كل المجالات المعرفية تجد أصلها في الفنون

الحلول التي قدمها علماء الغرب للمشكلات المجتمعية تكتسي طابعًا ثقافيًا ضيقًا

فيرابند
فيرابند
TT

كل المجالات المعرفية تجد أصلها في الفنون

فيرابند
فيرابند

لا يتبلور العلم في الفراغ، بل في محيط ثقافي وتاريخي. إنه ككل فعل وخطاب، ينجز في سياق معرفي، بفضل الفعل التعقلي في تفاعله مع الوقائع التجريبية. إن أي عرض حول طبيعة العلم وموقعه ومناهجه، يريد أن يكون «كاملا»، لا بد له ألا يغفل هذا التحليل الفريد والمتميز... إنها «الفوضوية الإبستيمولوجية»، التي تبناها الإبستيمولوجي النمساوي بول فيرابند، وما عناوين مؤلفاته إلا دليل على كونه «ظاهرة» فريدة ومعبرة عن بعض جوانب الرفض للفكر العلمي، ومآلاته في المشروع الحداثي الغربي، الذي يعتبر العلم ركنه الأساسي؛ فعناوين مؤلفاته مثلا: «ضد المنهج»، «وداعا للعقل»، «قتل الوقت»، «العلم كفن»، «كيف ندافع عن المجتمع ضد العلم»، «استبداد العلم»... عبارة عن دليل على أن هناك أزمة في الفكر الإبستيمولوجي الغربي، ومساءلة نقدية لأطروحاته ولمفاهيمه ولمناهجه ولقضاياه، إلا أن مواقف فيرابند تتميز بالطرافة والإثارة، إلى درجة أنه يصدم القارئ بالحلول التي يقدمها والبدائل التي يطرحها. إننا أمام تجل من تجليات النقد الإبستيمولوجي المعاصر، الذي يصدع الثوابت الإبستيمولوجية إلى درجة نقضها.
إن العلم في نظر فيرابند عمل فوضوي، لا يتميز عن باقي أشكال المعرفة الأخرى ولا يتفوق عليها، فهو حقل كباقي الحقول المعرفية، إلى جانب الأسطورة والسحر والدين... فليس له منهج خاص به يميزه عن أي نشاط فكري آخر، يجعله يستحق درجة أرقى مقارنة بالأنشطة الأخرى. يقول فيرابند: «العلم لا يختار بسبب تميز معين مثبت بواسطة الدليل، بل لأن كل الناس شغفوا به، نتيجة للدعاية الإعلامية والضغوط السياسية والمؤسسية، وحتى العسكرية»، بهذا المعنى، يكشف فيرابند، عن العلاقة المثبتة بين العلم والسلطة، ويشجب التحالف غير «المقدس بين العلم والعقلانية والرأسمالية»، باعتبارها مقومات الحداثة الغربية والمجتمع الليبرالي؛ فهذا الارتباط المفصلي بين العلم والدولة، جعل فيرابند يقول: «لقد تم اليوم الفصل بين العلم والكنيسة بصورة صارمة، لكن العلم والدولة ما يزالان يعملان مشتركين». إن النظريات العلمية طرق في النظر إلى العالم، والأخذ بها يؤثر على عموم اعتقاداتنا وتفسيراتنا، ومن ثم على خبراتنا ومفهومنا عن الواقع؛ بمعنى أن العلم أصبح يتحكم في أدق تفاصيل الحياة الشخصية للأفراد، ويحكم سيطرته عليهم باسم الحقيقة والموضوعية، بعد أن كان في القرنين السابع عشر والثامن عشر قوة تحررية. في نظر فيرابند، لا يختلف العلم عن أي نسيج ديني أو فلسفي. فهو آيديولوجيا كباقي الآيديولوجيات الأخرى، وسيف ذو حدين يمكنه أن يكون أداة للتحرر والتنوير، كما يمكنه أن يكون أداة للخراب والتدمير. فليس العلم شرط الحرية ولا خلفية ضرورية للتربية؛ إذ يمكن أن يكون أداة للغش والتزوير والكذب كذلك. ولتجاوز الصورة القاتمة التي يقدمها عن العلم والعلماء، اقترح فيرابند وصفته السحرية، التي تقتضي إخضاع العلم للرقابة الشعبية وللمؤسسات الديمقراطية، مثل ما يحدث في باقي المجالات الاقتصادية والعسكرية والدينية. يقول فيرابند: «هذا واحد من الأسباب التي جعلتني أقترح، أن نأخذ المسائل الأساسية والمسائل الإبستيمولوجية ومسائل المنهج من ضمنها، من أيدي الخبراء (أطباء وفلاسفة العلم وغيرهم) وإعادتها إلى المواطنين لحلها... سيلعب الخبراء دورا استشاريا. سيستشارون، لكن لن تكون لهم الكلمة النهائية، مبادرات المواطنين بدل الإبستيمولوجيا، هذا هو شعاري».
في إطار نقده للعلم، وتسويته بين كل القطاعات المعرفية، من دين وفن وعلم وفلسفة وأسطورة... حاول فيرابند أن يكشف عن العلاقة بين العلم والفن، واعتبر أنه لا توجد «أنشطة علمية خالصة»، ولا «أنشطة فنية خالصة»؛ فهناك ارتباط وتداخل بين النشاطين. ففي العلم، يحضر الفن، خصوصا في حالات الإبداع، إلى درجة أنه يعتبر أن كل المجالات المعرفية تجد أصولها في الفنون؛ لهذا فالتماثلات بين الفن والعلم، تظهر في كونهما لا يملكان حدودا ثابتة تمكننا من رسم خط فاصل نهائيا، لكي يجري تجاوز مرحلة الآراء البسيطة. فلا العلم ولا الفن قادران على القول الفصل بطريقة قطعية، أين تؤدي بنا فكرة ما أو منهجا محددا. إن الارتباط الحميمي بين العلم والفن، جعل فيرابند يعتبر «العلم فنا» و«الفن علما»، ويقدم مثال «الرسم» باعتباره علما مندمجا بشكل كلي وكامل، في الوحدة المكونة بواسطة العلوم الأخرى.
يثير فيرابند قضية أساسية تتعلق بالتفاعل والتداخل، بين مجالات المعرفة الإنسانية ومختلف الأنشطة المنتجة لها؛ فكل من العلم والفن يستعملان أدوات مفهومية، ويؤسسان أنساقا استدلالية بدرجات تتفاوت في القوة والوضوح والدقة، لكن فيرابند يصر على أن يطابق بينهما، متجاهلا خصوصياتهما في بناء تعقلهما.
إن الملاحظات التي يقدمها فيرابند، تثير كثيرا من التساؤلات، خصوصا حينما يرى فيها إنجازات واضعي الأسطورة في العصور الماضية، أفضل من إنجازات العلماء في العصور. وأن مخترعي الأسطورة الأوائل، بدأوا الحضارة بينما اكتفى العلماء بتغييرها. فالأساطير لها تأثير عميق على المجتمعات القديمة، حيث كانت تحمل تصورا عن الإنسان والعالم، وعن مختلف العلاقات التي كان يؤسسها، بينما العقلانية الحداثية رسخت فكرة «دونية الأسطورة»، وحملت معرفة أكثر تجريدا وأكثر انعزالا وأكثر ضيقا بكثير، ويدعو إلى تبنيها في المدارس من خلال برمجتها في الكتب المدرسية، إلى جانب الفيزياء والكيمياء وغيرهما.
إن «الإبستيمولوجيا الفوضوية توجهها فلسفة محددة وتعرف بـ(النسبانية)، أي نسبة المعرفة إلى ظروف نشأتها وتطورها وسياقاتها». لقد ثار فيرابند ضد ما يسميه العقلانية الغربية، ضد العلوم وأخلاقها، إلى درجة أنه تبنى موقفا خطيرا وآيديولوجيا نسبانية، انطلاقا منها يمكن أن نثبت «كل شيء ولا شيء». إن نسبانية فيرابند، تنكر موضوعية بعض القيم الأخلاقية، باسم التنوع والتعدد، في حين أن التنوع لا يمكن أن يكون دليلا ضد الموضوعية، ولصالح النسبانية. يمكن القول إن نسبية العلم وكذلك إطلاقيته، تؤدي إلى تصور ذاتي للقيم الأخلاقية. ويرفض فيرابند كون العلم والنسبانية يخضعان لشروط يمكن صياغتها في غياب السياقات الثقافية والرغبات الشخصية، ويقر بأن الحلول التي قدمها علماء الغرب للمشكلات المجتمعية، تكتسي طابعا ثقافيا ضيقا، وتعتبر إمكانا من بين إمكانات أخرى ولا داع لجعلها ذات شرعية شمولية. إن تنوع الآراء في نظره، سمة ضرورية للمعرفة الموضوعية، والمنهج الذي يشجع التنوع، هو كذلك المنهج الوحيد الذي يساير النظرة الإنسانية.
بشكل عام، إن المنطلق الأساسي لنسبانية فيرابند، يتمثل في تقدير جميع الثقافات وجميع التقاليد المعرفية، يقول: «يجب على المجتمعات الديمقراطية أن تعطي لكل التقاليد حقوقا متساوية، وليس فقط حظوظا متساوية». إن محاولة فيرابند التأصيل لمفهوم النسبانية، جعله يقدم، في كتابه «وداعا للعقل»، كثيرا من الملاحظات التي تعبر، بالفعل، عن غموضه، الشيء الذي جعله يثيره في كثير من المؤلفات اللاحقة. إلا أن تأويلين أساسيين لنسبانيته، يمكن استنتاجهما من خلال نصوصه وهما:
- لا شيء مطلق، وكل شيء صادق وحقيقي، وإن كل حكم أخلاقي أو سياسي أو اجتماعي أو معرفي، يتوقف على الثقافة التي يوجد فيها ويتحدد بها. وهكذا تكون كل الثقافات مطلقة، وهذا النوع من النسبانية يرفضه فيرابند، ليس بسبب عدم انسجامه، ولكن للخطر الذي يمثله، وينتج عنه بلقنة النوع الإنساني، وقبول باسم احترام الثقافات، كل شيء وأي شيء، بدعوى أنها ثقافتهم وليس لدينا ما نقوله أو نفعله. وهذا النوع من النسبانية المطلقة، يتعارض مع الموضوعاتية المطلقة، التي ترى أن هناك وجهة نظر واحدة ممكنة للأشياء والموضوعات، وأن كل مشكلة يمكن حلها بشكل بسيط، من خلال معادلات رياضية محددة بشكل دقيق. إذن، إن الذي لا يرى العالم من خلال هذه الرؤية فهو خاطئ ومن الواجب عليه أن يعتنقها من خلال الوصول إلى الحقيقة.
- الأخذ بعين الاعتبار غنى العالم وتعقده، وعدم اختزاله لا في المعنى الأول للنسبانية، ولا في الموضوعاتية المطلقة، بل في كونه يزخر بخصوصية تفتح له دروب وإمكانيات المعرفة الجديدة والمتنوعة. فقد تطورت تقاليد ثقافية منذ أزمنة قديمة، في بناء ما يسمى الحضارة المعاصرة، نتاجا للتفاعل المتعدد الأبعاد. وبالتالي، لا يمكن الحكم على سمات جوهرية ثابتة، عرقلت وتعرقل نمو المعارف وتطور الثقافات... إن غموض مفهوم النسبانية عند فيرابند، يجعله عرضة لتأويلات كثيرة ومتضاربة، تجمع بين مفهوم النسبانية بوصفه موقفا للامبالاة وتعليق الحكم، وتساوي الأفكار وغياب النقد، وبين النسبية بوصفها خاصية مكونة للفكر العلمي المعاصر، تنتج من خلال دينامية النقد والمقارنة بين التقاليد الثقافية، باعتبار النقد يعمل على غربلة الأفكار ومدى تأثيرها أو محدوديتها في تطوير الأنساق الثقافية.



أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
TT

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان
أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد. كشفت أعمال التصنيف العلمي الخاصة بهذه اللقى عن مجموعة من القطع العاجية المزينة بنقوش تصويرية، منها عدد كبير على شكل أسود تحضر في قالب واحد جامع. كذلك، كشفت هذه الأعمال عن مجموعة من القطع المعدنية النحاسية المتعدّدة الأحجام والأنساق، منها 4 قطع على شكل أسود منمنمة، تحضر كذلك في قالب ثابت.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية، وتنقسم حسب نقوشها التصويرية إلى 3 مجموعات، فمنها ما يمثّل قامات أنثوية، ومنها ما يمثّل قامات آدمية مجرّدة يصعب تحديد هويتها الجندرية، ومنها ما يمثّل بهائم من الفصيلة السنورية. تزين هذه البهائم قطع يتراوح حجمها بين 3 و4.5 سنتيمترات عرضاً، حيث تحضر في تأليف تشكيلي ثابت، مع اختلاف بسيط في التفاصيل الجزئية الثانوية، ويوحي هذا التأليف بشكل لا لبس فيه بأنه يمثّل أسداً يحضر في وضعية جانبية، طوراً في اتجاه اليمين، وطوراً في اتجاه اليسار. يغلب على هذا الأسد الطابع التحويري الهندسي في تصوير سائر خصائصه الجسدية، من الجسم العضلي، إلى الرأس الكبير، إلى الأرجل الصغيرة. نراه فاتحاً شدقيه، رافعاً قائمتيه الأماميتين، وكأنه يستعدّ للقفز، ويظهر ذيله من خلفه وهو يلتف ويمتد إلى أعلى ظهره.

ملامح الوجه ثابتة لا تتغيّر. العين دائرة كبيرة محدّدة بنقش غائر، يتوسّطها ثقب يمثّل البؤبؤ. الأذنان كتلتان مرتفعتان عموديتان، والأنف كتلة دائرية موازية. فكّا الفم مفتوحان، ويكشفان في بعض القطع عن أسنان حادة مرصوفة بشكل هندسي. تحدّ الرأس سلسلة من النقوش العمودية المتوازية تمثل اللبدة، وهي كتلة الشعر الكثيف الذي يغطي الرقبة. يتكون الصدر من كتلة واحدة مجرّدة، تعلوها سلسلة من النقوش الغائرة تمثل الفراء. يتبنى تصوير القائمتين الخلفيتين نسقين متباينين؛ حيث يظهر الأسد جاثياً على هاتين القائمتين في بعض القطع، ومنتصباً عليها في البعض الآخر. في المقابل، تظهر القائمتان الأماميتان ممدّدتين أفقياً بشكل ثابت. أرجل هذه القوائم محدّدة، وهي على شكل كف مبسوطة تعلوها سلسلة من الأصابع المرصوفة. الذيل عريض للغاية، وتعلو طرفه خصلة شعر كثيفة تماثل في تكوينها تكوين أرجله.

عُثر على سائر هذه القطع العاجية في قبور حوت مجموعة كبيرة من اللقى شكّلت في الأصل أثاثها الجنائزي. للأسف، تبعثر هذا الأثاث، وبات من الصعب تحديد موقعه الأصلي. كانت القطع العاجية مثبّتة في أركان محدّدة، كما تؤكد الثقوب التي تخترقها، غير أن تحديد وظيفتها يبدو مستحيلاً في غياب السند الأدبي الذي من شأنه أن يكشف عن هذه الوظيفة الغامضة. تحضر الأسود إلى جانب القامات الآدمية، والأرجح أنها تشكّل معاً علامات طوطمية خاصة بهذه المدافن المحلية.

تمثّل القطع العاجية تقليداً فنياً شاع كما يبدو في شمال شرقي شبه الجزيرة العربية

إلى جانب هذه القطع العاجية، يحضر الأسد في 4 قطع معدنية عُثر عليها كذلك ضمن أثاث جنائزي مبعثر. تعتمد هذه القطع بشكل أساسي على النحاس، وهي قطع منمنمة، تبدو أشبه بالقطع الخاصة بالحلى، واللافت أنها متشابهة بشكل كبير، ويمكن القول إنها متماثلة. حافظت قطعتان منها على ملامحها بشكل جلي، وتظهر دراسة هذه الملامح أنها تعتمد نسقاً مميزاً يختلف عن النسق المعتمد في القطع العاجية، بالرغم من التشابه الظاهر في التكوين الخارجي العام. يحضر هذا الأسد في كتلة ناتئة تبدو أشبه بالقطع المنحوتة، لا المنقوشة، ويظهر في وضعية جانبية، جاثياً على قوائمه الـ4، رافعاً رأسه إلى الأمام، ويبدو ذيله العريض في أعلى طرف مؤخرته، ملتفاً نحو الأعلى بشكل حلزوني. العين كتلة دائرية ناتئة، والأذن كتلة بيضاوية مشابهة. الفكان مفتوحان، ممّا يوحي بأن صاحبهما يزأر في سكون موقعه. اللبدة كثيفة، وتتكون من 3 عقود متلاصقة، تحوي كل منها سلسلة من الكتل الدائرية المرصوفة. مثل الأسود العاجية، تتبنى هذه الأسود المعدنية طابعاً تحويرياً يعتمد التجريد والاختزال، غير أنها تبدو أقرب من المثال الواقعي في تفاصيلها.

يظهر هذا المثال الواقعي في قطعة معدنية من البرونز، مصدرها موقع سمهرم، التابع لمحافظة ظفار، جنوب سلطنة عُمان. عُثر على هذه القطعة في ضريح صغير يعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، واللافت أنها وصلت بشكلها الكامل، وتتميز بأسلوب يوناني كلاسيكي يتجلّى في تجسيم كتلة الجسم وسائر أعضائها. يظهر الأسد واقفاً على قوائمه الـ4، مع حركة بسيطة تتمثل في تقدم قائمة من القائمتين الأماميتين، وقائمة من القائمتين الخلفيتين، وفقاً للتقليد الكلاسيكي المكرّس. يحاكي النحات في منحوتته المثال الواقعي، وتتجلّى هذه المحاكاة في تجسيم مفاصل البدن، كما في تجسيم ملامح الرأس، وتبرز بشكل خاص في تصوير خصلات اللبدة الكثيفة التي تعلو كتفيه.

يبدو هذا الأسد تقليدياً في تكوينه الكلاسيكي، غير أنه يمثّل حالة استثنائية في محيطه، تعكس وصول هذا التقليد في حالات نادرة إلى عمق شمال شرقي شبه الجزيرة العربية.