ترمب يتعهد بالقضاء على «داعش» مجدداً ويهاجم الإعلام

انتقد «مسيرة النساء» المليونية والمشاهير الذين دعموها

متظاهرون اجتمعوا أمام حديقة إليبس بواشنطن في ختام مسيرة النساء المليونية السبت الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون اجتمعوا أمام حديقة إليبس بواشنطن في ختام مسيرة النساء المليونية السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

ترمب يتعهد بالقضاء على «داعش» مجدداً ويهاجم الإعلام

متظاهرون اجتمعوا أمام حديقة إليبس بواشنطن في ختام مسيرة النساء المليونية السبت الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون اجتمعوا أمام حديقة إليبس بواشنطن في ختام مسيرة النساء المليونية السبت الماضي (أ.ف.ب)

تعهد الرئيس دونالد ترمب بتقديم دعم غير مسبوق لمجتمع الاستخبارات الأميركي، في الحرب على «التطرف الإسلامي» والتنظيمات الإرهابية.
واختار ترمب أن تكون أولى مهامه في أول يوم له رئيسا للولايات المتحدة، هي زيارة مقر وكالة الاستخبارات المركزية بمنطقة لانغلي بولاية فيرجينيا مساء السبت، والالتقاء بمسؤوليها وتأكيد دعمه لهم بعد الكثير من الجدل والتوتر بين الاستخبارات والرئيس ترمب خلال الفترة الماضية على خلفية التسريبات والجدل حول قرصنة روسية للانتخابات الرئاسية الأميركية.
وقد عمل ترمب على تحسين علاقته بموظفي الاستخبارات والثناء على جهودهم والتأكيد على دعمه لمجهوداتهم، وقد رافقه في الزيارة نائبه مايكل بينس وعدد من المسؤولين الذين اختارهم ترمب في إدارته الجديدة.
وشدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أهمية القضاء على «داعش»، التنظيم الإرهابي الذي يبدو أنه أصبح الشغل الشاغل للرئيس المنتخب فيما يتعلق بسياسته الخارجية، إذ أشار الرئيس الأميركي للحرب على «داعش» في خطاب التنصيب.
ووصف الرئيس الأميركي «داعش» بـ«الشر» الواجب التخلص منه، ولمح إلى نيته إعطاء وكالة الاستخبارات المركزية إمكانيات وصلاحيات أكبر مما وفرتها إدارة الرئيس أوباما في الحرب ضد «داعش»، وقال: «نحن في طريقنا للقيام بأشياء عظيمة فيما يتعلق بـ(داعش)، فلا زلنا نخوض حربا أخذت وقتا أطول من اللازم. خضنا حروبا كثيرة، ولكن الحرب ضد (داعش) أطول من أي حرب سبقتها لأننا لم نستخدم قدراتنا الحقيقية التي نمتلكها، كنا نتبع تكتيك ضبط النفس». وأضاف ترمب: «علينا التخلص من (داعش)، ليس لدينا خيار آخر لا بد أن نجتث الإرهاب المتطرف من على وجه الأرض. (داعش) هو الشر، وكما تعلمون أنه من الممكن أن تكون هناك حروب بين دول. هذا أمر نتفهمه، ولكن ما يقوم به (داعش) ومستوى الشر الذي لديهم لا يمكننا تفهمه، ولذا أقول إن الوقت قد حان لوضع حد لهذا الأمر».
وأشار ترمب إلى أن «داعش» ظهر نتيجة لحرب العراق التي عارضها، وقال: «عندما كنت صغيرا أتذكر أحد المدرسين يقول بأن أميركا لم تخسر حربا من قبل، ولكن على ما يبدو أن ذلك توقف ولم نعد نفوز بأي شيء». وأضاف: «دائما ما كنت أقول أبقوا على النفط، ولم أكن من محبي الحرب على العراق، والآن أصبح النفط الدخل الأول لتنظيم داعش الذي سيكون القضاء عليه أحد أهم الأمور التي من شأنها إبقاء بلادنا آمنة، وهنا أؤكد لكم بأننا سنفوز مجددا وننهي هذه المشكلة المتكونة من مشاكل مترابطة، تسبب بها هذا التنظيم المريض الذي ينشر الخوف والفوضى».
ووسط تصفيق متكرر وحفاوة ملحوظة من موظفي الاستخبارات لحديث ترمب، امتدح الرئيس الأميركي مدير الاستخبارات الجديد مايك بومبيو الذي اختاره مؤخرا. وقال عنه أمام موظفي الوكالة إنه «الرجل المناسب لهذه المهمة. كان هناك ثلاثة مرشحين، وبعد أن التقيت به، اخترته مباشرة دون النظر لبقية المرشحين. وسوف ترون أنه الأفضل، ومن المتوقع أن بعضكم يعرفه من قبل فقد كان نجما أكاديميا وخدم في الجيش الأميركي، كما أنه كان عضوا مهما في الكونغرس. وأنا على يقين بأنه سيصبح نجما في مركزه الجديد».
على صعيد متصل، هاجم ترمب وسائل الإعلام مرة أخرى ملقيا اللوم عليها في تشويه العلاقة بينه وبين مجتمع الاستخبارات. ويشير محللون إلى أن ترمب اختار وكالة الاستخبارات المركزية لتكون محطته الأولى في الزيارات الرسمية، ليوضح لموظفي الاستخبارات بأنه «يحترمهم كثيرا، خلافا لما تنقله وسائل الإعلام»، على حد تعبيره. وقد أكد ترمب ذلك قائلا إن «سبب هذه الزيارة التي تعتبر أول زيارة رسمية لي، هو أن لدي كما تعلمون حربا طويلة مع الإعلام، حيث جعلوا الأمر يبدو وكأن لدي عداء مع جهاز الاستخبارات». وتابع: «أريد فقط أن أوضح لكم خلاف ذلك تماما، فأنا أحبكم وأحترمكم ولا يوجد أحد يستحق الاحترام أكثر منكم، ومتيقن بأنكم ستقدمون عملا مميزا وسوف نعود للانتصارات مجددا وسنعود للريادة».
وغرد ترمب على «تويتر» أول من أمس، وقال: «كان لقاء رائعا في مقر وكالة الاستخبارات المركزية، وكان المكان مكتظا والتصفيق حارا، إنهم أشخاص مذهلون».
من جهته، هاجم المسؤول الإعلامي لدى ترمب، شون سبايسر، الإعلام في أول مؤتمر صحافي يعقده في البيت الأبيض، وأكد من دون الاستناد إلى أي وقائع أن «عدد المشاركين في حفل تنصيب ترمب كان الأهم في تاريخ الولايات المتحدة!»، مناقضا بذلك التقارير الصحافية في هذا الخصوص. وأضاف بغضب «سنحاسب الصحافة على ذلك». وأوضح «يستحق الشعب الأميركي أكثر من ذلك، وسيتوجه دونالد ترمب مباشرة إليه»، رافضا الإجابة على أسئلة الصحافيين الحاضرين. كما وجه الانتقادات للديمقراطيين في الكونغرس للتأخر في الانضمام للجمهوريين لتأكيد تعيين مايك بومبيو مديرا للاستخبارات الأميركية. وقال سبايسر «إنه عار أن يتكلم ترمب في وكالة الاستخبارات دون أن يكون مديرها في مكانه».
ومن المحتمل أن يعقد الكونغرس جلساته اليوم الاثنين لمتابعة تأكيدات تعيين الوزراء الذين اختارهم ترمب لإدارته، بعد أن أكد تعيين كل من الجنرال ماتيس وزيرا للدفاع والجنرال جون كيلي وزيرا للأمن الداخلي مساء الجمعة الماضي.
على صعيد متصل، انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تغريدة، أمس، الذين شاركوا في مسيرات في أنحاء الولايات المتحدة احتجاجا على تنصيبه رئيسا، وضمنهم مشاهير.
وكتب ترمب في تغريدته «شاهدت احتجاجات أمس، ولكن على ما أعتقد، فقد أجرينا انتخابات. لماذا لم يصوت هؤلاء؟ إن المشاهير يلحقون أضرارا كبيرة بالقضية». وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن أكثر من مليوني شخص نزلوا إلى شوارع واشنطن ومدن أميركية أخرى انضم إليهم متظاهرون حول العالم السبت في «مسيرة النساء» المعارضة لدونالد ترمب، غداة تنصيب الرئيس الجديد رسميا.
وفي حين اجتاحت مظاهرة ضخمة واشنطن، هاجم ترمب الإعلام متهما إياه بالتقليل من حجم المشاركين في حفل تنصيبه قبل يوم، ولو أنه كان على علم حتما بنزول مئات الآلاف إلى الشوارع في واشنطن حيث شلوا الحركة لساعات في وسط المدينة قرب البيت الأبيض وفي متنزه المول المؤدي إلى مبنى الكابيتول، حيث مقر الكونغرس.
ورغم أن سلطات العاصمة الأميركية لا تنشر أرقاما عن المتظاهرين، فإن منظمي مسيرة النساء في واشنطن قالوا لوكالة الصحافة الفرنسية إن عدد المشاركين بلغ المليون مع انضمام أعداد غفيرة من المحتجين إلى المسيرات في كافة أنحاء البلاد.
وشارك أكثر من نصف مليون شخص بحسب الشرطة السبت في مظاهرة بلوس أنجليس، والعدد نفسه في نيويورك. ونظمت مظاهرات أخرى في شيكاغو ودالاس وسان فرانسيسكو وسانت لويس ودنفر، ومدن كثيرة أخرى ضمت مئات الآلاف.
وفي خطابات نارية، أكد المحتجون رفضهم لنهج الرئيس الجمهوري الذي تعهد بتغيير إنجازات سلفه. وقالت ماريا إيمان (16 عاما) التي أتت إلى واشنطن مع طلاب آخرين من إلينوي «إنه شعور رائع» أن تنضم إلى نساء يرفضن خطاب ترمب «التمييزي والخطير والمثير للانقسام». فيما أعربت الأستاذة تانيا غاكسيولا (39 عاما) التي أتت من تاكسون بأريزونا عن قلقها من أن يحاول ترمب فرض قيود على قوانين الإجهاض، وبالتالي يقيد حرية المرأة. ورفع المتظاهرون في العاصمة لافتات كتب عليها بخط اليد «لا تراجع للنساء» و«حقوق المرأة هي حقوق الإنسان» و«شكرا ترمب، حولتني إلى ناشطة».
وأمام الأرقام التي نشرتها الصحف حول المشاركين في حفل التنصيب، انتقد ترمب السبت بشدة وسائل الإعلام واتهمها بالكذب في تقديراتها لعدد الحاضرين حفل التنصيب. وقال خلال زيارة لمقر وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في لانغلي في فيرجينيا «صراحة كان عدد الأشخاص (الذين حضروا التنصيب) مليونا ونصفا ووصلت الحشود حتى نصب واشنطن» في وسط واشنطن. وأضاف: «أشاهد القناة التلفزيونية التي أظهرت حدائق شاغرة وأشارت إلى مشاركة 250 ألف شخص. هذا نفاق».
والمظاهرة الرافضة لترمب كانت من الأهم في تاريخ واشنطن، وتعاقبت شخصيات معروفة على المنصة بينهم المخرج السينمائي مايكل مور، والممثلتان أميريكا فيرارا وسكارلت يوهانسون، والمغنيتان اليشا كيز ومادونا. ولم يصل أي رئيس أميركي خلال أربعين سنة إلى السلطة بهذا المستوى من تدني الشعبية.
ومع 40 في المائة من الآراء السلبية، تعد شعبية دونالد ترمب أقل بمرتين من شعبية باراك أوباما في يناير (كانون الثاني) 2009 ومن جيمي كارتر ورونالد ريغان وجورج بوش الأب وبيل كلينتون وجورج بوش الابن لدى وصولهم إلى سدة الحكم، وفقا لاستطلاع لقناة «إي بي سي» وصحيفة «واشنطن بوست» أكد أرقام استطلاعات أخرى للرأي نشرت مؤخرا.
تجدر الإشارة إلى أن مظاهرات السبت تخطت الحدود الأميركية، بعد أن أعلن المنظمون أن أكثر من 2.5 مليون شخص انضموا إلى أكثر من 600 مسيرة في كافة أنحاء العالم.
وجرت واحدة من أكبر المسيرات في لندن، حيث سار عشرات آلاف الرجال والنساء والأطفال مرددين «ليسقط ترمب». وطغى حجم حشود المتظاهرين في واشنطن على جموع مناصري ترمب الذين اعتمروا قبعات حمراء كتب عليها شعار ترمب: «سنعيد إلى أميركا عظمتها!» خلال حفل تنصيبه.
من جهتها، أكدت هيلاري كلينتون منافسة ترمب الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية في تغريدة دعمها للمحتجين، في حين شارك وزير الخارجية السابق جون كيري في المسيرة.



تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».