وثائق تكشف أعذار «داعش» للتهرّب من القتال بالموصل

إلقاء ملايين المنشورات على الجانب الأيمن من المدينة تمهيدًا للتحرير

مواطن عراقي من الموصل يعمل على حجب لوحة جدارية تحتوي على شعارات مكتوبة من قبل تنظيم داعش (إ ب أ)
مواطن عراقي من الموصل يعمل على حجب لوحة جدارية تحتوي على شعارات مكتوبة من قبل تنظيم داعش (إ ب أ)
TT

وثائق تكشف أعذار «داعش» للتهرّب من القتال بالموصل

مواطن عراقي من الموصل يعمل على حجب لوحة جدارية تحتوي على شعارات مكتوبة من قبل تنظيم داعش (إ ب أ)
مواطن عراقي من الموصل يعمل على حجب لوحة جدارية تحتوي على شعارات مكتوبة من قبل تنظيم داعش (إ ب أ)

عثرت قوات التحالف الدولي لدحر «داعش» في العراق بقيادة واشنطن، اليوم (الثلاثاء)، على وثائق للتنظيم المتطرف تشير إلى أن عديدًا من عناصر التنظيم استفادوا من إعفاءات حتى يتجنبوا المشاركة في القتال.
ووفقًا لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية، عثرت قوات التحالف الدولي، على وثائق لكتيبة «طارق بن زياد» التي تقاتل في صفوف التنظيم بالعراق، حيث تكشف الوثائق أسبابًا كثيرة، لتسريح المقاتلين والسماح لهم بالعودة إلى بلدانهم، مثل الإصابة بجروح، أو الرغبة في الانتقال إلى منطقة معينة.
وأعفى ما يسمى «ديوان الجند» في التنظيم المتطرف - مثلاً - شخصًا يدعى أبو وائل السويسري، بسبب تشنج في الركبة، موردًا في خانة الملاحظات أنه لا يريد القتال، فيما شخص آخر يلقب بأبو إدريس الكوسوفي، جرى إعفاؤه، بسبب رغبته في الانتقال إلى «الشام» سوريا ومعاناته مع مشكلات في المخ.
وتأتي مغادرة مقاتلين لصفوف «داعش»، وسط وضع صعب للتنظيم الذي تكبد خسائر كبرى في مدينة الموصل بالعراق، حيث أعلن عام 2014، ما سماها «الخلافة».
وأكدت الحكومة العراقية أخيرًا استعادة قواتها لكامل شرق مدينة الموصل، من قبضة التنظيم الإرهابي.
ميدانيًا، أعلنت «خلية الإعلام الحربي» العراقية أنه تم إلقاء ملايين المنشورات والصحف على الجانب الأيمن من مدينة الموصل تتضمن حث المواطنين على الاستعداد لعمليات التحرير.
وجاء في المنشورات: «قواتكم المسلحة حسمت أمرها وتتقدم صوب الجانب الأيمن... عازمة على تطهير كل مناطقكم... استعدوا لاستقبال أبناء قواتكم المسلحة والتعاون معهم كما فعل إخوانكم في الجانب الأيسر لتقليل الخسائر وتسريع الحسم».
وكانت قيادة عمليات «قادمون يا نينوى» قد بدأت في نصب جسور عائمة على نهر دجلة تحضيرًا للعمليات.
في محافظة صلاح الدين العراقية، أفاد مصدر أمني عراقي، بأن 39 عنصرًا من «داعش» قتلوا خلال صد هجوم واسع للتنظيم في منطقة تل كصيبة شرق المحافظة.
وأضاف المصدر، أن «تنظيم داعش شن هجومًا واسعًا على القطعات العسكرية الموجودة في منطقة تل كصيبة شرق صلاح الدين»، مشيرًا إلى أن «القوات الأمنية الموجودة في المنطقة تمكنت من قتل 39 عنصرًا من التنظيم».
وتابع المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن «جثث عناصر التنظيم والمصابين وصلت إلى أحد مستشفيات قضاء الحويجة (55 كلم جنوب غربي كركوك)»، مشيرًا إلى أن «التنظيم يسعى من خلال زيادة هجماته على القطعات الأمنية في صلاح الدين إلى منع أي تقدم صوب الحويجة».
يذكر أن منطقة تل كصيبة تم تحريرها بالكامل في يناير (كانون الثاني) من عام 2016 من سيطرة تنظيم داعش.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم