هل تحقق مدينة زويل تحولاً علميًا وتكنولوجيًا في مصر؟

تعتمد المدينة نظام التعليم بالساعات المعتمدة وتقبل 150 طالبًا فقط في الدفعة الواحدة
تعتمد المدينة نظام التعليم بالساعات المعتمدة وتقبل 150 طالبًا فقط في الدفعة الواحدة
TT

هل تحقق مدينة زويل تحولاً علميًا وتكنولوجيًا في مصر؟

تعتمد المدينة نظام التعليم بالساعات المعتمدة وتقبل 150 طالبًا فقط في الدفعة الواحدة
تعتمد المدينة نظام التعليم بالساعات المعتمدة وتقبل 150 طالبًا فقط في الدفعة الواحدة

تستعد مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا بمدينة السادس من أكتوبر (تشرين الأول) هذا العام لتخريج أول دفعة من طلابها، وهو الأمر الذي يعطي بارقة أمل في طريق مصر لتحقيقها رؤية 2030 فيما يخص التعليم والنهوض به، خصوصًا أن الجامعة تتميز بمرونة عالية في تطبيق نظام الدراسة الأكاديمي وتدعم طلابها فيما يخص الابتكار في تخصصات علمية دقيقة يتم تدريسها لأول مرة بمصر. وأصبحت الجامعة في غضون 3 سنوات تتصدر الجامعات والمراكز البحثية المصرية في مجال النشر الدولي طبقًا لمؤشرات أكاديمية البحث العلمي، وتتصدر أيضًا الجامعات المصرية، طبقًا لتصنيف «غوغل».
عقب وفاة د. أحمد زويل (مؤسس المدينة عام 1999) في أغسطس (آب) الماضي، قرر أعضاء مجلس إدارة المدينة اختيار العالم المصري الدكتور مصطفى السيد، الأستاذ بجامعة جورجيا، رئيسًا لمجلس الإدارة خلفًا له.
وكان تأسيس المدينة قد مر بعدد من الصعوبات سببه تضارب مجموعة من القرارات الحكومية لصالح إنشاء وتمكين مشروع «مدينة زويل العلمية» على أرض ومرافق جامعة النيل، ومنع الهيئة الأكاديمية للجامعة والطلاب من الوجود بمقراتها، بمدينة 6 أكتوبر، وهو ما دفع طلاب «النيل» وأولياء أمورهم للاحتجاج واللجوء للقضاء. وصدر لصالحهم حكم قضائي بإعادة كامل المباني والتجهيزات الخاصة بجامعة النيل، إلى أن تم منح المدينة قانونًا خاصًا، في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2012، يسمح للطلاب بالتقديم للدراسة بجامعة العلوم والتكنولوجيا بمدينة زويل. وفي عام 2014، أصدر الرئيس المصري السابق، عدلي منصور، قرارًا جمهوريًا بتخصيص 200 فدان لبناء المقر الجديد لمدينة زويل في منطقة حدائق أكتوبر، بمدينة السادس من أكتوبر.
وأخيرًا طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي الشعب المصري بالتبرع لصالح استكمال إنشاءات الموقع الجديد للمدينة.
تقبل الجامعة 150 طالبًا جامعيًا في فصل الخريف من كل عام دراسي. وتطبق نظام الساعات المعتمدة المعروف عالميًا، حيث تتيح للطالب مرونة في التخطيط لمستقبله الدراسي وحياته الأكاديمية والعملية، وهي تعتمد اللغة الإنجليزية كلغة الدراسة بها. يمكن للطلاب الالتحاق بجامعة العلوم والتكنولوجيا عقب اجتياز الثانوية العامة أو ما يعادلها، والاختيار ما بين ثمانية تخصصات؛ أربعة منها في مجال العلوم، وستة في مجال الهندسة. ويجب على جميع الطلاب الانتهاء من السنة التأسيسية التي يدرسون فيها مقدمات لعلوم الكيمياء والهندسة والتفاضل والتكامل والبيولوجيا فضلاً عن التفكير الفلسفي والمصطلحات الإنجليزية الفنية.
تعتبر مدينة زويل أحد أبرز معالم مشروع مصر القومي للنهضة العلمية، حيث يتابع موقفها مجلس الوزراء المصري، لكي تكون بيئة حاضنة للعلوم والعقول المفكرة القادرة على الإبداع والبحث العلمي، من خلال إعلاء قيمة البحث العلمي، إلى جانب الربط بين البحث العلمي واحتياجات السوق.
يقول السفير أشرف سلطان المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط»: «ناقش رئيس مجلس الوزراء المصري المهندس شريف إسماعيل، الموقف التنفيذي لمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا بمدينة السادس من أكتوبر، بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، واللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي تشرف على التنفيذ، وممثلين عن مجلس إدارة المدينة، وقاموا باستعراض المشروع، وما تحقق حتى الآن، في إطار تنفيذه».
وأشار إلى أن «المدينة لها أهمية كبيرة على المستوى الوطني لما سوف تحققه من نقلة علمية وتكنولوجية في مصر خلال المستقبل القريب تتضمن عددًا من المعاهد العلمية ومراكز الأبحاث في كثير من المجالات الحيوية التي تهم المجتمع المصري في مقدمتها، علاج الأوبئة، والطاقة الجديدة والمتجددة، وتحلية المياه، حيث يجري العمل على تجهيز تلك المراكز والمعاهد وفق مستوى علمي راق، كما تضم نخبة منتقاة من العلماء والباحثين المصريين عاد معظمهم من كبريات الجامعات العالمية. كما يتضمن المشروع مركزًا لأبحاث الخلايا الجذعية، وآخر للنانو تكنولوجي، الذي يستخدم في كثير من التطبيقات، منها الصحة، والأجهزة الطبية الحديثة، والطاقة، والاتصالات، وغيرها من صناعات العصر».
ويقول المستشار الإعلامي لمدينة زويل، شريف فؤاد، تتمثل رسالة المدينة في خطين متوازيين، الأول: يتعلق بتنمية الموارد البشرية والتعليم، فيما يتمثل الخط الثاني في مجموعة من مراكز البحث والتطوير في مجالات علوم المستقبل التي ستحيط بالجامعة.
ويضيف فؤاد: «تسعى الجامعة لأن تواكب الطفرة العلمية في المدن العلمية في أميركا والهند وروسيا والمملكة العربية السعودية وتونس، وأهمية هذه المدن تأتي من تتعدد التحديات أمامنا، بدءًا بالبحث عن بديل للطاقة وتحقيق الكفاية الغذائية، وانتهاءً بالتطور المتوقع في الذكاء الاصطناعي والتساؤلات المطروحة حول الأنواع المعدلة بالجينات أو السليكون».
وحاليًا من المنتظر انتهاء مراحل تنفيذ المقر الجديد للجامعة، لكن الدراسة الأكاديمية مستمرة بمقرها بمدينة الشيخ زايد، ويحقق طلابها عددًا من الابتكارات العلمية التي ينقصها التمويل، وكان أحدثها تصميم سيارة سباق تعمل بالطاقة الشمسية، استعدادًا للمشاركة بها في بطولة سباق سيارات 2017 بأستراليا. وفي نهاية العام الماضي، نجح باحثون من مركز علوم المواد بمدينة زويل، بقيادة الدكتور إبراهيم الشربيني، أستاذ ومدير برامج علوم النانو والمواد، بالتعاون مع كلية الصيدلة ومركز أمراض الكلى والمسالك البولية بجامعة المنصورة، في إنتاج تركيبة نانوية جديدة لمادة السليمارين، التي أظهرت تحسنًا ملحوظًا لخصائصها كمضاد للأكسدة، وكمضاد لارتفاع معدل السكر في الدم مقارنةً بالمركب الطبيعي، الذي يستخدم لعلاج حالات مرض السكري النوع الثاني، غير المعتمد على الإنسولين.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».