قطاع العقارات السعودي يختتم يناير بانخفاض 11 % في قيمة الصفقات

عقاريون يؤكدون هبوط الطلب حتى تتحسن الأسعار

انعكس انخفاض الصفقات على القيمة العامة للعقار الذي يواجه ضغوطًا كبيرة للخروج من التضخم (تصوير: أحمد فتحي)
انعكس انخفاض الصفقات على القيمة العامة للعقار الذي يواجه ضغوطًا كبيرة للخروج من التضخم (تصوير: أحمد فتحي)
TT

قطاع العقارات السعودي يختتم يناير بانخفاض 11 % في قيمة الصفقات

انعكس انخفاض الصفقات على القيمة العامة للعقار الذي يواجه ضغوطًا كبيرة للخروج من التضخم (تصوير: أحمد فتحي)
انعكس انخفاض الصفقات على القيمة العامة للعقار الذي يواجه ضغوطًا كبيرة للخروج من التضخم (تصوير: أحمد فتحي)

أنهت السوق العقارية السعودية الشهر الأول من العام الجديد على انخفاض في قيمة الصفقات بـ11 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ويعتبر تحقيق السوق لهذه النتائج امتدادًا للعزوف الذي يضرب القطاع العقاري المحلي نتيجة الضغوط الحكومية على القطاع للسيطرة على الأسعار، والتي يأتي في مقدمتها فرض رسوم على الأراضي البيضاء.
وانعكس انخفاض الصفقات على القيمة العامة للعقار الذي يواجه ضغوطًا كبيرة للخروج من التضخم، بعد أن ارتفعت قيمة العقار أكثر من مائة في المائة خلال أقل من عقد.
وذكر خالد الباز، المدير العام لشركة الباز للتطوير العقاري، أن القطاع لا يزال يسجل مزيدًا من الانخفاض في الأداء نتيجة الفجوة الكبيرة بين قدرات المشترين وعروض البائعين، إضافة إلى دخول وزارة الإسكان على الخط عبر توفير مساكن غير ربحية، وهذه العوامل تسبب ركودًا حادًا في القطاع، الذي يمر بفترة تصحيحية كبيرة من جميع النواحي، أي من الطلب والعرض والقيمة وحتى التصاميم والمخططات، لافتًا إلى أن السوق تفرز من وقت لآخر كميات لا بأس بها من العروض، دون أن تجد لها طلبًا يتلاءم معها في نوعية الإقبال بسبب الأسعار المرتفعة التي لا يستطيع الزبون توفيرها، معتبرًا أن انخفاض معدل الصفقات أكبر دليل على ذلك، حتى وإن صاحبها انخفاض محدود في القيمة.
ولفت الباز إلى أن المبيعات تتضاءل بانتظار أن تنزل الأسعار أكثر من ذلك لتتناغم مع قدرة المشترين، خاصة في ظل أداء السنوات الأخيرة التي أصبح القطاع فيها يتمتع بعرض كبير دون وجود أي طلب، متوقعًا أن يشهد القطاع العقاري هذا العام مزيدًا من الغربلة التي قد تغير الأسعار أو حتى نسبة الإقبال إلى أكثر مما هو حاصل، حيث إن القطاع الآن يسير نحو المجهول في ظل العزوف الكبير عن الشراء. وتابع: «ما يحدث الآن هو ترجمة للعشوائية التي كانت سائدة، وهو ما دفع الحكومة إلى إعادة ترتيب السوق من جديد للسيطرة على الأسعار عبر فرض القوانين والقرارات والدخول كمطورين عقاريين غير ربحيين عبر برنامج (سكني)».
وسجّل إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية انخفاضا للأسبوع الثالث على التوالي بنسبة 11.4 في المائة، مقارنة بانخفاضه للأسبوع الأسبق بنسبة 1.3 في المائة، لتستقر قيمة صفقات السوق بنهاية الأسبوع الرابع من العام الحالي عند مستوى أدنى من 3.7 مليار ريال (نحو 986 مليون دولار).
وتباين التغير في قيمة الصفقات العقارية بين كل من القطاعين السكني والتجاري، الذي أظهر انخفاضا بالنسبة إلى قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 29.1 في المائة، مقارنة بارتفاعه للأسبوع الأسبق بنسبة 3.0 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند مستوى أدنى من 2.3 مليار ريال (613 مليون دولار).
بينما سجلت صفقات القطاع التجاري ارتفاعا بنسبة 51.5 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 14.3 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند مستوى أدنى من 1.4 مليار ريال (373 مليون دولار).
وبرأي وليد الرويشد، الذي يدير شركة مستقبل الإعمار العقارية، فإن على المطورين مواكبة التطورات والتحديات المختلفة التي طرأت على السوق، من تناقص سيولة المشترين والانخفاض الجديد في الأسعار وعدم قدرة نسبة كبيرة منهم على تحمل التمويلات العقارية التجارية، إضافة إلى تغير الفكر السكني في التصميم والمساحات المرغوبة، لافتًا إلى أن السنوات الخمس الأخيرة غيرت تمامًا قناعات المشترين وفكرتهم عن السكن، إذ إن الاستقرار في المنازل الكبيرة لم يعد مرغوبًا، إضافة إلى المنازل التي تحتوي على مساحات غير مستغلة وحدائق صغيرة أصبحت الأقل طلبًا نظرًا لارتفاع قيمتها.
وأضاف الرويشد أن السوق تترنح بين ارتفاع الأسعار إلى درجة كبيرة، وبطء الحلول لدى المستثمرين الذين لم يستطيعوا تلبية متطلبات المشتري الذي يعزف عن جميع الخيارات نتيجة عدم توفر المال الكافي أو وجوده بنسب تقل عن الأسعار الحالية للسوق.
وأشار إلى أن القطاع قد يحقق مفاجآت خلال العام الحالي بسبب رسوم الأراضي البيضاء التي ستغير خريطة أداء العقار المحلي، خصوصًا أن فقاعة العقار وصلت لأقصى درجاتها بحسب تعبيره، مشيرًا إلى أن المشروعات الحكومية غير الربحية لقطاع الإسكان أصبحت الخيار الأكثر ملاءمة وفقًا لمعطيات السوق.
وأظهرت البيانات السعرية انخفاضا سنويًا لجميع متوسطات الأسعار خلال الربع الأول من العام الحالي وحتى نهاية يناير (كانون الثاني) مقارنة بالربع الأول لعام 2016؛ إذ انخفض متوسط العمائر السكنية بنسبة 56.0 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 508 آلاف ريال للعمارة الواحدة)، وجاءت الفيلات السكنية في المرتبة الثانية بنسبة انخفاض 33.7 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 738 ألف ريال للفيلا الواحدة)، وجاءت البيوت السكنية في المرتبة الثالثة بنسبة انخفاض 28.5 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 281 ألف ريال للبيت الواحد)، ثم انخفاض متوسط سعر المتر المربع للأرض بنسبة 11.6 في المائة (متوسط سعر ربع سنوي 402 ريال للمتر المربع)، وأخيرًا انخفاض متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 7.4 في المائة كأدنى نسبة انخفاض (متوسط سعر ربع سنوي 504 آلاف ريال للشقة الواحدة).
إلى ذلك، تطرق المستثمر العقاري خالد العبد اللطيف، إلى وجود نسب انخفاض في القيمة نتيجة انخفاض الطلب، إلا أنها ليست بذات الإغراء الذي يدفع إلى تحسين حركة العقار ويدفع به للانتعاش، مبينًا أن نسبة الانخفاض غير واضحة حتى الآن ومختلفة من مكان إلى آخر ومن فرع عقاري لآخر، إلا أنها لا تتجاوز 20 في المائة ولا تقل عن 10 في المائة.
وأضاف أن السوق إذا استمر على هذا المنوال فإنه معرّض للنزول بشكل أكبر ليكون أكثر ملاءمة لقدرة المشترين الذي توقفوا بشكل كبير عن الشراء نتيجة عجزهم عن مجاراة الأسعار التي وصلت حتى وقت قريب إلى مستويات قياسية من التضخم.
وأوضح أن أي نسبة انخفاض تعد مؤشرًا مهمًا للمستقبل الذي سيكون عليه القطاع العقاري، خصوصًا أن المؤشرات العقارية ثابتة ومن الصعب جدًا أن تتحرك إلا في مجال الارتفاع ما يعني أن الانخفاض الحاصل كان من المستحيل حدوثه، إلا أن الواقع الجديد سيجبر المتعاملين العقاريين على التعاطي مع الحالة الجديدة وهي الانخفاض الذي سيدفع بالسوق نحو تحقيق الأرباح عبر الاعتماد على كميات البيع الكبيرة بأرباح صغيرة وليس العكس وهو ما يحصل الآن.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».