قمة الاتحاد الأفريقي تلتئم غدًا على وقع الموعد المغربي

القمة تناقش أيضًا انتخاب هيئة مكتب مؤتمر الاتحاد وموازنات دعم عمليات السلام

جانب من التحضيرات لانعقاد قمة الاتحاد الأفريقي التي ستلتئم غدا في أديس أبابا (غيتي)
جانب من التحضيرات لانعقاد قمة الاتحاد الأفريقي التي ستلتئم غدا في أديس أبابا (غيتي)
TT

قمة الاتحاد الأفريقي تلتئم غدًا على وقع الموعد المغربي

جانب من التحضيرات لانعقاد قمة الاتحاد الأفريقي التي ستلتئم غدا في أديس أبابا (غيتي)
جانب من التحضيرات لانعقاد قمة الاتحاد الأفريقي التي ستلتئم غدا في أديس أبابا (غيتي)

تنطلق غدًا بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قمة الاتحاد الأفريقي، بمشاركة زعماء ومسؤولين في أجهزة الاتحاد، وتنفيذيين للمجموعات الاقتصادية الإقليمية، وبمشاركة دولية.
وتبحث القمة في عدة قضايا مهمة، من بينها عودة المغرب إلى عضوية الاتحاد، بعد غياب دام 3 عقود. كما يبحث الزعماء انتخاب هيئات جديدة تابعة للاتحاد الأفريقي، وموازنات دعم عمليات السلام، إلى جانب تقرير المفوضية الأوروبية عن منطقة التجارة الحرة القارية، وآلية إلغاء الحواجز غير التجارية في أفريقيا. وبشأن المحكمة الجنائية الدولية، يدرس زعماء القارة انسحابًا منسقًا منها إذا لم يتم إصلاحها لمعالجة ما يعد أفريقيا انحيازا للمحكمة ضد القارة، حسبما أوردته «رويترز».
ولم تستبعد مصادر مطلعة في أديس أبابا أن يوجه ملك المغرب كلمة أمام القادة الأفارقة بعد قبول عودة بلاده إلى الاتحاد الأفريقي، إيذانًا بطي صفحات القطيعة والمقعد الفارغ مع عائلته المؤسساتية الأفريقية. ويعتقد كثيرون أن مرحلة ما بعد عودة المغرب إلى المنظمة الأفريقية لن تكون مثل مرحلة ما قبل العودة. فهناك مياه كثيرة ستمر تحت جسر الاتحاد. ويبدو أن عنوان المرحلة سيكون هو «تصحيح الاختلالات».
وكان اللقاء الذي عقد الخميس، وجمع نكوسازانا دلاميني زوما، مفوضة الاتحاد الأفريقي المنتهية ولايتها، وصلاح الدين مزوار وزير خارجية المغرب، ومحمد ياسين المنصوري المدير العام للدراسات والمستندات (مخابرات خارجية)، وضع اللمسات النهائية لعودة الرباط إلى مربط خيلها الأفريقي.
ورغم أنه لم تتسرب أي معلومات عن اللقاء، لكن الملاحظ هو أن اللقاء مع زوما، التي رمت المغرب خلال رئاستها للمفوضية الأوروبية بـ«ثالثة الأثافي»، عد مؤشرا على دخول المغرب أجواء الدبلوماسية الهادئة، لا سيما مع خصومه، بعد سنوات من التحليق في سماء الدبلوماسية الهجومية.
ونزلت إثيوبيا، الدولة المضيفة للقمة، بثقلها ورفعت سلطاتها العلم المغربي في شوارع أديس أبابا إلى جانب أعلام باقي الدول المشاركة في القمة الأفريقية، في انتظار رفعه بمقر الاتحاد الأفريقي.
وخلال الأيام الماضية بدا الوفد المغربي الحاضر في أديس أبابا وهو يعمل بصمت، متفاديًا الإدلاء بتصريحات صحافية. ولاحت على محيا ثلاثي دبلوماسية الميدان المغربية مزوار والمنصوري وناصر بوريطة، الوزير المنتدب في الخارجية، علامات الارتياح بعد معارك دبلوماسية ضارية وجولات مكوكية قادتهم إلى جميع أنحاء أفريقيا، قبل أن تكلل مهمتهم بالنجاح.
داخل مبنى مقر الاتحاد الأفريقي، الذي شيدته الصين بكلفة قدرها 200 مليون دولار هدية منها للاتحاد، والذي جرى افتتاحه في يناير (كانون الثاني) 2012، ثمة نسيم عليل جديد يهب البناية، لكن من ينظر إلى صور الشخصيات السياسية الأفريقية التي يزدان بها جدار بهو مدخل مقر الاتحاد الأفريقي، يلمس منذ الوهلة الأولى حالة الاختلال التي يعيشها الاتحاد. فهناك صور لشخصيات مؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية، وأخرى مؤسسة للاتحاد الأفريقي بينما غابت صور شخصيات أساسية. وتعتبر عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، والتي ستتطلب تصويتا من قبل رؤساء الدول الأفريقية عليها، من أهم المواضيع المطروحة على أشغال القمة الـ28 للاتحاد. وعبر المغرب عن اطمئنانه للعودة إلى حضن الاتحاد بعدما كسب دعم 40 دولة من أصل 54.
إلى ذلك أظهرت وثيقة أن الدول الأفريقية تدرس انسحابًا منسقًا من المحكمة الجنائية الدولية إذا لم يتم إصلاحها لمعالجة ما تعتبره انحيازًا للمحكمة ضد القارة. وتشكل الدول الأفريقية نحو ثلث أعضاء المحكمة البالغ عددهم 124، وإذا انسحب عدد كبير من الدول الأفريقية فإن ذلك سيشل محكمة لم تحقق حتى الآن الآمال المعقودة عليها لضمان أن مرتكبي جرائم الحرب والإبادة الجماعية لن يفلتوا أبدا من العقاب.
وأشارت ثلاث دول أفريقية العام الماضي إلى نيتها الانسحاب من أول محكمة عالمية دائمة لجرائم الحرب قائلة إنها تنتقي على نحو غير منصف جرائم في أفريقيا للملاحقة القضائية.
وعلى مدى نحو 15 عامًا منذ إنشائها لم توجه المحكمة الجنائية اتهامات إلا إلى أفارقة من بينهم رئيسا كينيا والسودان رغم أن لديها إجراءات مفتوحة في مراحل سابقة تتعلق بجرائم في شرق أوروبا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية.
وتحدد الوثيقة التي جرى تداولها في شكل مسودة بين مسؤولين كبار بالاتحاد الأفريقي قبل قمة المنظمة الأسبوع القادم «استراتيجية للانسحاب» للدول الأعضاء إذا لم تتم الاستجابة لمطالب الإصلاح.
وتدعو إلى عدالة دولية «نزيهة وشفافة» خالية من «المعايير المزدوجة» وتدافع عن «إقليمية» القانون الدولي في إشارة إلى مقترحات لمحكمة أفريقية لجرائم الحرب.
وتقترح الوثيقة أن الدول التي تستهدفها المحكمة الجنائية الدولية يجب أن يكون لها الحق في طلب تأجيل المحاكمة. وأكد مسؤول كبير صحة المسودة. وتحتاج معظم الإصلاحات المقترحة إلى مساندة من ثلث أعضاء المحكمة.
وعلى الرغم من دعم قوي من معظم الدول الغربية فإن المحكمة الجنائية الدولية عاجزة عن التعامل مع بعض من أخطر الصراعات في العالم بما في ذلك الحرب الأهلية في سوريا المستمرة منذ نحو ست سنوات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.