قاضٍ «محافظ» للمقعد التاسع الشاغر في المحكمة العليا بأميركا

لإرضاء المتدينين والمدافعين عن حيازة الأسلحة وأنصار عقوبة الإعدام

قاضٍ «محافظ» للمقعد التاسع الشاغر في المحكمة العليا بأميركا
TT

قاضٍ «محافظ» للمقعد التاسع الشاغر في المحكمة العليا بأميركا

قاضٍ «محافظ» للمقعد التاسع الشاغر في المحكمة العليا بأميركا

تعد المحكمة العليا حامية دستور الولايات المتحدة، وتتكون من تسعة أعضاء، يعين كل منهم فيها مدى الحياة بقرار من الرئيس قبل أن يتم تثبيته عبر تصويت في مجلس الشيوخ الذي يشكل الحزب الجمهوري الأغلبية فيه حاليا. ومنذ عام، لا تضم المحكمة الواقعة على تلة الكابيتول في واشنطن سوى ثمانية قضاة، هم أربعة «محافظون» وأربعة «ليبراليون»، وكانت ما زالت تعمل، لكن مهددة بالتعطيل بسبب أقسام الأصوات بالتساوي. وانخفض عدد أعضائها إلى ثمانية بوفاة أنتونين سكاليا، أحد دعائم اليمين المحافظ، في فبراير (شباط) 2016. ولم تتمكن إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من اختيار عضو تاسع بسبب الخلافات بين الحزبين.
ورشح أوباما القاضي ميريك غارلاند في مارس (آذار) ليشغل المقعد الشاغر خلفا لسكاليا، لكن رفض مجلس الشيوخ تثبيته.
وفي الأمس، وقع اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترمب على القاضي نيل غورستش للمقعد التاسع، مرجحا بذلك كفة المحافظين في المؤسسة التي تبت بالمسائل الكبرى في المجتمع الأميركي. وقال ترمب لدى إعلانه التعيين في البيت الأبيض إن «القاضي غورستش يمتلك قدرات قانونية غير عادية، وروحا لامعة، وانضباطا ملحوظا».
وقال ترمب إن صورة سكاليا لم تفارقه أثناء عملية اتخاذ هذا القرار، مضيفا إنه قارن بين آرائه وتلك التي كتبها غورستش ووجد تقاربا كبيرا بينهما. وتابع الرئيس الأميركي أنه يأمل أن يجتمع الديمقراطيون والجمهوريون في مجلس الشيوخ «لمرة واحدة من أجل مصلحة البلاد» للموافقة على تعيين غورستش. وقال ترمب إن غورستش «رجل من بلادنا، ورجل بلادنا في حاجة ماسة إليه».
ويشابه غورستش بأسلوبه وبفكره القانوني، القائم على العودة إلى أصل المعنى والهدف من بنود الدستور، سلفه سكاليا الذي يصفه بـ«أسد القانون». ويعتبر خيار ترمب بمثابة تسديد دين للمسيحيين الإنجيليين والجمهوريين المحافظين الذين دعموا وصوله إلى الرئاسة.
وقال إن «ملايين الناخبين اعتبروا أن هذه المسألة هي الأهم بالنسبة إليهم عندما صوتوا لي بوصفي رئيسا»، مضيفا: «أنا أفعل ما أقول، وهو ما كان ينتظره الناس من واشنطن منذ مدة طويلة جدا».
وباعتبار أن عددا من القضاة الحاليين متقدمون بالعمر، يرجح أن يقوم ترمب بتعيينات أخرى في المحكمة خلال فترة حكمه؛ ما قد يعيد تشكيل توجهاتها لجيل مقبل. ورغم تعيينهم من الرئيس، يتمتع القضاة عادة بالاستقلالية، حتى أن بعضا منهم عبروا عن مواقف سياسية مفاجئة.
وذكر ترمب بأن «قاضيا في المحكمة العليا، الذي يعين مدى الحياة، يمكن أن ينشط لمدة 50 عاما، ويمكن لقراراته أن يكون لها تأثير لمدة قرن أو أكثر». وقال غورستش من جهته «أريد أن أعرب عن امتناني لعائلتي وأصدقائي وإيماني»، معربا عن شعوره «بالتكريم والتواضع».
ويشغل غورستش (49 عاما) صاحب الشخصية القوية المحافظة، منصب قاض في محكمة الاستئناف في الدائرة 10، التي لها سلطة قضائية على ست ولايات غربي البلاد.
ودعا ترمب القاضي الجديد وزوجته للحضور أمام الجمهور في إحدى غرف البيت الأبيض، مشيدا بغورستش الذي «كان بإمكانه الحصول على وظيفة في أي شركة قانونية ومقابل أي مبلغ من المال، إلا أنه أراد أن يكون قاضيا، أن يكتب قرارات ويحدث تأثيرا عبر التمسك بقوانيننا ودستورنا». ويعد غورستش اختيارا تقليديا بالنسبة للرئيس الذي اتخذ منذ وصوله إلى الحكم سلسلة قرارات خارجة عن المألوف. ويعتقد الكثير من المعلقين أن تعيين غورستش سيدفع المحكمة باتجاه اليمين ربما لجيل كامل، ما يلقى ارتياحا لدى المتدينين التقليديين والمدافعين عن حيازة الأسلحة النارية وأنصار العمل بعقوبة الإعدام وأصحاب المصالح المالية النافذة. أما غورستش، فيقدم نفسه على أنه شخص منصف وناقد لذاته. وقال مازحا، في تعليقات أوردتها الوكالة الفرنسية أن «القاضي الذي يرضى عن كل نتيجة يصل إليها هو على الأغلب قاض سيئ؛ إذ يصل إلى النتائج التي يفضلها بدلا من تلك التي يتطلب القانون الوصول إليها».
ووعد غورستش الذي ستكون جميع مواقفه قيد الرقابة من مجلس الشيوخ بأن يكون «خادما مخلصا» للدستور الأميركي. ويرجح أن تنبع غالبية المعارضة الديمقراطية التي سيواجهها غورستش من تصرفات الجمهوريين بعد وفاة سكاليا.
ويشغل الجمهوريون 52 مقعدا في مجلس الشيوخ، لكنهم يحتاجون إلى ستين صوتا للمصادقة على القاضي الذي سيعينه ترمب. ويعني ذلك أنه يتعين على غورستش كسب بعض الأصوات الديمقراطية، وهو ما يتوقع أن يصعب تحقيقه عقب الخلاف السائد بعد إصدار ترمب قرارا تنفيذيا يمنع دخول مواطني سبع دول ذات غالبية سكانية مسلمة إلى الولايات المتحدة بشكل مؤقت.
ورحب الجمهوريون بالقرار. وأشاد زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل بـ«الخلفية المبهرة والسجل الطويل (لغورستش) لتطبيق القانون والدستور بأمانة». وأضاف: «عندما ثبته مجلس الشيوخ سابقا في محكمة الاستئناف، تمتع بدعم كبير من الحزبين» في المجلس.
في هذا السياق، قال زعيم كتلة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر «في غضون أكثر من أسبوع بقليل منذ بدء رئاسة ترمب، انتهكت الإدارة الجديدة قيمنا الأساسية، وتحدت مبدأ الفصل بين السلطات، واختبرت نسيج دستورنا بأسلوب غير مسبوق». وتابع إنه يتعين على «غورستش أن يثبت بأنه ضمن التيار القانوني» وأن «يدافع بقوة عن الدستور في وجه انتهاكات (القرارات) التنفيذية». ولكنه أضاف: «نظرا إلى سجله، لدي شكوك جدية بشأن قدرة القاضي غورستش على تلبية هذا المعيار». ووصفت زعيمة الأقلية الديمقراطية نانسي بيلوسي القاضي الجديد بأنه «معاد لحقوق المرأة»، مضيفة أن «سجل القاضي غورستش يظهر أنه يملك آراء راديكالية بعيدة تماما عن تيار الفكر القانوني الأميركي».
من جانب آخر، عرقل الديمقراطيون في مجلس الشيوخ أول من أمس (الثلاثاء) ترشيح ثلاثة من الخيارات الرئيسية للانضمام للعمل في الإدارة الجديدة للرئيس ترمب، فيما اقترب الكثير من المرشحين الآخرين من ممارسة مهامهم الوظيفية الجديدة. ومن بين الذين تأثروا بذلك، المدعي العام الجديد جيف سيشنز، بعد يوم واحد من إقالة ترمب، للقائمة بأعمال وزير العدل سالي ييتس لرفضها للدفاع عن أوامره التنفيذية المثيرة للجدل بشأن اللاجئين والوافدين الأخرين.
وأجلت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ التصويت المقرر على سيشنز وسط مماطلة تكتيكية للديمقراطيين في أعقاب إقالة ييتس. وندد البيت الأبيض والنواب الجمهوريون بتكتيكات الديمقراطيين، ووصفوها بأنها حركات استعراضية من شأنها عرقلة قدرة ترمب على إدارة شؤون البلاد. في الوقت ذاته، قاطع الأعضاء الديمقراطيون في اللجنة المالية في مجلس الشيوخ اجتماع اللجنة للتصويت على ترشيح ستيفن مونشين لمنصب وزير الخزانة، وتوم برايس لمنصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية، ليمنعوا بذلك اللجنة من الحصول على ما يكفي من أعضاء مجلس الشيوخ للمضي قدما في التصويت. وقال السيناتور رون وايدن، زعيم الديمقراطيين في اللجنة: إنه يشعر بالقلق حول مسائل أخلاقية لم يتم الرد عليها عن ممارسات الرهن لأحد البنوك الذي تولى مونشين رئاسته ذات مرة والعلاقات المالية الخاصة بالتسعير مع شركة طبية أسترالية. وقال وايدن في بيان: «لا يمكنني أن أدعم المرشحين الذين يتعاملون مع عمليات الكشف المالية مثل ألعاب القمار (الثلاث ورقات) والقوانين الأخلاقية بصفتها مجرد اقتراحات».



مرور الرئيس التايواني في أميركا يثير غضب الصين

الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يلوّح بيده للحشد في اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى السنوية الـ113 لميلاد «جمهورية الصين» وهو الاسم الرسمي لتايوان في تايبيه 10 أكتوبر 2024 (رويترز)
الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يلوّح بيده للحشد في اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى السنوية الـ113 لميلاد «جمهورية الصين» وهو الاسم الرسمي لتايوان في تايبيه 10 أكتوبر 2024 (رويترز)
TT

مرور الرئيس التايواني في أميركا يثير غضب الصين

الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يلوّح بيده للحشد في اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى السنوية الـ113 لميلاد «جمهورية الصين» وهو الاسم الرسمي لتايوان في تايبيه 10 أكتوبر 2024 (رويترز)
الرئيس التايواني لاي تشينغ تي يلوّح بيده للحشد في اليوم الوطني للاحتفال بالذكرى السنوية الـ113 لميلاد «جمهورية الصين» وهو الاسم الرسمي لتايوان في تايبيه 10 أكتوبر 2024 (رويترز)

يتوقف الرئيس التايواني، لاي تشينغ تي، خلال أول رحلة له إلى الخارج في هاواي وجزيرة غوام الأميركيتين، وفق ما أفاد مكتبه، الخميس؛ ما أثار غضب بكين التي نددت بـ«أعمال انفصالية».

ويتوجه لاي، السبت، إلى جزر مارشال وتوفالو وبالاو، وهي الجزر الوحيدة في المحيط الهادئ من بين 12 دولة لا تزال تعترف بتايوان.

ولكن يشمل جدول أعمال الرئيس التايواني الذي تسلم السلطة في مايو (أيار) توقفاً في هاواي لمدة ليلتين، وفي غوام لليلة واحدة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولم يُعلن حالياً أي لقاء يجمعه بمسؤولين أميركيين، والولايات المتحدة هي الداعم الرئيسي لتايبيه.

وقال مصدر من الإدارة الرئاسية التايوانية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته، إن لاي يريد لقاء «أصدقاء قدامى» و«أعضاء مراكز أبحاث».

ووعد لاي بالدفاع عن ديمقراطية تايوان في مواجهة التهديدات الصينية، فيما تصفه بكين بأنه «انفصالي خطير».

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، في مؤتمر صحافي دوري، الخميس: «عارضنا دائماً التبادلات الرسمية بين الولايات المتحدة وتايوان، وأي شكل من أشكال دعم الولايات المتحدة وتأييدها للانفصاليين التايوانيين».

في السابق، توقف زعماء تايوانيون آخرون في الأراضي الأميركية خلال زيارات إلى دول في أميركا الجنوبية أو المحيط الهادئ، مثيرين غضب بكين.

وتعد الصين تايوان جزءاً من أراضيها، لم تنجح بعد في إعادة توحيده منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949. ورغم أنها تقول إنها تحبّذ «إعادة التوحيد السلمية»، فإنها لم تتخلَ أبداً عن مبدأ استخدام القوة العسكرية وترسل بانتظام سفناً حربية وطائرات مقاتلة حول الجزيرة.

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر في نقطة قريبة من جزيرة تايوان في جزيرة بينجتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

«محاولات انفصالية»

تشهد تايوان تهديداً مستمراً بغزو صيني، لذلك زادت إنفاقها العسكري في السنوات الأخيرة لتعزيز قدراتها العسكرية.

وتتمتع الجزيرة بصناعة دفاعية لكنها تعتمد بشكل كبير على مبيعات الأسلحة من واشنطن، أكبر مورد للأسلحة والذخائر إلى تايوان.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، وو تشيان، خلال مؤتمر صحافي، الخميس، إن الجيش الصيني «لديه مهمة مقدسة تتمثل في حماية السيادة الوطنية ووحدة الأراضي، وسوف يسحق بحزم كل المحاولات الانفصالية لاستقلال تايوان».

ارتفعت حدة التوتر في العلاقات بين بكين وتايبيه منذ عام 2016 مع تولي تساي إنغ وين الرئاسة في بلادها، ثم لاي تشينغ تي في عام 2024.

وكررت الصين اتهامها الرئيسَين التايوانيَين بالرغبة في تأجيج النزاع بين الجزيرة والبر الصيني الرئيسي. ورداً على ذلك، عززت بكين بشكل ملحوظ نشاطها العسكري حول الجزيرة.

وفي ظل هذه الضغوط، أعلن الجيش التايواني أنه نشر الخميس مقاتلات وسفناً وأنظمة مضادة للصواريخ في إطار مناورات عسكرية هي الأولى منذ يونيو (حزيران).

وأفادت وزارة الدفاع التايوانية، الخميس، بأنها رصدت الأربعاء منطادين صينيين على مسافة نحو 110 كلم شمال غربي الجزيرة في منطقة دفاعها الجوي، وذلك بعدما رصدت في القطاع ذاته الأحد منطاداً صينياً مماثلاً كان الأول منذ أبريل (نيسان).

وتحولت المناطيد الآتية من الصين إلى قضية سياسية مطلع عام 2023 عندما أسقطت الولايات المتحدة ما قالت إنه منطاد تجسس.