حفتر ينسف التوقعات بلقاء مع السراج... ومسؤول مصري: الوساطة لم تفشل

تركيا تعيد فتح سفارتها وتوتر أمني جديد في طرابلس

مهاجرون أفريقيون في ميناء مسينا الايطالي بعد أن تم إنقاذهم أمس (أ.ب)
مهاجرون أفريقيون في ميناء مسينا الايطالي بعد أن تم إنقاذهم أمس (أ.ب)
TT

حفتر ينسف التوقعات بلقاء مع السراج... ومسؤول مصري: الوساطة لم تفشل

مهاجرون أفريقيون في ميناء مسينا الايطالي بعد أن تم إنقاذهم أمس (أ.ب)
مهاجرون أفريقيون في ميناء مسينا الايطالي بعد أن تم إنقاذهم أمس (أ.ب)

أنهى المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، أمس، حالة الانتظار والترقب بشأن لقاء ثنائي مع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، وقال إنه ليس هناك أي ترتيبات للقاء وشيك بينهما، فيما ما زالت قوات الجيش تخوض معارك شرسة ضد الجماعات الإرهابية بمحور عمارات الـ12 بمحور بوصنيب غرب مدينة بنغازي في شرق البلاد. وقالت القوات الخاصة إنها أحبطت ما وصفته بمحاولة فرار يائسة للإرهابيين، مشيرة إلى أنها تصدت لها وأجبرتهم على الانسحاب مجددا.
وقالت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي في بيان وزعه مكتبه الإعلامي، إنها تنفي ما يجري تداوله في وسائل الإعلام المختلفة على نطاق واسع عن وجود ترتيبات لإجراء لقاء ثنائي بين المشير حفتر والسراج في القاهرة أو في إي مكان آخر.
كما نقلت وكالة الأنباء الليبية عن مسؤول الإعلام في الجيش نفيه حيث قال: «الأخبار عارية عن الصحة تمامًا ولا أساس لها من الصحة»، معتبرا أن «قيادة الجيش بعيدة عن الأوضاع السياسية ولا شأن لها بالوضع السياسي، وهمها الوحيد محاربة الإرهاب والتطرف وتطهير البلاد».
وكان السراج قد أعلن الأسبوع الماضي في تصريحات صحافية أنه يتوقع أن يعقد ثاني اجتماع له مع حفتر في القاهرة برتيبات مصرية خلال الفترة المقبلة، من دون أن يحدد موعدا رسميا. لكن بيان الجيش الليبي الذي يقوده حفتر نسف الآمال بشأن إمكانية عقد هذا اللقاء من الأساس، من دون أن يشرح الأسباب التي دفعت حفتر إلى رفض لقاء السراج.
وتعليقا على هذا البيان قال مسؤول مصري قريب من اللجنة المصرية المكلفة بإيجاد حل للأزمة الليبية لـ«الشرق الأوسط» إن الوساطة المصرية لتقريب وجهات النظر بين حفتر والسراج لم تتوقف، مشيرا إلى أنه لم يكن هنا من الأصل أي مواعيد محددة لعقد هذا الاجتماع. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم تعريفه «نحاول إقناع الطرفين بالحوار المباشر، من دون أي تدخل خارجي، ثمة بوادر إيجابية ومتفائلون بإمكانية نجاحنا لاحقا».
وتقود لجنة مصرية يترأسها الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري وساطة للجمع بين حفتر والسراج في إطار سلسلة من الاجتماعات التي شارك فيها فرقاء ليبيون بهدف حلحلة الأزمة الراهنة في ليبيا.
ونجحت الوساطة المصرية العام الماضي في إقناع حفتر باستقبال السراج بمقره العسكري الحصين في مدينة المرج بشرق البلاد، لكن الخلافات لا تزال تتمحور حول وضع حفتر في حكومة السراج وعلاقتها بالجيش الذي يقوده.
وجاء نفي حفتر في وقت قال فيه خليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الموالية لبرلمان طرابلس المنتهية ولايته، إن اللقاء بين حفتر والسراج في حال حدوثه لن يحقق نتيجة سياسية. واتهم عدة جهات بمحاولة إشاعة الفوضى في العاصمة طرابلس، منتقدا الربط بين التفجير قرب السفارة الإيطالية في العاصمة طرابلس وحلقات مقربة من حفتر، وقال: «غير المقبول أن تُقرّر إيطاليا من يحكم في العاصمة».
واستمرت أمس حالة التوتر الأمني في العاصمة طرابلس خاصة في منطقة حي الأندلس، على الرغم من إعلان مركز المعلومات والتوثيق التابع لحكومة السراج عن تشكيل لجنة من حكماء وأعيان حي الأندلس لإيقاف الاشتباكات التي اندلعت على مدى اليومين الماضيين بين شباب المنطقة والتشكيلات المسلحة الموجودة فيها والتي قامت بسحب أغلب مدرعاتها.
ونقل المركز عن مصدر مطلع أنه تم الاتفاق على منح مهلة للحكماء للتواصل مع قادة التشكيلات المسلحة ودعوتهم للخروج بآلياتهم المسلحة كافة. وكان سكان منطقة حي الأندلس قد تظاهروا يوم الأربعاء الماضي وأعلنوا في بيان لهم رفضهم لوجود أي تشكيلات مسلحة بالحي. من جهتها، أخلت القوة الوطنية المتحركة مسؤوليتها عن الجرائم التي تشهدها العاصمة منذ عامين، وقالت في بيان لها إنه لم يتم تكليفها بأي عمل عسكري أو أمني في طرابلس خلال هذه المدة، لافتة إلى أنها لم تكلف من قبل وزارة الدفاع بتأمين أو حراسة أو الإشراف على أي مقر حكومي داخل العاصمة.
وقالت إنها ترفض «أي عمل يؤدي للإخلال وزعزعة الأمن والاستقرار ويروع الآمنين بالعاصمة طرابلس»، مؤكدة في المقابل أنها لم تقم بإنشاء أي تمركز أم معسكر خارج المقر الرئيسي في جنزور النقطة 17.
وعلى الرغم من هذا التوتر قالت الإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية، إن مساعد السفير التركي وصل إلى العاصمة طرابلس، ونقلت عنه تأكيده أنه سيتم «خلال أسبوع أو عشرة أيام فتح القنصلية التركية داخل طرابلس وفتح أبواب التأشيرات للمواطنين».
وتعد تركيا ثاني دولة بعد إيطاليا تعيد بعثتها الدبلوماسية إلى العاصمة الليبية التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة من نحو عامين. إلى ذلك، كشفت صحيفة «فيلت إم زونتاغ» الألمانية أمس النقاب عن أن المهاجرين يواجهون الإعدام والتعذيب وغير ذلك من انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان بمخيمات في ليبيا بحسب تقرير أعدته السفارة الألمانية في النيجر للحكومة الألمانية.
وأوضحت الصحيفة أن السفارة قالت في برقية دبلوماسية أرسلت للمستشارية ولوزارات أخرى «توثق صورا وتسجيلات مصورة أصلية التقطت بهواتف محمولة لظروف تشبه معسكرات الاعتقال فيما يسمى بسجون خاصة» يديرها مهربون. ونقلت عن تقرير السفارة «عمليات إعدام عدد لا يحصى من المهاجرين والتعذيب والاغتصاب والرشوة والنفي إلى الصحراء تحدث يوميا». وتابع التقرير: «تحدث شهود عيان عن خمس عمليات إعدام بالضبط أسبوعيا في سجن واحد - مع إشعار مسبق ودائما يوم الجمعة - لإفساح المجال لمهاجرين جدد بمعنى زيادة عدد البشر وإيرادات المهربين».
وجاءت هذه الأنباء قبيل اجتماع لزعماء الاتحاد الأوروبي في مالطا هذا الأسبوع لمناقشة سبل الحد من الهجرة من أفريقيا. وأثارت أيضا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مخاوف بشأن الأوضاع في ليبيا أول من أمس قائلة في فيديو على الإنترنت إن أوروبا يجب أن تعمل مع الدولة الواقعة في شمال أفريقيا للسيطرة على الهجرة غير الشرعية، لكن لا يمكنها أن توقع اتفاقا مماثلا للاتفاق الذي وقعته مع تركيا العام الماضي لحين استقرار الأوضاع.
وقالت سكا كيلر التي ترأس مجموعة الخضر التي تدعو لحماية البيئة في البرلمان الأوروبي إن الحكومة الألمانية ينبغي أن تعمل لمنع أي نوع من الاتفاق مع الحكومة الليبية إذا كانت على دراية بانتهاكات حقوق الإنسان.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.