لافروف: وفد المعارضة إلى «آستانة» يمثل مجمل الفصائل

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يوم أمس، إن وفدا يمثل كل تلك الفصائل وليس ممثلا عن كل فصيل، سيحضر إلى محادثات «آستانة»، الاثنين المقبل. كما عاد لافروف وأكد إمكانية حضور ممثلين عن الإدارة الأميركية الجديدة في مفاوضات «آستانة».
غير أن هذه المشاركة تتجه لأن تصبح نقطة خلافية بين الدول الراعية لتلك العملية، وبصورة خاصة بين موسكو وطهران، فقد كشفت تصريحات روسية وإيرانية، فضلا عن تصريحات لمسؤول في النظام السوري، عن تباينات جدية حول هذه المشاركة، وذلك قبل أقل من أسبوع على الموعد المحدد لتلك المفاوضات.
وخلال مؤتمر صحافي عقب محادثاته أمس مع نظيره النمساوي سباستيان كورتس، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن ممثلين عن فصائل المعارضة السورية التي وقعت اتفاق 29 ديسمبر (كانون الأول) ستتم دعوتهم إلى «آستانة»، موضحًا أنه سيكون هناك وفد يمثل كل تلك الفصائل وليس ممثلا عن كل فصيل.
وفي إجابته على سؤال حول موافقة روسيا على مشاركة «جيش الإسلام» الذي كانت تعتبره في السابق «مجموعة إرهابية» قال لافروف، إن «(جيش الإسلام) وبغض النظر عن نظرة الدول إليه، فهو ليس مدرجًا على قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية»، مؤكدا دعم موسكو لمشاركة «جيش الإسلام» في المفاوضات «نظرًا لأنه أعرب عن استعداده لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار والانخراط في المفاوضات مع الحكومة»، حسب قول لافروف، داعيا «أي فصيل غير مرتبط بـ(داعش) أو جبهة النصرة بالانضمام إلى مفاوضات (آستانة)».
وكانت مشاركة الولايات المتحدة من ضمن العناوين الرئيسية التي تحدث عنها لافروف يوم أمس، وقال مجيبا على سؤال بهذا الصدد: «سأقول بكل وضوح إن صيغة الدعوات التي نوجهها تسمح بضمان مشاركة جميع الأطراف التي ذكرناها في تصريحاتنا العلنية، بما في ذلك (تسمح بمشاركة) الولايات المتحدة». وكان لافتًا أن كررت طهران، بالتزامن مع تصريحات لافروف يوم أمس، رفضها مشاركة ممثلين عن الولايات المتحدة في مفاوضات «آستانة».
ويستمر الجدل العلني بين موسكو وطهران، بشأن المشاركة الأميركية في «آستانة»، لليوم الثاني على التوالي، إذ سبق وأن شدد لافروف، في تصريحات يوم أول من أمس على أنه «من الصواب دعوة ممثلي الأمم المتحدة والإدارة الأميركية الجديدة» إلى مفاوضات «آستانة»، وأعرب عن أمله بأن تتمكن الإدارة الأميركية الجديدة من قبول الدعوة، وترسل ممثلين عنها، على أي مستوى تراه ممكنًا، إلى المفاوضات.
وجاء الرد سريعًا من طهران على لسان وزير الخارجية جواد ظريف، الذي أعرب عن رفض بلاده لمشاركة الولايات المتحدة في المفاوضات. وعلى خلفية تلك المواقف، بدت عبارات لافروف يوم أمس وكأنها «توضيح لإيران» تعقيبًا على تصريحات ظريف.
وسط هذا التضارب بين موسكو وطهران، تبنى النظام السوري موقفًا «زئبقيًا»، لم يرفض فيه ولم يوافق بصيغة مباشرة على المشاركة الأميركية، وذلك حين اشترط فيصل المقداد، نائب وزير خارجية النظام، مشاركة الولايات في المفاوضات بتوفر رغبة صادقة للحل السياسي في سوريا، وأضاف أنه على واشنطن أن تتوقف عن تمويل «الجماعات الإرهابية وأن تعاقب أتباع تلك الجماعات، ومن يسلحها».
واجتمعت أغلبية تلك المواقف تحت شعار «معارضة» الحضور الأميركي، وحاول وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن يحمل البلد المستضيف للاجتماع جمهورية كازاخستان مسؤولية توجيه الدعوة إلى واشنطن، بينما أعلن مستشار الأمن القومي علي شمخاني، أن واشنطن «لن تشارك في آلية المفاوضات ونتائجها»، وجاء ذلك بالتزامن مع مخاوف إيرانية من «دور أميركي قد لا يكتفي بدور المشرف في الاجتماع وفق ما ورد على لسان مستشار خامنئي في الشؤون الدولية علي أكبر ولايتي».
وقال ظريف على هامش اجتماع دافوس الاقتصادي العالمي أن بلاده «أعلنت دوما أنها تعارض حضور أميركا في سوريا وأن إيران ليست الجهة التي توجه الدعوة إلى الدول المختلفة لحضور اجتماع (آستانة)».
وحاول ظريف أن يبرر الرفض الإيراني لمشاركة أميركا في الاجتماع، بأن «إطار المفاوضات السابقة لم تسفر عن نتائج»، منوها، أن اجتماع «آستانة» نتيجة للتعاون الثلاثي بين تركيا وإيران وروسيا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، معربا عن أمله أن «تؤدي مفاوضات (آستانة) بين الحكومة والمعارضة إلى نتائج ملموسة».
وكان وزير الخارجية الإيراني، يتحدث لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، أمس، قبل لحظات من اجتماع حول الأزمة السورية عقد أمس بين وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي وفيديريكا موغيريني ومبعوث الأمم الخاص بالملف السوري ستيفان دي ميستورا. وأفادت وكالة «مهر» الإيرانية أن ظريف بحث مع منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الأزمة السورية من دون أن تشير إلى تفاصيل المحادثات.
وخلافا لظريف، قال أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، إن الثلاثي الروسي والتركي والإيراني صاحب مبادرة اجتماع «آستانة» لم يوجه دعوة لحضور أميركا في الاجتماع.
وأرجع شمخاني ذلك إلى تخلي أميركا عن وعود سابقة في سوريا تتعلق بالهدنة والتوسط بين طرفي النزاع في سوريا، وقال إنه لا يوجد دليل يبرر «مشاركة أميركا في إدارة الاجتماع وقيادته وتسيير المبادرات السياسية المطروحة حول الأزمة السورية».
وفي حين قال شمخاني إن بلاده «ستقوم بدور لافت وفعال» في «آستانة» «دفاعا عن الحكومة الشرعية» في سوريا، أضاف أن «أميركا لن تشارك في آلية المفاوضات ولا المحصلة النهائية في ختام الاجتماع».
يشار إلى أن طهران رفضت في عدة مناسبات وجود مفاوضات مباشرة بينها وبين واشنطن حول القضايا الإقليمية خاصة في الملف السوري، مشددا على أن اللقاءات المباشرة بين وزيري الخارجية جون كيري ونظيره الإيراني اختصرت على الملف النووي الإيراني.
ووسط هذا التضارب بين موسكو وطهران، تبنى النظام السوري موقفًا «زئبقيًا»، لم يرفض فيه ولم يوافق بصيغة مباشرة على المشاركة الأميركية، وذلك حين اشترط نائب وزير خارجية النظام فيصل المقداد، مشاركة الولايات في المفاوضات بتوفر رغبة صادقة للحل السياسي في سوريا، وأضاف أنه على واشنطن أن تتوقف عن تمويل «الجماعات الإرهابية وأن تعاقب أتباع تلك الجماعات، ومن يسلحها».
في غضون ذلك التقى الرئيس الإيراني حسن روحاني مع رئيس وزراء النظام السوري عماد خميس، في ثاني يوم من زيارته إلى طهران. ونقلت وكالة «إيلنا» عن خميس، قوله، إنه طالب الرئيس الإيراني بـ«تفعيل لجان التعاون المشتركة بين الجانبين وحضور القطاع الخاص الإيراني للقيام بمشاريع متنوعة في سوريا».
في المقابل، شدد روحاني على حرص بلاده على استغلال الفرص والطاقات المتوفرة لتعزيز التعاون الثنائي بين طهران ودمشق. يأتي ذلك غداة إعلان خمس اتفاقيات اقتصادية بين إيران وسوريا تحصل طهران بموجبها على أراض زراعية ومناجم فوسفات في مدينة تدمر، بالإضافة إلى حصول شركات إيرانية على ترخيص للنشاط في قطاع الاتصالات السورية.