«الفضائح» تعيد خلط أوراق المعركة الرئاسية الفرنسية

اليمين يعيش أزمة عصيبة وفيون يتهم السلطة بـ«انقلاب على المؤسسات»

فرنسوا فيون رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ومرشح «جمهوريون» للانتخابات الرئاسية يغادر بيته في باريس أمس (رويترز)
فرنسوا فيون رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ومرشح «جمهوريون» للانتخابات الرئاسية يغادر بيته في باريس أمس (رويترز)
TT

«الفضائح» تعيد خلط أوراق المعركة الرئاسية الفرنسية

فرنسوا فيون رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ومرشح «جمهوريون» للانتخابات الرئاسية يغادر بيته في باريس أمس (رويترز)
فرنسوا فيون رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق ومرشح «جمهوريون» للانتخابات الرئاسية يغادر بيته في باريس أمس (رويترز)

يعيش اليمين الفرنسي أيامًا عصيبة سببتها تطورات فضيحة «الوظائف الوهمية» التي شغلتها زوجة المرشح فرنسوا فيون للانتخابات الرئاسية، وكذلك اثنان من أبنائه.
وكثرت التساؤلات حول قدرة فيون على الاستمرار مرشحًا لليمين، وذلك قبل أقل من ثلاثة أشهر على الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية. وبعد أن كان وصول فيون إلى قصر الإليزيه في الربيع المقبل أمرًا محسومًا تغير الوضع اليوم؛ إذ جاءت نتائج آخر استطلاع للرأي نشرت أمس لتبين أن فيون لم يعد ضامنًا تأهله للمرحلة الثانية من الانتخابات، ولا فوزه بالرئاسة في حال تخطيه عقبة الجولة الأولى.
وقد يرى البعض أن ما حال دون وصول المرشح فيون إلى قصر الإليزيه هو صحافة الاستقصاء، وتحديدًا صحيفة «لو كنار أونشينيه» الساخرة التي نشرت تحقيقًا يوم الأربعاء الماضي كشفت فيه لأول مرة أن بينيلوبي فيون، زوجة المرشح اليميني، شغلت لسنوات وظيفة «مساعدة برلمانية» لزوجها وللنائب الذي حل محله في دائرته الانتخابية عندما أصبح رئيسًا للحكومة، وأنها حصلت مقابل ذلك على أكثر من 400 ألف يورو. كذلك كشفت الصحيفة أنها حصلت على 100 ألف يورو من مجلة أدبية تعود ملكيتها لأحد أثرياء اليمين المقربين من زوجها. ولم تكتف الصحيفة الساخرة بذلك، بل صححت في عددها أمس أرقامها ليتبين أن بينيلوبي فيون جمعت ما لا يقل عن مليون يورو من المصدرين المذكورين دون أن يأتي أحد بالدليل القاطع على أنها قامت بعمل فعلي. وزادت «لو كنار أونشينيه» أن إحدى بنات فيون وأحد أبنائه استفادا أيضا من أموال مجلس الشيوخ عندما كان والدهما عضوا فيه، وأن ما حصلا عليه وهما طالبان يزيد على 84 ألف يورو. لا يمنع القانون الفرنسي النائب أو عضو مجلس الشيوخ أن يعين زوجته أو أحدًا من أبنائه أو بناته مساعدًا برلمانيًا له. وهناك ما لا يقل عن مائة نائب وعضو مجلس شيوخ في هذا الوضع. لكن مشكلة بينيلوبي فيون تكمن في وجود شكوك قوية بأنها لم تمارس أي عمل، وبالتالي فإن ما حصلت عليه هو نوع من اختلاس الأموال العامة خصوصًا أن المبالغ المذكورة كبيرة للغاية، وثمة قواعد مكتوبة لم يلتزم بها فيون في توظيف زوجته وأبنائه.
رغم مرور أكثر من أسبوع على انكشاف الفضيحة، لم ينجح فيون في تقديم تفسيرات مقنعة. وأول من أمس الثلاثاء، تم استجوابه واستجواب زوجته طيلة ست ساعات في مكاتب الشرطة المالية المكلفة التحقيق. كذلك، تم تفتيش مكتبه بحثًا عن إثباتات وأدلة من شأنها جلاء هذه المسألة التي تكاد تطيح بحظوظ اليمين باستعادة السلطة ورئاسة الجمهورية. وبعد أن اعتبر فيون في الأيام الأولى أن العملية كلها تستهدف «شرفه» ومنعه من الاستمرار في ترشحه، ذهب أمس إلى اتهام السلطة الاشتراكية بالوقوف وراء هذه «المؤامرة» وبالقيام بـ«عملية انقلابية مؤسساتية»، نافيًا بذلك أن يكون حزب «الجمهوريون» اليميني مصدر التسريبات.
واستعاد مساعدو فيون والناطقون باسمه هذا الاتهام. وقال النائب تييري سولير، الناطق باسم فيون، إن غرض اليسار هو «منع اليمين والوسط من أن يكون لهما مرشح للانتخابات الرئاسية». واعتبر أمين عام حزب «الجمهوريون» برنار أكواييه، أن الهدف من وراء «الهجوم» على فيون هو «سلب الانتخابات الرئاسية من الفرنسيين» عن طريق الإطاحة بمرشح اليمين. لكن رئاسة الجمهورية التي استهدفها فيون بانتقاداته، ردت عليه بالتأكيد على أن السلطة «الوحيدة» المعنية بهذه الفضائح هي «السلطة القضائية التي يتعين تركها تقوم بعملها بكل شفافية وتجرد». أما الناطق باسم الحكومة ستيفان لو فول، فقد اعتبر اتهامات فيون «غير مقبولة»، فيما دعاه الناطق باسم مرشح اليسار بونوا هامون إلى «الاعتذار من الفرنسيين».
ويرى المراقبون السياسيون في باريس أن وضع فيون، إذا استمرت الأمور على هذا المنوال، سيكون «بالغ الصعوبة، بحيث لن يكون قادرًا على الاستمرار في حملته الرئاسية». ورغم أن وجهاء اليمين والوسط يرصون الصفوف حول مرشحهم، إلا أن أصواتًا أخذت تسمع داعية للبحث عن «خطة باء»، لا بل إن بعض الأسماء أخذ يروج لها لتكون البديل عن فيون ومنها اسم الوزير السابق فرنسوا باروان وزميله السابق كزافيه برتراند أو الوزيرة السابقة ورئيسة منطقة باريس إيل دو فرانس فاليري بيكريس. ومشكلة مرشح اليمين أن التفسيرات التي قدمها لتبرير وضع زوجته لم تكن مقنعة، إذ إن 76 في المائة من الفرنسيين لا يرون أن دفاعه كان مقنعًا.
وبحسب استطلاع آخر للرأي أجري أول من أمس الثلاثاء، فإن شعبية فيون تراجعت بخمس إلى ست نقاط، لدرجة أنه سيحصل على 19 إلى 20 في المائة من الأصوات في الجولة الرئاسية الأولى بحيث يحل في المرتبة الثالثة بعد مرشحة اليمين المتطرف مارين لو بن «26 إلى 27 في المائة» وبعد إيمانويل ماكرون، المرشح الرئاسي الحالي والوزير السابق في حكومة مانويل فالس «22 إلى 23 في المائة من الأصوات». ويأتي في المرتبة الرابعة مرشح اليسار بونوا هامون فقد يحصل على 16 إلى 17 في المائة من الأصوات، محققًا بذلك تقدمًا نسبته ست نقاط.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».