معارضون سوريون يتخوفون من إطلاق «منصة الفصائل» في «آستانة»

مواقف متضاربة بين تفاؤل وتشاؤم سببه عدم الثقة بموسكو

معارضون سوريون يتخوفون من إطلاق «منصة الفصائل» في «آستانة»
TT

معارضون سوريون يتخوفون من إطلاق «منصة الفصائل» في «آستانة»

معارضون سوريون يتخوفون من إطلاق «منصة الفصائل» في «آستانة»

حسمت الفصائل العسكرية المعارضة التي اجتمعت لخمسة أيام في أنقرة مع مسؤولين أتراك وروس، أمر مشاركتها في محادثات «آستانة» المقبل - مشفوعًا بدعم أكبر هيئة سياسية معارضة، أي الهيئة العليا للمفاوضات السبت الماضي - ودعمها لمحادثات السلام حول سوريا المرتقبة في آستانة، وتأكيد استعدادها لتقديم دعمها للوفد العسكري المفاوض. وأملت في أن يتمكن اللقاء «من بناء مرحلة الثقة، وخصوصًا في ما يتعلق بفك الحصار عن جميع المدن والبلدات المحاصرة وإدخال المساعدات وإطلاق سراح المعتقلين». مع الإشارة إلى القرار 2254 الذي اعتمد في نهاية 2015، والذي أقر خارطة طريق من أجل حل سياسي للنزاع السوري.
توجهت «الشرق الأوسط» إلى أفراد من المعارضة السورية بصفتهم غير المؤسساتية، وسألتهم عن موقفهم من مشاركة الفصائل مع استبعاد المعارضة السياسية من هذه المرحلة؟ وعن مدى تفاؤلهم بما يمكن أن يتحقق في آستانة، وإن كان الاجتماع سيشكل نقلة في الأزمة السورية ويحضّر لمفاوضات جنيف فعلاً المزمع عقدها في الثامن من فبراير (شباط) (شباط المقبل)، وإن كان اجتماع آستانة سيسرق من جنيف المرجعية الدولية لمناقشة مصير سوريا بعد 6 سنوات من الحرب.
د. هشام مروة، عضو اللجنة القانونية في الائتلاف الوطني السوري, يرى أنه طالما أن «آستانة» محدد لمناقشة تفاصيل عسكرية، فالأصل أن تكون الفصائل حاضرة، باعتبارها تعمل في الميدان، وهي القادرة على تحديد آليات وقف إطلاق لنار، وبالتالي فإن مشاركتها مقبولة.
«وربما على هذا الأساس تم اتخاذ قرار الهيئة العليا للمفاوضات بدعم المشاركة ودعم الجهود الرامية لوقف النزيف في سوريا».
ويتابع: «أما أن يقدم الحضور على مناقشة الأمور السياسية فهو أمر غير مقبول وغير مفهوم... وأقول أمرًا غير منتج أيضًا. ويكون عمليًا نوعًا من الالتفاف على بيان جنيف وعلى أية مرجعية أخرى».
وتوقع مروة - بحسب المعلومات المتاحة حتى الآن - أن الاجتماع سيكون لبحث تفاصيل ميدانية وأولية.
د. لؤي صافي, أكاديمي ومعارض سوري, يرى ضرورة مشاركة الفصائل العسكرية للبحث في تثبيت وقف إطلاق النار، ووضع آليات ومراقبين للتأكد من التزام القوى العسكرية المختلفة بالاتفاقية. ويقول: «يمكن للمعارضة السياسية مساعدة الفصائل في تسمية مستشارين سياسيين من أصحاب الخبرة في المفاوضات والقانون الدولي لمساعدة ممثلي الفصائل». ويلفت صافي إلى أهمية أن ترتبط مشاركة الفصائل بوقف إطلاق النار في وادي بردى، حيث يقوم النظام وحليفه الإيراني بخرقه منذ أيام.
واعتبر أن الوصول إلى وقف حقيقي وشامل لإطلاق النار، وتثبيته خلال الأسابيع المقبلة، سيؤكد جدية الروس في فرض الهدوء الضروري للدخول في مفاوضات حقيقية، وقدرتهم على ضبط تهور النظام، وإنهاء ممارسات التطهير العرقي ذي الطبيعة الطائفية التي يقوم بها بالتعاون مع الميليشيات الإيرانية.
ويستدرك بقوله: «تجربتنا مع القيادة الروسية التي تقدم دعما كاملا لنظام الأسد تجعلني أحكم على أنها ستحاول - إن استطاعت - تفريغ اتفاق جنيف من مضمونه في لقاء الآستانة، وخصوصًا الفقرات التي تؤكد على ضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالية لقيادة المرحلة الانتقالية. وأنا لا أستبعد أن تعمل موسكو على إغراق (آستانة) بمعارضين مؤيدين لبقاء النظام المسؤول عن تراجع سوريا وإضعافها وقتل وتشريد الملايين من أبنائها».
محمد صبرا, محام وعضو وفد جنيف, يورد مجموعة من النقاط قبل الحديث عن اجتماع آستانة بحد ذاته، وهي أن الفصائل الموقعة على المشاركة، هي الفصائل التي هزمت في حلب من قبل القوات الروسية. وأن الفصائل الموقعة هي 13 فصيلاً فقط من أصل 93 فصيلاً عسكريًا في الساحة السورية. الفصائل الموقعة تعمل في مساحة جغرافية ضيقة، وهي ليست شاملة لكل أنحاء القطر. وأن هذه الفصائل تنتمي لتيار سياسي أحادي أو قريبة منه.
ويلفت صبرا إلى أن الاتفاق الموقع مع هذه الفصائل لا يتعلق بالقضايا العسكرية بل هو اتفاق سياسي من حيث المضمون ومن حيث الشكل، وهذا الاتفاق أعطى لهذه الفصائل صفة «المعارضة»، أي أنه اختصر المعارضة بها، كذلك أعطاها الحق في تشكيل وفد لبحث قضايا الحل السياسي في سوريا.
هذه المعطيات تجعلنا نقف عند كثير من النقاط، وهي أن الاتفاق تم برعاية دولتين وهما تركيا وروسيا، وهو اتفاق جزئي يتعلق أساسًا بمدينة حلب والفصائل العاملة فيها، ومن ثم تمت محاولة تعميمه على مساحة سوريا، وهو أمر لن ينجح؛ لأن القضية السورية لا يمكن أن تقوم دولتان خارجيتان بصياغة حل شامل لها، وهما مشغولتان بقضاياهما الخاصة على المستوى الأمني أو السياسي.
نغم الغادري, نائبة رئيس الائتلاف سابقًا, ترى أن استثناء السياسيين من المحادثات، وجعل أمر التفاوض بيد من حمل السلاح فقط - على اعتبار أن أغلب الحاضرين ليسوا ضباطًا، أي لا تنطبق عليهم صفة العسكريين - هو خطأ فادح.
وتعتقد الغادري، أن «آستانة» سيشكل نقلة في تداعيات المشهد السوري، مستدركة بالقول إنها «ليست بالضرورة تحضيرًا لجنيف أو نقلة إيجابية لها. فروسيا هي المشكلة اليوم وهي الحل في الوقت نفسه».
وتضع نغم الغادري اللوم على المعارضة الديمقراطية التي لم تنجح في أن تكون عامل استقطاب للروس، من خلال إقناعهم بأهمية استبدالهم بالنظام الحالي في سوريا.
محمود الحمزة, أكاديمي ومعارض مقيم في موسكو, يعتقد أن لعبة آستانة كانت خطوة من الروس لإقحام الفصائل المسلحة مباشرة في التفاوض، وإبعاد الهيئة العليا للتفاوض كهيئة سياسية عن أجواء المحادثات السورية السورية. ويعبر عن خشيته من أن «تطرح في الاجتماع ملفات سياسية ويستفردون بالفصائل». فروسيا وتركيا متفاهمتان ومتفقتان إلى درجة كبيرة حول الملف السوري، ويبقى مهمًا جدًا موقف الفصائل وصلابتها وثباتها على مطالب الشعب السوري. وبالنتيجة تبقى جنيف هي المكان المتفق عليه دوليًا لأي مفاوضات رسمية تحت رعاية أممية. وهناك، لن نقبل إلا بمشاركة الهيئة العليا للتفاوض كممثل للمعارضة في أي مفاوضات مع النظام أو غيره.
ولا يبدي الحمزة تفاؤلاً كثيرًا حيال آستانة، و«لكنني أؤيد الحضور للضغط على إيران والنظام ووضعهما على المحك ودعم التفاهم التركي الروسي»، وهو «ما قد يفيدنا في هذه المرحلة، حيث لم يعد لدينا أصدقاء».
موفق نيربية, عضو الهيئة السياسية للائتلاف الوطني السوري, متفائل بما يمكن أن يحدث في آستانة، شرط أن يكون منصبًا على وقف إطلاق نار شامل وثابت وآليات مراقبة، وعلى تنظيم عمليات المساعدات الإنسانية بشكل جيد إلى حيث مستحقيها، خصوصًا في المناطق المحاصرة. مشترطًا تنسيق تنفيذ كل النقاط الإنسانية في القرار 2245، ومسألة الإفراج عن المعتقلين وجميع النقاط العالقة الأخرى.
«أما إذا كان مدخلاً لضرب مرجعية بيان جنيف وقرارات الشرعية الدولية، وتخفيض سقف طموحات شعبنا بعد كل معاناته ومأساته، وإذا كان مدخلاً لتشويش تمثيل الشعب السوري بمعارضته وثواره، كما عملت موسكو في الأعوام الثلاثة الأخيرة بدأب لا يكل ولا يمل، فلن أتفاءل أبدًا. وأظنني لا أستطيع - رغم احترافي - أن أجمع عوامل كافية حتى يتبلور هذا التفاؤل ويتجسد».
مختتمًا كلامه بالقول: «لدي مشاعر متعارضة، وأميل إلى السلبية فيما يخص اجتماع الآستانة».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».