الضربات الأردنية ضد «داعش» تثير تفسيرات متباينة

تساؤلات عن ارتباطها بحماية الحدود أم التمهيد للمنطقة الآمنة

الضربات الأردنية ضد «داعش» تثير تفسيرات متباينة
TT

الضربات الأردنية ضد «داعش» تثير تفسيرات متباينة

الضربات الأردنية ضد «داعش» تثير تفسيرات متباينة

طرحت الضربات الأردنية على جنوب سوريا علامات استفهام من ناحية التوقيت والدوافع، لا سيما وأنها أتت بعد أيام على زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى أميركا ولقائه الرئيس دونالد ترمب، والمعلومات التي أشارت إلى أنه تم البحث في إنشاء مناطق آمنة في سوريا. وفي حين رأى البعض أن قصف الطائرات الأردنية يأتي كخطوة أولية لعملية أوسع في الجنوب السوري، تمهيدًا لإنشاء منطقة آمنة إلى جانب المنطقة الشمالية، اعتبر البعض الآخر أن ربط الخطوة بهذا التوجه هو سابق لأوانه وفي غير مكانه.
وفي هذا الإطار، قال الخبير في «الجماعات المتطرفة» عبد الرحمن الحاج إن «داعش» موجود منذ فترة طويلة على الحدود الأردنية، وبالتالي فإن تنفيذ هذه الضربات اليوم مرتبط إلى حد كبير بالمنطقة الآمنة التي تحدث عنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتي بات معروفًا أنها ستكون في الشمال والجنوب السوري. وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا يمكن إغفال حقيقة أن هذه الضربات أتت بعد لقاء العاهل الأردني وترمب الأسبوع الماضي، والذي بحثا خلاله المنطقة الآمنة في سوريا، من هنا يمكن القول إن «هذه الضربات هي تمهيدية على أن تتطور بصيغة مختلفة في المرحلة المقبلة، وقد تترافق مع معركة برية». ورأى الحاج أن «الأردن غير قادر لوحده على القيام بهذه المهمة التي من المؤكد أنها ستتم بالتنسيق والتعاون مع التحالف الدولي، العربي والأميركي». وفي حين رجّح الحاج أن تكون المنطقة الجنوبية في شمال الأردن، الموازية للجولان، هي الآمنة، لفت إلى أن جزءًا كبيرًا منها خارج عن سيطرة النظام، والهدف التالي سيكون إفراغها من «داعش»، مرجحًا أن تتركز العمليات في الشمال الشرقي، حيث تسيطر جيوب تنظيم داعش على نحو 10 قرى.
في المقابل، استبعد كل من العميد المتقاعد والخبير العسكري نزار عبد القادر، ومدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن تكون الضربات مرتبطة بـ«المنطقة الآمنة». وأوضح عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «القصف استهدف منطقة جغرافية صغيرة صحراوية لا علاقة لها بدرعا، كما أنها لم تسفر، وفق المعلومات المتوفرة، عن سقوط قتلى في صفوف تنظيم داعش».
من جهته، قال عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «منذ تشكيل التحالف الدولي كان الأردن عضوا فاعلا ضد (داعش) في الشمال والشمال الشرقي، وأسقطت له طائرة واعتقل قائدها الذي أحرقه التنظيم لتعود بعدها وتشن غارات ثأرية»، مضيفًا: «لكن ومنذ فترة نسمع أن السلطات الأردنية بدأت بإقفال الحدود مع العراق وسوريا؛ خوفًا من تمدد التنظيمات المتشددة وتهريب الإرهابيين واستغلال المتطرفين لديها أيضًا في عمليات ضدها، من هنا يبدو واضحًا أن الأردن بدأ بمواجهات لأي تحركات قد تهدد أمنه وأمن حدوده، وهذا الأمر طبعًا ليس إلا جزءا من تحالف دولي سبق أن أعلن أن هدفه محاربة الإرهاب». ويرجح عبد القادر أن تكون هذه الخطوة التي أتت بعد زيارة الرئيس الأردني إلى أميركا، والتي شملت أيضا مسؤولين أميركيين، أتت بطلب من واشنطن بأنه على الأردن أن يتحرك فعليًا لحماية حدوده».
وعما إذا كانت هذه الضربات قد تشكل خطوة تمهيدية لعملية أوسع لإنشاء المنطقة الآمنة، قال عبد القادر: «هذا الربط سابق لأوانه وليس في مكانه، لا سيما أنه على من يطرحها أن يقوم بتحديد وتوضيح خطته وبخاصة لجهة المساحة الجغرافية والقوى التي ستتولى مهمتها».
وكان الجيش الأردني قد أعلن في بيان له أول من أمس السبت أن مقاتلات سلاح الجو الملكي ضربت مواقع لتنظيم داعش جنوب سوريا، في الذكرى الثانية لقتل التنظيم الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقًا.
وقالت القوات المسلحة الأردنية في بيان إن «طائرات من سلاح الجو الملكي الأردني، ولذكرى شهدائنا الذين قضوا في حربنا ضد الإرهاب، دكت الجمعة الماضي أهدافًا مختلفة لعصابة داعش الإرهابية في الجنوب السوري، منها موقع عسكري كانت قد احتلته العصابة المجرمة، وكان يعود سابقًا للجيش السوري».
وكان تنظيم داعش أعلن في شريط فيديو تناقلته مواقع على شبكة الإنترنت في 3 فبراير (شباط) 2015 عن إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة، الذي كان احتجزه منذ 24 ديسمبر (كانون الأول) إثر إسقاط طائرته في سوريا، حرقًا وهو حي.
وأضاف البيان أنه تم «تدمير مستودعات للذخيرة ومستودع لتعديل وتفخيخ الآليات وثكنات لأفراد من عصابة داعش الإرهابية المجرمة باستخدام طائرات من دون طيار وقنابل موجهة ذكية».
وأدت العملية إلى «قتل وجرح الكثير من عناصر العصابة الإرهابية، إضافة إلى تدمير عدد من الآليات».
وأكد البيان أن «هذه الضربات الجوية تأتي استمرارًا لجهود المملكة للقضاء على العصابة الإرهابية المجرمة وضربها في أوكارها، ولتعلم هذه الفئة الباغية من الخوارج أن الحساب معها ماضٍ حتى القضاء عليها».
ويشارك الأردن منذ أكثر من عامين في تحالف دولي تقوده واشنطن ضد التنظيم الذي يسيطر على مناطق في سوريا والعراق.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.