سجن مدون جزائري بتهمة التخابر مع تل أبيب

بسبب حديثه مع مسؤول إسرائيلي حول «مكتب سري» بالبلد

سجن مدون جزائري  بتهمة التخابر مع تل أبيب
TT
20

سجن مدون جزائري بتهمة التخابر مع تل أبيب

سجن مدون جزائري  بتهمة التخابر مع تل أبيب

وجهت النيابة بمحكمة جزائرية إلى ناشط على شبكة التواصل الاجتماعي تهمة «التخابر مع قوى أجنبية»، ووضعته في السجن الاحتياطي في انتظار محاكمته قريبا. وبث المدون تواتي مرزوق، فيديو يتحدث فيه عن بعد مع الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية حسن كعبية، الذي ذكر أن مكتبا إسرائيليا بالجزائر كان يسهر على ديمومة العلاقات بينهما في السر، وتم إغلاقه عام 2000.
ويوجد تواتي، البالغ من العمر 30 سنة، بسجن بجاية (250 كلم شرق العاصمة) منذ 18 يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد أن تم اعتقاله وعرضه على النيابة في اليوم نفسه. وجاء في التحقيق الذي أجرته الشرطة المحلية أن تواتي نشر في مدونته حديثا مصورا، جرى بينه وبين الدبلوماسي الإسرائيلي، بخصوص اتهامات وجهها وزير السكن والعمران عبد المجيد تبون لإسرائيل بضلوعها في أحداث «الربيع العربي».
وكان تبون يتحدث قبل أسبوعين عن الحساسية التي تبديها السلطات الجزائرية من مسألة تغيير النظام، أسوة بالتغيير الذي عاشته دول مجاورة كتونس. وحينها قال الوزير إن «الربيع العربي تقف وراءه إسرائيل»، وهاجم إعلامية جزائرية تشتغل بفضائية عربية، بحجة أنها تروج للربيع العربي. وعلى هذا الأساس، اتصل المدون بالمسؤول الإسرائيلي حسن كعبية، عن طريق خدمة «سكايب» ليسأله عن حقيقة «تورط إسرائيل» في الأحداث التي عاشتها بلدان عربية، وما إذا كانت الجزائر «مستهدفة من طرف إسرائيل»، كما قال الوزير تبون.
وذكر كعبية مبديا استغرابا من اتهامات الوزير الجزائري: «هناك مثل شائع عندنا يقول: تحبل في الشام وتخلف في إسرائيل! اقترح على الوزير الجزائري البحث عن فرص عمل للجزائريين، وإيجاد حل لهجرة أبناء الجزائر (سرًا) إلى أوروبا، فليس لإسرائيل أية علاقة مع الربيع العربي. أما الجزائر وإسرائيل فهما أصدقاء، ولا يوجد صراع بيننا وبينكم، فنحن لدينا مشكلة فلسطين، ولا يمكن أن تكون لنا علاقة سيئة مع الجزائر طالما لا توجد معها حدود».
وكشف كعبية عن وجود «ممثلية إسرائيلية بالجزائر»، على غرار دول مغاربية أخرى، حسب قوله، اشتغلت في تسعينات القرن الماضي، وتم إغلاق مكتبها، بحسبه، عام 2000، من دون أن يذكر الأسباب. ولم يسبق أن تم تداول خبر «المكتب الإسرائيلي» من قبل.
يذكر أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة صافح رئيس الوزراء الإسرائيلي سابقا إيهود باراك في الرباط عام 1999، خلال تشييع جنازة عاهل المغرب الراحل الملك الحسن الثاني. وقد خلفت هذه المصافحة جدلا كبيرا بالجزائر بسبب انقطاع العلاقات مع إسرائيل، والكره الشديد الذي يضمره الجزائريون لهذا الكيان.
وصرح صالح دبوز، محامي المتهم، للصحافة بأنه زار موكله الأحد الماضي في السجن، «وقد وجدته تحت الصدمة، وقال لي إنه يستحسن عدم إثارة صخب حول قضيته». وقال دبوز، وهو ناشط حقوقي، إن المدون متهم بـ«ربط صلات مع قوى أجنبية والتخابر معها، بغرض إلحاق ضرر بالجيش والدبلوماسية الجزائريين، وبالمصالح الاقتصادية للبلد. وهو متهم أيضا بتحريض مواطنين على حمل السلاح وعلى التجمهر»، في إشارة إلى نشاط تواتي على شبكة التواصل الاجتماعي، والمواد التي ينشرها، والتي تعد معادية للسلطات.
ومن خلال متابعة مدونته، يلاحظ أن تواتي شديد التواصل مع قضايا الحقوق والحريات. وعد المحامي نشاط المدون بمثابة «حرية تعبير».
وقال وزير العدل الطيب لوح، في 25 يناير الماضي، مفسرا ارتفاع عدد المدونين المسجونين بسبب أنشطة على شبكة التواصل الاجتماعي، إنهم «خرقوا القانون الذي يجرم السب والشتم والتحريض على العنف، وربط علاقات مع تنظيمات وشبكات مشبوهة»، وأوضح أن جهاز الشرطة القضائية «اعتقل هؤلاء المدونين، وأحالهم إلى قضاة التحقيق للمساءلة، وتم وضعهم في الحبس المؤقت بناء على أدلة».



مصر: التحذير الحكومي من آثار أزمات عالمية يثير مخاوف «غلاء»

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
TT
20

مصر: التحذير الحكومي من آثار أزمات عالمية يثير مخاوف «غلاء»

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

أثارت تحذيرات أطلقها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي من اضطرابات اقتصادية عالمية، واحتمالية تأثيرها على الوضع الاقتصادي في مصر، مخاوف من موجة غلاء جديدة، وسط تباين في ردود الفعل على التصريحات التي أعقبت اجتماع الحكومة الأسبوعي مساء الأربعاء.

وقال مدبولي إن «المشهد المضطرب يحتم على كل دولة التحرك من أجل تجنب أي تداعيات سلبية جراء الوضع الاقتصادي العالمي»، مشيراً إلى تحذيرات العديد من الخبراء من «احتمالية حدوث موجة تضخم وركود اقتصادي عالمي خلال الفترة المقبلة».

وأكد مدبولي «دراسة الحكومة لكافة السيناريوهات مع عمل الدولة وفي المدى القريب على تجنيب المواطن تداعيات الحرب الاقتصادية»، رغم عدم وجود رؤية واضحة لمداها، مؤكداً سعي الحكومة لاستيعاب تبعات الأحداث الدولية المُحتملة على مواطنيها.

وأظهرت بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، الخميس، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن ارتفع إلى 13.6 في المائة في مارس (آذار) الماضي، مقابل 12.8 في المائة في فبراير (شباط).

وعلى أساس سنوي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات 6.6 في المائة، مقارنة بنحو 3.7 في المائة في فبراير.

وتفاعل عدد من المغردين على «إكس» مع تصريحات رئيس الوزراء، ففي وقت أبدى فيه البعض مخاوفهم من أن تكون التصريحات مقدمة لموجة غلاء جديدة تضرب أسعار السلع والخدمات في البلاد، تحدث آخرون عن إجراءات حكومية سبق اتخاذها ستساعد في الحد من التأثير على الاقتصاد المصري.

وتحدث البعض عن أهمية وضع تصورات استباقية للتعامل مع جميع الظروف، وجاهزيتها، مع تطبيق المناهج العلمية في التعامل.

بينما انتقد آخرون تصريحات مدبولي، واستمرار الحكومة في استدعاء أحداث عالمية لتبرير عدم ضبط الأسعار. وأشار البعض لاستخدام ما يحدث عالمياً لتبرير ارتفاع الأسعار، وانخفاض قيمة العملة.

وعد عضو مجلس النواب (البرلمان) ضياء الدين داود لـ«الشرق الأوسط» التصريحات بمثابة استمرار «الضبابية» بالسياسات الحكومية الاقتصادية المتبعة، مع غياب المرونة الاقتصادية القادرة على التعامل مع المتغيرات السريعة عالمياً، والمتعلقة بالأزمات.

وأضاف داود: «حكومة مدبولي مرت بالعديد من الأزمات الدولية منذ عام 2018 وحتى اليوم، وفي كل مرة لا تستطيع التعامل بشكل يجنب الاقتصاد المصري الآثار السلبية للأزمات بشكل كبير، مع اتباع سياسات اقتصادية لا تشجع المستثمر المحلي، وتبحث عن المستثمرين الأجانب، وتتجه نحو بيع الأصول، ومنح حقوق إدارتها لجهات غير حكومية بدلاً من تعظيم الاستفادة منها لتحقيق عوائد إضافية للاقتصاد المصري».

وسجل الجنيه المصري مستوى تراجع قياسياً أمام الدولار في البنوك (الاثنين) الماضي قبل أن يسترد جزءاً من خسائره على خلفية موجة تخارج لمستثمرين أجانب من السوق المصرية. ويتداول الدولار عند متوسط 51.25 جنيه في البنوك المصرية بعدما كان يتداول الأسبوع الماضي عند متوسط 50.40 جنيه، وهو انخفاض جاء مع التزام البنك المركزي بتحرير سعر الصرف، وخضوعه لسياسات العرض والطلب بحسب تصريحات متطابقة من رئيس الوزراء، وعدد من المسؤولين الحكوميين.

ورغم ما تحمله التصريحات من وضوح وشفافية في الحديث، فإنها تزيد بالفعل القلق الموجود لدى المواطنين بحسب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو هاشم ربيع الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن الاقتصاد المصري يعاني من صعوبات عدة في ظل محدودية الموارد والعوائد المتاحة.

وأضاف ربيع أن طبيعة الاقتصاد المصري تجعله يتأثر بما يحدث للآخرين، وبالتالي ما يحدث من صدمات اقتصادية في العالم سيكون له انعكاس داخل مصر بصورة أو بأخرى، وفي ظل غياب الرؤية عن التوقعات المستقبلية، فإن هذا الغموض سيجعل لدى الحكومة أيضاً حالة من الغموض تجاه ما يمكن أن يحدث باعتبارها ليست بمعزل عما يحدث.

يترقب المصريون زيادة جديدة في أسعار المحروقات (وزارة التموين)
يترقب المصريون زيادة جديدة في أسعار المحروقات (وزارة التموين)

ويتوقع الخبير الاقتصادي كريم العمدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تكون تصريحات مدبولي جزءاً من التمهيد لزيادة أسعار المحروقات المقررة خلال الشهر الجاري استجابة للبرنامج الاقتصادي المتفق عليه مع «صندوق النقد» رغم انخفاض أسعار النفط عالمياً بأكثر من 20 في المائة خلال الأيام الماضية.

واعتبر أن مدبولي حاول شرح الاضطرابات العالمية لتجنب انتقادات يتوقع أن تصاحب الزيادة اعتماداً على كون الدراسات المرتبطة بها نفذت على الأسعار المرتفعة سابقاً.

وكان رئيس الوزراء قد أكد أن الآلية المتبعة لعملية شراء الوقود تتم من خلال عقود طويلة الأجل، وبالتالي لا يمكن القياس على الأسعار القائمة حالياً، لوجود أبعاد أخرى، وفي ظل عدم القدرة على توقع استمرار الأسعار بنفس الوتيرة في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الحكومة عندما تقوم بعمل إجراءات تحوط تعمل على الاستفادة من فترات انخفاض أسعار الوقود عالمياً، أو تقوم بشراء كميات تضمن تأمين الاحتياطي الاستراتيجي.