لم يفلح النظام السوري في الحدّ من خسائره في دير الزور، ووقف الانهيارات السريعة لخطوط دفاعاته أمام هجمات تنظيم «داعش». وعلى الرغم من التعزيزات العسكرية التي استقدمها جوًّا إلى مطار دير الزور العسكري، فإن التنظيم لا يزال يحكم الطوق حول المطار ويعزله عن محيطه ويتقدّم باتجاه الأحياء الخاضعة لسلطة النظام داخل المدينة، مما دفع بالأخير إلى الاستعانة بالمدنيين طالبًا منهم القتال إلى جانبه، فيما علقت الأمم المتحدة إلقاء المساعدات جوا إلى السكان المحاصرين.
وتقاطعت معلومات مصادر متعددة حول الوضع الميداني في دير الزور، حيث قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «قوات النظام استقدمت تعزيزات عسكرية جوا إلى مطار دير الزور، ودعت سكان المدينة إلى المشاركة في القتال على الجبهات الرئيسية ضد مقاتلي (داعش)، رغم أن بعضهم لم يخضع لأي تدريبات عسكرية».
ويعد المطار العسكري المتنفس الوحيد الذي كان متبقيًا لقوات النظام، وتحصل عبره على الإمدادات العسكرية والمستلزمات والمساعدات الغذائية، لعناصرها في مناطق سيطرتها في دير الزور.
وجرت معارك متقطعة بين «داعش» وقوات النظام على أطراف الأحياء التي تسيطر عليها الأخيرة داخل المدينة، وتزامنت مع غارات شنتها الطائرات الروسية وطائرات النظام السوري على مواقع التنظيم، وأفاد المرصد بأن «التنظيم يعتمد بشكل كبير على الانغماسيين في الهجمات التي يشنها في محاور القتال». وأحصى مقتل 116 شخصًا منذ بدء الهجوم يوم السبت الماضي، وهم 21 مدنيا، و37 عنصرًا من قوات النظام، و58 مقاتلا من «داعش»، قضوا جراء المعارك والغارات الجوية.
ودفعت المعارك الأمم المتحدة إلى تعليق إلقاء مساعدات جوا إلى السكان المحاصرين داخل المدينة. وقالت المتحدثة باسم «برنامج الأغذية العالمي» بتينا لوشر، للصحافيين في جنيف، أمس: «علقنا عملية إلقاء المساعدات جوًا في دير الزور لأسباب أمنية»، مشيرة إلى «معارك عنيفة مستمرة في منطقة إلقاء المساعدات ومحيطها». وأضافت: «من الخطر جدا أن نفعل ذلك»، مذكرة بأن «آخر مرة ألقيت فيها المساعدات كانت يوم السبت، الذي بدأ فيه التنظيم هجومه».
ويبدو أن معركة دير الزور لها مبرراتها، وفق ما أعلن الخبير العسكري والاستراتيجي السوري العميد أحمد رحال لـ«الشرق الأوسط»، الذي أوضح أن «(داعش) بدأ يخسر الموصل في العراق ومدينة الباب في سوريا، لذلك بات مضطرًا لتدعيم خطوطه الخلفية»، مشيرًا إلى أن «دير الزور كانت خط الدفاع الأخير لديه، أما الآن فباتت جبهته الأولى».
وقال رحال إن «أوراق النظام تعرّت في دير الزور، لأن التنظيمات الشيعية، مثل ميليشيا (حزب الله) والميليشيات العراقية، ترفض قتال (داعش)، فمهمتها محصورة بقتال فصائل الثورة المعتدلة»، مشددًا على أنه «في حال لم تصل تعزيزات عسكرية كافية، ولم يتدخل الطيران الروسي بشكل فعّال، فإن دير الزور ستصبح كلها تحت سيطرة (داعش) في غضون أسابيع قليلة». وأضاف رحال: «صحيح أن النظام مرتاح في الجبهات الأخرى، لكن سحب أي قوات ودفعها إلى دير الزور سيكشف ظهره»، عادًا أن النظام «قد يقبل بخسارة دير الزور، لكنه لن يقبل بخسارة جبهة حلب مجددًا أو جبهة الساحل».
ويسيطر تنظيم «داعش» منذ عام 2014 على أكثر من 60 في المائة من مدينة دير الزور، ويحاصرها بشكل مطبق منذ مطلع عام 2015، لتصبح بذلك المدينة الوحيدة التي تحاصر فيها قوات النظام.
أما على جبهة تدمر، فاستمرت الاشتباكات أمس، في المحور الشمالي لمطار «التيفور» العسكري القريب من المدينة الأثرية، بين مقاتلي «داعش»، وقوات النظام والمسلحين الموالين له.
«داعش» يتقدم نحو آخر معاقل النظام في دير الزور
قوات الأسد استقدمت تعزيزات عبر الجو إلى مطار المحافظة
«داعش» يتقدم نحو آخر معاقل النظام في دير الزور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة