القوات العراقية تبحث خيارات للتعامل مع عوائل «داعش» في شرق الموصل

قصف مدفعي على مواقع التنظيم المتطرف غرب المدينة

جندي عراقي يعاين أمس صواريخ خلفها «داعش» وراءه في الجانب الأيسر من الموصل (أ.ب)
جندي عراقي يعاين أمس صواريخ خلفها «داعش» وراءه في الجانب الأيسر من الموصل (أ.ب)
TT

القوات العراقية تبحث خيارات للتعامل مع عوائل «داعش» في شرق الموصل

جندي عراقي يعاين أمس صواريخ خلفها «داعش» وراءه في الجانب الأيسر من الموصل (أ.ب)
جندي عراقي يعاين أمس صواريخ خلفها «داعش» وراءه في الجانب الأيسر من الموصل (أ.ب)

تفرض الترجيحات بوجود «خلايا نائمة» تابعة لـ«داعش» ومسلحين «ذائبين» وسط المدنيين في الجانب الأيسر من الموصل، الذي أعلن مؤخرا عن تحريره بـ«الكامل» من التنظيم المتطرف، على القوات الأمنية، مزيدا من المسؤوليات وتدفع لإطلاق عمليات جديدة لتفتيش المنازل، فيما تعول القوات على تعاون الأهالي للإبلاغ عن الأشخاص المشتبه بهم.
وحسب تقرير لوكالة «المدى برس» فإنه بينما لم يتم حسم أمر عودة عوائل «داعش» إلى الموصل، فإن النازحين العائدين إلى مناطقهم المحررة سيخضعون إلى عملية تدقيق مشددة. ويقترح البعض وضع عوائل «داعش»، التي يقدر مجلس نينوى عددها بنحو 2 في المائة من مجموع نفوس المحافظة، في مخيم مؤقت لحين البت في أمرهم.
وفي هذا السياق، يقول خلف الحديدي، عضو مجلس محافظة نينوى، إن «الموصل وحدها تحتاج إلى 15 ألف عنصر أمن لضمان عدم حدوث خروق من خلايا نائمة»، مشيرا إلى «وجود مسلحين ما زالوا يتخفون بين سكان الساحل الأيسر، أو قاموا بتزوير هوياتهم»، ويضيف أن النازحين في مخيمات الإيواء الموجودة في إقليم كردستان يخضعون في الدخول والخروج لتدقيق قوات مكافحة الإرهاب والأسايش (الأمن) الكردية، مؤكدا أن مخيم الجدعة، الذي يقع تحت إشراف مجلس نينوى، يخضع للإجراءات نفسها، لكن من قبل جهاز الأمن الوطني. وتابع: «هناك مقترح لوضع تلك العوائل في مخيم لحين حسم أمرهم»، كاشفًا عن رفض أهالي ناحية الشورة، التي تحررت قبل 3 أشهر، لعودة عوائل «داعش» بشكل قاطع.
إلى ذلك، كشف الحديدي عن إشراك الجيش والشرطة إضافة إلى الحشد الشعبي، من أبناء المدينة، في مسك الأرض في الجانب الأيسر من الموصل. وقال: «نينوى كانت تضم 32 ألف شرطي محلي، قبل سقوطها بيد (داعش)، لكن العدد الحالي تناقص إلى النصف الآن»، مشيرًا إلى أن 8 آلاف عنصر فقط هم من يمارسون مهامهم، في حين ما زال النصف الآخر في معسكرات التدريب. وطالب الحديدي بإعادة عناصر الشرطة المفصولين بسبب، لكنه يقول إن «الحكومة رفضت ذلك وطالبت بفتح تعيين جديد»، في إشارة إلى استبعاد أكثر من 20 ألف عنصر من شرطة المحافظة.
وحسب الوكالة، فإن النقص الكبير في تعداد الشرطة المحلية، دفع القيادة المشتركة، بحسب آخر اجتماع لها، للاستعانة بقطعات أخرى إلى جانب قوات الشرطة لمسك الأرض. وفي هذا السياق، يقول الحديدي إن «حرس نينوى» التابع للمحافظ السابق أثيل النجيفي وساهمت تركيا في تدريب عناصره «سيكون ضمن القوات التي ستمسك الأرض، بحسب قرار للحكومة الذي اعتبر القوات الأخيرة ضمن الحشد الشعبي». وأكد ذلك الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، قائد عمليات «قادمون يا نينوى» أول من أمس بقوله إن مهمة مسك الأرض في الجانب الأيسر أوكلت إلى «جهاز مكافحة الإرهاب، والجيش العراقي، والرد السريع، والشرطة الاتحادية، وشرطة نينوى، والحشد الشعبي من أبناء نينوى».
من جهته، أكد هاشم البريفكاني، نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى، استقرار الوضع الأمني في الجانب الأيسر، لكنه اعترف بوجود خلايا نائمة ومسلحين، داعيا القوات المشتركة إلى تفتيش المنازل وتدقيق الهويات، مشددا على أن أمن الجانب الأيسر «مسؤولية تضامنية» تتشاركها القوات الأمنية مع الأهالي الذين تمنى منهم التعاون للإبلاغ عن مكان وجود المسلحين.
وتوقع البريفكاني أن تبدأ عمليات الجانب الأيمن قبل اقتحام تلعفر، وكان مسؤولون محليون كشفوا مؤخرا عن مؤشرات أولية قد تسمح بمشاركة الحشد الشعبي، لا سيما الفصائل الملتزمة بتعليمات رئيس الحكومة حيدر العبادي، في عملية تحرير مركز قضاء تلعفر. وكانت ترجيحات قد تحدثت، مطلع العام الحالي، عن إمكانية مشاركة «الحشد» أيضا في تحرير الجانب الأيمن من الموصل للتعويض بعد انسحاب قوات الشرطة الاتحادية إلى شرق الموصل.
ميدانيا، قصفت القوات العراقية بالمدفعية، أمس، مواقع «داعش» في الجانب الأيمن من الموصل. وحسب شبكة «رووداو» الإعلامية فإنه بينما تقصف المدفعية مواقع «داعش»، يحاول مسلحو التنظيم بين الحين والآخر التسلل إلى الجانب الأيسر. وحسب المصدر، فإن القوات العراقية تواصل تعزيز مواقعها في المناطق القريبة من ضفة نهر دجلة. وحول عدد مسلحي «داعش» في الجانب الأيمن، يقدر قادة عسكريون عراقيون عددهم بنحو 1700 مسلح.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».