مسؤول فلسطيني: تلقينا تطمينات بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس

عباس يتطلع للعمل مع الرئيس الأميركي الجديد... وأوروبا لن تنقل سفاراتها

مسؤول فلسطيني: تلقينا تطمينات بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس
TT

مسؤول فلسطيني: تلقينا تطمينات بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس

مسؤول فلسطيني: تلقينا تطمينات بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس

كشف مصدر فلسطيني مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، عن تلقي القيادة الفلسطينية رسائل مطمئنة، حول تجميد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، خطة نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، في مسعى منه لدفع عملية سياسية جديدة في المنطقة.
وأكد المصدر أن مسألة نقل السفارة لم تعد قائمة في هذه المرحلة، بحسب معلومات رسمية جديدة.
ولم يشر المصدر إلى الجهة التي أبلغت السلطة تلك الرسالة، لكنه أكد أن ثمة ارتياحا كبيرا في رام الله الآن، بسبب التخلص من الضغط الذي كان يسببه الأمر.
وجاءت التطورات الجديدة، بعد تهديدات فلسطينية مباشرة، بسحب الاعتراف بإسرائيل ومواقف عربية وأوروبية وروسية مساندة.
وسألت «الشرق الأوسط» الدكتور أحمد مجدلاني، وهو عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ومساعد كبير للرئيس عباس، حول ما يجري، فرد قائلا إن المؤشرات الأولية لديهم تؤكد تراجع ترمب عن وعده.
وأضاف مجدلاني: «الإدارة الأميركية أبقت الأمر عند حدوده، أي وعد انتخابي فقط». وتابع: «ثمة عوامل متعددة ساعدت على تراجع ترمب، كما يلي:
أولا: أنه أصبح في موقع المسؤولية، وقرار من هذا النوع، يعني أنه سيكون مسؤولا عن أي تبعات، بما في ذلك تدمير أي أمل في إقامة السلام، وتأجيج الصراع، وتضرر مصالح الولايات المتحدة في العالم.
ثانيا: أميركا واحدة من الدول الخمس الكبيرة في مجلس الأمن، وخرقها قوانين المجلس يشجع الآخرين؛ مثل روسيا والصين، على خرق هذه القوانين أيضا.
ثالثا: وضع القدس وفق القرار (181) أنها مدينة مدولة، والعالم يتعامل معها وفقًا لهذا المنطق، ولا تستطيع الولايات المتحدة خرق قواعد القانون الدولي بهذه الطريقة السهلة. والأهم؛ الرسائل الحاسمة التي وصلت إلى ترمب من السعودية، والأردن، ومن الرئيس عباس، وأشقاء عرب، والروس، والاتحاد الأوروبي، حول رفض هذه الخطوة، والتحذير من تداعيات مفتوحة لها وغير محسوبة العواقب».
وأكد مجدلاني أن تراجع ترمب ترك ارتياحا كبيرا في رام الله، بسبب تجاوز مرحلة شديدة التعقيد كانت ستنسف العملية السياسية برمتها، وتنهي أي أساس للعلاقات مع الإسرائيليين والأميركيين.
وكان موضوع نقل السفارة الشاغل الرئيسي للإسرائيليين والفلسطينيين، منذ فوز ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، بعد إعطائه وعودا مباشرة بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس.
وعزز مقربون من ترمب الانطباع بأنه سيفعلها وينفذ وعده. وأجج مسؤولون إسرائيليون الأمر، مطلقين تصريحات مختلفة حول قناعتهم بتنفيذ ترمب خطوته؛ بل راح بعضهم، مثل رئيس بلدية القدس، نير بركات، يعلن أنه يجري مباحثات لوجيستية مع الأميركيين، من أجل تحديد طريقة نقل السفارة، ومكانها، وتوقيت ذلك. وهذا ما دفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى البعث برسالة مباشرة لترمب، قبل أن يلجأ إلى روسيا والأردن والسعودية ودول أخرى، من أجل الضغط على الرئيس الأميركي لوقف مخططه.
وقد فوجئ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أول مكالمة أجراها مع ترمب، قبل يومين، بأن الرئيس الأميركي لم يجبه في موضوع السفارة، وأبلغه أنه يريد أن يعطي فرصة لمفاوضات السلام، وأنه سيفعل ذلك في الوقت المناسب.
وذكرت القناة العاشرة العبرية أن ترمب عدل عن قرار نقل السفارة إلى القدس في هذا الوقت، وأنه أبلغ نتنياهو أنه يرغب بدفع عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ووعده بأن تجري مناقشة نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس في الوقت المناسب. وقال نتنياهو لوزراء «الليكود» بعدها: «الآن ليس وقتا للمفاجآت». وحتى الناطق باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، قال إن المناقشات بشأن نقل السفارة «في المراحل المبكرة جدا».
ويأمل الفلسطينيون، بحسب ما قاله الرئيس الفلسطيني، سابقا، أن ينخرط ترمب في العملية السلمية بدل أن يقضي عليها بخطوة نقل السفارة.
وأعلن عباس أنه بعد ترسيم الحدود فقط وإعلان القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، يمكن لأميركا أن تفعل ما تشاء، في إشارة إلى حقها في نقل السفارة إلى القدس الغربية.
وجدد عباس أمس، خلال استقباله القنصل الأميركي العام ديفيد بلوم، «الالتزام الكامل برسالة السلام». وأبلغ بلوم بأنه يتطلع للعمل مع الإدارة الجديدة، «من أجل تعزيز العلاقات الثنائية للوصول إلى سلام عادل، ومنطقة آمنة ومستقرة خالية من العنف والإرهاب».
وأبلغ مسؤولون في الاتحاد الأوروبي وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية، تساحي هنغبي، الذين التقاهم في بروكسل، أمس وأول من أمس، أن دولهم لن تنجر وراء الولايات المتحدة في نقل السفارة إلى القدس، وأنه حتى لو أصرت واشنطن على رأيها، فإن دول أوروبا ستبقي على سفاراتها في تل أبيب، إلى حين يتوصل الإسرائيليون والفلسطينيون إلى اتفاق سلام.
وقال هنغبي، في أحاديث داخلية، إن الأوروبيين يبرزون في موقف حاد وعنيد، ضد كل ما يعدونه «إجراءات أحادية الجانب من أي طرف، خصوصا في مجال الاستيطان وموضوع القدس». وأضاف: «من الواضح أن الأوروبيين معنيون بالظهور على خلاف علني مع إدارة الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، الذي ينظرون إليه نظرة عدائية ودونية».
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قد شجبت المصادقة الإسرائيلية على بناء 566 وحدة إسكان في مستوطنات «رمات شلومو» و«راموت» و«بسغات زئيف» وراء الخط الأخضر في القدس. وجاء في بيان وزارة الخارجية الفرنسية أن «مجلس الأمن كرر في القرار (2334) عدم قانونية المستوطنات حسب القانون الدولي، وطلب وقفها الفوري والمطلق. المستوطنات تهدد بشكل خطير حل الدولتين، الذي عاد وأكد المجتمع الدولي دعمه له خلال المؤتمر الدولي الذي عقد في باريس في 15 يناير (كانون الثاني). هذا هو الحل الوحيد الذي يمكن اعتماده لتحقيق السلام المستدام بين إسرائيل والفلسطينيين». وأمس صدر بيان مماثل عن وزراء الاتحاد الأوروبي.



الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء تلبية لدعوة إردوغان

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
TT

الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء تلبية لدعوة إردوغان

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)

قال برهان الدين دوران، مدير الاتصالات في مكتب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود سيزور تركيا غداً (الثلاثاء) تلبيةً لدعوة إردوغان.

وأضاف دوران، على منصة «إكس»، أنه سيتم خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين تركيا والصومال وتقييم الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز التعاون.

وتابع قائلاً: «سيناقش الزعيمان جهود الصومال في مكافحة الإرهاب، وخطواته لضمان الوحدة الوطنية، والتطورات الإقليمية».

كانت تركيا قد أدانت، يوم الجمعة، اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، ووصفته بأنه عمل غير قانوني يستهدف زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.

وأكدت «الخارجية التركية»، في بيان، أن الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية للصومال، مؤكدة استمرار تركيا في دعمها لوحدة أراضي الصومال.


اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
TT

اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)

انضم وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري إلى الإجماع اليمني الواسع المرحب برسالة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى الشعب اليمني، التي تدعو «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى إخراج قواته من حضرموت وشبوة، بالتوازي مع تقارير حقوقية تتهم هذه القوات بارتكاب مئات الانتهاكات.

وفي هذا السياق، عبّر الوزير الداعري عن تقديره العميق لرسالة نظيره وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، «وما حملته من تأكيد على موقف السعودية الثابت في دعم ومساندة اليمن وشرعيته، وحرصها الدائم على وحدة الصف، وتضافر جهود الجميع لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحرير كامل التراب الوطني، وتحقيق أهداف (عاصفة الحزم) و(إعادة الأمل)، بما يعزز الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة».

وأكد الوزير الداعري، في منشور له على صفحته في «فيسبوك»، ثقته المطلقة «بحكمة القيادة السعودية، وقدرتها على تجاوز وحل أي خلافات أو تباينات لإخراج اليمن إلى بر الأمان شمالاً وجنوباً».

وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري (سبأ)

وثمّن وزير الدفاع اليمني، عالياً، «التضحيات السعودية والدعم السخي والإسناد المتواصل في مختلف الجوانب وعلى الصعد كافة»، مؤكداً اعتزازه «بهذه الشراكة الاستراتيجية التي ستظل ركيزة أساسية لاستكمال التحرير وبناء مستقبل آمن ومزدهر».

وقال الداعري: «أكرر الشكر والتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف، على مساعيهم الحكيمة وجهودهم الصادقة ليتحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية».

مئات الانتهاكات

وفي ظل استمرار التصعيد العسكري الأحادي الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي»، كشفت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، عن توثيق 614 واقعة انتهاك ارتكبتها قواته في محافظة حضرموت، خلال الفترة من 2 ديسمبر (كانون الأول) إلى 25 من الشهر نفسه، في تصعيد وصفته بـ«المنظم والممنهج» استهدف المدنيين والبنية المجتمعية، وأسفر عن تهجير وتشريد ما يقارب 5000 أسرة من مناطق متفرقة في المحافظة.

وقالت الشبكة، في تقرير، الاثنين، إن «طبيعة وحجم الانتهاكات المسجلة يعكسان نمطاً متكرراً من الممارسات الجسيمة التي لا يمكن توصيفها بأنها حوادث فردية أو عرضية، بل تأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدد السلم الاجتماعي، وتقوّض سيادة القانون في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية استقراراً نسبياً».

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» يرفعون في عدن صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

ووفقاً للتقرير، شملت الانتهاكات جرائم قتل وإصابة، وتصفيات ميدانية خارج إطار القانون، واعتقالات تعسفية، وإخفاءً قسرياً، ونهباً لممتلكات عامة وخاصة، وتهجيراً قسرياً واسع النطاق. وأشار إلى توثيق مقتل 35 عسكرياً من أفراد الجيش و12 مدنياً من أبناء حضرموت، إلى جانب إصابة 56 شخصاً بجروح متفاوتة.

كما سجل التقرير 7 حالات تصفية ميدانية لأسرى دون أي إجراءات قضائية، و316 حالة اعتقال تعسفي طالت مدنيين، في خرق واضح للضمانات القانونية الأساسية. وفيما يتعلق بملف الإخفاء القسري، وثقت الشبكة 216 حالة توزعت على محافظات عدة، من بينها حضرموت (53 حالة)، وريمة (41)، وحجة (31)، وتعز (28)، وذمار (26)، وأبين (19)، وإب (18)، إضافة إلى حالات من محافظات أخرى.

وأشار التقرير كذلك إلى نهب 112 منزلاً سكنياً و56 منشأة تجارية، والاستيلاء على 20 مركبة خاصة، فضلاً عن التهجير القسري وتشريد آلاف الأسر، ما فاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في المحافظة.

إخفاء قسري

وأكدت الشبكة الحقوقية تلقيها عشرات البلاغات الموثقة من أسر مدنية، أفادت باختفاء أبنائها قسراً، دون أي معلومات عن أماكن احتجازهم أو مصيرهم حتى لحظة إعداد التقرير، إضافة إلى مئات العسكريين التابعين للمنطقة العسكرية الأولى الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً، في انتهاك جسيم للقانون الوطني والمعايير الدولية.

وشدد التقرير على أن هذه الممارسات «تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وخرقاً لالتزامات اليمن بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الحق في الحياة، وحظر الاعتقال التعسفي، وحظر الإخفاء القسري».

وذهبت الشبكة إلى أن «بعض هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما إذا ثبت طابعها واسع النطاق أو المنهجي، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم وتستوجب المساءلة الجنائية الفردية والمؤسسية».

«المجلس الانتقالي الجنوبي» يسعى إلى الانفصال عن شمال اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بالقوة (أ.ب)

وحذرت الشبكة الحقوقية من «تداعيات إنسانية كارثية، تشمل تفكك النسيج الاجتماعي، وتفاقم النزوح الداخلي، والانهيار الاقتصادي المحلي، وتعاظم الصدمات النفسية لدى النساء والأطفال، في ظل غياب آليات حماية فعالة للمدنيين».

وطالبت بـ«إدانة دولية واضحة وصريحة للانتهاكات المرتكبة في حضرموت، والوقف الفوري وغير المشروط لها، والإفراج العاجل عن جميع المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المخفيين قسراً، وإعادة الممتلكات المنهوبة إلى أصحابها». كما دعت إلى محاسبة المسؤولين «وفق مبدأ عدم الإفلات من العقاب».

وأكدت الشبكة أن ما يجري في حضرموت «ليس وقائع معزولة، بل هو نمط ممنهج يهدد فرص الاستقرار والسلام في اليمن»، مجددة استعدادها للتعاون مع آليات الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة، وتزويدها بالتقارير التفصيلية والأدلة الموثقة وقوائم الضحايا.


الحوثيون يصعّدون اقتصادياً ضد الحكومة اليمنية

مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يصعّدون اقتصادياً ضد الحكومة اليمنية

مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

في تصعيد جديد للحرب الاقتصادية، تواصل الجماعة الحوثية فرض قيود مشددة على حركة الاستيراد في اليمن، عبر منع دخول البضائع القادمة من المنافذ البحرية والبرية الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وإجبار التجار والمستوردين على تحويل شحناتهم إلى مواني الحديدة الخاضعة لسيطرتها.

وتأتي هذه الخطوة، في وقت تعاني تلك المواني تراجعاً حاداً في قدرتها التشغيلية؛ نتيجة الضربات الأميركية والإسرائيلية التي لحقت بها خلال الأشهر الماضية.

وتؤكد مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تحتجز منذ أسابيع عشرات الشاحنات في المنافذ الجمركية التي استحدثتها على خطوط التماس؛ بذريعة مخالفة التعليمات الجديدة التي تُلزم المستوردين بإدخال بضائعهم عبر مواني الحديدة فقط.

عشرات الشاحنات محتجزة في المنافذ الجمركية التي استحدثها الحوثيون (إعلام محلي)

وتشير المعلومات، إلى أن هذه الإجراءات تستهدف بالدرجة الأولى تعظيم الموارد المالية للجماعة، بعد أن فقدت نحو 75 في المائة من العائدات الجمركية التي كانت تحصل عليها من البضائع الداخلة عبر المواني الخاضعة للحكومة.

وحسب المصادر، فإن من بين أبرز السلع التي طالتها القيود الحوثية، شحنات الأخشاب المستوردة، التي جرى منع دخولها رغم عدم شمولها بقرارات وزارتي المالية والتجارة التابعتين للجماعة بشأن المواد المحظورة.

ابتزاز منظم

وتوضح المصادر، أن الحوثيين يحاولون عقد صفقات مع التجار، تسمح بدخول الشحنات المحتجزة مقابل تعهدات خطية بعدم الاستيراد مستقبلاً عبر المنافذ الحكومية، في خطوة وُصفت بأنها «ابتزاز اقتصادي منظم».

وتشير إلى أن هذه السياسة تتزامن مع تراجع كبير في كفاءة ميناء الحديدة، الذي تضررت معظم أرصفته ورافعاته، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بـ«ميناء رأس عيسى» المخصص لاستقبال الوقود.

تراجع القدرة التشغيلية لميناء الحديدة بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية (إعلام محلي)

وعلى الرغم من فشل الجماعة في إعادة تشغيل الميناء بطاقته السابقة، فإنها لجأت إلى توجيه السفن نحو «ميناء الصليف» الأقل تضرراً، مع تقديم حوافز مالية وإدارية للمستوردين، مقابل تمرير بضائعهم عبر هذه المواني وتسويقها حتى في مناطق سيطرة الحكومة.

وفي هذا السياق، يؤكد الجانب الحكومي، أن الحوثيين لا يكتفون بتقديم الإغراءات، بل يمارسون ضغوطاً مباشرة على المستوردين لتحويل مسار شحناتهم.

وتشمل هذه الضغوط، تسهيلات تتجاوز خفض سعر الدولار الجمركي، لتصل إلى السماح بدخول سلع مخالفة للمواصفات الخليجية المعتمدة في اليمن؛ ما يشكل تهديداً مباشراً للسوق المحلية وصحة المستهلكين، مستغلين رفض الحكومة استحداث نقاط رقابة في مناطق التماس، على غرار ما قامت به الجماعة.

احتكار القمح

لم تقتصر سياسات الجماعة الحوثية على السلع المستوردة، بل امتدت إلى المواد الغذائية الأساسية، وفي مقدمتها القمح والطحين. إذ منعت استيراد الطحين بحجة قدرتها على توفيره محلياً عبر المطاحن الموجودة في الحديدة، بعد أن قامت باستئجار «مطاحن البحر الأحمر» من مالكيها. غير أن مصادر تجارية تؤكد، أن الطاقة الإنتاجية لهذه المطاحن لا تغطي حتى نصف احتياجات السكان، وهو ما ينطبق أيضاً على إنتاج القمح المحلي.

وتوضح البيانات، أن المساحات المزروعة بالقمح في محافظة الجوف لا تنتج سوى أقل من 5 في المائة من احتياجات السوق، ومع ذلك يُباع القمح المحلي بأسعار تفوق المستورَد بشكل كبير، حيث يبلغ سعر كيس القمح (50 كيلوغراماً) نحو 20 ألف ريال يمني، مقارنة بنحو 12 ألف ريال للقمح المستورَد؛ ما يجعله غير قادر على المنافسة في السوق الحرة. (الدولار نحو 535 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الحوثيين).

تحوّل مَزارع القمح في الجوف مصدرَ ثراء لقيادات حوثية (إعلام محلي)

وتتهم المصادر مسؤولي وزارة الصناعة والتجارة، ومصلحة الجمارك التابعة للجماعة الحوثية، بتعمد خلق اختناقات تموينية؛ بهدف تصريف مخزون القمح المحلي المكدس نتيجة ضعف الإقبال عليه.

كما كشفت عن دور ما يُعرف بـ«الحارس القضائي» في مصادرة مساحات واسعة من أراضي زراعة القمح في الجوف؛ بحجة ملكيتها لشخصيات مؤيدة للحكومة، قبل منحها لقيادات حوثية تستثمرها مقابل توريد نسب محددة من العائدات إلى حسابات خاصة بالجماعة.

ولم يتوقف العبث عند هذا الحد؛ إذ جرى - حسب المصادر - تأجير معظم مزارع القمح من الباطن لتجار نافذين، يحصلون على أموال طائلة من المال العام والمساعدات، تحت غطاء دعم الإنتاج الزراعي. وأسهمت هذه الممارسات، إلى جانب غياب الإرشاد الزراعي، في فشل مشاريع القمح المحلية، وفاقمت الأزمات التموينية وارتفاع الأسعار بين الحين والآخر.

وتكشف معلومات، من القطاع التجاري عن صراع متصاعد بين مستوردي القمح والمستثمرين المرتبطين بالجماعة؛ نتيجة إجبار المستوردين على شراء القمح المحلي مرتفع السعر، محمّلين هذه السياسات، مسؤولية تكرار الأزمات التموينية، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين وخارجها.