الحكومة اليمنية تسحب «البساط» من تحت الانقلابيين

تعمل في «ظروف استثنائية» بالعاصمة المؤقتة عدن

الحكومة اليمنية تسحب «البساط» من تحت الانقلابيين
TT

الحكومة اليمنية تسحب «البساط» من تحت الانقلابيين

الحكومة اليمنية تسحب «البساط» من تحت الانقلابيين

في ظروف استثنائية وخاصة، تعمل الحكومة اليمنية بصمت، من العاصمة المؤقتة عدن، لحلحلة المشكلات التي راكمها انقلاب ميليشيات الحوثي وصالح على الشرعية، وهي خطوات يصفها المراقبون بأنها تصب في خانة إنهاء الانقلاب، إداريا وماليا، وعودة الحكومة الشرعية لممارسة أعمالها ومهامها، بشكل كامل، كما توضحه إجراءات الأخيرة بشأن صرف مرتبات العسكريين، ثم الإجراءات الحالية بصرف مرتبات المدنيين، في جميع المحافظات اليمنية، وعبر الأطر الشرعية وبشكل مباشر، بما يضمن وصول الأموال إلى مستحقيها وليس إلى يد ميليشيات الانقلاب التي عرف عنها أسلوب النهب والسطو على مقدرات الدولة والمواطنين، في آن معا، كما أكد أحد الوزراء في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»، الذي قال إن الحكومة «بدأت بصرف الرواتب فعليا من يومين».
تتمثل الظروف الاستثنائية في انعدام المباني المخصصة لممارسة أعضاء الحكومة مهامهم، بسبب تدمير معظم البنية التحتية أثناء الحرب في عدن، عام 2015، حتى إن أحد الوزراء تحدث لصحيفة محلية بأن أربعة وزراء يقتسمون حماما واحدا، في حين أكد أحد الوزراء لـ«الشرق الأوسط»، أنهم ينظفون غرفهم بأنفسهم، لذلك فإن الرئيس ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، يمارسون مهامهم من قصر معاشيق في العاصمة المؤقتة عدن، بعد أن أعادت دولة الإمارات العربية المتحدة ترميمه، إثر تعرضه للتدمير والقصف والنهب لمحتوياته أثناء الحرب، لكن الكادر الحكومي التنفيذي في مؤسسات الدولة، وكثيرا من الوزراء، باتوا يمارسون مهامهم من مكاتب اعتيادية وغير مجهزة، في أنحاء متفرقة من المدينة، في محاولة لعدم الرضوخ للظروف الراهنة خصوصا المالية.
ومنذ اتخذ الرئيس عبد ربه منصور هادي قرار نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن في سبتمبر (أيلول) الماضي، ومع عودته واستقراره والحكومة في عدن، تغيرت كثير من المعادلات، سواء على مستوى الإدارة أو على مستوى الميدان والمعارك المحتدمة في عدد من الجبهات، بدليل «الانتصارات» التي تحققت، مؤخرا، في الساحل الغربي وفي الجوف وفي بيحان في شبوة.
المخاوف الأمنية، مثلت، إلى وقت قريب، عاملا رئيسيا ومهما في إعاقة عمل الحكومة والمسؤولين من العاصمة المؤقتة عدن، وذلك بسبب التفجيرات الانتحارية، بأنواعها، وكل يوم يزداد تأكيد المسؤولين الأمنيين، في عدن، أن لديهم قناعة كاملة وراسخة بأن الأجهزة التابعة للمخلوع علي عبد الله صالح والخلايا التي زرعها في الجنوب طوال 25 عاما، هي من يقف وراء هذه الحوادث التي تنسب إلى «القاعدة» أو «داعش» أو «أنصار الشرعية». غير أن أجهزة الأمن في عدن، تمكنت، وبدعم كبير من التحالف، من القضاء على معظم أوكار «الخلايا الإرهابية، سواء في عدن أو أبين، وحررت الأخيرة مع محافظة حضرموت من وجود هذه الجماعات، التي تجد دعما كبيرا من أجهزة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح».
ويقول المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، إن الحكومة اليمنية الشرعية «تمضي بخطوات ثابتة نحو تحقيق أهداف حضور الدولة وإنهاء الانقلاب، وسط ظروف استثنائية تعيشها في العاصمة المؤقتة عدن التي فقدت خلال الحرب جزءًا كبيرًا من بنيتها التحتية». ويضيف أن «معظم قيادات الدولة يقيمون في مقر حكومي واحد مؤهل بشكل جيد كمقر للسكن وممارسة الصلاحيات الرسمية هو قصر المعاشيق، لكن هناك كثيرا من الجهد يتعين بذله لتهيئة البنية التحية في العاصمة المؤقتة، لكي تقوم الحكومة بمهامها بالشكل المطلوب».
ويجزم التميمي بأن الحكومة اليمنية الشرعية «استعادت معظم صلاحياتها، وقد بدأت بصرف المرتبات لموظفي الجهاز المدني للدولة اليمنية حتى لأولئك الذين يعملون تحت سلطة الانقلاب الميليشياوي في صنعاء، على الرغم من الخطورة الكامنة في صلب هذا الإجراء الذي سيمنح الانقلابيين فرصة ذهبية لتوظيف المليارات التي بحوزتها لمواصلة دعم المجهود الحربي، وتغطية عمليات لا حصر لها من الفساد الذي يتورط فيه قادة في الميليشيا على مرأى ومسمع من اليمنيين».
وجاء كلام التميمي، بعد أن أعلن رئيس وزراء حكومة الانقلاب في صنعاء، عبد العزيز بن حبتور، عن تحصيل أكثر من 4 مليارات ريال يمني إلى خزينة البنك المركزي (غير الشرعي في صنعاء)، من خلال إيرادات المؤسسات الحكومية والجباية من القطاع الخاص والتبرعات لما يسمى المجهود الحربي.
واعتبر مراقبون أن ما تقدم عليه الحكومة اليمنية في سبيل تعزيز وبسط سيطرتها على مؤسسات الدولة وممارسة مهامها المنوطة بها قانونا «خطوة مهمة». وأكدوا «استعادة الحكومة لدورها في إدارة المالية العامة وصرف المرتبات هو البرهان الأقوى على وجودها الذي ظل هامشيًا طيلة الفترة الماضية، نتيجة إصرار بعض الأطراف الدولية على بقاء هذه الصلاحيات بأيدي الانقلابيين دون أن يوفروا أي ضمانات عن عدم توظيف موارد الدولة في مجهود حربي موجه ضد الدولة نفسها».
ويرى التميمي أن «انشغالات الحكومة في عدن لا تتوقف عند حدود إعادة تأهيل البنية التحتية، بل أيضًا في إعادة الحياة إلى المؤسسات التي تشغل مئات وآلاف الموظفين، وتسوية أوضاع الذين تقطعت بهم السبل من كوادر الجهاز الإداري للدولة طيلة الفترة الماضية»، مشيرا إلى «أكوام من التحديات تنتصب أمام حكومة لم تستقر بعد في بيئة عمل مناسبة، إذ يتطلب منها ذلك أن تجرف مخلفات الحرب المادية والنفسية، وتواصل المضي في الطريق نحو الدولة الاتحادية».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.