موجة جديدة من البرمجيات الخبيثة تصيب السعودية

نصائح تقنية لتجنب الإصابة بها

عودة فيروس «شامون» (شمعون) بعد غياب دام أكثر من 60 يومًا
عودة فيروس «شامون» (شمعون) بعد غياب دام أكثر من 60 يومًا
TT

موجة جديدة من البرمجيات الخبيثة تصيب السعودية

عودة فيروس «شامون» (شمعون) بعد غياب دام أكثر من 60 يومًا
عودة فيروس «شامون» (شمعون) بعد غياب دام أكثر من 60 يومًا

عاد فيروس «شامون» Shamoon (يعرف أيضا باسم «شمعون» و«ديسكتراك» Disttrack) إلى الأضواء مرة أخرى، حيث أصاب الأسبوع الجاري منشآت حكومية سعودية كثيرة، من بينها وزارات كثيرة وشركات خاصة ضخمة. وتعيد هذه الموجة إلى الأذهان الهجمات السابقة للإصدار الأول منه، والذي هاجم شركة «أرامكو» السعودية في عام 2012 وتسبب بخسائر كبيرة، مع استهداف «راس غاز» القطرية في العام نفسه، ومن ثم إصابة عدد من المؤسسات الحكومية في السعودية في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وكثف الفيروس هجماته على الأجهزة المكتبية في المؤسسات والشركات والأجهزة الخادمة لها، مع استهداف بعض الأفراد من خلال البريد الإلكتروني بإرسال رسائل لهم تظهر للمستخدم وكأنها من القسم التقني في مكان عملهم تطلب منهم تثبيت ملف مرفق، ليقوم الملف بنسخ الفيروس في أماكن متعددة ونشر نفسه في الشبكة.
وكانت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية حذرت المستخدمين من هجمات شرسة على المواقع الإلكترونية الحكومية، ومن بينها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وصندوق تنمية الموارد البشرية، وغيرها.
كما أكدت شركة «موبايلي» للاتصالات تأمينها وحمايتها لجميع نظم الشركة بعض تعرضها للهجمة الإلكترونية، مع استهداف شركة «صدارة» للبتروكيماويات التي تعتبر مشروعا مشتركا بين «أرامكو السعودية» وشركة «داو كيميكال» الأميركية. ونصحت الهيئة بعزل الكومبيوترات المصابة أو المشتبهة عن الشبكة، والحد من عدد الموظفين الذين يتمتعون بصلاحيات المشرفين على الأجهزة لحماية الشبكة ككل، ومسح جميع أجهزة الشركة أو المؤسسة الحكومية باستخدام برامج مكافحة الفيروسات، وطلب الدعم الفني من تلك الشركات عند الحاجة.
ووردت أنباء حول تضرر مجموعة من المصارف وبعض شركات البتروكيماويات وشركات التأمين الصحي في السعودية من الفيروس.
وأفادت تقارير بعض شركات الحلول الأمنية الرقمية بأن المهاجمين قد استخدموا بيانات حصلوا عليها من الهجمات السابقة لتحليل شبكة وأجهزة كل جهة مستهدفة، ومن بينها معلومات حسابات المستخدمين.
حول هذا الأمر، تحدثت «الشرق الأوسط» مع فيصل السيف، الخبير التقني الذي عمل في واحدة من أكبر شركات تقنيات الدفاع العالمية ومؤسس «تيك بليز» Tech Pills، حيث قال بأن هذا الأمر يدل على عدم اتخاذ الإجراءات الوقائية الصحيحة للجهات التي أصيبت بالفيروس، مثل تعديل نظام الجدار الناري Firewall والشبكات الفرعية الداخلية Subnet وكلمات السر للمشرفين والمستخدمين، وعدم توعية المستخدمين داخل المؤسسة أو الشركة بشكل كاف للوقاية من هجمات مقبلة، وخصوصا أن الوسيلة المستخدمة لانتقال الفيروس كانت عبر الملفات المرفقة بالبريد الإلكتروني. ولخص فيصل السيف المشكلة بأنها مشكلة وعي وثقافة الحماية، حيث إنه ليس من يفترض أن تصاب المؤسسات نفسها مرة أخرى إن اتخذت الإجراءات الصحيحة وثقّفت مستخدميها حول كيفية اختيار كلمات سر آمنة وتوعيتهم بأساليب الحماية الأساسية.
ونظرا لأن الفيروس يصيب السجل الرئيسي للقرص الصلب Master Boot Record، فيجب أخذ نسخ احتياطية من جميع الملفات المهمة على وحدات تخزين منفصلة وغير متصلة بالشبكة على الإطلاق، ويجب زيادة التركيز على استخدام نظم جدار حماية على مستوى العتاد Hardware وليس البرمجيات Software.
* طريقة عمل الفيروس
* يتألف الفيروس من مجلد يبلغ حجمه نحو 900 كيلوبايت (أي بحجم رُبع أغنية أو صورة متوسطة الدقة) فقط، يحتوي على نص برمجي مشفر يصيب الكومبيوتر المستهدف ويحوله في البداية إلى جهاز وسطي للاتصال بالجهاز الخادم عبر الإنترنت والذي يقوم بدوره بتوجيه الفيروس والتحكم به ومده بالأوامر. ويستطيع الفيروس الانتشار من جهاز متضرر لآخر في الشبكة نفسها، ليقوم بتشغيل قائمة من الملفات من مواقع محددة في النظام ويرفعها إلى الجهاز المهاجِم المركزي (مثل اسم ورقم الجهاز المصاب في الشبكة ونوع وإصدار نظام التشغيل ومعلومات حول حزمة التحديثات المستخدمة)، ويحذفها من الكومبيوتر المستهدف دون قدرة على استعادة تلك المعلومات. وفي نهاية العملية، سيحذف الفيروس السجل الرئيسي للقرص الصلب Master Boot Record لمنع الكومبيوتر كليا من العودة إلى العمل بعد إعادة تشغيله ويجعله غير قابل للعمل إلا بعد وقت وجهد بليغين لإصلاح الأجهزة المتضررة.
الآلية التي ينتقل بها الفيروس عبر الشبكة هي بمسحه لجميع الأجهزة المتصلة بالشبكة وزرع نفسه داخل المجلدات المشتركة، ويقوم بزراعة ملفات إضافية مخزنة بداخله تعمل على معماريتي 32 و64 بت، وذلك لزيادة نسبه الإصابة وفقا لإصدار نظام التشغيل المستخدم.
ولا ينصح بنسخ أي ملفات من الأجهزة المصابة، ويجب فصلها عن شبكة المؤسسة أو الشركة فورا ومعالجتها بشكل منفصل. ولا ينصح بفتح أي ملف في هذه الفترة من أي شخص غريب، وينصح التأكد شفهيا من الطرف المرسل قبل أي ملف مرفق، وإبلاغ القسم التقني في الشركة أو المؤسسة فور وصول هذا النوع من الرسائل.
وينصح حاليا بعدم استخدام الخدمات الإلكترونية الحكومية أو المصرفية إلا من جهاز معزول عن الشبكة، تلافيا لأي خطر قد ينتقل عبر الإنترنت. ولا ينصح بتحميل الملفات من مواقع لا تعرفها، أو من مواقع تحميل ومشاركة الملفات، حتى لو كانت لأغراض العمل، ذلك أن هذه الخدمات مفتوحة للجميع، وقد يستغلها القراصنة لخداعك بتحميلها متظاهرة أنها من حساب شخص تعرفه أو من داخل الشركة أو المؤسسة. ولا ننصح بنسخ الملفات المهمة إلى مجلد مشترك في الشبكة Shared Drive، ذلك أن هذه العملية قد ترفع من احتمال انتقال الفيروس إلى ذلك المجلد ومنه إلى كومبيوترات أخرى متصل بالشبكة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».