أوروغواي... سوق عقارية تتأثر بـ«أزمات الجيران»

ازدهرت في مطلع الألفية ثم شهدت تباطؤًا منذ 5 سنوات

مدخل شقة على الطراز الكلاسيكي الحديث في قلب مدينة مونتيفيديو عاصمة أوروغواي (نيويورك تايمز)
مدخل شقة على الطراز الكلاسيكي الحديث في قلب مدينة مونتيفيديو عاصمة أوروغواي (نيويورك تايمز)
TT

أوروغواي... سوق عقارية تتأثر بـ«أزمات الجيران»

مدخل شقة على الطراز الكلاسيكي الحديث في قلب مدينة مونتيفيديو عاصمة أوروغواي (نيويورك تايمز)
مدخل شقة على الطراز الكلاسيكي الحديث في قلب مدينة مونتيفيديو عاصمة أوروغواي (نيويورك تايمز)

تشغل هذه الشقة المكونة من 3 غرف نوم، و3 حمامات، الطابق الثاني بأكمله في مبنى مشيد على الطراز الكلاسيكي الحديث منذ 89 عامًا في قلب مدينة مونتيفيديو عاصمة أوروغواي. وقام بتصميم المبنى، الذي يحمل اسم «بالاسيو كيارينو»، 3 معماريين؛ هم أنطونيو كيارينو، وبارتولوميه تراييه، وغايتانو موريتي، كذلك شارك موريتي في تصميم مبنى «بالاسيو ليخيسلاتيفو» (قصر التشريع)، وهو مقرّ البرلمان. وأصدرت الحكومة قرارًا عام 2011 باعتبار «بالاسيو كيارينو» من المعالم التاريخية البارزة.
تحتوي الشقة، التي تمتد على مساحة 3660 قدمًا مربعة، على 10 شرفات تطل على الأحياء المحيطة بها، بما فيها ميدان بلاتزا دي كاغانتشا، الذي يعد واحدًا من أشهر الميادين العامة في المدينة، وأفينيدا 18 دي خوليو (طريق 18 يوليو/ تموز)، الذي يعد شارع التسوق الرئيسي.
وتتمتع هذه المنطقة بشعبية بين مشتري المنازل الأجانب، الذين يقدّرون معمار المباني القديمة، على حد قول كارلوس غارسيا أروكينا، أحد الشركاء في «بادو أسوسيادوس سوثبيز إنترناشونال ريالتي»، الشركة التي تعرض الشقة للبيع، مقابل 1.5 مليون دولار.
تتمتع الشقة، التي يمكن الوصول إليها بمصعد ذي زخارف حديدية، بمظاهر جذب متعددة في جميع جنباتها. الباب الأمامي للشقة مصنوع من الخشب المنقوش والمزدان بالكريستال المشطوف، أما المساحة المخصصة للاستقبال فأرضيتها من الرخام، وبها أعمدة من الغرانيت، إلى جانب لوحات من الفسيفساء على طراز البندقية. وتم طلاء السقف يدويًا بقشرة من الذهب. ويغطي ورق حائط أصلي، يعود إلى عشرينات القرن الماضي، جدران كثير من الغرف.
يزيد ارتفاع الأسقف في مساحات المعيشة الرئيسية على 13 قدمًا. إضافة إلى غرفة المعيشة، هناك غرفة لتقديم الشاي، وغرفة للمطالعة، وغرفة مكتب. ومن غرفة المعيشة توجد شرفة مبنية على طراز البندقية ذات أرضية من الرخام، وبها درابزينات، وأعمال فسيفساء دقيقة ومعقدة. والسعر لا يشمل الأثاث، لكن قطع الأثاث معروضة للبيع، على حد قول غارسيا أروكينا.
وتوجد في غرفة تناول الطعام نوافذ من الزجاج الملون، ومدفأة على الطراز الفلورنسي. وفي المطبخ، الذي تم ترميمه وتجديده، بلاطات إيطالية تعود إلى عشرينات القرن الماضي، وأحواض الغسيل به أصلية.
يفصل رواق طويل غرف النوم عن المساحات المخصصة للمعيشة. وهناك 3 شرفات في غرفة النوم الرئيسية، الملحق بها حمام خاص أرضيته وجدرانه من الرخام، أما غرفتا النوم الأخريين فلهما حمام واحد مشترك. ويوجد في كل غرف النوم خزانات للمياه الساخنة كما يوضح غارسيا أروكينا. ويوجد في الشقة مدخل، ومصعد، ومساحات للمعيشة منفصلة مخصصة للخدم. وهناك مكانان لصفّ السيارات تحت مستوى الأرض، ويوجد حارس البناية في مدخلها على مدار اليوم.
وتقع الشقة على مقربة من المتاجر، والمطاعم، وحي ثيوداد بييخا (البلدة العجوز) التاريخي والمالي على حد قول غارسيا أروكينا. كذلك يقع المبنى على بعد 10 دقائق من البناية الشهيرة «ميركادو ديل بويرتو» (سوق الميناء)، المطلة على المياه والموجودة وسط السوق، التي تم ترميمها، وتحتوي على مجموعة متنوعة من المطاعم. كذلك تقع الشقة على بعد 45 دقيقة بالسيارة من مطار كاراسكو الدولي.
* نظرة عامة على السوق
بعد زيادة في المبيعات خلال الفترة من 2003 حتى 2011، شهدت سوق مونتيفيديو ركودًا بسبب تباطؤ الاقتصاد، وارتفاع أسعار العقارات، على حد قول غارسيا أروكينا. وتراجعت المعاملات بنسبة 10 في المائة خلال عام 2016 مقارنة بالعام الذي يسبقه، وانخفضت بنسبة 40 في المائة تقريبًا عنها عام 2014، بحسب تقديره.
وقال غارسيا: «في الماضي، كان المستثمرون الذين يشترون العقارات من أجل تأجيرها، هم من يحركون السوق، أما اليوم فقد اختفت هذه السوق»، مشيرًا إلى أن من يحرك ويحفز الطلب اليوم هم المتقاعدون، والأسر اليافعة الذين ينتقلون إلى منازل أكبر.
وتأثر اقتصاد أوروغواي بالاضطرابات الاقتصادية والسياسية التي تشهدها جيرانها، خصوصًا كلاً من الأرجنتين (غربًا) والبرازيل (شمالاً)، وكذلك بانخفاض أسعار السلع، بحسب خوان بالاسيوس، المدير التنفيذي لشركة «أنغيل أند فولكرز مونتيفيديو» العقارية. وأضاف خوان قائلاً: «نحن نعتمد بشكل كبير على ما يحدث لاقتصاد الأرجنتين والبرازيل».
ولا توجد خدمة عرض متعددة للبيع في أوروغواي، مما يجعل من الصعب تتبع عمليات البيع، أو الحصول على معلومات خاصة بالأسعار على حد قول بالاسيوس. كثيرًا ما يتم بيع المنازل بسعر أقل من السعر المطلوب بنسبة تصل إلى 20 في المائة كما يوضح بالاسيوس. وأكثر عمليات البيع تكون في سوق المنازل المتواضعة، كما يقول غارسيا.
وأضاف غارسيا أن «المعاملات الخاصة بالمنازل والعقارات الفخمة قليلة جدًا»، مشيرًا إلى ثبات أسعارها بسبب عدم رغبة الملاك في خفض الأسعار.
المناطق، التي يقبل عليها مشترو المنازل، هي تلك القريبة من المحيط، مثل «بوثيتوس» و«بونتا كاريتاس»، على حد قول وكلاء عقاريين. ويمكن أن يتراوح سعر العقارات الجديدة المطلة على الماء بين 300 دولار و465 دولارًا للقدم المربعة، في حين يبلغ سعر القدم المربعة في العقارات، التي توجد في قلب المدينة، 185 دولارًا.

من يشتري في مونتيفيديو
يمثل المشترون من الخارج نسبة ضئيلة جدًا من السوق ككل، لكن تتزايد عمليات البيع للأجانب «بشكل مطرد» بحسب سانتشو باردو سانتيانا، الشريك التنفيذي في «360 تيرا إنترناشونال ريالتي». ويمثل الأميركيون والأوروبيون الجزء الأكبر من الزيادة في عدد المشترين الأجانب، بحسب ما أوضح سانتشو.
لقد كان الأرجنتينيون يومًا ما من أكثر المشترين تحمسًا، لكن أدى كل من تغيير اللوائح التنظيمية الخاصة بالعملة، التي فرضتها حكومة الأرجنتين، والاضطرابات الاقتصادية، إلى تباطؤ الاقتصاد، على حد قول وكلاء عقاريين.
أكثر المشترين من مواطني أوروغواي الذين يعملون في العاصمة. على الجانب الآخر، يركز مشترو المنازل الثانية على المناطق الساحلية، مثل «بونتا ديل إيستي»، التي تقع على بعد 80 ميلاً باتجاه الشرق، بأكثر مما يهتمون بمونتيفيديو، على حد قول سانتشو.

المبادئ الأساسية للشراء:
لا توجد قيود على امتلاك الأجانب لعقارات في أوروغواي. وعادة ما يتم إتمام المعاملات، وإبرام الصفقات نقدًا بالدولار الأميركي. ومن الصعب الحصول على قرض عقاري، على حد قول وكلاء عقاريين. من الأطراف الرئيسية المشاركة في المعاملات في أوروغواي موثق يضطلع بمسؤولية كبيرة في إدارة الأعمال الورقية، وفحص حالة العقار. وقال باردو سانتيانا: «الموثق هنا مثل المحامي».
عادة ما يدفع المشترون مبلغًا مقدمًا يمثل 10 في المائة من قيمة العقار إلى موثق المشتري، كما يوضح سانتيانا. قد تستغرق عملية البيع 3 أشهر، لكن يقول سانتيانا: «باستثناء ذلك تتسم العملية باليسر والسهولة».
المواقع الإلكترونية:
موقع وزارة السياحة بأوروغواي: turismo.gub.uy / index.php / en
موقع السياحة في مونتيفيديو: descubrimontevideo.uy / en
بوابة حكومة أوروغواي: portal.gub.uy
اللغة والعملة:
الإسبانية، والبيزو الأوروغواني (1 بيزو = 0.035 دولار أميركي)
الضرائب والرسوم:
تتراوح رسوم نقل الملكية، والوكيل العقاري، والضرائب، وتكاليف الموثق، بين 8 و9 في المائة من سعر البيع، على حد قول وكلاء عقاريين. وتشمل إجمالي القيمة ضريبة نقل ملكية نسبتها 2 في المائة، ورسوم وسيط نسبتها 3 في المائة، ورسوم موثق نسبتها 3 في المائة. كذلك هناك ضريبة قيمة مضافة على الرسوم المدفوعة لكل من الوسيط، والموثق قدرها 22 في المائة.
تبلغ الضريبة العقارية على هذه الشقة نحو 2500 دولار سنويًا، على حد قول غارسيا أروكينا. كذلك هناك رسوم صيانة شهرية للمبنى تبلغ نحو ألف دولار شهريًا، كما أوضح غارسيا.

* خدمة «نيويورك تايمز»



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»