تقدم «داعش» في القلمون الشرقي يرسم آخر خطوط التقسيم في سوريا

التنظيم يقترب من حصار مطار قرب دمشق لكن التوازنات لا تسمح بإسقاطه

تقدم «داعش» في القلمون الشرقي يرسم آخر خطوط التقسيم في سوريا
TT

تقدم «داعش» في القلمون الشرقي يرسم آخر خطوط التقسيم في سوريا

تقدم «داعش» في القلمون الشرقي يرسم آخر خطوط التقسيم في سوريا

حقق تنظيم داعش تقدمًا جديدًا في محيط مطار السين العسكري في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، بسيطرته على نقاط إضافية لقوات النظام، نتيجة المعارك الدائرة بين الطرفين منذ ثلاثة أيام. ويبقى هذا التقدّم محكومًا بالتوازنات العسكرية التي قد تسمح للتنظيم بحصار المطار الاستراتيجي، لكنها بالتأكيد لا تسمح بسقوطه، بحسب مراقبين للتطورات الميدانية.
غير أن مصدرًا عسكريًا معارضًا، وضع هذا التقدم ضمن «مخطط خفي يقضي بتوسيع رقعة سيطرة داعش في القلمون الشرقي، لتكون موطن استيعاب مقاتليه الذين سينتقلون من مدينة الرقة»، معتبرًا أن هذا الواقع «يرسم آخر خطوط خريطة التقسيم في سوريا».
في التطورات الميدانية، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن التنظيم «قتل 14 جنديًا من قوات الأسد على الأقل، خلال الهجوم العنيف الذي شنّه على مطار السين العسكري الواقع على بعد 70 كيلومترا في الشمال شرقي للعاصمة دمشق». وأشار إلى أن «مقاتلي داعش استولوا على عدد إضافي من المواقع العسكرية الخاضعة لسيطرة جيش النظام».
ويسيطر التنظيم على مساحات شاسعة في شرق سوريا منها معظم محافظة دير الزور ومدينة الرقة التي يتخذها عاصمة، واستتبعها بسيطرة كاملة على مدينة تدمر التاريخية الواقعة في ريف حمص الشرقي، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعدما أخرج منها قوات النظام والميليشيات الموالية لها.
من جهتها، أفادت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم أن مقاتلي الأخير «شنوا هجوما على محيط مطار السين، وسيطروا على الكتيبة 559 الواقعة غرب المطار، كما سيطروا على الكتيبة المهجورة المعروفة أيضا بكتيبة الكيمياء وعلى استراحة الصفا وتلال في محيط حاجز مثلث البطمة الاستراتيجي في المحور ذاته». وقالت إن المعارك «أسفرت عن سقوط 31 قتيلا من قوات الأسد والميليشيات المساندة له على الأقل، كما دُمرت عدة عربات عسكرية»، معترفة في المقابل بـ«قتل عدد من عناصر التنظيم خلال الاشتباكات».
وتتضارب القراءات حول أسباب تراجع النظام وخسارته مواقع استراتيجية أمام «داعش»، إلا أن مصدرًا عسكريًا معارضًا، رأى أن «انسحاب النظام أمام داعش في القلمون الشرقي، يأتي في سياق مخطط دولي متفق عليه ضمنًا، يقضي بتوسيع مناطق سيطرة التنظيم في المناطق الشرقية»، مؤكدًا أن «هذا التطور يعني رسم آخر خطوط خريطة التقسيم في سوريا».
وقال المصدر العسكري لـ«الشرق الأوسط»، «وفق العلم العسكري، يبقى تقدم تنظيم داعش بهذه السهولة، بدءًا من دير الزور إلى تدمر وصولاً إلى القلمون الشرقي، غير مفهوم وغير مبرر»، معتبرًا أن هناك «مخططًا لتوسيع مناطق داعش في القلمون، توطئة لمرحلة السيطرة على الرقة، وفتح الطريق أمام انسحاب مقاتلي التنظيم إلى القلمون الشرقي». وأضاف: «ملامح الخريطة باتت واضحة، حيث أصبحت دمشق وغرب سوريا وصولاً إلى الساحل بيد النظام، أما شرق سوريا من دير الزور إلى تدمر وريف حمص الشرقي وصولاً إلى القلمون الشرقي، فستكون مناطق نفوذ داعش وما يعرف بالتنظيمات الإرهابية». ولفت المصدر العسكري إلى أن «المناطق الوسطى من إدلب إلى ريف حلب الشمالي والغوطة الشرقية، باتت نقاط تجمّع للثوار، في حين يصبح شرق الفرات والجزيرة هي منطقة نفوذ كردية بحماية الأميركيين».
وكانت منطقة القلمون الشرقي شهدت في شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، اشتباكات عنيفة بين الطرفين تمكن خلالها عناصر «داعش» من السيطرة على نقاط كثيرة، لكن قوات الأسد استعادتها فيما بعد.
لكن عضو «المجلس الثوري في ريف دمشق» إسماعيل الداراني، كانت له مقاربة أخرى، فأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن مطار السين «يقع بين مثلث الجبهات الثلاث التي يرابط فيها الثوار والنظام وتنظيم داعش». ورأى أن «هامش التحرك في هذه المناطق يبقى ضيقًا، لأن أيا من الأطراف الثلاثة لم يستطع أن يتغلّب على طرف آخر منذ أربع سنوات». وأضاف أن «التوازنات الحالية ربما تسمح لداعش بحصار مطار السين، لكنها بالتأكيد لا تسمح بإسقاطه، وهذا الوضع ينسحب على مطار التيفور العسكري في بادية تدمر، الذي يحاصره التنظيم ولا يجرؤ على اقتحامه». وذكّر الداراني بأن مطار السين «فيه غنائم كبيرة، لأنه يحتوي على رادارات الدفاع الجوي الروسي وأسلحة نوعية، وبالتالي فإن اقتحامه دونه محاذير كبيرة».
وما بين الواقعين العسكري والسياسي اللذين يتحكمان بمسار الأحداث في القلمون الشرقي، يعيش المدنيون في مدن وبلدات تلك المنطقة حالات مأساوية، نتيجة حصار قوات النظام من جهة، ومحاولات «داعش» التقدم والسيطرة، حيث بات الناس يعانون وضعًا إنسانيًا صعبًا في ظل حصار النظام الشديد وهجمات «داعش». وتتجلى صورة المعاناة بشكل واضح في مدينة الرحيبة الواقعة على بعد 50 كيلومترًا من العاصمة دمشق، حيث يبلغ عدد سكانها نحو 60 ألف نسمة، أغلبهم من النازحين، ويعيشون ضمن ظروف معيشية صعبة بسبب الحصار المفروض على المدينة منذ أواسط عام 2013.
في هذا الوقت، لفت الناشط المعارض في الغوطة الشرقية نذير فيتاني، إلى أن المدنيين في مناطق القلمون الشرقي «باتوا تحت مناطق يتقاسم نفوذها الجيش الحر والنظام وداعش». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الحصار «يؤثر إلى حدّ كبير على الوضع الإنساني في المدن وقرى القلمون، لكن هذا الحصار، ليس بخطورة ما تعانيه الزبداني ومضايا»، مشيرًا إلى أن «المدنيين لديهم حدّ أدنى من القدرة على التحرك وإدخال المواد الغذائية، لأن مناطقهم مفتوحة على إدلب».
أما الناشط الإعلامي خالد محمد، المقيم في مدينة الرحيبة فأوضح لـ«شبكة شام» الإخبارية، أن حواجز النظام «تسعى إلى تضييق الخناق على كامل القلمون الشرقي وخاصة جيرود والناصرية، وتنفذ اعتقالات تعسفية بحق الموظفين وطلاب الجامعات والمدنيين بشكل عام تحت حجج الخدمة الإلزامية».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.