ربع الأطفال اللبنانيين فقط في المدارس الرسمية... والباقون يهجرونها

النزوح السوري الكثيف يهدد بنية التعليم الحكومي

فصل دراسي في مدرسة ابتدائية حكومية بشمال لبنان (غيتي)
فصل دراسي في مدرسة ابتدائية حكومية بشمال لبنان (غيتي)
TT

ربع الأطفال اللبنانيين فقط في المدارس الرسمية... والباقون يهجرونها

فصل دراسي في مدرسة ابتدائية حكومية بشمال لبنان (غيتي)
فصل دراسي في مدرسة ابتدائية حكومية بشمال لبنان (غيتي)

يتناقص عدد التلامذة اللبنانيين في المدارس الرسمية في مرحلة التعليم الأساسي (ابتدائي وتكميلي) بشكل بات لافتًا لصالح هجرة متزايدة في اتجاه التعليم الخاص. الأرقام تشير إلى أن 28 في المائة فقط لا يزالون مسجلين في المدارس الرسمية، فيما غالبية العائلات ارتأت خيار المدارس الخاصة، علمًا بأن تكاليفها عالية جدًا وباهظة بالنسبة لعائلة رقيقة الحال أو حتى متوسطة الدخل. بعض المدارس الخاصة مجانية، لكن غالبيتها أقساطها السنوية تزيد على 4 آلاف دولار.
ظاهرة مؤرقة بالنسبة للأساتذة والقائمين على التعليم الذين يعترفون أن المدارس الحكومية لم تكن في أحسن أحوالها، عندما بدأت الثورة في سوريا، لكن دخول ما سيقارب مائتي ألف تلميذ سوري نازح إلى هذه المدارس، وهو ما يوازي عدد التلامذة اللبنانيين، ضاعف عدد الموجودين في الصف الواحد، ودفع بكثير من الأهالي إلى نقل أولادهم، ولو كلفهم ذلك أعباء تنوء بها ظهورهم.
عبدو خاطر، كان منذ عدة أيام فقط رئيس «رابطة أساتذة التعليم الثانوي في لبنان»، ويعتبر أن تسجيل نازحين بأعداد كبيرة منذ خمس سنوات إلى اليوم، كان له تأثير سلبي للغاية على مستوى التعليم في المرحلتين الابتدائية والتكميلية. ويضيف: «الأساتذة يقومون بجهد مشكور، لكن ظروف التعليم لم تعد سهلة».
ويتحدث المعلمون عن صعوبات كبيرة باتت تهدد التعليم الرسمي الأساسي، منها وصول عدد التلامذة في بعض الصفوف إلى أربعين تلميذًا، وتباين المستوى المدرسي بين اللبنانيين والوافدين، كما الاختلاف في المناهج بين البلدين. فالتلميذ اللبناني يتعلم لغة أجنبية من بدء المرحلة الابتدائية، كما أن المواد العلمية تدرس باللغة الأجنبية (إنجليزية أو فرنسية)، فيما يشعر التلميذ السوري الذي تلقى تعليمه بالعربية بغربة في الصف. هذا التباين يحتاج توقفًا من الأستاذ للشرح وتقريب الأفكار أو دروس دعم موازية، وكله لم يكن لصالح التلميذ اللبناني، كما أربك الصغير السوري النازح عن بيئته التي ألفها، مما تسبب بترك أعداد منهم للمدرسة.
ومعلوم أن المدارس اللبنانية الحكومية فتحت أبوابها لتسجيل التلامذة السوريين في الفترة الصباحية مع أقرانهم اللبنانيين الذين يتشاركون معهم الصفوف. كما أن المدارس نفسها تستقبل في فترة ما بعد الظهر فوجًا آخر من النازحين الصغار الذين لم تسمح الإمكانات بتسجيلهم صباحًا.
ويقول عبدو خاطر: «السياسة التعليمية التي اتبعت لاستقبال صغار السوريين كانت من الأصل خاطئة واتخذت القرارات على عجل. كان يفترض أن يتعلم السوريون في صفوف خاصة بهم منفصلة عن التلامذة اللبنانيين بشكل يراعي التباين، وأن يعلمهم أساتذة سوريون مناهجهم السورية. أما ما يحدث الآن فهو أنهم يجدون صعوبة في مجاراة المنهاج اللبناني، ويسببون عقبات للتلامذة اللبنانيين، إضافة إلى أننا وضعنا السوري الذي يريد أن يعود إلى بلاده أمام مشكلة جديدة. إذن كيف لهذا التلميذ بعد ست أو سبع سنوات في المدارس اللبنانية أن ينخرط في المنهاج السوري، مرة جديدة؟».
وحين نسأل عن حقيقة أن مدارس رسمية بدأت تغلق أبوابها بسبب تناقص عدد التلاميذ يجيب خاطر: «على العكس تمامًا. نحن بحاجة إلى مدارس لأن نصف التلامذة السوريين لا يزالون بلا تسجيل، لكن السؤال: ماذا سيحل بالمدرسة الرسمية اللبنانية، بعد أن أعرض عنها اللبنانيون، فيما لو تركها السوريون أيضا وعادوا إلى بلادهم؟ نحن في مأزق في كل الحالات. ووضعنا أنفسنا في مكان صعب كنا بغنى عنه، لو أحسنا التصرف».
ويلفت خاطر إلى أن التركيز كان على تسجيل النازحين الصغار، وهؤلاء لم يصلوا إلى المرحلة الثانوية بعد، لكن علينا أن ننتظر سنوات قليلة لنرى أن مشكلة التعليم الأساسي ستصبح عامة، وتشمل كل المراحل التعليمية، من دون استثناء. وعندها سنجد التلميذ اللبناني قد هجر المدرسة الرسمية فعلاً.
بعض التقديرات ترجح ألا يكون عدد الطلاب السوريين المسجلين في المدارس الثانوية اللبنانية يتجاوز اثنين في المائة في الوقت الحالي، نظرًا لصعوبة نجاح التلميذ السوري في امتحانات الشهادات الرسمية اللبنانية، وبسبب لجوء عدد كبير ممن يفترض أنهم مسجلون في الثانويات إلى العمل لمساعدة عائلاتهم في ظروفهم الصعبة.
في كل الأحوال، إن الدعم الذي قدم من قبل الدول والهيئات المانحة لوزارة التربية اللبنانية، ساعد على تمويل صيانة الأبنية المدرسية والتجهيزات وتجديد الطاولات والكراسي والألواح في بعض المدارس، لكن تبقى المبالغ المدفوعة دون ما تحتاجه الوزارة إلى سد احتياجاتها.
التعليم الرسمي اللبناني يعاني في الأصل من مشكلات كثيرة، تراكمت وتزايدت بسبب الحرب الأهلية اللبنانية والفوضى التي استشرت في البلاد، ومع كل المحاولات التي بذلت لتنقية الإدارة وتحسين أداء المعلمين وتدريبهم وتعديل المناهج وتحديثها، بقيت المدرسة الرسمية تئن تحت وطأة معضلات متشابكة.
وخسر لبنان من العائدات بسبب الحرب السورية، وتدفق اللاجئين بأعداد كبيرة ما يقارب 13.1 مليار دولار. كما أثّر هذا الوضع غير المسبوق على البنية التحتية والخدمات بشكل عام.



20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.