جامعة «عليكرة».. أولى جامعات الهند الإسلامية

ما زالت تمارس دورها منذ عشرات السنين وتنافس ضمن لائحة الأفضل محليا

الواجهة الرئيسة لجامعة «عليكرة» الهندية («الشرق الأوسط»)
الواجهة الرئيسة لجامعة «عليكرة» الهندية («الشرق الأوسط»)
TT

جامعة «عليكرة».. أولى جامعات الهند الإسلامية

الواجهة الرئيسة لجامعة «عليكرة» الهندية («الشرق الأوسط»)
الواجهة الرئيسة لجامعة «عليكرة» الهندية («الشرق الأوسط»)

تعتبر جامعة عليكرة الإسلامية، أول مركز تعليمي إسلامي من نوعه في الهند. تم إنشاء الجامعة عام 1875. وتحتل الجامعة موقعا فريدا بين الجامعات ومعاهد التعليم العالي في الهند الحديثة.
أسس جامعة عليكرة الإسلامية السيد أحمد خان، أحد أكبر المصلحين الاجتماعيين ورجالات الدولة المسلمين في عصره، الذي شعر بأهمية العلم الحديث بالنسبة للمسلمين.
وبحسب مسح أجرته صحيفة «الهند اليوم (India Today)»، جاءت جامعة عليكرة في المرتبة الخامسة في 2012. وتعد من أولى الجامعات التي يتم تعيين نائب رئيسها عن طريق رئيس دولة الهند.
ومنذ تأسيسها فتحت الجامعة أبوابها لجميع الطلبة بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية أو المذهب أو الدين أو النوع.
وتحتل الجامعة ما يقرب من 467.6 هكتار في مدينة عليكرة في ولاية أوتار براديش على بعد 130 كيلومترا من العاصمة الهندية نيودلهي. وتقدم عليكرة أكثر من 300 مقرر دراسي في جميع فروع التعليم التقليدية والحديثة. ويظهر في أبنية حرم الجامعة تأثير العمارة الإسلامية وكذلك مظاهر العمارة الحديثة. كما تجتذب الجامعة طلابا من الهند ودول أخرى من أفريقيا وغرب آسيا وجنوب شرقي آسيا. إلا أن بعض المقررات تبقى حكرا على الطلاب القادمين من دول الكومنولث ودول رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي.
وبحسب مسح أجرته مجلة «التايمز» للتعليم العالي البريطانية حديثا، احتلت جامعة عليكرة الإسلامية المركز التاسع بين جامعات التعليم العالي في الهند. وتضم الجامعة أكثر من 30.000 طالب ونحو 2000 مدرس و95 قسما للدارسة ونحو 6.000 عامل. كما تضم الجامعة 18 قاعة للإقامة موزعة على 73 نزلا للطلبة المغتربين.
وإلى جانب المقررات التقليدية للمرحلة الجامعية والدراسات العليا في العلوم الاجتماعية والعلوم والعلوم الإنسانية، تحاول الجامعة أن تواكب النمو في البلاد من خلال إتاحة أبنية يتم فيها توفير الدراسة المتخصصة في مجالات التعليم الفني والتدريب المهني والتخصصات المتعددة.
وتضم الجامعة الكثير من الكليات مثل كلية ذاكر حسين للهندسة والتكنولوجيا، وكلية طب جواهرلال نهرو، وكلية طب أسنان دكتور زياد الدين، ومعهد طب العيون، ومعهد فن الطهي، ووحدة التكنولوجيا الحيوية المتعددة التخصصات، ومركز دراسات التاريخ المتقدمة، وقسم دراسات غرب آسيا، ومركز الحياة البرية، ومركز دراسات شمال أفريقيا والبرازيل، وقسم الدراسات الإسلامية وغيرها كثير.
وتعتبر جامعة عليكرة الإسلامية مصدر فخر للإسلام والهند ومثالا حيا على التركيبة الثقافية للهند وحصنا منيعا لمبادئها العلمانية.
وتوفر الجامعة أيضا دورات تعليمية في اللغة الهندية واللغات الشرقية والغربية. أما الوسيط التعليمي المعتمد في الجامعة فهو اللغة الإنجليزية.

تاريخ الجامعة وتطورها

عندما تقرر عام 1842 أن يتم إحلال لغة بريطانيا محل اللغة الفارسية التي كانت اللغة الرسمية خلال فترة حكم الإمبراطورية المغولية في الدواوين الحكومية والمحاكم، رأى السيد أحمد خان أنه من الضروري أن يتلقى المسلمون تدريبا يؤهلهم لشغل الوظائف الحكومية، وأن يعدوا أنفسهم لتلقي التعليم في الجامعات البريطانية، وبالتالي كان من المهم للمسلمين أن يصبحوا ماهرين في اللغة الإنجليزية والعلوم الغربية.
وبدأ السيد أحمد خان الإعداد لتأسيس الجامعة الإسلامية من خلال بناء المدارس في مراد آباد في عام 1858 وغازيبور عام 1863. وكان يهدف السيد أحمد خان من وراء إنشاء الجمعية العلمية في عليكرة في عام 1864 إلى ترجمة الأعمال الغربية إلى اللغات الهندية تمهيدا لإعداد المجتمع الهندي لتقبل التعليم الغربي وليرسخ في أذهان المسلمين المزاج العلمي. وقد قادت الرغبة الشديدة في تحسين الظروف الاجتماعية في الهند السيد أحمد خان إلى إصدار دورية «تهذيب الأخلاق» عام 1870.
وفي عام 1875، أسس السيد أحمد خان الكلية المحمدية الأنجلو شرقية على غرار جامعات أكسفورد وكمبردج اللتين زارهما خلال رحلته إلى إنجلترا. كان هدفه بناء كلية تتماشى مع نظام التعليم البريطاني لكنها تتوافق مع القيم الإسلامية.
إبان عودته من إنجلترا في أواخر القرن الـ19، اقترح محمود خان، ابن السيد أحمد خان، والذي كان تخرج في جامعة كمبردج، إنشاء جامعة مستقلة عن الكلية المحمدية الأنجلو شرقية. وفي أوائل القرن الـ20، بدأت الكلية المحمدية الأنجلو شرقية في إصدار مجلتها الخاصة المعروفة بـ«العليكرية»، ثم أنشأت مدرسة الحقوق.
ولتحقيق هذا الهدف، تمت إضافة الكثير من التوسعات والبرامج للمناهج التعليمية. وتم إنشاء مدرسة للفتيات في عام 1907. وفي عام 1920، وبالتحديد في التاسع من سبتمبر (أيلول)، تم تحويل الكلية المحمدية الأنجلو شرقية في عليكرة إلى جامعة عليكرة الإسلامية.
وصف اللورد ليتون إنشاء جامعة عليكرة الإسلامية بأنها قفزة في التطور الاجتماعي في الهند. ثم جاء السير هاميلتون غيب ليصف الجامعة، بعد عدة عقود، بأنها أول مؤسسة حداثية في الإسلام.
كان أول رئيس للجامعة السلطان شاهجهان بيغوم. وكانت واحدة من أولى المؤسسات التعليمية التي توفر إقامة للطلبة سواء من قبل الحكومة أو القطاع العام في الهند.
في عام 1920 أنشئت كلية للمكفوفين وبعدها بعام ألحقت كلية الطب بالجامعة، وبنهاية الثلاثينات كانت كلية الهندسة إحدى كليات الجامعة.
خلال إنشاء الجامعة، قال السير سيد أغا خان، الذي توفي في 27 مارس (آذار) عام 1898 ودفن بمسجد الجامعة، في كلمته: «لدى مسلمي الهند رغبات مشروعة في التطور الفكري لنظرائهم في تركيا وإيران وأفغانستان وسائر العالم الإسلام، والسبيل الأمثل لمساعدتهم هو تحويل عليكرة إلى أكسفورد إسلامية. ونحن على يقين من أننا بتأسيسنا لهذه الجامعة سنعمل على وقف اضمحلال الإسلام، وإن لم نقدم التضحيات عن طيب خاطر لتحقيق هذه الغاية، فمعنى ذلك أننا لا نبالي لمصير الدين الإسلامي؟ نحن نريد لعليكرة أن تكون جامعة تعليمية تقف على قدم المساواة مع جامعات برلين وأكسفورد وليبيز أو باريس. ونريد لهذه الفروع من العلوم الإسلامية، التي تواجه اضمحلالا سريعا، أن تضاف من قبل علماء مسلمين إلى مخزون المعرفة العالمية».

مكتبة عالمية

أنشئت المكتبة المركزية للجامعة عام 1875 وتضم نحو تسعة ملايين كتاب وتعتبر واحدة من أبرز مكتبات العالم. وتعود أقدم المخطوطات التي تمتلكها الجامعة إلى أكثر من 1400 عام، وهي جزء من القرآن الكريم يعود تاريخ نسخه إلى زمن الإمام علي، الخليفة الرابع، ومنسوخ بالخط الكوفي. ويأتي أيضا بين المجموعات النادرة مخطوطة لثابت بن يزيد الأنصاري والتي تعد النسخة الوحيدة في العالم.
كان علماء بارزون مثل غاردنر براون وأرنولد ويليغ وهورويتز وستوري وأتشيلفون قد شغلوا منصبا شرفيا كأمناء للمكتبة إلى جانب مسؤولياتهم التعليمية.
ويحاط المبنى المكون من سبعة طوابق بنحو 4.75 هكتار من الحدائق والمروج الجميلة. وتحتوي المكتبة على مجموعة كبيرة من الكتب التي طبعت في بداية عصر الطباعة بلغات متعددة. ولعل أبرزها الترجمة اللاتينية لكتاب ابن الهيثم عن البصريات والذي نشر عام 1572.
كما تضم المكتبة الكثير من المراسيم (القرارات) التي أصدرها الكثير من ملوك المغول مثل بابور وأكبر وشاهجهان وشاه علام وشاه علمجير، وأورانغزيب وغيرهم. ومن بين المحتويات القيمة للمكتبة «قميص» كتب عليه القرآن بالخط الكوفي. يعتقد أن هذا القميص يخص محارب في جيش المغول. ويزور أكثر من 5.000 طالب وأستاذ وأعضاء الجامعة المكتبة يوميا للاستفادة من خدماتها. ويقع حرم الجامعة الرئيس في عليكرة وهناك فرعان للجامعة في مالابورام ومرشدآباد.
وبحسب الدكتور راهات أبرار، مسؤول العلاقات العامة، فإن الجامعة تخطط لإنشاء خمسة فروع إقليمية أخرى في الهند.
وسوف تتحول الجامعة بافتتاحها خمسة فروع أخرى تابعة لها في ولايات أخرى بعيدة عن عليكرة، ثلاثة منها قيد الإنشاء في الوقت الراهن - في مرشد آباد (غرب البنغال) ومالابورام (كيرالا) وكيشانغانغ (بيهار) - إلى الجامعة من جامعة واحدة للمسلمين إلى نظام جامعي للمسلمين الهنود.
وعلى الرغم من عدم توفير الجامعة مقر إقامة للطلبة فإن بها مقر إقامة داخلي للطلبة.
من ناحية أخرى قال الدكتور أبرار لمراسلة «الشرق الأوسط»، إن «كلية الطب في جامعة عليكرة الإسلامية وقعت مذكرة تفاهم مع كلية الطب في جامعة ماساتشوستس في الولايات المتحدة».
في الوقت ذاته، قامت جامعة عليكرة بالتعاون مع جامعة ولاية أوهايو ببناء مركز للتعليم والبحث العلمي في جامعة عليكرة يهدف إلى توفير التعليم والبحث في مجال الخبرات المشتركة.
وكان طلبة جامعة عليكرة الإسلامية قد دخلوا موسوعة جينز للأرقام القياسية بصناعة أكبر مظروف لرسالة في العالم، وقد أصدرت مؤسسة جينز للأرقام القياسية شهادة إلى الجامعة بهذا الشأن.
وكان عدد من خريجي الجامعة المتميزين السابقين قد شاركوا في النضال الوطني كزعماء وطنيين قدموا تضحيات كبيرة، كان من أبرزهم محمد علي وشوكت علي وحضرت مهني وراجا ماهيندر براتاب، وسيد حسين، ورافي أحمد كيدواي، ومحمد يونس.
وشغل بعض خريجي الجامعة مناصب رفيعة من بينها منصب رئيس الهند والحكام وحكام الولايات. فكان بين طلاب الجامعة ذاكر حسين الذي تولى رئاسة الهند وأيوب خان، أول رئيس لباكستان ونوابزادة لياقات علي خان، رئيس وزراء باكستان وأحمد سعيد خان تشاتاري، رئيس وزراء ولاية حيدر آباد، والشيخ عبد الله صديق ومير قاسم واللذان كانا رئيسا وزراء لولاية جامو وكشمير، وعبد الغفور رئيس وزراء بيهار ووزير الدولة للسكك الحديدية، وشافي قرشي وزير الدولة للصناعة وبي بي موريا، ووزير الدولة للقانون، في إيه سيد محمد.
من بين الشخصيات السينمائية التي تخرجت في جامعة عليكرة، بيغوم بارا، ونينا ورينوكا ديفي وطلعت محمود وشيكال بادايوني وراهي معصوم راضا وجواد (الشهير بسليم جواد)، ورحمن وتاباسوم ونصر الدين شاه.
ومن بين أعلام الرياضة الذين تخرجوا في الجامعة غوسي محمد الذي تعلم التنس في الجامعة ووزير علي ونذير علي ولالا أمارناث وسي إس نايدو ومشتاق علي لاعب الكريكيت.
تحتل الجامعة في الوقت الراهن المرتبة الخامسة بين الجامعات الهندية، ومن المتوقع أن تحصد المركز الأول خلال خمس سنوات وإذا صدقت توقعات نائب رئيس الجامعة الحالي. ويقول الفريق المتقاعد، جمال الدين شاه، نائب رئيس جامعة عليكرة، إن «الفروع الخمس الجديدة للجامعة ستضعها على الطريق لاستعادة مكانتها كأفضل جامعة هندية».



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.


جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.


«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».