ناطق باسم عباس: هذا تحدٍ واستخفاف بالمجتمع الدولي ستكون له عواقب

نتنياهو يصادق على 2500 وحدة استيطانية جديدة بعد طلبه «عدم مفاجأة ترمب»

ناطق باسم عباس: هذا تحدٍ واستخفاف بالمجتمع الدولي ستكون له عواقب
TT

ناطق باسم عباس: هذا تحدٍ واستخفاف بالمجتمع الدولي ستكون له عواقب

ناطق باسم عباس: هذا تحدٍ واستخفاف بالمجتمع الدولي ستكون له عواقب

قال ناطق باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنه سيكون لمصادقة الحكومة الإسرائيلية على بناء 2500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، عواقب، في أقوى رد فعل فلسطيني على مثل هذه المصادقات منذ سنوات.
وأضاف الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة: «هذا تحدٍ واستخفاف بالمجتمع الدولي، وعمل مدان ومرفوض، وستكون له عواقب».
وتابع أبو ردينة في بيان، إن «القرار سيعيق أية محاولة لإعادة الأمن والاستقرار، وسيعزز التطرف والإرهاب، وسيضع العراقيل أمام أي جهد يبذل من أية جهة لخلق مسيرة سلمية تؤدي إلى الأمن والسلام».
ووصف أبو ردينة القرار بأنه «يشكل تحديًا واستفزازًا واستخفافًا بالعالم العربي والمجتمع الدولي». وقال: «المطلوب الآن وقفة حقيقية وجدية لمراجعة هذا التحدي».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش أفيغدور ليبرمان، قررا أمس، المصادقة على بناء 2500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، يفترض أن يقام معظمها في كتل كبرى، و100 منها في مستوطنة «بيت إيل»، شمال شرق رام الله.
وقال مصدر إسرائيلي، إن المصادقة على هذه القرارات الجديدة، جاءت تنفيذًا للتعهد الذي قدمته الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين بتعويضهم عن الإخلاء السابق لمستوطنة «ميغرون».
وكتب نتنياهو على «تويتر»، في نبرة تحدٍ: «نبني ونواصل البناء». وقال ليبرمان: «عدنا إلى حياتنا الطبيعية في يهودا والسامرة» (الضفة الغربية).
وبحسب مصادر إسرائيلية، ينوي ليبرمان كذلك، طرح مخطط إقامة منطقة صناعية فلسطينية قرب بلدة ترقوميا غرب الخليل، على المجلس السياسي والأمني الإسرائيلي المصغر «الكابنيت»، للمصادقة عليها.
وجاء القرار الإسرائيلي الجديد بعد أيام فقط من قرار «لجنة التخطيط والبناء» التابعة لبلدية القدس، المصادقة على مخطط لبناء 566 وحدة استيطانية جديدة في مناطق القدس الشرقية.
وصودق على بناء هذه الوحدات، بعد يومين من تولي دونالد ترمب الرئاسة في الولايات المتحدة. وقال نائب رئيس بلدية القدس، مئير ترجمان، الذي يترأس لجنة التخطيط والبناء، إن بناء هذه الوحدات جرى تجميده أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بطلب من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في انتظار تنصيب الرئيس الأميركي الجديد.
واللافت أن الإعلان الجديد، جاء بعد يوم فقط من قول نتنياهو، إنه لا تجب مفاجأة الإدارة الأميركية الجديدة التي نصحته بالتروي والتعقل.
وقال صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، «إن طرح عطاءات لبناء 2500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، إضافة إلى 566 وحدة استيطانية في القدس الشرقية المحتلة، يعتبر رد الحكومة الإسرائيلية الرسمي على قرار مجلس الأمن (2334) لعام 2016، وبيان مؤتمر باريس الدولي في يناير (كانون الثاني) 2017. وأن هذه المواقف الإسرائيلية تدمر خيار الدولتين، واستبداله بمبدأ الدولة بنظامين، أي (الأبرتهايد)، وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه، يعني دفع المنطقة وشعوبها إلى المزيد من دوامات العنف والتطرف وإراقة الدماء».
وأضاف في بيان: «على العالم أن يدرك أن الانتصار على التطرف والإرهاب وإحلال الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، يبدأ ويرتكز على تجفيف مستنقع الاحتلال الإسرائيلي، وبما يضمن إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود 1967، وبعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضايا الوضع النهائي كافة، بما فيها اللاجئون والأسرى استنادًا لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.