ولد الشيخ يحمل الحوثيين وصالح مسؤولية عرقلة الجهود لتحقيق السلام

الحالة الإنسانية قاتمة والانقلابيون يستخدمون أساليب تعذيب ممنهجة

ولد الشيخ يحمل الحوثيين وصالح مسؤولية عرقلة الجهود لتحقيق السلام
TT

ولد الشيخ يحمل الحوثيين وصالح مسؤولية عرقلة الجهود لتحقيق السلام

ولد الشيخ يحمل الحوثيين وصالح مسؤولية عرقلة الجهود لتحقيق السلام

قال المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ إن تشكيل الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح، حكومة في صنعاء، عقّد جهود إحلال السلام، وأضاف ولد الشيخ خلال إحاطته لمجلس الأمن أمس حول تطورات الأوضاع في اليمن، أن الإجراءات الأحادية التي قام بها الحوثيون وصالح تعرقل الحل في اليمن، وطالب ولد الشيخ المجتمع الدولي بالضغط على الأطراف اليمنية لوقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن المدنيين ما زالوا يعانون جراء تلك الحرب.
وبين ولد الشيخ أن قرار «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» بإنشاء حكومة موازية تابعة لما يسمى المجلس السياسي الأعلى، يضع عراقيل إضافية أمام مسار السلام، ويؤثر سلبا على عامل الثقة بين الأطراف، وقال: «لقد كررنا أكثر من مرة خطورة القرارات الأحادية في هذه الأوقات العصيبة وتأثيرها على إعادة تفعيل مؤسسات الدولة».
وذكر ولد الشيخ أن الأشهر الأخيرة شهدت تصعيدا للعمليات العسكرية أثر بشكل مريع على الشعب اليمني، وأن الأعمال القتالية استمرت في مناطق عدة؛ منها محافظتا صنعاء وتعز والمنطقة الحدودية بين اليمن والسعودية، وأنه لا يزال المدنيون في تعز يعانون من القصف العشوائي المتزايد على المناطق السكنية.
وأضاف أن «نجاح وقف الأعمال القتالية سوف يساعد على تحقيق انفراج حقيقي في المشهد اليمني، ويحمل الأمل لليمنيين بعد معاناة طويلة من الحرب، كما أنه سيشكل ركيزة صلبة للتباحث بالحل السياسي الشامل»، مشيرا إلى أنه التقى وزير الخارجية الأردني الذي عبر عن ترحيب بلاده باستضافة ورشة بهذا الخصوص، كما عبر عن استعداد الأردن لتقديم أي دعم لمسار السلام ومساعدة الشعب اليمني، وذلك عبر ورشة عمل مدتها 5 أيام يحضرها ممثلون من طرفي النزاع، حتى يخرجوا بخطة عملية مشتركة تضمن تقوية وقف الأعمال القتالية، وعدم تعرضه لأي خرق من أي طرف، حيث رحبت الحكومة اليمنية، ووافقت على إرسال ممثليها للمشاركة في هذه الدورة، و«أتمنى على وفد (أنصار الله) و(المؤتمر الشعبي العام) تأكيد حضور ممثليهم».
وأوضح أن امتناع الحوثيين عن تقديم أي طروحات عملية وعن وضع خطة مفصلة للترتيبات الأمنية تتطرق إلى تفاصيل الانسحاب العسكري وتسليم الأسلحة الثقيلة، لن يساعد على التقدم، بخاصة أن الشق الأمني جوهري في المقترح، وأساسي للسلام على الرغم من دعم سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأميركية.
وبين ولد الشيخ أن اليمن يشهد حاليا تراجعا مستمرا على الصعيدين الاقتصادي والإنساني؛ «فبحسب المنظمات الإنسانية، فإن 18.8 مليون مواطن ومواطنة بحاجة لمساعدات إنسانية، و2.2 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، وهذا المؤشر هو الأسوأ على صعيد العالم. الأسباب كثيرة ولا تقتصر على ارتفاع نسبة الفقر فقط؛ بل تشمل أيضًا تراجع الخدمات الصحية والاستشفائية، وعدم توفر المياه وغيرها من العوامل».
ويعقد اليوم الجمعة مجلس الأمن جلسة خاصة مغلقة بشأن تقرير لجنة العقوبات النهائي، حيث من المقرر أن يتم تمديد العقوبات بحق صالح ونجله (أحمد) وعبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين وشقيقه عبد الخالق، إلى جانب أبو علي الحاكم، وستنظر لجنة العقوبات الخاصة بالقرار «2140» في التقرير النهائي لفريق الخبراء التابع لها.
ويحلل التقرير تنفيذ العقوبات المفروضة بشأن حظر السفر والأموال والأسلحة على ميليشيات الحوثيين وعلي صالح، وانتهاكات القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، ويشير التقرير إلى استخدام التعذيب والاحتجاز التعسفي من قبل الحوثيين «على نطاق واسع ومنهجي بما فيه الكفاية لتوريط قيادتهم العليا». وأخيرا يشير التقرير إلى إمكانية استغلال تنظيمات، مثل «القاعدة» و«داعش»، الفراغ الناجم عن الحرب في استقطاب الشباب.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.