تجارة «بكين» تترقب مخاطر حمائية «واشنطن»

413 مليار دولار العجز الأولي لميزانية الصين في 2016

حافلات تنتظر في ميناء ليانيانغنغ شرق الصين لشحنها لتصديرها إلى الخارج  (غيتي)
حافلات تنتظر في ميناء ليانيانغنغ شرق الصين لشحنها لتصديرها إلى الخارج (غيتي)
TT

تجارة «بكين» تترقب مخاطر حمائية «واشنطن»

حافلات تنتظر في ميناء ليانيانغنغ شرق الصين لشحنها لتصديرها إلى الخارج  (غيتي)
حافلات تنتظر في ميناء ليانيانغنغ شرق الصين لشحنها لتصديرها إلى الخارج (غيتي)

أظهرت بيانات مالية رسمية تحقيق الصين عجزًا ماليًا أكبر بكثير من المستهدف في عام 2016، وسط زيادة في الإنفاق الحكومي للسيطرة على معدلات النمو البطيئة. ويأتي ذلك في وقت تحولت فيه الحكومة بشكل كلي إلى فرض ضريبة القيمة المضافة، واستبدالها بجميع الضرائب التجارية.
ووفقًا لبيانات أولية، صدرت أمس (الاثنين) من قبل وزارة المالية، بلغ العجز الأولي 2.83 تريليون يوان (413 مليار دولار)، بما نسبته 3.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الصين. وكانت بكين تستهدف عجزًا في الميزانية للعام الماضي بنحو 2.18 تريليون يوان، أي ما يعادل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وخلال عام 2016، اعتمدت بكين على الإنفاق الحكومي لتحقيق الاستقرار في النمو الاقتصادي، ولكن المخاوف بشأن عبء الديون في البلاد آخذة في الازدياد. وقالت الوزارة إن المصروفات في العام الماضي ارتفعت بنسبة 6.4 في المائة عن عام 2015، في حين زادت الإيرادات بنسبة 4.5 في المائة فقط.
جدير بالذكر أنه في أوائل عام 2016، أظهرت الأرقام الأولية للعجز المتحقق في عام 2015 بلوغه نحو 2.355 تريليون يوان، ولكن الأرقام النهائية أظهرت عجزًا قدره فقط 1.62 تريليون يوان، بما يعادل 2.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقفزت إيرادات ضريبة القيمة المضافة (VAT) بنحو 30.9 في المائة في 2016 عن العام السابق له، في حين انخفضت عائدات الضرائب التجارية 40.4 في المائة، وارتفعت إيرادات ضريبة القيمة المضافة وضريبة الأعمال مجتمعة 5.4 في المائة في 2016.
كانت الصين قد استبدلت جميع الضرائب التجارية بضريبة القيمة المضافة بعد التوسع في هذه السياسة لتغطى قطاعات البناء والعقارات والتمويل وخدمات المستهلك، وكانت هذه القطاعات هي آخر أربعة قطاعات ما زال يتم فرض الضريبة عليها على أساس عائداتها. وتشير ضريبة القيمة المضافة إلى الضريبة التي يتم فرضها على أساس الفرق بين سعر السلعة قبل الضرائب وتكلفة إنتاجها. وكانت الحكومة قد توقعت أن يخفف التوسع في قانون ضريبة القيمة المضافة، أعباء ضريبية على الشركات بواقع أكثر من 500 مليار يوان خلال عام 2016.
ومن المتوقع أن تعاني الصين تجاريًا خلال عام 2017، في ظل إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب الذي يرى أن النمو الاقتصادي الصيني يأتي على حساب بلاده التي تعاني من عجز تجاري مع بكين، ويعتقد أن نقل كثير من الصناعات الأميركية للصين جاء على حساب المواطن الأميركي الذي فقد ملايين الوظائف لصالح الأيدي العاملة الصينية الرخيصة.
ورغم تطور العلاقات التجارية بين البلدين على مدار السنوات - في ظل الخلافات السياسية والجيوسياسية - حيث نمت واردات الولايات المتحدة من الصين بمعدل تراكمي بلغ 383 في المائة بين عامي 2000 و2015، في حين ارتفعت صادراتها إلى الصين بنحو 614.2 في المائة خلال الفترة نفسها، فإن مذهب ترمب التجاري يتضمن مواجهة الصين بقوة أكبر في مجال التجارة من خلال إجراءات، من بينها فرض رسوم جديدة على السلع الواردة من الخارج.
ويدعو ترمب لفرض 45 في المائة من التعريفات على البضائع الصينية، إضافة إلى جملة من التعريفات ضد ما يسمى بالمتلاعبين بالعملة، والتي قد تشمل اليابان وكوريا الجنوبية وحتى الاتحاد الأوروبي. وتواجه الصين خطر فرض إجراءات انعزالية هذا العام، إذا مضى ترمب قدمًا في تعهدات حملته الانتخابية، وفرض رسومًا كبيرة على واردات المنتجات الصينية.
وترى أميركا أن بكين من خلال دعمها للمصنعين الوطنيين في البلاد، تعطيهم ميزة تنافسية غير نزيهة، مما يجعل لذلك انعكاسات سلبية على المصنعين في الولايات المتحدة، حيث تؤدي هذه السياسة إلى إغراق سوق الألمنيوم والصلب. وتتهم واشنطن بكين بشكل منتظم باتخاذ تدابير غير نزيهة في التجارة، كتخفيض سعر صرف اليوان، وتقديم قروض من دون فوائد للمصنعين.
وتعتمد الصين، أكبر مصدر للسلع في العالم، اعتمادًا كبيرًا على التجارة الحرة، وستتضرر بشدة من أي موجة جديدة من إجراءات الحماية التجارية، واتساع نطاق الاتجاه المعادي للعولمة. والتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين من شأنها أن تسبب قلقًا حول النمو الاقتصادي العالمي، فبكين تتشارك تقريبًا مع الولايات المتحدة في موقع الصدارة، كأكبر مستورد للنفط في العالم، وأي تباطؤ في الاقتصاد الصيني من شأنه أن يلحق ضررًا بالغًا بالطلب العالمي، نظرًا لأن بكين ظلت قاطرة نمو الاستهلاك العالمي للنفط على مدى السنوات العشر الماضية.
من جانبه، أكد المدير العام لمنظمة التجارة العالمية روبرتو ازيفيدو أن تصاعد الإجراءات الحمائية يدعو إلى القلق بشأن الاقتصاد العالمي، وأضاف أن السماح للعداء للتجارة بالانتشار يعني معادة التنمية والنمو وخلق الوظائف، مشيرًا إلى ضرورة الاعتماد على الحقائق لإظهار مغالطات أعداء حرية التجارة.
وسبق أن حثت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد رؤساء الشركات العالمية على الضغط على الحكومات لضمان حرية التجارة، مشيرة إلى أن توقعات نمو الاقتصاد العالمي في عام 2017 غير مشجعة. وحذرت لاغارد من أن تصاعد الحمائية على مستوى السياسيين وقادة الرأي العام والسياسات الرسمية يحول دون تدفق التجارة الدولية، ويقلص عبور الاستثمارات والسلع والخدمات والعمالة للحدود بين الدول.
وحذر تقرير حديث صادر عن منظمة التجارة العالمية أيضًا من الزحف نحو مزيد من الحمائية التي خنقت الانتعاش الضعيف بالفعل للاقتصاد العالمي. ومع ذلك، يبدو أن الولايات المتحدة لا تهتم بالوضع، حيث ذهب الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى حد التهديد بإنهاء الاتفاقيات التجارية الحالية، وفرض رسوم جمركية مرتفعة على المكسيك والصين.



وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».