قال محمد شيمشك نائب رئيس وزراء تركيا اليوم (الجمعة)، إنّه لم يعد بوسع أنقرة أن تصر على تسوية الصراع في سوريا من دون مشاركة رئيس النظام بشار الاسد، إذ أنّ الحقائق على الارض تغيّرت كثيرًا. وأضاف في جلسة عن سوريا والعراق بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، «فيما يتعلق بموقفنا من الاسد.. نعتقد أنّ معاناة الشعب السوري والمآسي يقع اللوم بكل وضوح على الاسد بشكل مباشر. لكن علينا أن نتحلى بالبرغماتية والواقعية»، وتابع أنّ «الحقائق على الارض تغيرت كثيرًا وبالتالي لم يعد بوسع تركيا أن تصر على تسوية من دون الاسد. غير واقعي».
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، قد نشرت منذ أيام، تقريرًا على موقعها الإلكتروني، تحدّث عن أنّ «تعميق العلاقات بين روسيا وتركيا يهدد بتهميش الولايات المتحدة في الصراع لرسم ملامح مصير سوريا النهائي». وأضافت، أن «موسكو استغلت الفرصة لإنشاء علاقة عسكرية مع تركيا، العضو بحلف شمال الأطلسي (ناتو)، في الوقت الذي تسعى واشنطن لمواصلة التركيز على استعادة مدينة الرقة التي يتخذها تنظيم داعش عاصمة له في سوريا».
واعتبرت الصحيفة أنّ القصف الروسي نقطة تحوّل جديرة بالملاحظة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، عندما أسقطت مقاتلة تركية من طراز إف -16 قاذفة روسية من طراز سو -24 لدى انتهاكها المجال الجوي التركي. واستطردت أن موسكو أنقرة انخرطتا فعليًا بجهد مشترك للتوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار في سوريا من دون مشاركة واشنطن، في الوقت الذي يتنامى توتر العلاقات بين واشنطن وأنقرة في ظل مخاوف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المتزايدة حيال تحالف الولايات المتحدة مع القوات الكردية المعروفة باسم وحدات حماية الشعب لمكافحة داعش في سوريا.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن بعض المحللين السياسيين قولهم: إنّ «روسيا على ما يبدو توصلت لحل توفيقي يتحرك بموجبه الأتراك صوب إقامة منطقة آمنة شمالي سوريا لمنع أكراد سوريا من تأسيس منطقة حكم ذاتي، مقابل أن يوقف الأتراك جهودهم الرامية للإطاحة بالرئيس السوري، بشار الأسد، الذي يعزز بمساعدة الروس قبضته على مدن سوريا الرئيسية نحو الجنوب».
من جهة اخرى، نقلت وكالات أنباء روسية عن وزير الخارجية سيرغي لافروف قوله اليوم، إنّ روسيا لاحظت مؤشرات إيجابية فيما يخص عملية السلام في سوريا وتعتبر اجتماعًا في عاصمة كازاخستان الأسبوع المقبل خطوة مهمة نحو وضع إطار عمل للمحادثات التي تجرى في جنيف.
ونسبت وكالة الإعلام الروسية إلى لافروف قوله أيضا، إنّ موسكو مستعدة للقيام بدورها لإجراء حوار بناء مع الولايات المتحدة.
وفي الداخل السوري، يستمر تنظيم داعش الإرهابي في تدمير آثار تاريخية جديدة مدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي للبشرية في مدينة تدمر بشرق سوريا، وذلك بعد أكثر من شهر على استيلائه مجددًا عليها.
وقال مدير عام الآثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم اليوم، لوكالة الصحافة الفرنسية، «دمر تنظيم داعش، كما تلقينا من أخبار منذ 10 أيام التترابيلون الأثري، وهو عبارة عن 16 عمودًا». وأضاف: «كما أظهرت صور أقمار اصطناعية، حصلنا عليها أمس، من جامعة بوسطن، أضرارا لحقت بواجهة المسرح الروماني». موضحًا أنّ «التترابيلون عبارة عن 16 عمودًا أثريًا بينها واحد أصلي و15 أعيد بناؤها وتتضمن أجزاء من الأعمدة الأصلية».
واستعاد التنظيم السيطرة مجدّدًا على المدينة الأثرية في 11 ديسمبر (كانون الأول)، بعد أكثر من ستة أشهر من سيطرة القوات السورية عليها وطرد المتطرفين منها.
وكان «داعش» قد استولى على مدينة تدمر في مايو (أيار) عام 2015، وارتكب طوال فترة سيطرته عليها أعمالا وحشية، بينها قطع رأس مدير الآثار في المدينة خالد الأسعد (82 سنة) وعملية إعدام جماعية لـ25 جنديا سوريا على المسرح الروماني. كما دمر آثارا عدة بينها معبدا بعل شمسين وبل وقوس النصر وأخرى في متحف المدينة.
ويعود تاريخ مدينة تدمر المعروفة بـ«لؤلؤة الصحراء» إلى أكثر من ألفي سنة وهي مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة للتراث العالمي للبشرية.
وتشتهر تدمر التي تقع في قلب بادية الشام وتلقب أيضًا بـ«عروس البادية» بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها.
وأعرب عبد الكريم عن خوفه من المستقبل طالما بقي التنظيم المتطرف في المدينة. وصرح: «قلنا منذ اليوم الأول إن هناك سيناريو مرعبا ينتظرنا»، مضيفا: «عشنا الرعب في المرحلة الأولى، ولم أتوقع أن تُحتل المدينة مرة ثانية». وأضاف: «معركة تدمر ثقافية وليست سياسية (...)، لا أفهم كيف قبل المجتمع الدولي والأطراف المعنية بالأزمة السورية أن تسقط تدمر».
وقبل سقوط تدمر في يد التنظيم المرة الأولى، عمدت مديرية الآثار إلى نقل الكثير من الآثار من متحف المدينة إلى العاصمة دمشق. وأكّد عبد الكريم: «الجزء الأكبر من الآثار المتضررة أو غير المتضررة نُقلت إلى دمشق».
ومنذ سيطرة المتطرفين مجددًا على تدمر، تدور اشتباكات على جبهات عدة قرب المدينة. وقد قتل الخميس 12 عنصرًا من قوات النظام و18 عنصرًا من «داعش» خلال معارك قرب مطار التيفور الذي يقع على الطريق الذي يصل بين حمص وتدمر.
ويسري في سوريا منذ 30 ديسمبر (كانون الأول) اتفاق لوقف إطلاق النار يشهد خروقات عدة ويستثني بشكل رئيسي المجموعات المصنفة «إرهابية»، وعلى رأسها «داعش». وتقول موسكو ودمشق إنه يستثني أيضا جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، الأمر الذي تنفيه الفصائل المعارضة.
وقتل أكثر من 40 عنصرًا من جبهة فتح الشام ليل الخميس، في غارات جوية لم يعرف ما إذا كانت روسية أو تابعة للتحالف الدولي، استهدفت معسكرًا للجبهة في ريف حلب الغربي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وارتفعت بذلك حصيلة قتلى جبهة فتح الشام جراء القصف الجوي خلال الشهر الحالي إلى نحو مائة عنصر، بينهم قياديون، وفق المرصد السوري.
وتعرضت جبهة فتح الشام خلال الشهر الحالي لغارات عدة روسية وسوريا وأخرى للتحالف الدولي بقيادة واشنطن استهدفت مقار لها في محافظة إدلب.
وأعلنت واشنطن أمس، عن مقتل القيادي في جبهة فتح الشام محمد حبيب بوسعدون في غارة على إدلب قبل ثلاثة أيام.
وجاء اتفاق وقف إطلاق النار تمهيدا لمحادثات بين النظام السوري والفصائل المعارضة الأسبوع المقبل في آستانة، برعاية كل من روسيا وإيران، داعمتي نظام دمشق الأساسيتين، وتركيا التي تدعم المعارضة السورية.
تركيا تقبل ببقاء الأسد
«داعش» ينتهك آثار تدمر مجدًدا ويدمّر التترابيلون الأثري
تركيا تقبل ببقاء الأسد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة