التحالف الأكاديمي... جامعات عابرة القارات

مبادرات تفتح أبواب التبادل الحر للأفكار والتعاون البحثي

التحالف الأكاديمي... جامعات عابرة القارات
TT

التحالف الأكاديمي... جامعات عابرة القارات

التحالف الأكاديمي... جامعات عابرة القارات

في الشهر الماضي، قالت مجلة «مدونة التعليم العالي» الأميركية إن التجربة الأكاديمية التي تسمى «شراكة عبر القارات» يمكن أن تفتح المجال لما سمته «جامعات العولمة».
وفي العام الماضي، أعلنت جامعة أريزونا ستيت الأميركية (إيه إس يو) في فينيكس (بولاية أريزونا) تأسيس «شراكة عبر القارات»، اسمها «تحالف أكاديمي إضافي»، مع جامعة «نيو ساوث ويلز» في أستراليا، وجامعة «كينغز كوليدج» في لندن.
وقال مايكل كرو، رئيس جامعة «إيه إس يو» إن الهدف هو «بحوث أكاديمية مشتركة لمواجهة تحديات عالمية مشتركة، ولتقديم تعليم جامعي من نوع جديد، تعليم من الدرجة الأولى». وإن المشروع يشمل تعاون أبحاث، وأساتذة، وطلاب خاصة في مجالات: الأبحاث الاجتماعية، والصحة، والتعليم، والتكنولوجيا، والاختراعات.
وأضاف: «يستمر، في كل ركن من أركان العالم، التحول الاجتماعي والثقافي المعقد، الذي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم. ويقدم، مع زيادة سكان العالم وزيادة التواصل بينهم، تحديا عملاقا، لا تقدر جامعة واحدة على الوصول إلى حلول منفردة له». وأشار إلى أن احتفال تأسيس التحالف أقيم في لندن، في مبنى «بوش هاوس»، الذي كان مقر «بي بي سي»، ثم تحول إلى جامعة «كينغز كوليدج» المشتركة في التحالف. وأشار إلى أن اسم «بوش» في «بوش هاوس» هو إريفنغ بوش، أميركي صاحب شركات نفط، بنى المبنى في عام 1925. وقبل ذلك في عام 1918 بنى «بوش تاور» في نيويورك. (يتكون الأخير من 30 طابقا، وكان وقتها من أعلى ناطحات سحاب نيويورك).
وقال كرو: «قبل مائة عام تقريبا، ذهب الأميركي بوش إلى لندن، وبدأ استثمارات اقتصادية عبر المحيط الأطلسي. وها نحن ذهبنا إلى هناك لنبدأ استثمارات أكاديمية عبر المحيط الأطلسي، وعبر المحيط الهندي (إشارة إلى الجامعة الأسترالية المشتركة في التحالف)، ونحو محيطات أخرى».
في الشهر الماضي، نشرت صحيفة «ستيت نيوز» (تصدرها كلية الصحافة في جامعة أريزونا ستيت) قول فيليب ريغيير، المسؤول عن «تعليم إضافي» في الجامعة، والذي يشرف على الربط التكنولوجي بين الجامعات، بأن مقررات أكثر من 20 مادة مشتركة قد بدأ تدريسها في الجامعات الثلاث. وأن قرابة مائة أستاذ في الجامعات الثلاث يشتركون في تدريس هذه المواد.
حسب صحيفة «ستيت نيوز»، كانت جامعة أريزونا ستيت أول جامعة أميركية تؤسس كلية «الاستمرارية والمداومة»، التي تركز على التطور في مجالات البيئة، والاقتصاد، والسياسة، والثقافة. وذلك لأنها تعتبرها مرتبطة ببعضها البعض. وأن هذه الكلية تعتمد على فلسفة «الجامعات عابرة القارات».
في الشهر الماضي، في مقابلة مع مدونة «كرونيكل» الأميركية، قال إدوارد بايرن، رئيس جامعة «كينغ كولديدج» في لندن: «يقدر هذا النوع من التحالف الأكاديمي أن يهز المؤسسات التعليمية العالمية». لكنه انتقد تصويت البريطانيين لصالح «بريكست». وقال إن تحالفات جامعات بريطانية مع جامعات أوروبية ستتأثر تأثيرات سلبية. ورغم أن تحالف الجامعات الثلاث لن يتأثر مباشرة، لكن «فكرة وهدف ومحتوى التحالفات الأكاديمية العالمية لا بد أن تتأثر».
وقال: «نعرف كلنا أن الجامعات هي مجال التبادل الحر للأفكار، والناس. لهذا، كل ما يساعد على إزالة الحواجز العالمية للأفكار والناس يثير قلق بعض الناس».



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».