واشنطن تبحث خفض تمويل القوات الأممية لحفظ السلام

السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة تسعى لإعادة هيكلة المنظمة

أحد أفراد قوات حفظ السلام الأممية في جنوب السودان (غيتي)
أحد أفراد قوات حفظ السلام الأممية في جنوب السودان (غيتي)
TT

واشنطن تبحث خفض تمويل القوات الأممية لحفظ السلام

أحد أفراد قوات حفظ السلام الأممية في جنوب السودان (غيتي)
أحد أفراد قوات حفظ السلام الأممية في جنوب السودان (غيتي)

تعكف سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، على إعداد اقتراح لإجراء مراجعة شاملة لقوات حفظ السلام الدولية، من المرجح أن تقود إلى إنهاء وتقليص بعض البعثات، حسبما قال دبلوماسيون.
ووعدت هايلي عندما تولت منصبها، بإعادة هيكلة الأمم المتحدة، بهدف «التخلص» مما وصفته بالنشاطات «التي عفا عليها الزمن»، وسط نقاش في واشنطن بشأن التمويل الأميركي للمنظمة الدولية.
وخلال اجتماعات فردية مع سفراء مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع، بحثت هايلي مسألة قوات حفظ السلام كأولوية لخفض التمويل للمشروع الأهم للأمم المتحدة، بحسب 3 دبلوماسيين على اطلاع على النقاشات. وصرح دبلوماسي في الأمم المتحدة: «بشأن الإصلاحات، أعتقد أن هناك اهتماما خاصا بقوات حفظ السلام».
وتقوم هايلي بمراجعة كل مهمة من مهمات حفظ السلام الـ16 على حدة، وهي «متشككة نسبيا» في قيمة وفعالية كثير من بعثات «القبعات الزرق»، بحسب دبلوماسي نقلت تصريحاته وكالة الصحافة الفرنسية. وصرح دبلوماسي بارز في مجلس الأمن للوكالة، بأن إصلاحات «حفظ السلام» هي «أولوية» بالنسبة للسفيرة الأميركية الجديدة «التي ترغب في العمل بشكل وثيق مع شركاء رئيسيين» حول القضية خلال الأسابيع المقبلة.
ورغم أن عدد الجنود الأميركيين العاملين في قوات حفظ السلام قليل، فإن واشنطن أكبر ممول لعمليات حفظ السلام الدولية، وتساهم بنسبة 29 في المائة من ميزانية تلك القوات البالغة 7.9 مليار دولار هذا العام.
وخلال جلسات استماع في مجلس الشيوخ الشهر الماضي، أوضحت هايلي أنها تسعى إلى خفض المساهمة الأميركية في تمويل قوات حفظ السلام إلى أقل من 25 في المائة، وقالت إن على الدول الأخرى زيادة حصتها في تحمل الأعباء. وصرحت: «علينا أن نبدأ في تشجيع دول أخرى لكي يكون لها دور أكبر في تمويل المهمات». ولم يتم وضع قائمة بالمهمات التي ستلغى، إلا أن دبلوماسيين قالوا إن بعثات الأمم المتحدة في هايتي وليبيريا قد يتم إنهاؤها. ومن المقرر أن تنسحب بعثة حفظ السلام الدولية المتبقية في كوت ديفوار في يونيو (حزيران)، فيما جدد مجلس الأمن مهمة حفظ السلام في ليبيريا حتى مارس (آذار) 2018، على أساس أنه سيكون عامها الأخير. ويتوجه هيرفي لادسوس، المسؤول عن بعثات حفظ السلام في الأمم المتحدة إلى هايتي الأسبوع المقبل، لإجراء تقييم يمكن أن يمهد الطريق لإنهاء المهمة هناك.
وفي الوقت الحالي، يرحب دبلوماسيون بعملية التدقيق الأميركية، ويتفقون على أنه رغم أن بعض المهمات تعمل في ظروف سياسية صعبة، في دول مثل هايتي وقبرص أو كوسوفو، فإنه ليس هناك أي تهديدات كبيرة فيما يخص النزاع في هذه المناطق.
وفي جلسة استماع في مجلس الشيوخ، شككت هايلي في قرار إرسال قوات حفظ السلام إلى جنوب السودان بسبب معارضة حكومة الرئيس سلفا كير، رغم أن نحو مائتي ألف مدني ما زالوا يحتمون في قواعد الأمم المتحدة في هذا البلد. قد يكون لمراجعة مهمات حفظ السلام تبعات خطيرة على الاستقرار في أفريقيا، إذ تنتشر 9 من مهمات حفظ السلام الدولية الـ16 في القارة السوداء.
وقد يؤدي خفض الولايات المتحدة مساهمتها المالية في الأمم المتحدة، إلى فتح الباب أمام الصين، التي تعتبر ثاني أكبر مساهم مالي لقوات حفظ السلام الدولية، وثاني أكبر شريك تجاري لأفريقيا، لتعزيز دورها.
وتبلغ حصة الصين في ميزانية قوات حفظ السلام الآن 10.3 في المائة، تليها اليابان (9.7 في المائة) وألمانيا (6.4 في المائة) وفرنسا (6.3 في المائة) وبريطانيا (5.8 في المائة). أما أكبر مهمة وأكثرها كلفة، فهي القوة المنتشرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، المكونة من 22 ألف عنصر، والمنتشرة منذ 18 عاما، وتبلغ ميزانيتها السنوية 1.2 مليار دولار، ويقول البعض إنه يمكن تقليصها.
أما المهمة المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، والمنتشرة في منطقة دارفور السودانية، فقد وصفت بأنها مكلفة وغير فعالة؛ لأن الحكومة السودانية تعيق عملها. إلا أن المحلل أديتي غورور، قال إن خفض التمويل لمهمات الأمم المتحدة في جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي «من المرجح أن يكون بمثابة حكم إعدام على آلاف الناس، وسيلغي جزءا كبيرا من التقدم نحو إبرام اتفاقيات السلام».
وقال غورور، مدير برنامج حماية المدنيين في النزاعات في مركز «ستمسون» في واشنطن، إن «قوات حفظ السلام الدولية ليست مكلفة بالنسبة للحكومة الأميركية». وأضاف أن مهمات حفظ السلام «تدعم المصالح الوطنية، من خلال نشر السلام والاستقرار بكلفة قليلة جدا، مقارنة مع ما يمكن أن تنفقه الولايات المتحدة لو قامت بهذه المهمات وحدها».



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.