديدة التي وجهت إليها بسبب عشرات الغارات التي شنتها على قطاع غزة، بادعاء أن ما قامت به هو رسالة موجهة إلى «حماس»، التي تقوم بإجراءات حربية ضخمة، من تدريب وجلب سلاح من الخارج أو تصنيعه محليا.
وكانت إسرائيل، وعلى غير عادتها، قد ردت بعشرات الغارات على قيام تنظيم فلسطيني سلفي، بإطلاق قذيفة يتيمة باتجاه البلدات اليهودية المحيطة بالقطاع، فجر أول من أمس. وفي حين كانت ترد على قصف كهذا بقصف محدود على مواقع حماس، اتصف ردها هذه المرة، بالشراسة. فقصفت برا وبحرا وجوا طيلة النهار. واستهدفت مدافعها الرشاشة الصيادين الفلسطينيين ومراكبهم في بحر شمال القطاع، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في أجواء القطاع، وعلى ارتفاعات مختلفة، مصدرة أصواتا عالية. في البداية، أطلقت بالونات حرارية مضيئة، ثم شنت سلسلة غارات على مواقع وأرض خالية غرب مدينة غزة، وشرق بلدة جباليا، وشمال بيت لاهيا. فيما أطلقت دبابات الاحتلال 5 قذائف على مواقع شمال القطاع ووسطه، موقعة إصابة لمواطن كان مارا، وألحقت أضرارا في ممتلكات المواطنين المجاورة.
وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن هذا الرد غير العادي، جاء ملائما لأشياء غير عادية وغير مقبولة تقوم بها حركة حماس. وفسر الخبير الاستراتيجي، الناطق الرسمي السابق للجيش الإسرائيلي، رون بن يشاين، هذا التصريح قائلاً: «كتائب عز الدين القسام تصنع وتنتج وبشكل مكثف، صواريخ وأسلحة أخرى لتفاجئ بها إسرائيل وقت المواجهة الحقيقية. كما أن حماس منشغلة بحفر الأنفاق من جميع الأنواع، من بينها الأنفاق التي تجتاز السياج الفاصل نحو إسرائيل».
وقال الناطق الجديد بلسان الجيش الإسرائيلي، إن «إسرائيل أحبطت مئات المحاولات لتهريب وسائل ومواد محظورة إلى التنظيمات المسلحة في قطاع غزة عبر معبر إيرز (بيت حانون)، خلال الأسابيع الماضية. ففي نشاط مشترك للسلطة مع جهاز الأمن العام ومنسق أعمال الحكومة في المناطق، جرى ضبط كثير من الأجهزة الإلكترونية التي أرسلت عبر البريد. وجرى شراء معظم هذه الطرود من مواقع إنترنت، وتشمل منتجات ومركبات إلكترونية مرسلة إلى زبائن أبرياء ظاهريا، مدفوعين من قبل عناصر إرهابية في قطاع غزة. ومن ضمن المنتجات، التي تمكنت سلطة المعابر في معبر إيرز من الإمساك بها: لوحات حاسوبية، وطائرات رباعية المراوح من دون طيار، ومحركات صغيرة، ومحولات طاقة كهربائية، ومقياس للريح، ومقياس للتيار الكهربائي، ومنشار معدني، ومصابيح توضع حول الرأس، ومثبت طاقة كهربائي، وأجهزة UPS، وكاميرات خفية، وكاميرات صغيرة، ومؤشرات ليزر للأسلحة، وروابط للألياف الضوئية وغيرها. وتمت مصادرة هذه المنتجات، وشرع التحقيق في محاولة للعثور على الجهات التي تقف خلف محاولات تهريب هذه المنتجات إلى قطاع غزة».
ولم يستبعد المراقبون أن تكون هذه الغارات بمثابة عملية ضغط على حماس في سبيل تغيير موقفها من صفقة تبادل أسرى، تتيح إعادة مواطنين إسرائيليين وجثتي جنديين تحتجزهما لديها، أو تكون محاولة لإسكات اليمين المتطرف الذي يعترض على تطوير اتفاق التهدئة، الذي كشف النقاب عنه أول من أمس، وبموجبه تحاول إسرائيل المساعدة في تحسين الوضع الاقتصادي، مقابل استمرار الهدوء من طرف حماس ومنع إطلاق قذائف باتجاه البلدات اليهودية الجنوبية.
المعروف أن كلا من إسرائيل وحماس حرصتا، بعد القصف المكثف، على الطمأنة بأنهما ليستا معنيتين بالتصعيد. فأكد مصدر عسكري إسرائيلي، أن الرد القوي على إطلاق القذيفة الصاروخية من قطاع غزة، كان رسالة نقلتها إسرائيل إلى حركة حماس. ولكن إسرائيل ليست معنية بتصعيد الأوضاع، موضحا أنه كان يجب عليها الرد بهذه الطريقة لتوضح أنها لن تقبل أي خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، حتى وإن كانت جهات مارقة قد قامت بهذا الخرق. من جهتها أكدت حركة حماس التزامها بالوضع الحالي والتهدئة مع إسرائيل، كما قال القيادي الحمساوي صلاح البردويل.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.