90 قتيلاً من جنود النظام في شهر معظمهم من القرداحة معقل آل الأسد

شكاوى من تضييق وضغوط لإرسال الباقين من أولادهم إلى «الفيلق الخامس»

مجموعة من مقاتلي المعارضة والعائلات المهجرة من منطقة وادي بردى في محافظة ريف دمشق تجمعوا في مركز لإيواء النازحين  بضواحي مدينة إدلب في شمال غرب سوريا (آ ف ب)
مجموعة من مقاتلي المعارضة والعائلات المهجرة من منطقة وادي بردى في محافظة ريف دمشق تجمعوا في مركز لإيواء النازحين بضواحي مدينة إدلب في شمال غرب سوريا (آ ف ب)
TT

90 قتيلاً من جنود النظام في شهر معظمهم من القرداحة معقل آل الأسد

مجموعة من مقاتلي المعارضة والعائلات المهجرة من منطقة وادي بردى في محافظة ريف دمشق تجمعوا في مركز لإيواء النازحين  بضواحي مدينة إدلب في شمال غرب سوريا (آ ف ب)
مجموعة من مقاتلي المعارضة والعائلات المهجرة من منطقة وادي بردى في محافظة ريف دمشق تجمعوا في مركز لإيواء النازحين بضواحي مدينة إدلب في شمال غرب سوريا (آ ف ب)

تتصاعد شكاوى أهالي بلدة القرداحة، معقل آل الأسد في ريف محافظة اللاذقية، بل وعموم المحافظة التي تعد البيئة الحاضنة للنظام والخزان البشري لقواته، من ضغوط اقتصادية تمارس عليهم لإرسال أبنائهم إلى «الفيلق الخامس - اقتحام» الذي أعلن عن تشكيلة نهاية العام الماضي. ووفق مصادر في مدينة اللاذقية، عاصمة المحافظة، فإن حكومة نظام الأسد تدفع شبابهم إلى الالتحاق بـ«الفيلق الخامس» عبر إنهاك اقتصادي للمزارعين والفقراء.
وبجانب تدني الدخل إلى درجة العدم، يتردى في الساحل السوري (محافظتا اللاذقية وطرطوس) الواقع الخدمي حيث لا كهرباء ولا وقود للتدفئة، وأسعار جنونية في ظل الموت اليومي وكوارث طبيعية، «ففي الصيف حرائق تلتهم الشجر وفي الشتاء صقيع يضرب المواسم والحكومة غير قادرة على دفع تعويضات وإن دفعت يسرقها الفاسدون، ما يجعل خيار الالتحاق بالقتال خيارا وحيدا أمام أبنائنا وبناتنا».
وأشارت المصادر ذاتها إلى أنه هذا العام ضرب الصقيع موسم الحمضيات، فخصّصت محافظة اللاذقية مبلغ 228 مليون ليرة سوريا (456 ألف دولار) لتعويض خسائر المتضررين واستفاد من التعويض 15552 مزارعًا، معظمهم من مناطق شمال شرقي محافظة اللاذقية منها منطقة الحفّة وبعض قرى منطقة القرداحة، بينما حرم منها ريف مدينة جبلة الذي تعرض للخسائر مثل بقية المناطق وفق تقارير مديرية مصلحة الزراعة في جبلة والتي بدورها استفسرت عن الأمر ولم تلق ردا شافيا.
ويصف الموالون للنظام في الساحل نظراءهم من أهالي منطقة الحفّة وشرقي اللاذقية الآن بـ«الدواعش» لأن بينهم معارضين لنظام الأسد. ويظهر السخط خصوصًا على أهالي الحفّة في شكاوى يبثها أهل الساحل على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك التي تتعلق ببرنامج تقنين الكهرباء، وكتب علي. س. على صفحته بموقع «فيسبوك»: «قبلنا بتقنين الكهرباء وقبلنا أن نراها لمدة نصف ساعة كل ثماني ساعات أو أكثر، لأننا في حالة حرب، لكن كيف نقبل أن تنقطع الكهرباء في القرداحة وجبلة وجميع قرى العلويين لساعات طويلة، بينما لا تنقطع الكهرباء في مناطق الحفّة وصلَيب التركمان وبرج إسلام مع أن معظم أبنائهم مع العصابات الإرهابية المسلحة.. هل تريد الحكومة أن تقول لنا كن معارضا وخذ كهرباء!!!»
* سخرية من دعوة المعلم
أما نسرين ح. فكتبت تسخر من دعوة وزير خارجية النظام وليد المعلم اللاجئين السوريين للعودة إلى سوريا، وتعهده بتأمين حياة كريمة لهم، قائلة: «الحكومة تدعو اللاجئين المعارضين الثورجية للعودة وتقول إنها ستؤمن لهم حياة كريمة. إذا كانت حكومتنا السعيدة قادرة على تأمين حياة كريمة، فنحن الذين نعيش هنا ونتحمل ما نتحمل أولى من هؤلاء بالحياة الكريمة، لا نريد منها تعويض دم شهدائنا لأنه أغلى من أي تعويض ولا نريد رفاهية. نريد فقط كهرباء وألا نموت من البرد.. لكن حكومتنا العاجزة عن كل شيء عليها أن تخرس بدل بذل الوعود بحياة كريمة للاجئين».
وتتزايد الشكاوى في مناطق الساحل مع تنامي الشعور بالغبن، وبأن أهلها لا يتقاضون تعويضًا عن التضحيات التي يقدمونها من أجل بقاء النظام، وهو ما جعلهم يتقاعسون عن الانضمام إلى «الفيلق الخامس»، وهو ما ردته المصادر في الساحل إلى ارتفاع عدد قتلى أبناء الساحل. إذ توضح هذه المصادر أن «ما من بيت في الساحل لم يقتل واحد أو اثنين من أبنائه، وما من بيت إلا وأصيب أحد أفراده بإعاقة. فالتطوع للقتال اليوم لم يعد يشكل إغراء أو دافعًا كالذي كان قبل أربع سنوات، وحينها كان المال وسلطة السلاح يشكلان إغراءً كبيرًا لموالي النظام. لكن مع امتداد زمن القتال إلى أجل غير معلوم، وازدياد عدد القتلى، واستفحال الفساد، بات الشباب يهربون من الالتحاق الطوعي بالمجموعات المقاتلة، ما عدا القلة القليلة من أبناء العائلات الأشد فقرًا».
وكان لافتا أن الحملة الإعلامية الضخمة التي قام بها النظام للدعوة إلى الالتحاق الطوعي بالفيلق الخامس لقاء راتب مغر (200 دولار أميركي) أي نحو مائة ألف ليرة سورية، لم تؤد غرضها، واضطر النظام إلى اتباع طريق السوق الإجباري للموظفين والعاملين في مؤسساته، ومع ذلك فإن عدد الملتحقين بـ«الفيلق الخامس» منذ تشكيله في 22-11-2016 لم يتجاوز ثلاثة آلاف ملتحق.
* تزايد عدد القتلى
هذا، وارتفعت حدة الشكاوى في حاضنة النظام مع تقاطر وصول دفعات القتلى من أبنائهم على جبهات المعارك في محافظتي ريف دمشق ودير الزور. وأفادت مصادر إعلامية سورية عن تسجيل خلال أقل من شهر منذ بداية العام الجاري مقتل أكثر من 90 عسكريا بينهم 8 ضباط من أبناء القرداحة، معقل آل الأسد، ونشرت عدة صفحات صورا للجنود القتلى الذين سقط أغلبهم في الفترة ما بين 18 - 26 يناير (كانون الثاني) المنقضي.
وحيال ازدياد عدد القتلى في صفوف أبناء الساحل كانت المفارقة توصية مجلس محافظة اللاذقية بعد اجتماع عقد الأسبوع الماضي، بالتشجيع على زيادة النسل في اللاذقية، ودعوة وزارة الصحة للقيام ببرنامج خاص للحض على زيادة النسل (!!) الأمر الذي زاد في تأجيج الاتهامات الموجهة لحكومة النظام. وهنا يقول أحمد م. من محافظة طرطوس (80 سنة) بسخرية وألم «بعدما قطعوا نسلنا يريدون منا أن نتزوج وننجب.. مَن بقي من أولادنا ليتزوّج.. شبابنا وبناتنا بغالبيتهم أما على الجبهات أو في القبور؟!».
إلا أن الشعور بالغبن هو الأكثر وضوحًا في أوساط أبناء الساحل الذين يمنّ النظام على عائلات القتلى منهم بالأولوية في الحصول على مقاعد دراسية في المدارس والجامعة، وكذلك الأولوية في الوظائف وبعض الامتيازات الأخرى المجانية كالطبابة. لكنهم يرون ذلك غير كاف في ظل ظروف معيشية قاسية يتقاسمونها مع غيرهم من السوريين. إذ يطمحون إلى أن يتميزوا على غيرهم من السوريين، بأن تُعفى مناطقهم من برامج تقنين الكهرباء والماء، وأن تتركز فيها الأنشطة التجارية والاقتصادية والسياحية، غير أنهم يفاجأون بأنه حتى ما تخصصه الحكومة لسد بعض احتياجاتهم يذهب إلى جيوب أصحاب السلطة والنفوذ. وعندما قرر «التسليف الشعبي» أخيرًا منح قروض للعاطلين عن العمل تحت مسمى «قرض البطالة» تتراوح قيمتها بين 250 ألفا وسبعة ملايين ليرة سورية (500 دولار و14 ألف دولار) تمنح لتمويل مشاريع إنتاجية، لم يسمع أي من العاطلين عن العمل بهذا القرض، الذي تم التكتم عليه ليذهب إلى جيوب البعض من المقربين. وفق ما جاء في تقرير لموقع «اقتصاد مال وأعمال السوريين».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».