Placeholder node for binaries

Placeholder node for binaries
TT

Placeholder node for binaries

Placeholder node for binaries


الدوري السعودي: هلال الصدارة لمواصلة «القياسية» من الشباك الشبابية

من استعدادات الشباب الأخيرة للقمة الكروية أمام المتصدر (نادي الشباب)
من استعدادات الشباب الأخيرة للقمة الكروية أمام المتصدر (نادي الشباب)
TT

الدوري السعودي: هلال الصدارة لمواصلة «القياسية» من الشباك الشبابية

من استعدادات الشباب الأخيرة للقمة الكروية أمام المتصدر (نادي الشباب)
من استعدادات الشباب الأخيرة للقمة الكروية أمام المتصدر (نادي الشباب)

يتطلع فريق الهلال لمواصلة رحلة انتصاراته القياسية والحفاظ على الفارق النقطي بينه وبين وصيفه النصر حينما يحل ضيفاً على نظيره الشباب السبت في قمة مباريات الجولة 25 من الدوري السعودي للمحترفين.

وستكون رحلة الأزرق العاصمي محفوفة بالمخاطر كونها تأتي بعد فترة التوقف الدولي وقبلها كان قد ظهر بمستويات متذبذبة لكنه خرج منتصراً مرتين أمام الرياض ثم ضمك في وقت متأخر من عمر المباراة.

مواجهة الهلال أمام الشباب هي بداية سلسلة متتالية من المباريات القوية والحاسمة التي تنتظر الأزرق العاصمي في الأسابيع القليلة المقبلة وفي بطولات مختلفة إضافة إلى الدوري، إلا أن وضعه الحالي في الدوري والمطمئن بصورة كبيرة سيجعله يمضي بخطوات هادئة ويلعب دون ضغوط كبيرة، فالفارق النقطي مريح جداً. ويدخل الزعيم المواجهة وسط غياب لاعبه سعود عبد الحميد، إلا أن الهلال يملك خيارات مثالية في ذات المركز رغم الثقل الكبير للاعب الشاب في خريطة فريقه، لكن خيارات المدرب خيسوس ستكون من خلال إشراك محمد البريك أو ياسر الشهراني.

يطمح متصدر لائحة الترتيب الذي يملك في رصيده 68 نقطة للخروج بنتيجة إيجابية تساهم بتقدمه خطوة نحو معانقة اللقب الذي غاب عنه في الموسم الماضي، حيث بات بحاجة لحصد 18 نقطة من أصل النقاط الثلاثين المتاحة أمامه في الجولات العشر المتبقية.

مالكوم يمثل ثقلا لا يستهان به في هجوم الهلال (نادي الهلال)

أما فريق الشباب الباحث عن مواصلة رحلة انتصاراته عقب فوزه على الحزم في الجولة التي سبقت فترة التوقف، فيتطلع لتسجيل نتيجة إيجابية من أجل حصد المزيد من النقاط لتعديل مركزه في لائحة الترتيب حيث يحتل مركزاً متأخراً، وحسابياً هو ضمن المراكز المهددة بخطر الهبوط رغم أن الفريق يملك 28 نقطة لكن النقاط تبدو متقاربة مع الفرق التي تأتي خلفه في سلم الترتيب.

وسيكون الشباب الذي يتولى قيادته البرتغالي فيتور بيريرا في مهمة صعبة خاصة على الجانب الدفاعي الذي سيواجه مدا هجوميا من جانب الهلال، إلا أن الفريق يعمل على تجنب العودة للتعثرات التي كان عليها قبل انتصاره على الحزم.

ويفتقد الشباب لخدمات نجمه البلجيكي يانيك كاراسكو الذي يعد من أبرز الأوراق الهجومية للفريق بعدما أعلن النادي أن عودته من رحلته العلاجية ستتأخر عن موعدها لحاجته لمزيد من الحصص العلاجية، حيث سيمثل غيابه عن الفريق خسارة ورقة مهمة في الجانب الهجومي.

وعلى ملعب الأول بارك في العاصمة الرياض يستضيف النصر نظيره الطائي في مواجهة تبدو سهلة أمام صاحب الأرض نظراً للفوارق الفنية بين الفريقين، إلا أن الرغبة في الهروب من شبح الهبوط قد تجعل الطائي يظفر بنتيجة إيجابية.

كاسترو خلال إشرافه على تدريبات النصر الأخيرة (نادي النصر)

ويدخل النصر اللقاء بعدما استعاد نغمة انتصاراته وتجاوز المرحلة الصعبة التي أعقبت خروجه الآسيوي بانتصاره على الأهلي في الجولة الماضية بهدف وحيد دون رد، حيث يتطلع الأصفر العاصمي لحصد نقاط المواجهة ومواصلة اللحاق بالغريم التقليدي الهلال على أمل تعثره وتقليص الفارق النقطي بينهما، إذ يملك 56 نقطة في المركز الثاني.

وستكون مهمة النصر صعبة في المنافسة على تحقيق لقب الدوري في ظل الفارق النقطي الكبير، إلا أن تبقي عشر جولات قد يساعد في حدوث ذلك.

ويحاول البرتغالي لويس كاسترو مدرب النصر أن يظهر فريقه بصورة مثالية ويحسن من الجانب الدفاعي الذي بات مزعجا لجماهير النصر وساهم في خروج الفريق الآسيوي وكذلك ابتعاده عن المنافسة على اللقب، إذ تنتظر النصر مباريات هامة بدءا بمواجهة نصف نهائي كأس السوبر السعودي أمام الهلال بعد أيام قليلة.

أما فريق الطائي، الذي خرج بنقطة إيجابية بعد تعادله أمام الاتفاق في الجولة التي سبقت فترة التوقف وقبلها حقق فوزا ثمينا أمام الحزم، فيتطلع للخروج بنتيجة إيجابية رغم صعوبة المهمة، حيث يملك حالياً 22 نقطة في المركز الـ16 ضمن المراكز الثلاثة المهددة بالهبوط المباشر. وعلى ملعب مدينة الملك عبد العزيز الرياضية بالشرائع بمكة المكرمة، يستضيف الوحدة نظيره الفتح في مواجهة يبحث معها الفريقان عن معالجة جراحهما والعودة لنغمة الانتصارات بعد سلسلة من الإخفاقات التي حضرت في الجولات الأخيرة.

ويملك الفتح رصيدا نقطيا مثاليا ويحتل مركزا متقدما وهو بعيد بصورة نسبية عن حسابات الهبوط حيث يملك 31 نقطة، لكنه سجل تراجعاً كبيراً في أدائه ونتائجه وابتعد عن نغمة الانتصارات منذ ست جولات.

أما الوحدة، الذي لا يبدو بعيداً عن مناطق خطر الهبوط كونه يملك 27 نقطة، فيسعى للخروج بنتيجة إيجابية على أرضه لتحسين الحالة المعنوية للفريق الذي تنتظره مباراة هامة في نصف نهائي كأس السوبر السعودي أمام الاتحاد في الثامن من أبريل (نيسان).

وعلى ملعب مدينة الأمير فيصل بن فهد بالعاصمة الرياض، يستضيف صاحب الأرض الرياض نظيره أبها في مواجهة تنافسية ومحتدمة بين الفريقين للهروب من شبح الهبوط، إذ يحتل أبها المركز قبل الأخير برصيد 21 نقطة في الوقت الذي يأتي فيه الرياض في المركز الرابع عشر برصيد 24 نقطة.

الانتصار في هذه المباراة يعد بمثابة تحقيق ست نقاط لأي طرف، الرياض صاحب الأرض يتطلع للخروج بنقاط المواجهة للتقدم خطوة في لائحة الترتيب وتوسيع الفارق النقطي مع أبها، في الوقت الذي يسعى فيه الأخير للإطاحة بالرياض والتقدم خطوة في لائحة الترتيب.


أسامة المرمش يقدم أوراق اعتماده «رسمياً» للحراسة السعودية

تألق المرمش يجعله ضمن الأسماء التي تعول عليها الحراسة السعودية (الشرق الأوسط)
تألق المرمش يجعله ضمن الأسماء التي تعول عليها الحراسة السعودية (الشرق الأوسط)
TT

أسامة المرمش يقدم أوراق اعتماده «رسمياً» للحراسة السعودية

تألق المرمش يجعله ضمن الأسماء التي تعول عليها الحراسة السعودية (الشرق الأوسط)
تألق المرمش يجعله ضمن الأسماء التي تعول عليها الحراسة السعودية (الشرق الأوسط)

قدّم اللاعب الشاب أسامة المرمش أوراق اعتماده رسمياً للحراسة السعودية، بعد تألقه اللافت في بطولة غرب آسيا تحت 23 عاماً، وقيادته المنتخب السعودي للشباب للحصول على المركز الثالث، بعد تصديه لأكثر من ركلة ترجيح في المباريات الحاسمة.

ولعب المرمش دوراً محورياً في تأهل المنتخب السعودي الشاب إلى الأدوار الإقصائية، بعد قيادته الفريق للفوز على منتخب الأردن بركلات الترجيح في مرحلة المجموعات، خصوصاً بعد نهاية الوقت الأصلي بالتعادل الإيجابي 1 - 1 بين الفريقين.

وفاز «الأخضر الشاب» بنتيجة 2 - 1 في ركلات الترجيح، إذ تصدى الحارس أسامة المرمش لـ3 ركلات ترجيح حاسمة، إضافة إلى الركلة الرابعة التي أضاعها لاعب الأردن خارج المرمى، بينما استقبلت شباكه هدفاً واحداً فقط، ليصعد المنتخب السعودي بفضل تألق حارسه إلى نصف النهائي.

ورغم خسارة المنتخب السعودي أمام نظيره الكوري الجنوبي بهدف في نصف النهائي، فإن المرمش كان السبب الرئيسي في حصول الفريق على جائزة المركز الثالث، بعد الفوز على منتخب مصر في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع بركلات الترجيح مرة أخرى.

وانتهت مباراة السعودية ومصر بالتعادل الإيجابي 2 - 2، ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح من جديد، حيث أثبت أسامة المرمش أنه اختصاصي هذه المرحلة، بعد نجاحه في التصدي لركلتي ترجيح من لاعبي الفراعنة، حتى فاز «الأخضر الشاب» بنتيجة 4 - 3.

وفي 3 مباريات لعبها المنتخب السعودي في بطولة غرب آسيا للشباب، تصدى أسامة المرمش لـ5 ركلات ترجيح في 3 مباريات، ليكون أحد العناصر التي اعتمد عليها الطاقم الفني في هذه البطولة التي شهدت وجود منتخبات قوية مثل كوريا الجنوبية وأستراليا ومصر، إضافة إلى منتخبات غرب قارة آسيا.

المرمش أظهر إمكانيات عاليه خلال مشاركاته الأخيرة مع الأخضر الشاب (الشرق الأوسط)

ولم يكن تألق المرمش وليد الصدفة، إذ قدم الحارس الشاب مستويات رائعة مع منتخبات الفئات السنية السعودية في البطولات السابقة.

وقاد الحارس الشاب منتخب السعودية تحت 20 عاماً للتتويج بكأس العرب للشباب عام 2021، حين تصدى لـ3 ركلات ترجيح في مباراة ربع النهائي أمام السنغال، ليفوز «الأخضر» بنتيجة 3 – 2، ويكمل مشواره في البطولة، حيث فاز على مصر في نصف النهائي، قبل أن ينتصر على الجزائر في النهائي بنتيجة 2 - 1.

وواصل المرمش تألقه في بطولة كأس العرب للشباب عام 2022، حين تصدى لـ3 ركلات ترجيح أمام منتخب اليمن في ربع النهائي، ليفوز «الأخضر» بنتيجة 3 - 1، حيث واصل الفريق مشواره ليفوز في النهائي على مصر بنتيجة 5 - 3 بركلات الترجيح أيضاً، بعد نهاية الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 1 - 1.

وبدأ المرمش مسيرته الكروية في الفئات السنية مع نادي الجبلين، قبل أن يخوض تجارب قصيرة مع نادي اللواء المشترك ثم التعاون، وبعدها وقع بشكل رسمي على عقود انتقاله إلى نادي الاتحاد في صيف 2021 ولمدة 4 أعوام.

وأصبح أسامة المرمش الحارس الأساسي لمنتخب الشباب السعودي في البطولات القارية والدولية، إذ قاد الفريق للتتويج بلقب كأس العرب مرتين، إضافة إلى حصوله على المركز الثالث في بطولة غرب آسيا مؤخراً.

ويملك المرمش فرصة ذهبية للتألق مع فريق الاتحاد الأول لكرة القدم في السنوات المقبلة، خاصة مع اقتراب رحيل البرازيلي مارسيلو غروهي بنهاية الموسم الحالي، مع وجود الحارس عبد الله المعيوف فقط في التشكيلة الأساسية، حيث حضر الحارس الشاب على دكة البدلاء في أكثر من مباراة هذا الموسم للاتحاد.

ويمكن للحارس الشاب اقتحام التشكيلة الأساسية لفريقه الاتحاد في بعض المباريات في الموسم المقبل مثل بطولة كأس الملك، حتى يحصل على التأقلم والخبرة اللازمة من أجل انتزاعه المقعد الأساسي في قائمة الاتحاد بعد فترة، خصوصاً أن الجميع أصبح ينتظر وجوده داخل الملعب مع الفريق الأول للاتحاد، ليكون «مستقبل» حراسة المرمى داخل النادي الغربي.


رجل الأعمال المصري محمد منصور يحصل علي لقب «سير» من المملكة المتحدة

رجل الأعمال المصري محمد منصور يحصل علي لقب «سير» من المملكة المتحدة
TT

رجل الأعمال المصري محمد منصور يحصل علي لقب «سير» من المملكة المتحدة

رجل الأعمال المصري محمد منصور يحصل علي لقب «سير» من المملكة المتحدة

حصل رجل الأعمال المصري المهندس محمد منصور، رئيس مجلس إدارة مجموعة منصور ووزير النقل الأسبق، على رتبة فارس ( لقب سير) من المملكة المتحدة، تقديراً لمساهمته الفعالة في مجال الأعمال والمبادرات الخيرية.

علق السير محمد منصور: «هذا من أعظم الأوسمة التي حصلت عليها في حياتي وأنا ممتن للغاية وأتشرف بهذا اللقب الذى يعد تكريمًا وتتويجاً للعمل الجاد والمثابرة».

وأضاف: «كنت أتمنى أن يكون والدي على قيد الحياة ليشهدوا معي هذا اليوم، فهذه الجائزة كانت ستمثل لهم الكثير، هذا التكريم لأجلهم، ولأجل القيم التي غرسوها في وفي إخوتي».

يعد السير محمد منصور من أهم رواد الأعمال في العالم، وهو رئيس شركة مان كابيتال للاستثمار، التي تعمل علي دعم استراتيجيات الشركات الرائدة وتوفر لها رأسمال طويل الأجل في مختلف القطاعات على مستوي العالم، ومقرها لندن.

كما تعمل مجموعة منصور في العديد من الأسواق العالمية والقطاعات بما في ذلك السيارات والمعدات الصناعية والرياضة وأسواق المال وتجارة التجزئة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية.

كان الراحل لطفي منصور، والد السير محمد منصور، الذي درس في جامعة كامبريدج في الثلاثينيات من القرن الماضي قبل أن يؤسس مشروعه الناجح في تجارة القطن في مصر بعد الحرب العالمية الثانية، النموذج والمثال الذي ألهم السير محمد منصور بالالتزام بالعمل الجاد وممارسة الأنشطة الخيرية.

سيتم تقديم رتبة فارس رسميًا للسير محمد في حفل ملكي يقام قريباً في لندن، وتعد هذه ثالث أهم جائزة حصل عليها السير محمد في السنوات الأخيرة، ففي أكتوبر 2023، حصل على وسام نجمة إيطاليا (واحدة من أعلى الجوائز في إيطاليا) من الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، وفي مايو 2022، حصل على درجة الدكتوراة الفخرية من جامعة ولاية نورث كارولاينا، وهي الجامعة التي تخرج منها.


أمازيغ ليبيا بين شكاوى «التهميش»... وتهم «التمرّد»

الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011 (آ ف ب/غيتي)
الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011 (آ ف ب/غيتي)
TT

أمازيغ ليبيا بين شكاوى «التهميش»... وتهم «التمرّد»

الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011 (آ ف ب/غيتي)
الأعلام الأمازيغية مرفوعة في احتفال بعد ثورة 2011 (آ ف ب/غيتي)

دأب الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي على التعامل مع المكوّن الأمازيغي في ليبيا طوال فترة حكمه، بين 1969 و2011، باعتبارهم من قبائل «اندثرت وانتهت». إلا أنه بعد أشهر معدودة من كلامه هذا، كانوا في طليعة «الثوار» الذين أسقطوا نظامه في انتفاضة عام 2011، ومنذ ذلك التاريخ استعاد أمازيغ ليبيا «حيوية» ثقافتهم تدريجياً، وبدأوا في الدفاع عما يعدّونها «مكتسباتهم» التي حققوها، مع أنهم ظلوا يشكون من «التهميش».

تتركز الكثافة السكانية الأمازيغية في ليبيا، بدءاً من مدينة زوارة على الحدود التونسية (أقصى شمال غربي البلاد) وامتداداً إلى نالوت وجبل نفوسة وطرابلس وغدامس، مروراً بمدن غات وأوباري وسبها (جنوباً)، مع التذكير بأن الطوارق أمازيغ أيضاً، وصولاً إلى سوكنة وأوجلة نحو الشرق.

ولقد عاد اسم زوارة أخيراً إلى واجهة الأحداث على خلفية أزمة معبر رأس جدير الحدودي مع تونس، عندما وقع صدام بين قوة تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، والمجلس العسكري لمدينة زوارة الذي يتولى إدارة المعبر، وكاد يتطور إلى اشتباكات واسعة.

على الأثر، اضطرت سلطات طرابلس إلى إغلاق المعبر أمام حركة سير الأفراد والسيارات يوم 19 مارس (آذار) الحالي، ليعلن حينها وزير داخلية «الوحدة الوطنية» عماد الطرابلسي أن المعبر لن يُفتح «حتى استعادة السيطرة عليه، ولو بالقوة، وإعادته إلى حضن الدولة».

الطرابلسي توعّد باللا تراجع عن المواجهة مع ما أسماهم بـ«تجار المخدرات والمهربين مهما كلفه الأمر»، وأكد أنه «لن يُرفَع أي علم على المعبر باستثناء علم الدولة الليبية»، في تلميح إلى علم الأمازيغ.

ما يستحق التنويه أن مدينة زوارة كانت قد تقدّمت الصفوف عقب الإطاحة بنظام القذافي، واستولت قواتها العسكرية - التي تشكّلت أصلاً لمقاومته - على منطقة رأس جدير، وضمّت رسمياً المعبر الحدودي مع تونس إلى المنطقة الإدارية الواقعة تحت سيطرة بلديتها، لتتحوّل المدينة تدريجياً إلى «مركز قوة»، مع أنها بقيت اسمياً تحت سلطة الحكومات المتعاقبة.

هدوء العاصفة

ما بين عهد القذافي، وعهود تلت، شكا الأمازيغ طويلاً من «الإقصاء» و«التهميش»، وهو ما أثاره إبراهيم قرادة، رئيس «المؤتمر الليبي للأمازيغية»، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، عدّ فيه أن حادث المعبر كشف عن «استهداف معلن وصريح» للأمازيغ.

بيد أن أزمة المعبر تبدو أشبه بكرة لهب تتدحرج من حكومة إلى أخرى، وأظهرت الجزء الغاطس من الأزمة على السطح. في حين ظهرت زوارة، الممتدة جغرافيتها على شاطئ المتوسط لمسافة 60 كيلومتراً من مليتة شرقاً إلى حدود تونس غرباً، كما لو كانت قد «تمردت» على سلطة الدولة.

إذ يواصل الطرابلسي - الذي أعلن «مجلس حكماء زوارة» أنهم لا يعترفون به - وعيده. وكذلك تتواصل التحشيدات بعدما وجّه صلاح النمروش، معاون رئيس الأركان التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية»، 7 ألوية بتجهيز آلياتها وعتادها، قبل تدخل المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، لانتزاع فتيل الأزمة، وهكذا هدأت العاصفة مؤقتاً بعدما كانت البلاد ماضية نحو المواجهة لإحكام السيطرة على المعبر. وحول هذا، قال قرادة: «انكشفت حدة الإقصاء والتهميش للأمازيغ في السنوات الأخيرة بشكل سافر ومستفز... وهذا ما يفسّر ردّ الفعل الأمازيغي الحازم والصارم دفاعاً عن الوجود والنفس».

وسط هذه الأجواء المضطربة أمضت ليبيا الأسبوع الماضي متخوفة من حرب بعدما عدّ المجلس البلدي لبلدية زوارة كلام الطرابلسي «عنصرية وجهوية» ضد المكوّن الأمازيغي. وتابع أن «التصرّفات الفردية والتوجهات العرقية وتصفية الحسابات يجب ألّا يكون لها مكان في سياسات الدولة»، وهو ما عدّه بعض المتابعين رسالة إلى رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة ضد وزير داخليته.

وبالتوازي، روى الهادي برقيق، رئيس «المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا»، أن الطرابلسي «دفع بقوة تتبع إنفاذ القانون بالتوجه إلى المعبر، وعندما وصلت شرعت في تجهيز بعض الأعمال، ولكننا فوجئنا بالتعدّي على الأجهزة الأمنية... وهنا تدخل المجلس البلدي في زوارة بحكم التبعية الإدارية، ولكن هذا التدخل جوبه بإطلاق النار على الأطراف التي سعت لإنهاء الأزمة». وفي نفيه لسيطرة زوارة بالكامل على المعبر، قال برقيق، في تصريح صحافي، إن العاملين فيه «خليط من كل أبناء المنطقة الغربية، وليس أبناء زوارة فقط التي يوجد المنفذ في حدودها الإدارية».

غير أن هناك من عدّ تصرف زوارة بمثابة «تمرّد وفرض هيمنة بالسلاح وتنازع سلطات الدولة». وبينما كانت مقاطع الفيديو، التي تظهر تحرك آليات عسكرية وأرتال سيارات الدفع الرباعي المُحملة بالصواريخ تنطلق من مناطق الأمازيغ باتجاه زوارة لمواجهة التحشيدات العسكرية التي أمر بها النمروش، كانت راية الأمازيغ - التي وجدت مكاناً لها بعد رحيل القذافي - ترفرف على مداخل معبر رأس جدير نكاية في الطرابلسي.

معبر راس جدير (رويترز)

الأمازيغ أيام القذافي

في الواقع، لم ينس الأمازيغ تعامل القذافي معهم، وكيف عدّهم في أحد أحاديثه قُبيل رحيله بسنة «قبائل قديمة عاشت في شمال أفريقيا، قبل أن تندثر وتنقرض مثل المشواش والليبيو والتحنو». وهنا علّق قرادة - وهو كبير مستشارين بالأمم المتحدة سابقاً - عن أن «مسألة تهميش وإقصاء أمازيغ ليبيا ليست جديدة، بل قديمة... لكن الذروة كانت اضطهادهم في عهد القذافي بشكل ممنهج». وتابع أن «نصيب المطالبين بالحق الأمازيغي على أيام القذافي كان الملاحقة الأمنية والسجون والإعدامات والتضييق السياسي... ولذا عانت مناطق الأمازيغ من تسليط وتسلّط مؤسسات وتوظيف القبلية والعقوبات التنموية على مدنهم».

دراسة لـ«الأمم المتحدة»

هذا، وفي دراسة نشرها مركز «مالكوم كير - كارنيغي للشرق الأوسط»، ورد أن سقوط القذافي وتشظي السلطة المركزية دفعا كثيراً من المجتمعات المحلية إلى التسابق للسيطرة على المواقع كي تصبح مراكز قوة تضمن لها الحصول على الموارد الاقتصادية. وبالفعل، نفخ هذا التنافس على المنافذ الحدودية في رماد التناحرات التاريخية، خاصة بين العرب وبين الأمازيغ.

ورصدت الدراسة أن القذافي استخدم التجارة الحدودية لتعزيز سطوته، واستلحق قبائل وفئات اجتماعية معيّنة وأغدق عليهم الامتيازات على حساب آخرين. و«لذا من البديهي أن تؤدي سياسة (فرّق تسد) هذه إلى بروز تظلمات في صفوف قطاعات من السكان حُرموا من كعكة المغانم. وكان الأمازيغ المجتمع المحلي الأكثر عرضة على نحو متواصل إلى هذا التمييز والحرمان».

ومضت الدراسة إلى أن السيطرة على المعابر الحدودية بعد رحيل نظام القذافي أضحت عاملاً استراتيجياً في مجال التقدم الاجتماعي والسياسي للأمازيغ. وضربت مثلاً بما جرى سابقاً في نالوت، وهي بلدة أمازيغية أخرى، عندما استولت ميليشيا محلية على معبر «ذهيبة - وازن» الحدودي القريب منها. وللعلم، رأس جدير وذهيبة - وازن هما المعبران الحدوديان الوحيدان بين تونس وليبيا، وإن كان المعبر الأول يحظى بعمليات عبور أكثر من الثاني. وبالمثل، أقامت المجموعات المسلحة الأمازيغية نقاط تفتيش على طول خطوط التهريب.

وبعد إغلاق رأس جدير اضطرت عشرات الشاحنات المصطفة على أبوابه إلى تغيير اتجاهها بإذن من السلطات التونسية حيث معبر ذهيبة - وازن، الذي شددت وزارة داخلية «الوحدة الوطنية» على أنه مفتوح ويعمل على مدار الساعة بلا توقف لتأمين حركة السير في الاتجاهين بشكل طبيعي.

أزمة شرعية

متابعون يربطون ما حدث ويحدث في معبر رأس جدير «امتداداً لحالة الفوضى الأمنية» التي تضرب ليبيا منذ إسقاط النظام السابق، لافتين إلى أن الوضع القائم «سهّل للتشكيلات المسلحة السيطرة على المنافذ، التي يفترض أن جميعها يخضع لسلطة الدولة الليبية».

ويُنظر إلى غالبية المعابر (البرية والجوية والبحرية) في عموم ليبيا، بحسب محمد عمر بعيو، رئيس «المؤسسة الليبية للإعلام» (التابعة لمجلس النواب) أنها «غير خاضعة لسيطرة الدولة وأجهزتها القانونية الرسمية»، وكان بعيو أظهر تعاطفه في تصريح سابق مع الأمازيغ في «رفضهم ومقاومتهم لممارسات حكومة الدبيبة».

لكن مسؤولاً سابقاً في وزارة سيادية بالبلاد أرجع ما يجري حول المعابر راهناً إلى «أزمة شرعية». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «عندما تكون شرعية الدولة مهزوزة بشكل أو بآخر، تلجأ الأطراف المتحصنة بالقوة إلى شرعنة الوضع الخاطئ، والإبقاء عليه». وشدد المسؤول على أن «المعابر يجب أن تكون تحت سلطة الدولة التي تمثلها الحكومة... زوارة لا تعتد بوزير داخلية (الوحدة)، وهناك أطراف تشجع وتغدّي تلك الأزمات لأسباب تتعلق بالتهريب، وهذا الوضع نشأ بعد 2011».

لماذا المعابر؟

لا يبرّر أي من قادة الأمازيغ أسباب تمسّكهم بإدارة معبري رأس جدير وذهيبة - وازن، ولكن إزاء ما يعدّه ناشطون وساسة ليبيون «خروجاً على سلطة الحكومة» التي يخضعون لها إدارياً، ترى صحيفة «لوموند» الفرنسية أن ما يحدث في رأس جدير يعكس «صراعاً على السلطة». ولفتت الصحيفة، يوم الثلاثاء، إلى أن الطرابلسي يريد وضع يده على هذه المنطقة الاستراتيجية التي على الرغم من وجود قوات شرطية فيها تحت قيادة طرابلس، لا تزال تحت السيطرة الفعلية لما سمته «الميليشيات الأمازيغية» التابعة للمجلس العسكري لمدينة زوارة.

وبالمثل، أرجع قرادة الأزمة في جوانب منها إلى الطرابلسي، عندما ادعى أن «تصرّفاته منذ تكليفه قبل عام ونصف عام توضح استهداف حكومته للأمازيغ، بفرض تقسيمات جديدة لمديريات الأمن (بجبل نفوسة - الغربي) رفضاً لكل المناشدات». وعن المعبرين، قال إنهما «يقعان في النطاق الإداري لبلديتي زوارة ونالوت، وهما منطقتان أمازيغيتان». وتساءل: «لماذا يبدأ الطرابلسي بمناطق وجود الأمازيغ؟ أليست هناك مديريات ومنافذ مناطق أقرب إلى العاصمة طرابلس من زوارة ورأس جدير؟»... وخلص إلى القول إن الحكومة «تغفل ولا تجهل خلفيات الصراعات، حين كان وزيرها المكلف في الطرف المقابل للأمازيغ في الحروب السابقة، وخصوصاً حرب 2014».

دعاوى الانفصال

في الحقيقة، تحقّق للأمازيغ بعد رحيل القذافي ما لم يتحقق قبله، فبعد 12 سنة من مقتله عادت اللغة الأمازيغية إلى الفصول الدراسية بعد حظر ومطاردة. وفي مطلع عام 2023، افتتح الدبيبة قناة «الأمازيغية». وفي 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، احتفلوا برأس السنة الأمازيغية 2974 وتلقوا التهاني من رأس السلطة في ليبيا.

ومع أنه لا يوجد إحصاء حديث ومعاصر لتعداد الأمازيغ في ليبيا، تقدّر الموسوعة البريطانية نسبتهم بـ6.8 في المائة من مجموع السكان، المقدّر ما بين نحو 7 ملايين و8 ملايين.

من جهة ثانية، ترافقت الأزمة الحاصلة مع اتهامات للأمازيغ بـ«التمرد» والسعي لـ«الانفصال». لكن قرادة يردّ: «العارف بالتاريخ والجغرافيا السياسية والاجتماعية للوجود الأمازيغي في ليبيا سيتيقّن أنهم ليسوا باسك إسبانيا ولا تأميل سريلانكا ولا شعوب جنوب السودان». ويضيف: «بالدليل المؤكد، إنه في حالة الحرب والانقسام وضعف الدولة لم تظهر أي مطالبة أو نشاط سياسي من الحراك الأمازيغي، يدعو أو يطالب بالاستقلال أو الانفصال».

ومع وجود اتهامات للأمازيغ بكثرة الشكوى من التهميش والنزوع نحو التميّز، أرجع أحد قادتهم ذلك إلى تمسكهم بما أسماه بـ«الحق الأمازيغي من دسترة الهوية والحقوق، وضمان التمثيل السياسي والتنموي العادل... أي أنه ضمان الكيان الليبي». وأردف: «الذين يروّجون لوجود دعوات أمازيغية للانفصال، فهذه دعوات مغرضة وذرائعية سياسية أو عنصرية عرقية قبلية، وهم قلة قليلة... ولكن لا يجب الاستهانة بتأثيرهم السلبي للتأجيج ضد الأمازيغ».

أما قرادة فعدّ «أن التعايش والتشارك الليبي العربي الأمازيغي عميق راسخ وواسع ممتد في كل مناحي الحياة، ولم تؤثر فيه الأحداث الجسام... فالعربية والأمازيغية مترافقتان، والمالكية والإباضية متآخيتان، في الأحياء والمساجد والمدارس والوظائف والأسواق»

.إفطار على بوابة المعبر

في أي حال، تنفس الليبيون الصعداء. فمع أذان مغرب يوم الأربعاء الماضي 27 مارس (آذار)، كانت أزمة معبر رأس جدير قد طُويت، مؤقتاً، بعد الاتفاق على تأمينه بقوة عسكرية مشتركة من رئاسة الأركان التابعة لـ«الوحدة»، وكتائب مدينة زوارة، وجلس أفرادها يتناولون طعام الإفطار الرمضاني معاً. وبعد أسبوع من انتظار الحرب، شدّد الدبيبة، خلال لقائه بالنمروش، على ضرورة أن «يكون الهدف الأساسي لهذه القوة بسط الأمن ببوابة رأس جدير بعيداً عن التجاذبات السياسية والقبلية، وأن تكون هذه الرسالة الأساسية لهذه القوة العسكرية».

زوارة كانت قد تقدّمت الصفوف عقب الإطاحة بنظام القذافي واستولت قواتها العسكرية على منطقة رأس جدير

عماد الطرابلسي (وزارة داخلية حكومة "الوحدة الوطنية")

«سلطة الأمر الواقع» في ليبيا... وسلطة الدولة

> بدا لبعض ساسة ليبيا أن «الأوضاع الاستثنائية» التي نشأت خلال سنوات الفوضى لبعض المناطق ولأجسام سياسية وتشكيلات مسلحة، قد تتغير بمرور الوقت، لكن بعد عقد ونيف على إسقاط النظام السابق تأكد لجُل الليبيين أن هذه الأجسام أضحت كيانات قادرة على الدفاع عن نفسها بمقتضى «سلطة الأمر الواقع». فالانفلات الأمني الذي ضرب ليبيا، وغياب دستور في البلاد منذ رحيل القذافي، أديا إلى استمرار الأجسام السياسية الحالية في عملها، سلطة تشريعية وتنفيذية، على الرغم من انتهاء مدة ولايتها. هذه الأجسام لا تقتصر على المجلس الرئاسي ومجلسه فقط، بل تصل أيضاً إلى المجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب في «شرق ليبيا»، بالإضافة إلى الميليشيات المسلحة، التي تنزع سلطتها بقوة السلاح في عموم البلاد، وتتغوّل على سلطة الدولة... الكل استمرأ «الوضع الاستثنائي» وأبقى عليه ليغدو بمضي الوقت «سلطة أمر واقع». ويرى محللون أنه إذا كانت الجهود التي بذلها المجلس الرئاسي الليبي أفلحت في طي صفحة النزاع على معبر رأس جدير، فإن الأزمة كشفت عن نجاح التشكيلات المسلحة في فرض كلمتها على السلطة الرسمية، ما يعد «أمراً خطيراً يقوض دعائم الدولة». وحقاً، يُنظر إلى التشكيلات المسلحة الليبية على أنها «من أكبر معوقات الاستقرار»، ولا سيما تلك التي تنتمي لبعض القبائل، وتدافع عنها، إما لفرض أجندتها وحماية مصالحها، أو لصدّ تغوّل الآخرين عليها. ولقد سبق أن حذر المجتمع الدولي في السنوات الأولى التي تلت إسقاط نظام القذافي من «نشوء مؤسسات موازية في ليبيا، أو فرضها بسياسة الأمر الواقع باستخدام القوة». وأمام كل أزمة، تتجه الأنظار إلى التشكيلات المسلحة باعتبارها «سلطة أمر واقع» فرضت نفسها مع مرور الوقت، سواء في حراسة المعابر وحقول النفط. وفي فبراير (شباط) الماضي، أجبرت المجزرة التي ارتُكبت في حي أبو سليم بالعاصمة طرابلس سلطات المدينة على الاتجاه لإخراج الميليشيات منها وإعادتها إلى مقارها وثكناتها. وأعلن عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، في وقت سابق أنه بعد مشاورات ومفاوضات، امتدت لأكثر من شهر، أمكن التوصل إلى «اتفاق مع الأجهزة الأمنية لإخلاء العاصمة بالكامل خلال المدة المقبلة»، التي توقّع أن تكون بعد نهاية شهر رمضان. وكان الليبيون استيقظوا على جريمة مروعة، قبل نهاية الشهر الماضي، وقعت في حي أبو سليم، الواقع جنوب العاصمة طرابلس، راح ضحيتها 10 أشخاص في ظروف غامضة.


انتخابات أميركا و«الترمبية» السياسية

ترمب بعد مؤتمر صحافي حول القضية التي يواجهها في نيويورك 25 مارس 2024 (إ.ب.أ)
ترمب بعد مؤتمر صحافي حول القضية التي يواجهها في نيويورك 25 مارس 2024 (إ.ب.أ)
TT

انتخابات أميركا و«الترمبية» السياسية

ترمب بعد مؤتمر صحافي حول القضية التي يواجهها في نيويورك 25 مارس 2024 (إ.ب.أ)
ترمب بعد مؤتمر صحافي حول القضية التي يواجهها في نيويورك 25 مارس 2024 (إ.ب.أ)

في عام 2015 وقف دونالد ترمب أمام حشود مناصريه للإعلان عن ترشحه للرئاسة، وقال: «أستطيع إطلاق النار على أحدهم في منتصف الجادة الخامسة في نيوريوك، من دون أن أخسر أي ناخبين». حينها بدا هذا التصريح مبالغاً فيه، لكن تطورات الأحداث التي واكبته منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم أثبتت لداعميه وللمشككين به على حد سواء، أن تأثير الرئيس السابق على الساحة السياسية الأميركية والتركيبة الحزبية والاجتماعية للجمهوريين هو أمر لا يستهان به، في ظاهرة حملت اسمه وباتت تُعرف باسم «الترمبية السياسية».

يستعرض برنامج «تقرير واشنطن»، وهو تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، أسباب هذا التأثير المتنامي لشخصية ترمب الذي كان بعيداً كل البُعد عن السياسة، وما إذا كان قد غيَّر من هوية الحزب التقليدية ودفعه نحو الشعبوية، بالإضافة إلى انعكاسات نفوذه على سير العملية الانتخابية والشارع الأميركي وسط تراكم الدعاوى القضائية بحقه.

ترمب في حدث انتخابي بولاية جورجيا في 9 مارس 2024 (رويترز)

«ماهر» أم «محتال»؟

يقول غابريال نورونا، المستشار الخاص السابق لوزير الخارجية مايك بومبيو، في عهد ترمب، إن الرئيس السابق أعاد الأمل للحزب الجمهوري باستقطاب القاعدة الشعبية، «خصوصاً فيما يتعلق بالإصلاح القضائي والحروب الثقافية» وهي أمور اعتقد الجمهوريون أنهم قد خسروها لعقود، حسب تعبيره، مضيفاً: «لقد شعروا بأن ترمب كسر كل القواعد والقوانين ليحقق انتصارات لم يكن أحد ليتخيلها من قبل».

ورأى نورونا أن الأمر لا يقتصر على الجمهوريين فحسب، بل إن المستقلين كذلك «الذين لا يحبون ترمب على صعيد شخصي، يعترفون بأنه أسهم بالكثير للاقتصاد، واستطاع تطبيق الإصلاح الضريبي، بالإضافة إلى عدد من الأولويات الوطنية الأخرى والتي على الأرجح لم تكن ممكنة مع رؤساء آخرين».

يوافق جون فييري، المتحدث السابق باسم رئيس مجلس النواب الجمهوري دنيس هاسترت، مع تقييم نورونا، لكنه يضيف نقطة مهمة وهي «الرابط العميق الذي يجمع ترمب بالمواطنين في وسط البلاد». ويشرح قائلاً: «لقد تحدث مباشرة عمّا يقلقهم اقتصادياً وعن تغيير الثقافات التي لم تعجبهم. كانت لديه طريقة في التواصل، بسيطة وفعالة، ولم يكن سياسياً نموذجياً من واشنطن». وأشار فييري إلى أن القاعدة الشعبية للحزب تنظر إلى الدعاوى القضائية التي يواجهها على أنها هجوم عليه من «المؤسسة السياسية الأميركية»، مما يعني أنه هجوم على أنصاره كذلك، لهذا ففي «كل مرة يتم توجيه التهم بحقه ترتفع أرقامه في الاستطلاعات». وأضاف: «ترمب يتمتع بقاعدة جمهورية واسعة لم يتنبأ بها أحد منذ 4 سنوات».

تزداد شعبية ترمب رغم الدعاوى القضائية التي يواجهها (رويترز)

لكن ديفيد كي جونستون، الصحافي الاستقصائي الحائز جائزة «بوليتزر» للصحافة ومؤلّف كتاب «صناعة ترمب»، يقدم نظرة مختلفة عن ترمب فيقول: «أعتقد أنه أعظم محتال في تاريخ العالم. فأنا أعرفه وأكتب عنه منذ 35 عاماً، وقد كشفت عن كثير من المحتالين. دونالد ترمب ماهر للغاية، فهو لديه أشخاص حوله مقتنعون بأمور غير صحيحة تماماً». ويفسر جونستون قائلاً: «إن أداء ترمب قبل جائحة كورونا مثلاً كان أقل من معدّل فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. إن خلق فرص العمل في عهد ترمب كان أبطأ من عهد باراك أوباما. لكن هناك هذه الأسطورة أن ترمب يملك لمسة سحرية فيما يتعلّق بالاقتصاد، وهذا أمر لا ينعكس في البيانات الفعلية».

ويرى جونستون أن السبب الأساسي لذلك يعود إلى «امتلاك ترمب قدرة رائعة على التواصل مع الشعب، فهو يبسط الأمور ويتفادى كل التفاصيل المملّة التي يدخل فيها الديمقراطيون»، مضيفاً: «لأن حقيقة أدائه لا تقارَن بالأسطورة التي نجح في خلقها».

تتراجع شعبية بايدن مقابل تقدم في شعبية ترمب (رويترز)

ترمب «الثائر» وبايدن «المؤسساتي»

وتطرح هذه المقاربة مقارنة بين شخصية بايدن وترمب. فيتحدث نورونا عن الفارق الشاسع في أسلوب الرجلين، قائلاً: «أنا أضطر في الكثير من الأحيان إلى تفسير ما يحاول بايدن «بيعه»، فكل ما أراه هو الحديث عن ترمب، وأن ترمب سيئ ولديه مشكلات قانونية... لذا إنها رسالة ضد ترمب بدلاً من أن تركز على إنجازاته التشريعية، أو حتى أي رؤية خاصة بالفترة الرئاسية الثانية».

وتطرق نورونا إلى اتهامات جونستون لترمب بالكذب، فتوجّه إليه بالقول: «بغضّ النظر إنْ كنت تعتقد أن الأمر خدعة أم حقيقة، لقد أقنع ترمب الأميركيين بأنهم كانوا أفضل حالاً في عهده، وبأنهم سيكونون أفضل حالاً في حال انتخابه. إنهم يؤمنون بأنهم سيكونون بحال أفضل معه».

من ناحيته، يسلّط فييري الضوء على اعتماد بايدن على الرؤساء الديمقراطيين السابقين كباراك أوباما وبيل كلينتون لإيصال رسالته، وهو ما جرى في حفل التبرعات الذي أقامه هؤلاء في نيويورك وتمكنوا من جمع نحو 26 مليون دولار من التبرعات، في حين أن «ترمب يغرد خارج السرب تماماً». وقال: «نرى المؤسسة السياسية تجتمع لكي تدعم بايدن في إنهاء السباق والوصول إلى خط النهاية، أما مع ترمب فإن السياسيين المؤسساتيين لا يحبونه كثيراً»، وهو أمر تتعاطف معه قاعدته الشعبية.

ويقول نورونا إن السبب وراء هذا التعاطف يعود إلى عدم ثقة الناخبين بالسياسيين التقليديين. ويعطي نورونا مثالاً على ذلك في السباق بين ترمب ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في عام 2016، مشيراً إلى أن كلينتون ورغم أنها كانت مؤهلة لمنصب الرئاسة، فإن الأميركيين «لم يثقوا أبداً بما كانت تقوله». في المقابل، ورغم أنهم «لم يحبوا بعض الأمور التي كان يقولها ترمب أو بعض سياساته، فإنهم كانوا يثقون بما يقوله».

يزداد نفوذ مناصري ترمب في الكونغرس كالنائبة الجمهورية مارجوري غرين (رويترز)

من «حزب الشاي» إلى «ماغا»

ويذكّر جونستون بعام 2008، عندما خاض السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين السباق الرئاسي، واختار سارة بايلن نائبةً له، متجاهلاً الوجوه التقليدية والمؤسساتية في الحزب. وولّد هذا الاختيار موجة غير اعتيادية من الدعم الشعبي لبايلن مقابل انتقادات لاذعة من السياسيين لها، مما جعلها من نجوم «حزب الشاي» المحافظ، الذي تَمكن من عرقلة سير الأعمال في الكونغرس، على غرار ما يجري اليوم.

ويُشبّه جونستون ترمب ببايلن، من ناحية ترويجها لمؤامرات يميل جزء من الناخبين الجمهوريين إلى تصديقها. ويرى جونستون أن هذا الأمر يشكّل «مشكلة جوهرية حقيقية» للحزب الجمهوري، الذي مثّل لسنوات عديدة حزباً يقدم «أفكاراً جديدة ووصفة سياسية للأمور».

وسلّط جونستون الضوء في هذه المسألة على نسبة التعليم في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن «أكثر من نصف البالغين الأميركيين يقرأون بمستوى طفل بعمر الـ12». وأضاف أن «هناك تراجعاً خطيراً في القدرات الفكرية في هذه الدولة، ودونالد ترمب استفاد منها، واستغل ذلك ببراعة. لقد وعدهم بالانتقام، وبسحب حقوق الناس، وباستخدام الجيش ضد الأميركيين... هذا المستقبل الذي يعد به. لكن هذا ليس ما يمثله الحزب الجمهوري».

وأوضح جونستون أن تكرار ترمب لفكرة «الولاء» دفع بمناصريه إلى «الإيمان به» بدلاً من الإيمان بالدستور الأميركي، مذكّراً بمحاولته الأخيرة بيع الأناجيل. فقال: «إنهم يؤمنون بدونالد ترمب الذي يسمي نفسه المخلّص، ويبيع الأناجيل باسمه، وهناك كثير من الأشخاص الذين يشترونها».

زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل بعد التصويت على مشروع المخصصات في 23 مارس 2023 (أ.ف.ب)

انسحاب المخضرمين

وفي خضمّ هذا التضارب بين الشق التقليدي للحزب و«شعبوية» أنصار ترمب، أعلن عدد من أعضاء الكونغرس من الجمهوريين المخضرمين عن تنحيهم عن مناصبهم أو استقالاتهم، كزعيمهم في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل، الذي قرر أن يتنحى بعد مواجهته مع ترمب أكثر من مرة. ويمثل مكونيل بشكل واضح هذا الشرخ بين الطرفين، وهذا ما تحدّث عنه نورونا الذي قال: «لقد فهم مكونيل أنه بدأ يخسر عدداً كبيراً من مناصريه، وحين يحصل هذا الأمر، لا يمكن أن يقود حزبه بفاعلية، حينها يأتي وقت التنحي».

ويضيف نورونا: «لقد أدرك مكونيل أن الحزب الذي انضم إليه قد تغير، وهو ليس الحزب نفسه اليوم. فهناك جيل جديد من الجمهوريين في مجلس الشيوخ يتفق أكثر مع ترمب، وهذا الجيل المقبل من الجمهوريين هو الذي سيقود المجلس».

ويتفق فييري مع هذا التقييم معتبراً أن مكونيل «قرأ المشهد بالشكل الصحيح» عندما قرر التنحي، مضيفاً: «لا يمكنك أن تكون في حرب مع ترمب وأن تكون زعيم الحزب في مجلس الشيوخ في الوقت نفسه».


واشنطن ترحب بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة «لخدمة الشعب الفلسطيني»

رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف محمد مصطفى قدّم برنامج عمل الحكومة وتشكيلتها للرئيس محمود عباس  (وفا)
رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف محمد مصطفى قدّم برنامج عمل الحكومة وتشكيلتها للرئيس محمود عباس (وفا)
TT

واشنطن ترحب بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة «لخدمة الشعب الفلسطيني»

رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف محمد مصطفى قدّم برنامج عمل الحكومة وتشكيلتها للرئيس محمود عباس  (وفا)
رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف محمد مصطفى قدّم برنامج عمل الحكومة وتشكيلتها للرئيس محمود عباس (وفا)

رحبت الإدارة الأميركية، اليوم، بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة «لخدمة الشعب الفلسطيني»

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، إن «إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية أمر ضروري لتحقيق نتائج ملموسة للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وتهيئة الظروف اللازمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

وكان رئيس الوزراء الفلسطيني المكلّف محمد مصطفى، قد قدم يوم الخميس برنامج عمل الحكومة وتشكيلتها للرئيس الفلسطيني محمود عبّاس.

وأصدر عبّاس قراراً بقانون بمنح الثقّة لحكومة مصطفى، التي ستؤدّي اليمين الدستورية أمام الرئيس يوم الأحد المقبل.

ونشرت وكالة الأنباء الفلسطينية نسخة من التشكيل الوزاري المقترح، والذي يشغل فيه مصطفى أيضاً منصب وزير الخارجية والمغتربين.


محمد مصطفى... التكنوقراطي المجرّب ورجل «اليوم التالي» في الحلبة الفلسطينية

من أقواله «إذا لم نتمكن من إزاحة الاحتلال فلن تتمكن أي حكومة إصلاحية أو مؤسسات من بناء نظام حكم جيد وناجح أو تطوير اقتصاد مناسب»
من أقواله «إذا لم نتمكن من إزاحة الاحتلال فلن تتمكن أي حكومة إصلاحية أو مؤسسات من بناء نظام حكم جيد وناجح أو تطوير اقتصاد مناسب»
TT

محمد مصطفى... التكنوقراطي المجرّب ورجل «اليوم التالي» في الحلبة الفلسطينية

من أقواله «إذا لم نتمكن من إزاحة الاحتلال فلن تتمكن أي حكومة إصلاحية أو مؤسسات من بناء نظام حكم جيد وناجح أو تطوير اقتصاد مناسب»
من أقواله «إذا لم نتمكن من إزاحة الاحتلال فلن تتمكن أي حكومة إصلاحية أو مؤسسات من بناء نظام حكم جيد وناجح أو تطوير اقتصاد مناسب»

لا يحتاج متصفّح السيرة الذاتية للدكتور محمد مصطفى رئيس الحكومة الفلسطينية الجديد لكثير من التدقيق والبحث ليكتشف أنه اختير بعناية فائقة فلسطينية دولية ليكون هو رجل «اليوم التالي» مع وقف إطلاق النار في غزة. ويبدو أن الاقتصادي البارز الذي لا يحمل بطاقة حزبية والذي عمل في البنك الدولي لمدة 15 سنة وكان مشرفاً أساسياً على إعادة إعمار قطاع غزة عام 2014 الرجل المناسب في المكان والزمان المناسبين فهو الذي يحظى بغطاء ودعم عربي ودولي سارع البيت الأبيض للترحيب بتعيينه مطالباً إياه بتشكيل حكومة تعمل على إجراء «إصلاحات في العمق وذات مصداقية». كذلك يأتي تعيينه بعد مناشدات عدة من مسؤولين في الإدارة الأميركية للرئيس الفلسطيني بـ«ضخ دماء جديدة في السلطة الفلسطينية لتمكينها من لعب دور أساسي في حكم غزة بعد الحرب»

لم يكن مستغرباً أن يستفزّ تعيين الدكتور محمد مصطفى، المقرّب جداً من الرئيس محمود عباس، رئيساً للحكومة الفلسطينية، كيف لا وهو مستشاره الاقتصادي لسنوات، حركة «حماس».

إذ فور الإعلان عن تعيينه، خرجت «حماس» وفصائل أخرى لتتهم «فتح» بـ«التفرّد» باختياره، وبـ«تعميق الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني». وبطبيعة الحال، لقي استياء «حماس» لدى الطرف الإسرائيلي رحابة صدر، مع أنه لم يصدر عنه أي موقف إيجابي أو سلبي بخصوص هذا التعيين.

الدكتور سامي نادر، مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية في العاصمة اللبنانية بيروت، قال، لـ«الشرق الأوسط»، معلقاً على هذه الخطوة إن مصطفى «هو رجل اقتصادي مقرَّب من محمود عباس وموافَق عليه أميركياً وغربياً، وحتى إسرائيلياً». ولفت إلى أنه «جرى اختياره لأنه يحظى بثقة الدول المانحة ويتخطى عقبة إسرائيل وأي اتهامات بالإرهاب أو بالانتماء إلى (حماس)».

ويضيف نادر أن «بروفايل محمد مصطفى مُشابه لبروفايل سلام فياض... وإن كان الأخير قد عاد واصطدم مع المنظومة. أما مهمته (أي مصطفى) الأساسية، اليوم، فهي إعادة إعمار غزة... وهذا الأمر يتطلب ألا يكون رئيس الحكومة بلون سياسي فاقع؛ لأن مرحلة اليوم التالي بعد الحرب تتطلّب هذا النوع من الشخصيات؛ أي بروفايل اقتصادي يتحمل أوزار إعادة الإعمار دون مواجهة عقبات بالسياسة».

ومن ثم يرد نادر اعتراض «حماس» على تعيين مصطفى «إلى كون الحركة تخوض، إلى جانب المعركة العسكرية في غزة، معركة بالسياسة... وترى أن تعييناً من هذا النوع سيؤدي إلى تقزيم دورها ويذوّب ما تعده هي انتصاراً لها».

خيار إنقاذي؟

من جهة ثانية، يرى الباحث الفلسطيني هشام دبسي أن السبب الأساسي لاختيار مصطفى لرئاسة الحكومة هو «أنه من الكوادر التكنوقراط الفلسطينيين الذين لديهم خبرة واسعة، كما أنه حائز على دكتوراه بالاقتصاد من واشنطن وعمل في البنك الدولي ويعرف كيفية التعامل مع المجتمع الدولي».

وأردف دبسي، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، شارحاً أن مصطفى «كان من الوزراء الذين عملوا على إعادة إعمار غزة، وهو من نمط سلام فياض الذي يعرف أن يفصل بين الموقف السياسي والاحتياجات العملية والمباشرة للشعب». ثم تابع: «أما القول إنه قريب من الرئيس أبو مازن ويحظى بثقته فهو قول صحيح، لكنه غير كاف لتفسير الأمر... لأننا اعتدنا أن السياسيين في بلادنا يغلّبون دائماً المواقف السياسية على مصلحة الناس، لذلك فإنه لا يروق لـ(حماس) مثل هذا النمط من الحكومات؛ لأنها لا تستجيب للاحتياجات الملحّة التي فرضتها الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية بقدر ما تستجيب لمطالب آيديولوجية».

ومن ثم يشير دبسي إلى أن «تعيين مصطفى هو استجابة للمجتمع الدولي الذي يشهد تغييرات ذات بُعد إيجابي بعد فتح الباب مرة جديدة أمام خيار الدولتين، وإن كان البعض يتعاطى بعدم ثقة مع ما يصدر عن البيت الأبيض في هذا الشأن». ويشرح أن «الحالة الفلسطينية الراهنة تشهد تحديات كبيرة داخلية وعربية ودولية، ومهمات الحكومة المقبلة شائكة وكبيرة، لكن إذا حصل إجماع عربي ودولي على إسناد السلطة الفلسطينية وتمكينها وجعلها قادرة على المساهمة الفعلية بإنتاج الحلول... فلا شك أن ذلك سيسهم بحل الإشكاليات الفلسطينية الداخلية، وسيبرهن للشعب الفلسطيني والفصائل المعترضة على أن هذا الخيار هو الخيار الصحيح، اليوم؛ لأنه خيار إنقاذي».

مهام رئيس الوزراء الجديد

كما هو معروف، الدكتور مصطفى - الملقّب بـ«السفاريني» نسبة إلى بلدة أبيه سفارين - يخلف الدكتور محمد اشتيه، رئيس الوزراء السابق وعضو حركة «فتح» التي يتزعّمها محمود عباس. وكان اشتيه قد قدّم استقالته في السادس والعشرين من فبراير (شباط) الماضي، لتمهيد الطريق أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وقد نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية، فور إعلان تعيين مصطفى، أبرز مهام رئيس الوزراء الجديد في نصّ التكليف، وهي تشمل:

- تنسيق جهود إعمار قطاع غزة

- إعادة توحيد المؤسسات الفلسطينية

- مواصلة الإصلاح بما يفضي إلى نظام قائم على الحوكمة والشفافية ويكافح الفساد

- التحضير لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في كل المحافظات الفلسطينية، بما فيها مدينة القدس.

من محمد مصطفى؟

يبلغ محمد مصطفى، الملّقب أيضاً بـ«أبو مصعب»، من العمر 69 سنة، وهو أب لولدين هما مصعب ويزن. وقد ولد في قرية كفر صور (بلدة أمه) بمحافظة طولكرم، حيث تلقّى تعليمه الأساسي، مع أن أباه من بلدة سفارين بالمحافظة نفسها. ومع بلوغ مصطفى سن الـ15 التحق مع عائلته بأبيه الذي كان يعمل في الكويت، وهناك واصل دراسته حتى الثانوية العامة.

في عام 1972 التحق مصطفى بجامعة بغداد في العراق، حيث نال شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية عام 1976.

وفي عام 1983 التحق بجامعة جورج واشنطن في العاصمة الأميركية واشنطن، حيث حصل، عام 1985، على شهادة الماجستير في الإدارة، ثم في عام 1988 على شهادة الدكتوراه في إدارة الأعمال والاقتصاد.

أبرز المراكز التي تبوأها

شغل الدكتور محمد مصطفى عدداً من المناصب العليا في البنك الدولي بواشنطن بين عاميْ 1991 و2005، إذ عمل في البنك بقسم إدارة الصناعة والطاقة لمنطقة أفريقيا، ثم في قسم أوروبا الشرقية، ثم في إدارة البنية التحتية والخصخصة لمنطقة الشرق الأوسط. وساهم، خلال هذه الفترة، في تطوير عدد من شركات الاتصالات مثل شركتيْ أورنج وفاست لينك في الأردن، وشركة الاتصالات السعودية، وشركات أخرى في مصر ولبنان وأفريقيا وبلغاريا وروسيا.

أيضاً، عمل مصطفى مستشاراً للإصلاح الاقتصادي لدى حكومة الكويت، ومستشاراً لصندوق الاستثمارات العامة في السعودية.

وفي عام 1995، عاد إلى فلسطين بشكل مؤقت عقب توقيع «اتفاقية أوسلو»، حيث أمضى سنة ونصف السنة في المساهمة بتأسيس قطاع الاتصالات في فلسطين، فكان رئيساً تنفيذياً مُؤسِساً لشركة الاتصالات الفلسطينية «بالتل» بين عاميْ 1995 و1996، ثم عاد بعد ذلك للعمل في البنك الدولي بواشنطن.

الاستقرار في فلسطين

خلال عام 2005، قرّر محمد مصطفى الإقامة بشكل دائم في فلسطين، وذلك بعدما كلفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمنصب مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الاقتصادية في ديوان الرئاسة الفلسطينية.

ثم في مطلع عام 2006 كلّفه عباس بمنصب الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الفلسطيني. ومنذ عام 2015 حتى يومنا هذا شغل منصب رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار الفلسطيني.

أما على الصعيد السياسي فقد شغل مصطفى منصب نائب رئيس الوزراء الفلسطيني للشؤون الاقتصادية في غير حكومة واحدة، كما عُيّن نائب رئيس الوزراء الفلسطيني ووزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني في الحكومة الفلسطينية السابعة عشرة «حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني»، منذ يونيو (حزيران) 2014، وحتى تقديمه استقالته منها في مارس (آذار) 2015. وهنا تجدر الإشارة إلى أن مصطفى كان في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 رئيساً للجنة إعادة إعمار قطاع غزة في «مؤتمر المانحين» الذي عُقد في العاصمة المصرية القاهرة بهدف إعادة إعمار القطاع عقب حرب عام 2014.

وفي فبراير 2022 أصبح عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيساً للدائرة الاقتصادية، ثم في يناير (كانون الثاني) 2023 عيّنه الرئيس الفلسطيني بمنصب محافظ دولة فلسطين لدى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بدولة الكويت، كما تولى منصب محافظ دولة فلسطين لدى صندوق النقد العربي.

ووفق صندوق الاستثمار الفلسطيني، ساهم مصطفى منذ 2006 حتى تكليفه بتشكيل الحكومة في «مأسسة» الصندوق؛ ذلك أنه أسس عدة شركات كبرى؛ من أبرزها «الوطنية موبايل» (أوريدو فلسطين) عام 2008، ومجموعة عمار للاستثمار العقاري والسياحي عام 2009، وصندوق رسملة للأسهم الفلسطينية عام 2011، والإجارة الفلسطينية للتمويل الإسلامي عام 2013، وأسواق لإدارة الأصول عام 2014، ومصادر لتطوير الموارد الطبيعية ومشاريع البنية التحتية عام 2015، وعمار القدس عام 2018، وفلسطين لتوليد الطاقة، وسند للموارد الإنشائية، وغيرها.

ثم إنه عضو في عدة مؤسسات دولية ومحلية؛ من أبرزها «منتدى دافوس الاقتصادي العالمي»، ومجلس أمناء مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ومجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات، وغيرها.

مواقف لمصطفى

في تصريحات له، قال مصطفى إن «السلطة الفلسطينية تستطيع القيام بما هو أفضل من حيث بناء مؤسسات أكثر كفاءة وحكم أكثر رشداً، حتى نتمكن من إعادة توحيد غزة والضفة الغربية». وعدّ أنه «إذا لم نتمكن من إزاحة الاحتلال، فلن تتمكن أي حكومة إصلاحية أو مؤسسات بعد إصلاحها من بناء نظام حكم جيد وناجح أو تطوير اقتصاد مناسب».

كذلك صرّح، يوم 17 يناير الماضي، بأن إعادة بناء المنازل وحدها في غزة ستحتاج إلى 15 مليار دولار، وقال إنه سيواصل التركيز على الجهود الإنسانية على المديين القصير والمتوسط، معرباً عن أمله في فتح حدود غزة وعقد مؤتمر لإعادة الإعمار.وردّاً على سؤال عن الدور المستقبلي الذي يتوقعه لحركة «حماس»، قال مصطفى إن «أفضل طريق للمُضي قدماً هو أن تكون (العملية) شاملة قدر الإمكان»، مضيفاً أنه يود أن يتّحد الفلسطينيون حول أجندة منظمة التحرير الفلسطينية.


تعيين محمد مصطفى يعيد إشعال صراع «فتح» و«حماس»

عرفات
عرفات
TT

تعيين محمد مصطفى يعيد إشعال صراع «فتح» و«حماس»

عرفات
عرفات

> لم يرُق لحركة «حماس» قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعيين الدكتور محمد مصطفى رئيساً للحكومة دون التشاور معها، على حد تعبيرها. وأصدرت مع فصائل أخرى هي «الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«المبادرة الوطنية الفسطينية» بياناً رأت فيه أن «الأولوية الوطنية القصوى الآن هي مواجهة العدوان الإسرائيلي الهمجي، وحرب الإبادة والتجويع التي يشنها الاحتلال». وعدّت «اتخاذ القرارات الفردية، والانشغال بخطوات شكلية وفارغة من المضمون، كتشكيل حكومة جديدة دون توافق وطني، تعزيزاً لسياسة التفرد، وتعميقاً للانقسام، في لحظة تاريخية فارقة أحوج ما يكون فيها شعبنا وقضيته الوطنية إلى التوافق والوحدة، وتشكيل قيادة وطنية موحدة، تُحضّر لإجراء انتخابات حرة ديمقراطية، بمشاركة جميع مكونات الشعب الفلسطيني».

«حماس» وبقية الفصائل لفتت إلى أن «هذه الخطوات تدل على عمق الأزمة لدى قيادة السلطة، وانفصالها عن الواقع، والفجوة الكبيرة بينها وبين شعبنا وهمومه وتطلعاته، وهو ما تؤكّده آراء الغالبية العظمى من شعبنا التي عبَّرت عن فقدان ثقتها بهذه السياسات والتوجهات».

وعبّرت عن رفضها «إصرار السلطة الفلسطينية على مواصلة سياسة التفرد، والضرب عرض الحائط، بكل المساعي الوطنية للمّ الشمل الفلسطيني، والتوحّد في مواجهة العدوان على شعبنا».

كذلك قال القيادي في حركة «حماس» محمود المرداوي إن الحكومة الفلسطينية الجديدة، التي كُلف بتشكيلها محمد مصطفى، «لا تعبر عن إرادة المعركة، التى تدور في الميدان ولا يمكن لها أن تدير المعركة أو تقودها أو تفاوض باسمها». ورأى أن «هذه حكومة جاءت وفق إرادة ورغبة أميركية، ونحن نعاني في فلسطين، وعلى وجه التحديد في قطاع غزة، من الموقف الأميركي الذي يُدخل الآلة العسكرية ويدعم الإسرائيلي ويستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن».

الحمدالله

في المقابل، ما لم تقله «فتح»، طوال الأشهر الماضية، ومنذ عملية «طوفان الأقصى»، حرصاً على وحدة الصف الفلسطيني بمواجهة حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل، قالته، في بيان، رداً على الاتهامات التي ساقتها «حماس» ضدها. إذ عدّت «فتح» أن «من تسبّب في إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، وتسبّب بوقوع النكبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وخصوصاً في قطاع غزة، لا يحق له إملاء الأولويات الوطنية».

ورأت الحركة أن «المفصول الحقيقي عن الواقع وعن الشعب الفلسطيني هو قيادة حركة (حماس) التي لم تشعر حتى هذه اللحظة بحجم الكارثة التي يعيشها شعبنا المظلوم في قطاع غزة، وفي بقية الأراضي الفلسطينية». وأعربت عن «استغرابها واستهجانها» لكلام «حماس» عن «التفرد والانقسام». وتساءلت، في بيان: «هل شاورت (حماس) القيادة الفلسطينية أو أي طرف وطني فلسطيني عندما اتخذت قرارها القيام بمغامرة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي قادت إلى نكبة أكثر فداحة وقسوة من نكبة عام 1948؟». وواصلت: «هل شاورت (حماس) القيادة الفلسطينية وهي تفاوض، الآن، إسرائيل وتقدم لها التنازلات تلو التنازلات، وأن لا هدف لها سوى أن تتلقى قيادتها ضمانات لأمنها الشخصي، ومحاولة الاتفاق مع نتنياهو مجدداً للإبقاء على دورها الانقسامي في غزة والساحة الفلسطينية؟».

فياض

10 «رؤساء حكومات» لفلسطين منذ 1994

- ياسر عرفات (أبو عمّار) - حركة «فتح» - تولى رئاسة 5 حكومات منذ مارس (آذار) 1994 حتى أبريل (نيسان) 2003

- محمود عباس (أبو مازن) - «فتح» - تولى المنصب من 19 مارس 2003 حتى 6 سبتمبر (أيلول) 2003

- أحمد قريع (أبو علاء) - حركة «فتح» - تولى المنصب خلفاً لعرفات من 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2003 حتى 18 ديسمبر (كانون الأول) 2005

- الدكتور نبيل شعث - حركة «فتح» - تولى المنصب بالوكالة بين 18 و24 ديسمبر 2005

- أحمد قريع (أبو علاء) - حركة «فتح» - تولى المنصب مجدداً من 24 ديسمبر 2005 حتى 29 مارس 2006.

- إسماعيل هنية - «حماس» - تولى المنصب من 29 مارس 2006 حتى 14 يونيو (حزيران) 2007.

- الدكتور سلام فياض - كتلة «الطريق الثالث» - تولى المنصب في يونيو 2007 حتى أبريل 2013.

- الدكتور رامي الحمد الله - «فتح» - تولى المنصب من 3 يونيو 2013 حتى 10 مارس 2019

- الدكتور محمد أشتيه - «فتح» - تولى المنصب منذ مارس 2019 حتى مارس 2024

- الدكتور محمد مصطفى أُسند إليه المنصب في مارس (آذار) 2024

قريع


هل يعني فوز مودي المرتقَب تحوّل الهند إلى حكم الحزب الواحد؟

ناخبات أمام أحد مراكز الاقتراع في ولاية تيلانغانا بجنوب الهند ... خارج المعاقل المضمونة لبهاراتيا جاناتا (رويترز)
ناخبات أمام أحد مراكز الاقتراع في ولاية تيلانغانا بجنوب الهند ... خارج المعاقل المضمونة لبهاراتيا جاناتا (رويترز)
TT

هل يعني فوز مودي المرتقَب تحوّل الهند إلى حكم الحزب الواحد؟

ناخبات أمام أحد مراكز الاقتراع في ولاية تيلانغانا بجنوب الهند ... خارج المعاقل المضمونة لبهاراتيا جاناتا (رويترز)
ناخبات أمام أحد مراكز الاقتراع في ولاية تيلانغانا بجنوب الهند ... خارج المعاقل المضمونة لبهاراتيا جاناتا (رويترز)

من المقرّر أن تُجري الهند انتخاباتها العامة الثامنة عشرة اعتباراً من أبريل (نيسان) فصاعداً، وفيها يسعى رئيس الوزراء ناريندرا مودي، إلى الحصول على فترة ولاية ثالثة في السلطة بعدما فاز حزبه الهندوسي القومي اليميني (بهاراتيا جاناتا) بعدد مذهل من المقاعد بلغ 303 في انتخابات 2019. «بهاراتيا جاناتا» متفائل حقاً إزاء فرصه الانتخابية، وقد حدد هدفاً لانتزاع 370 مقعداً بمفرده وأكثر من 400 مع حلفائه. ويُذكر أن مودي قاد حزبه إلى السلطة للمرة الأولى عام 2014 حين فاز بـ282 مقعداً في مجلس النواب (اللوك سابها) الذي يضم 543 مقعداً، وهي الغالبية الأكبر لحزب واحد خلال 30 سنة. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2019 سيطرت الحكومة الائتلافية على 353 مقعداً. أما اليوم فيتوقع الخبراء السياسيون مع استطلاعات الرأي أن الناخبين لا يزالون ينظرون إلى مودي على أنه زعيم شعبي (رغم أن مثل هذه الاستطلاعات غالباً ما يكون لديها سجل ضبابي من حيث الدقة)، وأن فترة ولاية ثالثة على التوالي بالنسبة إلى ناريندرا مودي في الانتخابات البرلمانية المقبلة تبدو «حتمية تقريباً».

نتيجة الانتخابات الهندية المقبلة ليست أمراً محسوماً، إلا أن معظم المحللين يتوقعون فوز حزب «بهاراتيا جاناتا» بزعامة ناريندرا مودي بخمس سنوات أخرى في الحكم. وبعد عقد من الزمان في السلطة، تشير استطلاعات الرأي إلى أن مودي، بفضل سياسته الشعبوية المتشددة قومياً ودينياً، ما زال يحظى بدعم كثرة من الهنود، بينما لا تحظى أحزاب المعارضة الرئيسة بتأييد موازٍ.

الهند، توصف تقليدياً، بأنها أكبر دولة ديمقراطية في العالم، إذ تضم مليار ناخب (969 مليون ناخب مسجَّل). وهذا يعني أن أكثر من 10 في المائة من سكان العالم (أكبر من مجموع سكان الاتحاد الأوروبي) مؤهلون لاختيار الأعضاء المنتخبين البالغ عددهم 543 عضواً في مجلس النواب (أحد مجلسَي البرلمان) في الفترة من 19 أبريل (نيسان) إلى 1 يونيو (حزيران) المقبلين. وبموجب النظام البرلماني في البلاد، يشكّل الحزب الذي يفوز بغالبية المقاعد الـ543 في مجلس النواب، الحكومة، ويُعيَّن مرشحه رئيساً للوزراء.

وبالتوازي، لدى الهند الانتخابات الأعلى تكلفة في العالم، إذ أنفقت الأحزاب السياسية أكثر من 7 مليارات دولار عام 2019، مقارنةً بـ6.5 مليارات دولار أُنفقت في الولايات المتحدة خلال انتخابات 2016. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم في انتخابات العام الجاري.

لماذا طول المدة؟

هذه التظاهرة الأكبر من نوعها في العالم، تحتاج إلى مدة 44 يوماً قبل إعلان نتائج تصويتها يوم 4 يونيو المقبل. ويتلخص الأمر في سببين رئيسين، هما: الحجم الهائل للهند لأنها الدولة الأكثر سكاناً في العالم، ومستوى الخدمات اللوجيستية اللازمة لضمان أن كل ناخب مسجَّل يستطيع الإدلاء بصوته.

الخبراء يذكرون أن السبب المباشر للانتخابات متعددة المراحل يتعلق بالأمن؛ إذ سيشرف على تنظيم هذه التظاهرة الضخمة «جيش» مؤلّف من 15 مليون من المسؤولين وأفراد الأمن الذين سيجوبون صحاري البلاد وأدغالها وجبالها وجزرها في محاولة للوصول إلى كل ناخب. ويتولى هؤلاء الإشراف على التصويت في أكثر من مليون مركز اقتراع بمساعدة 5.5 مليون جهاز اقتراع إلكتروني. وهنا نلفت إلى أن هناك 18 مليون ناخب سيُدلون بأصواتهم للمرة الأولى، في حين يحق لـ197 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 20 و29 سنة الإدلاء بأصواتهم. ويتوجب على اللجنة الانتخابية المشرفة التأكد من وجود قلم اقتراع (كشك تصويت) في حدود كيلومترين (1.2 ميل) من كل ناخب.

راهول غاندي (آ ف ب)

فوز مودي المرجَّح

في المشهد السياسي الحالي في الهند، ثمة إجماع بين المحللين السياسيين على أن فوز مودي وحزب «بهاراتيا جاناتا» هو «أكثر النتائج معقولية»، وذلك لشعبية مودي بوصفه رجل سياسة قوياً، والأجندة القومية المتشددة لحزب «بهاراتيا جاناتا»، لا سيما في ولايات قلب البلاد المعروفة بولايات «الحزام الهندي».

في هذه الولايات الناطقة باللغة الهندية يحظى مودي بشعبية واسعة جداً. وتركز كل التعليقات الإعلامية فقط على ما إذا كان سيتمكن من تحسين سجله السابق لعام 2019، والحقيقة أنه حدد بنفسه هدفه المتمثل بإحراز 370 مقعداً، في حين أعرب نقاد مودي وخصومه عن أسفهم لأن انتصاره سيُثبّت مكانته ويعزز تفرّده بالسلطة.

ديمقراطية «الحزب الواحد»

وفعلاً، تصاعدت شكاوى «الديمقراطية ميتة» منذ أصبح ناريندرا مودي رئيساً للوزراء. وازداد القلق، خلال السنوات الأخيرة، بشأن اتجاه الديمقراطية في الهند، مع تساؤل كثيرين عمّا إذا كانت البلاد تتجه نحو «سيناريو» هيمنة «الحزب الواحد». ولقد أثارت هيمنة حزب «بهاراتيا جاناتا» سواء على المستوى المركزي ومستوى الولايات، إلى جانب مزاعم باستهداف أحزاب المعارضة وقادتها، وتسليح الوكالات المركزية، والتلاعب بالانتخابات، تساؤلات جدّية إزاء صحة المؤسسات الديمقراطية في الهند.

راهول غاندي، عميد حزب المؤتمر الوطني الهندي المعارض -الذي أسَّس الهند المستقلة وحكم الهند لعقود من الزمان منذ استقلالها- يشكل المنافس الرئيس لمودي، ولقد حمل شخصياً هذه الرسالة إلى الجماهير الدولية أكثر من مرة. وخلال الأسبوع الماضي، أعلن حزب المؤتمر عن تعرض حساباته المصرفية للإغلاق، وكرّر راهول غاندي القول: «إن الديمقراطية قد ماتت». وحول هذا يقول أودايان بانديوبادياي، العالم السياسي: «تحوًلت الهند، إبان حكم مودي، بالفعل، من ديمقراطية برلمانية إلى ديمقراطية غالبية، وصارت غالبية ركائز النظام الديمقراطي -السلطة التنفيذية والقضاء والإعلام- خاضعة لنفوذ الحزب الحاكم».

وفي حين أن أبرز السمات المميزة لأي ديمقراطية نابضة بالحياة هي وجود معارضة قوية تُحمّل الحزب الحاكم المسؤولية عن تصرفاته، كانت هناك حالات كثيرة استهدفت فيها حكومة حزب «بهاراتيا جاناتا» زعماء المعارضة وأحزابها. وفي هذا المجال، يطلق النقاد وزعماء المعارضة اتهامات خطيرة ضد «بهاراتيا جاناتا» بأنه كان يتلاعب بوكالات مركزية مثل «إدارة إنفاذ القانون» و«إدارة ضريبة الدخل» لاستهداف المعارضين السياسيين. وثمة مزاعم أيضاً بشأن الاستهداف الانتقائي، حيث يواجه قادة المعارضة تمحيصاً مفرطاً، في حين يُمنح مناصرو الحزب الحاكم حرية مطلقة في التحرك.

في هذا السياق، أُدين راهول غاندي العام الماضي بتهمة التشهير وحُكم عليه بالسجن لمدة سنتين في أعقاب تصريحاته ضد مودي خلال تجمع حاشد من أنصاره. وعلاوة على ذلك، أوقفت «إدارة إنفاذ القانون» هذا الأسبوع أرفيند كيريوال، رئيس وزراء دلهي، بتهمة اختلاس الأموال، ومن الواضح أن قادة المعارضة وأحزابها يُستهدَفون بطريقة تشلّ حركتهم مباشرةً قبل بدء التصويت في الانتخابات. وفي ضوء هذا علّق الأمين العام الوطني لحزب المؤتمر رانديب سينغ سورجيوالا بالقول: «حكومة مودي تدمر الديمقراطية وتعصف بدستور الهند. وهي تحاول خنق صوت المعارضة بتخويف قادتها عبر أجهزة التحقيق مثل إدارة إنفاذ القانون ومكتب التحقيقات المركزي وإدارة ضريبة الدخل». وأشار إلى كيفية اعتقال رئيس وزراء دلهي، وأردف: «إن هذه ستكون الانتخابات الأخيرة التي ستقرّر ما إذا كانت الديمقراطية ستصمد في البلاد أم لا».

هل يمكن إنقاذ الديمقراطية؟

بالمناسبة، هذه ليست المرة الأولى التي تمرّ فيها الديمقراطية الهندية بأزمة. فخلال يونيو (حزيران) 1975، في خضمّ نوبة من الاضطرابات المدنية، أعلنت إنديرا غاندي، رئيسة الوزراء وزعيمة حزب المؤتمر (آنذاك) وجدة راهول غاندي، عن بداية ما تسمى «حالة الطوارئ»، التي علّقت بموجبها مؤقتاً الحقوق والحريات الأساسية. واستمر هذا الوضع نحو سنتين، قبل أن تُرفع «حالة الطوارئ» فجأة في مارس (آذار) 1977.

في حينه، أعلنت إنديرا غاندي عن إجراء انتخابات جديدة خسرها حزب المؤتمر، وغادرت غاندي السلطة طواعية -فقط لكي تعود بعد الجولة التالية من الانتخابات. وبالتالي، انتقلت الديمقراطية الهندية بعيداً عن النظام الذي يهيمن عليه حزب المؤتمر إلى نظام أكثر صحة يقوم على التعددية الحزبية. ولكن، هل يوفّر هذا سبباً للتفاؤل بأن مودي قد يسقط بطريقة مفاجئة مماثلة؟

الخبراء الذين تحدثنا معهم أعربوا عن شكوكهم في ذلك؛ إذ رأى محمد ضياء الله خان، الكاتب المستقل، أنه «في حين كانت حالة الطوارئ تعليقاً صارخاً للديمقراطية رداً على الأحداث المباشرة، فإن الاستيلاء على السلطة في حالة مودي ينطوي على فساد أكثر دهاءً وديمومة للمؤسسات قد تكشّف على مدى سنوات. تلقت الديمقراطية في الهند صدمة قوية لدى الكثير من التصنيفات الدولية. وقد خفّض «معهد أنواع الديمقراطية» في السويد التصنيف الهندي إلى «دولة استبدادية انتخابية» العام الماضي فقط، كما وصف معهد «فريدوم هاوس» في الولايات المتحدة الهند بأنها «حرة جزئياً». وهو «ما يغذّي الاعتقاد بأن مودي يسيء بشدة إلى دستورنا، وأن الغالبية الهندوسية تدمّر التقاليد الديمقراطية العلمانية في الهند». إلا أن أميتاب تيواري، المحلل الاستراتيجي والمعلق السياسي، قال: «الهند بعيدة كل البعد عن كونها ديمقراطية الحزب الواحد. قد نشهد هيمنة حزب سياسي واحد، هو (بهاراتيا جاناتا)، لكنّ الاستدلال على أن هذا الحزب علامة على ضعف الديمقراطية يعني أنها أضعف مما ينبغي».

معارضة ضعيفة ومنقسمة

لقد تزامن تدهور حزب المؤتمر مع صعود «بهاراتيا جاناتا»، الذي هو الآن في طريقه إلى سد الفراغ الذي خلّفه الحزب القديم. ولكن، بينما قد تكون الأحزاب الوطنية تغيرت، تظل الأحزاب الإقليمية ممسكة ببعض الأرضية.

في الانتخابات الهندية الأخيرة، تعرّض حزب المؤتمر لهزيمة مريرة أمام «بهاراتيا جاناتا»، غير أنه يأمل في تشكيل تحدٍّ أكبر لنفوذ مودي من خلال التحالف والتكاتف مع الأحزاب الإقليمية. وحقاً قرر حزب المؤتمر خوض انتخابات هذا العام تحت شعار «التحالف الوطني التنموي الهندي الشامل»، المعروف باسم «تحالف إنديا»، (I.N.D.I.A)، وهو ائتلاف يضم 26 حزباً. وهنا نشير إلى أن حزب المؤتمر احتل المرتبة الثانية بفارق بلغ 52 مقعداً عام 2019. ومثّل ذلك، على الأقل، تحسناً طفيفاً مقارنةً بأسوأ أداء للحزب عندما حصل فقط على 44 مقعداً عام 2014.

في مطلق الأحوال، التحالف الذي شُكّل لمواجهة مودي يكافح الآن من أجل التماسك، ووفق الصحافي البارز بوشاب ساراف، «من دواعي السرور لحزب (بهاراتيا جاناتا) أن أحزاب المعارضة الهندية منقسمة وضعيفة. لكنهم إذا تمكنوا من توحيد قواهم ووضع دعمهم خلف مرشح واحد قوي لتحدّي (بهاراتيا جاناتا) في دوائر فردية، قد يفوزون بمزيد من المقاعد. المفاوضات من أجل ذلك أثبتت للآن أنها عسيرة. والأسوأ من ذلك، أن تحالف المعارضة الهشّ لم يُعيّن بعد مرشحاً بديلاً جديراً بالثقة لمنصب رئيس الوزراء. والواقع أن راهول غاندي، زعيم حزب المؤتمر، وعميد أسرة نهرو - غاندي التي قادت الهند بعد استقلالها، يعدّ اختياراً واضحاً، لكنّ كثيرين يرون أنه مجرد «هاوٍ» وليس محترفاً. ثم إن الساسة الإقليميين الناجحين في المنطقة لا يتمتعون إلا بقدر محدود من النفوذ خارج ولاياتهم».

في هذه الأثناء، تبقى شعبية مودي مرتفعة، ولا تزال خلفيته المتواضعة وجاذبيته الشخصية تجتذب الشباب والطموحين، لا سيما في الفئات الطبقية التي كانت تاريخياً مستبعَدة عن السلطة والثروة. وهنا يشرح سانجيف شارما، الأمين العام لجمعية العلوم السياسية الهندية، أن «محاولة راهول غاندي على امتداد البلاد فشلت في توحيد صفوف المعارضة ناهيك بالدولة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة. ويجد (تحالف إنديا) -الذي يضم حزب المؤتمر وما يقرب من 20 حزباً معارضاً آخر- صعوبة في للتغلب على الخلافات والانشقاقات بسبب الصعوبات القانونية ومشكلات التمويل الضخمة. ولذا فلحزب (بهاراتيا جاناتا) اليد الطولى نفسياً، في حين يخوض غاندي معركة خاسرة».

غير أن آخرين يناقضون هذا الرأي ويشعرون بأنه من الظلم أن يُشطب حزب المؤتمر وغاندي؛ إذ إن راهول -حفيد رئيسة الوزراء الراحلة إنديرا غاندي وابن رئيس الوزراء الراحل راجيف غاندي- يُمضي أيامه في التواصل مع الناخبين من مختلف شرائح المجتمع الهندي المتنوع. وهنا تساءل دورو آرون كومار، أستاذ علم الاجتماع في المعهد الهندي للتكنولوجيا في جامو: «كم من كبار السياسيين في الحزب الحاكم ترونه يخرج في مسيرات طويلة ويلتقي الناس ويستمع إلى مشكلات الرجل العادي؟».

تزامن تدهور حزب المؤتمر مع صعود «بهاراتيا جاناتا» الذي هو الآن في طريقه إلى سد الفراغ الذي خلَّفه الحزب القديم

مودي يحضر احتفال تدشين المعبد الهندوسي الذي شيد على انقاض المسجد البابري في آيوديا (رويترز)

المسلمون في حسابات مودي و«بهاراتيا جاناتا»

> شكلت نتائج الانتخابات في الولايات الهندية الخمس التي أجريت في ديسمبر (كانون الأول) دفعة قوية لحزب «بهاراتيا جاناتا» الذي يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، والذي فاز بأربع منها، بينما جاء النصر الوحيد لحزب المؤتمر المعارض في ولاية تيلانغانا بجنوب البلاد. وحسب ميلان فايشناف، الزميل البارز ومدير برنامج جنوب آسيا ومضيف نشرة «غراند تاماشا» الإذاعية في «مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي”، فإن هذه النتائج «تؤكد ما هو معروف بالفعل، ففيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية لعام 2024، لا يزال بهاراتيا جاناتا في الصدارة. وهذه الميزة مدفوعة بالأساس بشعبية مودي الدائمة». وبالفعل، خطوة بخطوة، على مدى العقد الماضي، «عزّزت» حكومة مودي «القاعدة القومية الهندوسية» لحزب بهاراتيا جاناتا، على حساب المكوّنات الهندية الأخرى؛ إذ في عام 2019، ألغت الحكومة التعديلات الدستورية التي تقيّد حقوق نيودلهي في تحديد كيفية حكم كشمير، التي هي الولاية الهندية الوحيدة ذات الغالبية المسلمة. وفي وقت سابق من السنة الحالية، ترأس مودي شخصياً مراسم افتتاح معبد هندوسي جديد في أيوديا، في موقع المسجد البابري التاريخي الذي هدمه نشطاء قوميون هندوس عام 1992. وبعد فترة وجيزة، أعلنت الحكومة أن قانوناً جديداً مثيراً للجدل سيدخل حيّز التنفيذ ويسمح للهندوس والسيخ وغيرهم من الفارين من البلدان المجاورة ذات الغالبية المسلمة بالحصول على الجنسية الهندية، بل قد يجيز القانون أيضاً ترحيل المسلمين الذين يُعدون مهاجرين غير شرعيين. ومن ثم، يتوقّع كثيرون أن الخطوة التالية ستكون «قانوناً مدنياً موحّداً» - بخلاف رغبة المسلمين - يفرض الزواج المشترك، والنفقة، وترتيبات الحضانة على كل المواطنين الهنود بصرف النظر عن الدين. في هذا الجو، لم تتخذ المعارضة أي إجراء فعّال، حتى الآن، لإضعاف مودي رغم التوقعات الصحيحة بأنه حتى مع كل جهوده لن يحقق نتائج جيدة في الولايات الجنوبية غير الناطقة بالهندية. طبعاً، الانتخابات لم تُحسم بعد، وستعتمد نتيجتها إلى حد كبير على أداء مودي في قلب الهند وفي الولايات الغربية حيث ولايات «الحزام الهندي». وللعلم، سيسعى «تحالف إنديا» بقيادة «حزب المؤتمر» إلى مواجهة مودي في هذه المناطق. لكن الدبلوماسي السابق فيفيك كاتجو يعلّق قائلاً: «مع هذا، لا يبدو أن رسالة راهول والهند بأن مودي فشل في معالجة القضايا التي تؤثر على حياة الناس خلقت الزخم اللازم، على الرغم من جهوده الحالية لإزالة هالة مودي. ومن هنا لا يظهر أن المعارضة في الوقت الحالي قريبة على الإطلاق مما ينبغي أن يكون هدفها الأول في خلق شعور بأن مودي يمكن هزيمته. وما لم تفعل ذلك، فإن هذه الانتخابات المقبلة تكون قد حُسِمت بالفعل في الوقت المحدود للغاية المتبقي». أخيراً، بيّنت شركة «مورنينغ كونسولت» التي تتعقب معدلات التأييد الأسبوعية لأكثر من عشرين من قادة العالم المنتخبين ديمقراطياً، أن 78 في المائة من الهنود الذين شملهم الاستطلاع في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) راضون عن أداء مودي. بل إن صافي نسبة الرضا عن مودي (المحسوب حصةً من المستجيبين الراضين عن أدائه يُنقص منه غير الراضين) كان مذهلاً بأعلى من 60 نقطة. أما الزعيم الثاني الأكثر شعبية على القائمة فكان الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، الذي لم يتجاوز تصنيفه الصافي 30 نقطة فأكثر فقط. ثم إن الرضا عن مودي ظل متماسكاً بشكل ملاحظ منذ أغسطس (آب) 2019، وهو التاريخ الذي كانت البيانات متاحة فيه لأول مرة.


الدوري الفرنسي: ليل يستعيد توازنه بثنائية ويُشدد الخناق على موناكو

إيدون جيغروفا محتفلا بهدفه الثاني في لنس (أ.ف.ب)
إيدون جيغروفا محتفلا بهدفه الثاني في لنس (أ.ف.ب)
TT

الدوري الفرنسي: ليل يستعيد توازنه بثنائية ويُشدد الخناق على موناكو

إيدون جيغروفا محتفلا بهدفه الثاني في لنس (أ.ف.ب)
إيدون جيغروفا محتفلا بهدفه الثاني في لنس (أ.ف.ب)

استعاد ليل توازنه بعد تعادلين متتاليين وشدّد الخناق على موناكو عندما تغلب على ضيفه لنس وصيف بطل الموسم الماضي 2-1، الجمعة، في افتتاح المرحلة السابعة والعشرين من الدوري الفرنسي لكرة القدم.

ويدين ليل بفوزه إلى مهاجمه الكوسوفي إيدون جيغروفا، الذي سجل الهدفين في الدقيقتين التاسعة إثر تمريرة من الدولي الجزائري نبيل بن طالب، داخل المنطقة فتلاعب بمدافعين وسددها زاحفة داخل المرمى، والـ60 مستغلاً كرة مرتدة من الحارس بريس سامبا، تابعها داخل المرمى الخالي.

وقلَّص نيس الفارق عبر هدّافه إيلي واهي، عندما تلقى كرة خلف الدفاع من الأرجنتيني فاكوندو ميدينا، فتوغّل داخل المنطقة وسددها زاحفة بيسراه على يسار الحارس لوكاس شوفالييه (78).

وهو الهدف السابع لواهي في الدوري هذا الموسم.

وعاد ليل إلى سكة الانتصارات بعد تعادلين مع رين وبريست فحقق فوزه الثاني عشر هذا الموسم رافعاً رصيده إلى 46 منتزعا المركز الثالث بفارق الأهداف من موناكو الذي يحلّ ضيفاً على متز السبت.

في المقابل، مُنيَ لنس بخسارته الثانية توالياً والتاسعة هذا الموسم فتجمد رصيده عند 42 نقطة في المركز السادس.

ويلعب السبت أيضاً ليون مع رينس، على أن تختتم المرحلة الأحد بلقاءات لوريان مع بريست، ونيس مع نانت، ولوهافر مع مونبلييه، وكليرمون فيران مع تولوز، وستراسبورغ مع رين، ومرسيليا مع باريس سان جيرمان.