المهدي في الخرطوم متعهدًا بعودة المعارضة لمواصلة الحوار مع الحكومة

اشترط بناء الثقة وأعلن نيته التخلي عن العمل السياسي

الصادق المهدي يخاطب أنصاره (أ.ف.ب)
الصادق المهدي يخاطب أنصاره (أ.ف.ب)
TT

المهدي في الخرطوم متعهدًا بعودة المعارضة لمواصلة الحوار مع الحكومة

الصادق المهدي يخاطب أنصاره (أ.ف.ب)
الصادق المهدي يخاطب أنصاره (أ.ف.ب)

عاد الزعيم السياسي والديني السوداني الصادق المهدي إلى السودان بعد هجرة اختيارية إلى مصر، قال إنه قضاها «في توحيد كلمة القوى السياسية لتحقيق وحدة الوطن، وإقامة جبهة عريضة وميثاق لبناء الوطن»، وتعهد بعودة المعارضين لمواصلة الحوار في داخل البلاد حال تحقيق السلطات إجراءات بناء الثقة. وقطع المهدي بالتخلي عن قيادة حزب الأمة وممارسة العمل السياسي المباشر بعد المؤتمر المقبل لحزبه.
وقال المهدي، وهو يتحدث لحشد قوامه قرابة عشرة آلاف من مؤيديه بالعاصمة القومية أم درمان، إنه عاد إلى البلاد بصفته القومية وليست الحزبية، بعد أن استطاع جمع كلمة القوى السياسية السودانية، وتحقيق اصطفاف جديد لحماية وحدة البلاد وتحقيق العدالة، وتكوين جبهة لبناء الوطن. وأوضح المهدي، أن غيابه الذي دام ثلاثين شهرًا استهدف، إضافة إلى جمع شمل القوى السياسية السودانية، تحقيق مهمة أخرى ضمن منتدى الوسطية العالمي لاستنهاض الأمة وتحقيق الوفاق بين أهل السنة والشيعة باعتبارهم أهل قبلة واحدة. وأشار إلى أنه عرض على مجموعة نادي مدريد، ويضم 111 رجلا وامرأة كانوا رؤساء في بلادهم، فكرة مواجهة أسباب التطرف والإرهاب الفكرية والسياسية الداخلية والخارجية، وقال: «إرهاب (القاعدة) و(داعش) صار حركة ثورية ذات أهداف سياسية، ولا يمكن للوسائل الإقليمية وحدها القضاء عليها، فلولا غزو أفغانستان ما كان (القاعدة)، ولولا احتلال العراق لما كان (داعش)».
ودعا المهدي إلى إنهاء الحرب وإقامة الحكم على الرضا الشعبي، ومواجهة الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد بخفض الإنفاق العسكري والأمني، وتحقيق زيادة كبيرة في الإنتاج والاستثمارات، وتطبيع العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية، بيد أنه قال: «تطبيع العلاقات مع المؤسسات المالية الدولية، لن يحدث إلا برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومعالجة الدين الخارجي».
وتوقع المهدي أن يؤدي رفع الحظر الأميركي عن السودان والسماح بالتعامل له بالدولار والتجارة فوائد للمواطنين، وأن يؤدي الالتزام بالشروط الأميركية إلى رفع الحظر كليا عن السودان لانفراجة سياسية وتحسن في مجال حقوق الإنسان، وفي الممارسة السياسية.
وتعهد المهدي بإدلاء رأيه في التوصيات التي صدرت عن الحوار الوطني، التي وصفها بـ«أن بعضها مقبول وبعضها مرفوض، وأنها لا تلزم إلا الذين وقعوها»، أثناء حوار خريطة الطريق.
ودعا المهدي الحكومة إلى اتخاذ إجراءات تهيئة المناخ للحوار، التي تتضمن وقف العدائيات وانسياب الإغاثات الإنسانية، وبسط الحريات، وتقييم توصيات حوار قاعة الصداقة، والاتفاق على أجندة اتفاق السلام والحكم القومي والمؤتمر الدستوري المنشود، على أن تبحث داخل السودان.
وقطع المهدي بأن قوى نداء السودان المعارضة أكدت له التزامها بخريطة الطريق الأفريقية وبالعمل التعبوي لتحقيق أهدافها بالوسائل السياسية، وقال إنه بعث بخطاب للوسيط الأفريقي، ثابو مبيكي، طلب فيه عقد لقاء بين الأطراف الموقعة لخريطة الطريق. ورحب المهدي بقرار الحكومة السودانية بوقف إطلاق النار لستة أشهر، وقال إنه يستلزم أن تتفق معه الأطراف الأخرى، وتكوين وسيلة لمراقبة مدى الالتزام به، وتعهد ببذل الجهد لوقف العدائيات باعتباره أحد أهم المهام التي عاد من أجلها، وأضاف «سأعمل بكل الوسائل لإزالة العقبات حتى نصل لوقف العدائيات ومراقبته، وانسياب الإغاثات وضمان وصولها، واعتماد خريطة الطريق سبيلاً للحوار الجامع».
وقطع بعودة من أطلق عليهم «الأخوة جميعًا» للبلاد بعد اتخاذ إجراءات بناء الثقة للبلاد، وبحث الخلافات داخل السودان، معلنًا شروعه في إجراء مصالحات بين المجموعات القبلية والإثنية في البلاد، والاعتراف بالتنوع السوداني؛ لوقف ما أسماه بالاستقطاب الحاد الذي ينتظر أن يمزق النسيج الاجتماعي للبلاد، وأنه سيشرع فورًا في عقد مصالحات قبلية واسعة النطاق ومحو آثار الاستقطاب.
وأبلغ المهدي مؤيديه بعدم رغبته في الاستمرار زعيما لحزب الأمة وممارسة العمل السياسي المباشر بعد عقد المؤتمر الثامن لحزبه فقابلوه بهتاف «لن نصادق غير الصادق»، وواصل: «يعيب عليّ بعض الناس فترة رئاستي لحزب الأمة والتقدم في السن، ورغم أن فترات رئاستي له كانت متقطعة تضمنت اعتقالات ومصادرات ومنافي وأحكام إعدام، وأن زعماء شباب أوصلوا بلادهم أسفل سافلين، ومع ذلك وليس عن عجز، ولكن عن تأهب لأدوار أخرى في الحياة، فقد كتبت لأجهزة حزب الأمة منذ أكثر من عام أقترح ما يمكن تسميته التأسيس الرابع لحزب الأمة، الذي سيحقق عبورًا تقدميًا في المجال العمري والنوعي والاجتماعي والجهوي».
واستقبل المهدي لدى وصوله أمس نجله عبد الرحمن، مساعد الرئيس البشير، ووزير ديوان الحكم الاتحادي فيصل حسن إبراهيم، وعددا من قادة حزبه وقادة أحزاب المعارضة، بيد أن السلطات فرضت شروطًا مشددة على مراسم الاستقبال الواسع الذي نظمه مؤيدوه وحواريوه له. وانتقدت نائبة رئيس الحزب، مريم المهدي، التي تحدثت للصحافيين ما أسمته الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها السلطات في الاستقبال، التي هدفت بموجبها إلى منع حشود المؤيدين من استقباله بما يليق، وقالتْ إن «الحكومة السودانية تعاملت معه كشخصية عادية».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.