ابن كيران يتدخل لإنهاء الجدل حول إساءة كتاب مدرسي للفلسفة

ابن كيران يتدخل لإنهاء الجدل حول إساءة كتاب مدرسي للفلسفة
TT

ابن كيران يتدخل لإنهاء الجدل حول إساءة كتاب مدرسي للفلسفة

ابن كيران يتدخل لإنهاء الجدل حول إساءة كتاب مدرسي للفلسفة

تدخل عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المكلف، أمس لمحاولة إنهاء الجدل الذي أثير بشأن كتاب مدرسي في مادة التربية الإسلامية للمرحلة الثانوية اعتبر مضمونه مسيئا للفلسفة، لا سيما بعد أن تقدمت جمعية مدرسي الفلسفة في المغرب بمطلب سحب ثلاثة كتب تدرس هذه المادة.
وأوضح ابن كيران، في بيان، أن المقررات الدراسية الجديدة لمادة التربية الإسلامية أعدت بناء على تعليمات من الملك محمد السادس، مشيرا إلى أنها نتاج عمل مشترك لفريق من المختصين في المجال التربوي وأعضاء من المجلس العلمي الأعلى، وأنه «تم إعداد هذه المقررات بناء على التعليمات السامية لأمير المؤمنين، الذي دعا خلال المجلس الوزاري المنعقد بمدينة العيون في فبراير (شباط) الماضي، كلا من وزير التربية الوطنية ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى ضرورة مراجعة مناهج وبرامج ومقررات تدريس التربية الدينية، سواء في المدرسة العمومية أو التعليم الخاص، أو في مؤسسات التعليم العتيق، في اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي، والداعية إلى الوسطية والاعتدال، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية».
وكان المقرر الجديد الخاص بقسم «الإيمان والفلسفة» في كتاب التربية الإسلامية، الموجه لطلاب السنة الأولى بكالوريا (ثانوية عامة)، قد أثار انتقادات أساتذة ومدرسي مادة الفلسفة في المدارس الثانوية المغربية، ويورد هذا الجزء من الكتاب كلاما لأحد علماء المسلمين يدعى ابن الصلاح الشهرزوري (توفي سنة 643هـ) يبدي فيه رأيه حينما سئل عمن يشتغل بالمنطق والفلسفة. وفي رده يقول الشهرزوري: «الفلسفة أس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومثار الزيغ والزندقة، ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالبراهين، ومن تلبس بها قارنه الخذلان والحرمان، واستحوذ عليه الشيطان».
ولم تتقبل الجمعية المغربية لمدرسي مادة الفلسفة مضامين كتاب «منار التربية الإسلامية للسنة الأولى بكالوريا»، وعدته «مسيئا لمادة الفلسفة والعلوم الإنسانية والعلوم الحقة والطبيعية». وطالبت الجمعية وزارة التربية الوطنية «بالتراجع الفوري عن هذه الكتب المدرسية، وسحبها من التداول المدرسي، درءا للفتنة والتطرف، وحفاظا على سلامة الجو التربوي بالمؤسسات التعليمية».
وردا على انتقادات الجمعية أوضح ابن كيران أن «مراجعة المقررات الدراسية شملت نحو 29 مقررا، في حين أنه أثير النقاش حول مقرر واحد فقط، بسبب عبارة تشير إلى الفلسفة»، لافتا إلى أنه «تم إدراج هذه الفقرة لبيان الفكر المتشدد لصاحبها في أفق مناقشته، ولم يكن القصد منها بتاتا الإساءة إلى الفكر الفلسفي»، مبرزا أن المغرب يتميز بكونه من بين الدول القليلة التي تدرس فيها الفلسفة لثلاث سنوات في التعليم الثانوي.
ودافع رئيس الحكومة عن الإصلاحات التي طالت التعليم، وقال إن هذا الإصلاح «يسترشد أيضا بتوجيهات الملك في خطاب ذكرى 20 أغسطس (آب) 2012، حيث دعا الملك محمد السادس إلى إعادة النظر في الطرق المتبعة في المدرسة ، لانتقال من منطق تربوي يرتكز على المدرس وأدائه، مقتصرا على تلقين المعارف للمتعلمين، إلى منطق آخر يقوم على تفاعل هؤلاء المتعلمين، وتنمية قدراتهم الذاتية، وإتاحة الفرص أمامهم في الإبداع والابتكار، فضلا عن تمكينهم من اكتساب المهارات، والتشبع بقواعد التعايش مع الآخرين، في التزام بقيم الحرية والمساواة، واحترام التنوع والاختلاف».
وكانت وزارة التربية الوطنية قد أصدرت بدورها بيانا قبل أسبوع، عبرت فيه عن استغرابها لكون «ردود الأفعال اختزلت عملية المراجعة الشاملة، التي خضعت لها الكتب المدرسية في نص واحد متضمن في كتاب (منار التربية الإسلامية) للسنة الأولى بكالوريا في موضوع الإيمان والفلسفة، ورد في باب تقديم نموذج لموقف يشدد الكتاب المدرسي المعني على أنه عنيف من الفلسفة لدفع التلاميذ إلى إجراء مقارنات بين محتوى هذا الموقف العنيف، والموقف الآخر، الذي يعتبر العقل والتفكير من أدوات الوصول إلى الحقيقة»، مؤكدة أن المناهج الجدية لكتب التربية الإسلامية تسعى إلى «ترسيخ الوسطية والاعتدال، ونشر قيم التسامح والسلام، والمحبة، وتعزيز المشترك الإنساني بالبعد الروحي». بيد أن جمعية مدرسي الفلسفة تمسكت بموقفها، وقالت إن نص السلفي ابن الصلاح الشهرزوري لم يقدم كما زعمت الوزارة في سياق تربوي يهدف إلى إثارة النقاش، بل جاء «كاستنتاج وخلاصة لتأييد المواقف المتطرفة من الفلسفة والمنطق».
وانتقدت الجمعية «تهريب مواضيع من اختصاص مادة الفلسفة إلى مادة التربية الإسلامية، بما لا يحترم الحدود الإبستمولوجية للمجالات المعرفية»، ودعت إلى «مراجعة برامج المادة بما يخدم دورها الروحي والتخليقي ورسالتها التربوية النبيلة، وعدم الزج بها كي تكون شرطي المواد التعليمية الأخرى».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».