الاتحاد الأفريقي يقبل عضوية المغرب بالتوافق ومن دون تصويت

39 دولة أيدت طلب الرباط و15 اعترضت عليه

صورة جماعية للقادة والزعماء الذين شاركوا في القمة الأفريقية في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)
صورة جماعية للقادة والزعماء الذين شاركوا في القمة الأفريقية في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأفريقي يقبل عضوية المغرب بالتوافق ومن دون تصويت

صورة جماعية للقادة والزعماء الذين شاركوا في القمة الأفريقية في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)
صورة جماعية للقادة والزعماء الذين شاركوا في القمة الأفريقية في أديس أبابا أمس (أ.ف.ب)

وافقت القمة الأفريقية الـ28 الملتئمة في أديس أبابا مساء أمس على قبول عضوية المغرب في الاتحاد الأفريقي، بالتوافق ولم يجر اللجوء إلى تصويت.
وشكل قبول عضوية المغرب في المنظمة الأفريقية انتصارا للدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس، الذي قام أخيرا بجولات كثيرة في مختلف أنحاء القارة الأفريقية لشرح فكرة العودة إلى العائلة الأفريقية المؤسساتية بعد انسحابه منها عام 1984 احتجاجا على قبول عضوية «الجمهورية الصحراوية»، التي أعلنتها جبهة البوليساريو الانفصالية من جانب واحد عام 1976 بدعم من الجزائر وليبيا.
وروت مصادر دبلوماسية أفريقية متطابقة حضرت جلسة الحسم في عضوية المغرب لـ«الشرق الأوسط» كيف جرى اتخاذ القرار. وقالت المصادر إنه بعد انتخاب الرئيس الجديد للاتحاد الأفريقي ونائبه، وتعيين اللجنة التي ستدرس انتخاب المفوضين، وضع الرئيس الجديد، رئيس غينيا ألفا كوندي طلب المغرب للعضوية في الاتحاد على أنظار القمة. وأضافت المصادر أنه بعد ذلك قدمت نكوسازانا دلاميني زوما مفوضة الاتحاد الأفريقي المنتهية ولايتها تقريرا تمحور حول عدة نقاط.
وذكرت زوما خلال الاجتماع أنها أرسلت طلب المغرب للعضوية إلى الدول الـ54 لتدلي برأيها فيه، وأن 15 دولة اعترضت على عودة المغرب بينما وافقت على عودته 39 دولة من مجموع 54 دولة.
بعد ذلك بدأ النقاش، وكان هناك موقف الدول الـ15 الذي تقوده جنوب أفريقيا والجزائر وزيمبابوي وأنغولا، الذي يقول: إن المغرب لم يف بشروط طلب العضوية على اعتبار أن النظام الأساسي للاتحاد الأفريقي يشدد على ضرورة احترام الوحدة الترابية للأعضاء (في إشارة إلى «الجمهورية الصحراوية» المقامة في تيندوف جنوب غربي الجزائر)، وتقول الدول ذاتها إن المغرب قدم طلبه ليس على أساس احترام النظام الأساسي للاتحاد الأفريقي وإنما على أساس دستوره، معتبرة أن ذلك يمس مصالح 3 دول من دون أن تسميها.
ومقابل وجهة نظر الدول الـ15، رأت دول المعسكر المؤيد للمغرب (39 دولة) أنه من الأحسن أن يكون المغرب موجودا داخل الاتحاد، وهو ما أكده الرئيس كوندي، إذ قال بدوره «أن يكون المغرب معنا أحسن من أن يكون خارج الاتحاد»، وأنه يمكن إيجاد حل لنزاع الصحراء من خلال وجود المغرب وجبهة البوليساريو في الاتحاد الأفريقي، لا سيما، أن غياب المغرب عن المنظمة الأفريقية لم يحل النزاع.
إثر ذلك، أعلنت تلك الدول أنها ترحب بالمغرب لكن بشروط، ليتم في نهاية المطاف التوافق على قبول عضوية الرباط.
يذكر أن الرباط أعربت في يوليو (تموز) الماضي عن رغبتها في العودة إلى الاتحاد الأفريقي، بينما قام العاهل المغربي بزيارات رسمية إلى عدد من الدول للحصول على دعمها في هذه المسألة. لكن عودة المغرب أثارت انقساما في الاتحاد الأفريقي، وكان دبلوماسي مغربي صرح أول من أمس أن المملكة المغربية حصلت على «التأييد غير المشروط» لـ39 من دول الاتحاد الأفريقي الـ54 للعودة إليه، لكن المعارضين لهذه العودة خاضوا معركة قانونية. فقد طلبت 12 دولة عضوا، بينها بلدان كبرى مثل الجزائر وجنوب أفريقيا ونيجيريا وأنغولا، رأيا رسميا من الهيئة القانونية للاتحاد لمعرفة ما إذا كانت هذه المنظمة يمكن أن تقبل بلدا «يحتل جزءا من أرض دولة عضو»، أي «الجمهورية الصحراوية»، التي يعدها المغرب دولة وهمية نظرا لعدم توفرها على مكونات الدولة.
وكان الاتحاد الأفريقي قد انتخب أمس خلال قمته الـ28 في أديس أبابا رئيسا جديدا له هو الرئيس كوندي خلفا للرئيس التشادي إدريس ديبي اتنو، في حين اختار مفوضا جديدا للاتحاد هو موسى فكي محمد رئيس وزراء تشاد (وزير خارجية سابق)، خلفا لزوما.
وكان مقررا أن تنتهي فترة رئاسة زوما لمفوضية الاتحاد الأفريقي في يوليو الماضي، لكنها اضطرت لتمديدها بعد فشل الاتحاد في الاتفاق على من سيخلفها. وتنافس على خلافة زوما خمسة مرشحين. فبالإضافة إلى المرشح التشادي الفائز ترشح كل من بيلونومي فينسون (بوتسوانا)، أمينه محمد (كينيا)، أجابيتو امبا موكوي (غينيا الاستوائية)، بالإضافة إلى السنغالي عبد الله باتيلي، وهو المبعوث السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى منطقة أفريقيا الوسطى، فيما يعد منافسوه الأربعة وزراء خارجية سابقون.
ورشحت زوما لتصبح خليفة لزوجها السابق جاكوب زوما في رئاسة حزب المؤتمر الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا خلال هذا العام.
وقال كوندي في خطاب تسلمه رئاسة الاتحاد: «علينا أن نعمل من أجل النجاح في تكامل شعوبنا الأفريقية».
وأضاف: «أنا أقبل طوعًا وبكل تواضع رئاسة منظمتنا في عام 2017. وهو شرف كبير أود أن أشكر كلاً من طوق عنقي به. شرفتم غينيا كلها بالإجماع الذي عبرتم عنه وثقتكم في بلدنا».
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أجرى مساء أمس مباحثات مطولة على انفراد مع الرئيس كوندي، الذي حضر أيضا حفل استقبال أقامه العاهل المغربي على شرف الرؤساء ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية الأفارقة.
وتميز الحفل بحضور 42 رئيسا ورؤساء وفود الدول إلى القمة، إلى جانب أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة ومحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية.
من ناحية أخرى، هيمنت الخلافات بشأن المحكمة الجنائية الدولية على الاجتماعات التمهيدية للقمة إذ وصفت جنوب أفريقيا وكينيا المحكمة بأنها «أداة للإمبريالية الغربية تستهدف القارة من دون وجه حق». لكن نيجيريا وبوتسوانا ودولا أخرى تقول إن المحكمة، ومقرها لاهاي، داعم قانوني مهم للدول التي تتضرر أنظمتها القضائية الداخلية بفعل الصراعات.
وأثارت معارضة بعض الدول الأفريقية للمحكمة الجنائية الدولية نقاشات حادة أيضا. وقررت بوروندي وجنوب أفريقيا وغامبيا في 2016 الانسحاب من المحكمة، متهمة إياها بأنها لا تستهدف إلا البلدان الأفريقية. وهددت كينيا بأن تحذو حذو هذه البلدان فيما تبدي السنغال وبوتسوانا، من بين بلدان أخرى، دعمهما الصريح للمحكمة الجنائية الدولية.
وتضمن جدول أعمال القمة عددا كبيرا من الأزمات في القارة أيضا، مثل الأزمة الليبية، والمجموعات الإرهابية في مالي والصومال ونيجيريا، والتوترات السياسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وكان موضوع جنوب السودان، الذي تسببت الحرب الأهلية فيه بسقوط عشرات آلاف القتلى وتهجير أكثر من ثلاثة ملايين منذ ديسمبر (كانون الأول) 2013، في صلب اهتمامات القمّة، ذلك أن أعمال العنف الإثنية تتواصل، ولم ترسل بعد القوة الإقليمية المؤلفة من أربعة آلاف رجل التي تقررت في القمة الأخيرة للاتحاد الأفريقي، لمؤازرة 12 ألفا من عناصر الأمم المتحدة، بسبب مماطلة الرئيس سيلفا كير.
ويفترض أن يعلن القادة الأفارقة خلال القمة التي تنتهي أعمالها اليوم مواقفهم من مقترحات تقدم بها الرئيس الرواندي بول كاغامي حول إصلاح عمل الاتحاد وتمويله.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.