اليابان تتمسك بسياستها النقدية وتحسن توقعات النمو

رغم استمرار تراجع الإنفاق الاستهلاكي للشهر العاشر

حاكم مصرف اليابان هيروهيكو كيرودا إثر عقده مؤتمراً صحافياً في طوكيو أمس (أ ف ب)
حاكم مصرف اليابان هيروهيكو كيرودا إثر عقده مؤتمراً صحافياً في طوكيو أمس (أ ف ب)
TT

اليابان تتمسك بسياستها النقدية وتحسن توقعات النمو

حاكم مصرف اليابان هيروهيكو كيرودا إثر عقده مؤتمراً صحافياً في طوكيو أمس (أ ف ب)
حاكم مصرف اليابان هيروهيكو كيرودا إثر عقده مؤتمراً صحافياً في طوكيو أمس (أ ف ب)

عدل البنك المركزي الياباني، في ختام اجتماعاته الدورية أمس (الثلاثاء)، توقعات نمو الاقتصاد خلال العام المالي الحالي، رغم البيانات الحكومية الصادرة أمس التي تشير إلى استمرار تراجع الإنفاق الاستهلاكي للشهر العاشر على التوالي.
وذكر البنك، في ختام الاجتماعات التي استمرت يومين، إلى أنه يتوقع نمو الاقتصاد خلال العام المالي الذي ينتهي يوم 31 مارس (آذار) الحالي بنسبة 1.4 في المائة، وليس بنسبة 1.0 في المائة، من إجمالي الناتج المحلي، كما كان يتوقع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
كما يتوقع البنك نمو ثالث أكبر اقتصاد في العالم بمعدل 1.5 في المائة خلال العام المالي المقبل، في حين كانت التوقعات السابقة تشير إلى نموه بمعدل 1.3 في المائة فقط. وقال البنك، في بيانه، إنه «من المحتمل أن يتحول اقتصاد اليابان إلى النمو بوتيرة معتدلة»، بحسب «رويترز».
في الوقت نفسه، أشار البنك إلى أنه يتوقع تراجع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.2 في المائة خلال العام المالي الحالي، وليس بنسبة 0.1 في المائة، وفقًا للتقديرات السابقة. ورغم ذلك، تبقى تلك التوقعات أقل كثيرًا عن المستوى الذي أعلن البنك عن استهدافه عام 2013، وهو ارتفاع مؤشر الأسعار بنسبة 2 في المائة سنويًا.
كان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي قد تعهد بإخراج ثالث أكبر اقتصاد في العالم من دائرة الكساد، عند توليه السلطة في ديسمبر (كانون الأول) 2012، لكن استمرار ضعف الإنفاق الاستهلاكي أصبح يمثل إحدى أشد القضايا ضغطًا على الحكومة، بحسب المحللين.
كما أشار البنك إلى أنه سيواصل التزامه بالسياسة النقدية «فائقة المرونة» من أجل زيادة معدل التضخم إلى المستوى المستهدف.
يأتي ذلك فيما أعلنت وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات اليابانية، أمس، عن تراجع الإنفاق الاستهلاكي لليابانيين خلال الشهر الماضي بنسبة 0.3 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، ليستمر التراجع للشهر العاشر على التوالي.
ويقول المنتقدون إن الإنفاق الاستهلاكي يتراجع منذ قرار حكومة آبي زيادة ضريبة المبيعات من 5 في المائة إلى 8 في المائة، في أبريل (نيسان) 2014، رغم المعارضة القوية لهذه الخطوة في ذلك الوقت.
وجاء إعلان وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات اليابانية عن تراجع الإنفاق الاستهلاكي، في أعقاب بيانات يوم الجمعة الماضي التي أظهرت تراجع أسعار المستهلك في اليابان بنسبة 0.3 في المائة خلال العام الماضي، وهو أول تراجع لأسعار المستهلك منذ 4 سنوات. وأشارت الوزارة إلى تراجع أسعار المستهلك خلال الشهر الماضي بنسبة 0.2 في المائة سنويًا، ليتواصل التراجع للشهر العاشر على التوالي.
في الوقت نفسه، سجل الناتج الصناعي نموًا شهريًا بمعدل 0.5 في المائة خلال ديسمبر الماضي، في حين كان المحللون الذين استطلعت صحيفة «نيكي» الاقتصادية اليابانية رأيهم قد توقعوا نمو الناتج الصناعي بنسبة 0.3 في المائة فقط، بعد نمو بنسبة 1.5 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وذكرت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، في بيان، أن الناتج الصناعي يتحرك نحو الارتفاع.
من جهة أخرى، فإن الشركات الصناعية التي استطلعت وزارة الاقتصاد اليابانية رأيها توقعت نمو الناتج الصناعي بنسبة 3 في المائة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، ثم بنسبة 0.8 في المائة خلال فبراير (شباط) الحالي.
وأشارت وزارة الاقتصاد إلى تراجع المؤشر الفرعي لمعدل تسليم الطلبيات الصناعية خلال ديسمبر الماضي بنسبة 0.3 في المائة، مقارنة بالشهر السابق، إلى 99 نقطة، في حين ارتفع مؤشر المخزون بمعدل 0.2 في المائة، إلى 107.1 نقطة خلال الفترة نفسها.
من ناحية أخرى، ذكرت وزارة الشؤون الداخلية أن معدل البطالة في اليابان استقر خلال الشهر الماضي عند مستوى 3.1 في المائة، وهو مستواه نفسه في الشهر السابق.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.