توتر في الشمال السوري بسبب مساعي «النصرة» التوسعية

يبدو الوضع في الشمال السوري وبالتحديد في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في ريفي إدلب وحلب، أشبه بـ«النار تحت الرماد»؛ نتيجة الخلافات والمواجهات المستمرة بين فصائل الجيش الحر و«هيئة تحرير الشام» التي تشكلت أخيرًا وتقودها «جبهة النصرة». ويصف قيادي في «الحر» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الأمور حاليًا بـ«المتوترة»، لافتًا إلى أن «الترقب سيد الموقف بعد نحو 5 أيام على وقف القتال بين الطرفين».
وأشار القيادي، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، إلى أنّه «وبعد تشكيل الهيئة في الثامن والعشرين من شهر يناير (كانون الثاني) هاجم عناصرها (جيش المجاهدين) وسرقوا مستودعاته التي كانت تحوي أسلحة ومواد لوجيستية، كما خاضوا معارك كر وفر بوجه (صقور الجبل) في منطقة جبل الزاوية حيث استمر القتال 5 أيام وأدى لسقوط قتلى من الطرفين»، لافتًا إلى أن عناصر الهيئة حاولوا كذلك اقتحام مقر «جيش الإسلام» على الحدود التركية 3 مرات وفشلوا.
وأضاف: «هم يستمرون بنصب الحواجز، حيث يقدمون على سرقة أسلحة عناصر الجيش الحر وسياراتهم أثناء توجههم إلى الجبهات المفتوحة مع النظام في حلب، كما يقومون بعمليات أمنية ليلية ينفذون خلالها اعتقالات شتى». وأوضح القيادي المعارض أن «عددًا من الشرعيين في الشمال السوري وأبرزهم عبد الرزاق المهدي وأبو الحارف المصري يقومون بوساطات لتهدئة الأمور»، وأضاف: «لكننا في كل الأحوال في مأزق كبير، خصوصا في ظل تلكؤ كل الأطراف عن وضع حد للهيئة التي تتمادى بتجاوزاتها».
وبحسب المصدر، تضم «هيئة تحرير الشام» بشكل خاص «جبهة النصرة» و«حركة نور الدين الزنكي» التي يبلغ عدد عناصرها 2500، «أما باقي الفصائل التي انضوت تحت لوائها أخيرًا فلا حجم حقيقي لها»، لافتًا إلى أن «نحو 800 عنصر من حركة أحرار الشام، وهم العناصر المتشددون فيها، تركوها وأصبحوا في الهيئة، ما أدّى تلقائيًا لتنقيح الحركة ودفع الكثير من المجموعات للانضمام إليها، خصوصا وأن معظم عناصرها وقادتها من السوريين».
وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيان أمس بـ«استهداف هيئة تحرير الشام فصائل المعارضة بالاعتقالات وباقتحام مراكز حيوية»، لافتة إلى أنّه «بعد يوم واحد فقط من الإعلان عن تشكيل هيئة تحرير الشام سجلنا قيامها بعمليات اعتقال وخطف واسعة طالت عناصر وقادة ينتمون إلى فصائل المعارضة المسلحة التي رفضت الانضمام إليها، كما صادرت مُمتلكاتهم». وأوضح البيان أن «الأحداث تطورت بعد ذلك لتشملَ تعزيز وجودها العسكري في المناطق التي تخضع لسيطرتها بشكل جزئي في كل من ريف إدلب وريف حلب الغربي، عبر إقامة نقاط تفتيش مُكثَّفة ونشر الأسلحة الثقيلة في الشوارع وإقامة العروض العسكرية، ما أدى ذلك إلى عرقلة جزئية للأعمال الإغاثية وحركة سيارات الإسعاف؛ بسبب تخوُّف الكوادر الطبية من وقوع حوادث أمنية أو اشتباكات أثناء المرور عبر نقاط التفتيش».
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في المدة الواقعة بين 28 يناير 2017 و1 فبراير (شباط) 2017 اعتقال «هيئة تحرير الشام» ما لا يقل عن 12 شخصًا من مقاتلي المعارضة المسلحة الرافضين الانضمام إليها، إضافة إلى اعتدائها على مركزين حيويين مدنيين.
وأوصى بيان الشبكة فصائل المعارضة المسلحة المنضوية إلى «هيئة تحرير الشام» بـ«الانفكاك مباشرة عنها كي لا يتم تصنيفها ضمن الجماعات المنتمية إلى تنظيم القاعدة؛ ما يُبرِّر استهدافها وعناصرها، وذلك باعتبار أن معظم عناصرها من الشباب السوريين»، مشددًا على وجوب «وقف الهيئة الانتهاكات بمختلف أنواعها، والإفراج عن جميع المعتقلين لديها، وإعادة جميع ما تم الاستيلاء عليه بقوة السلاح».
واللافت أن عددًا من الناشطين البارزين في المعارضة السورية والذين يعيشون في مناطق الشمال تفادوا التعليق على ما ورد في بيان «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، علما بأنّه تم اعتقال عدد منهم من قبل «هيئة تحرير الشام» والإفراج عنهم في وقت لاحق، وهو ما ردته المصادر إلى «تخوف هؤلاء على مصيرهم وتجنبهم التصعيد بوجه الهيئة بعد سلسلة تهديدات تلقوها».