«الاستقلال» المغربي يقاطع جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب... و«العدالة والتنمية» يصوت بورقة بيضاء

فوز المالكي بالمنصب يفتح باب السيناريوهات على مصراعيه

«الاستقلال» المغربي يقاطع جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب... و«العدالة والتنمية» يصوت بورقة بيضاء
TT

«الاستقلال» المغربي يقاطع جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب... و«العدالة والتنمية» يصوت بورقة بيضاء

«الاستقلال» المغربي يقاطع جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب... و«العدالة والتنمية» يصوت بورقة بيضاء

انسحب أمس الفريق النيابي لحزب الاستقلال المغربي من جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، وذلك مباشرة بعد دعوة عبد الواحد الراضي، رئيس الجلسة، النواب إلى بدء عملية التصويت بعد تقدم الحبيب المالكي القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض كمرشح وحيد للمنصب، بينما اختار نواب حزب العدالة والتنمية، متصدر اقتراع أكتوبر (تشرين الأول)، التصويت بالورقة البيضاء.
وقبل ساعات فقط من انطلاق التصويت ظل المالكي المرشح الوحيد للمنصب وحظي على الفور بدعم حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الذي قرر مكتبه السياسي في اجتماع - ترأسه أمس أمينه العام إلياس العماري - التصويت بالإجماع لصالحه، إلا أن الاتصالات لم تتوقف من أجل التوصل إلى اتفاق حول تقديم مرشح من الأغلبية الحكومية السابقة، سواء من «التجمع الوطني للأحرار» أو من «الحركة الشعبية» للمنصب. وفي المقابل لم يغلق حزب العدالة والتنمية حتى اللحظات الأخيرة الباب أمام سيناريو تقديمه مرشحًا من الحزب لرئاسة المجلس، إلا أن ذلك لم يحدث.
وقبيل انطلاق الجلسة أعلن الحزب عبر بيان أنه «بعد دراسة كل الاختيارات وأنسبها للإسهام في إيجاد الأجواء الإيجابية لمواصلة التشاور من أجل تشكيل أغلبية حكومية، فقد تقرر بعد التشاور عدم تقديم مرشح للتباري على منصب رئيس مجلس النواب، والتصويت بورقة بيضاء».
وقال عبد الله البقالي القيادي في حزب الاستقلال لـ«الشرق الأوسط» عقب انسحاب نواب الحزب من الجلسة العامة أمس إن «حزب الاستقلال عبر عن (موقف سياسي) لأن الرؤية ليست واضحة. فنحن لا نعرف لصالح من سنصوت: هل على الأغلبية أم المعارضة؟ كما أننا لسنا على اطلاع على المعطيات التفصيلية في ما يتعلق بآخر التطورات في المجال السياسي».
وأضاف البقالي أنه «جرت الأعراف الديمقراطية على أن عملية انتخاب رئيس مجلس النواب تخضع لمشاورات سياسية بين الفرقاء، خصوصًا من داخل الأغلبية، وهو ما لم يحدث هذه المرة، إذ وقعت ممارسات غير واضحة، وبالتالي فنحن في حزب الاستقلال ننأى بأنفسنا عن المشاركة في هذه العملية في ظل هذه الظروف السياسية الدقيقة التي تمر بها البلاد».
وردًا على سؤال حول ما إذا كان الانسحاب احتجاجا على ترشح المالكي، قال البقالي: «ليس احتجاجًا على ترشح المالكي بل لانعدام الرؤية، أما المالكي فله كل التقدير والاحترام».
وعبر نور الدين مضيان، رئيس الفريق النيابي للحزب عن الموقف نفسه بقوله إن «الظروف السياسية التي تنعقد فيها الجلسة ليست سليمة وليست طبيعية، فبعد 3 أشهر من الانتخابات التشريعية، وبعد أخذ ورد ومد وجزر هناك مجموعة من التناقضات والإكراهات، التي تحكمت في هذه الظرفية».
موضحًا أن الانسحاب «ينسجم مع قناعة ومبادئ الحزب»، نافيًا أن يكون احتجاجًا على ترشح المالكي، الذي قال عنه إنه «شخصية محترمة تتوفر فيها جميع الشروط، لكن الظروف التي تنعقد فيها جلسة الانتخاب غير طبيعية»، متسائلاً: «هل المالكي مرشح باسم الأغلبية أم المعارضة؟»، وأضاف أن «الانتخابات التشريعية أفرزت نتائج معينة ونحن لن نسمح لأحد بأن يسطو ويصادر إرادة الشعب».
وظل باب السيناريوهات مفتوحًا على مصراعيه أمس قبل انطلاق جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، ولم تتوقف التكهنات حتى آخر لحظة، بشأن المرشح الذي سيؤول إليه المنصب إن كان من المعارضة أو الأغلبية. كما تناسلت التساؤلات حول ما إذا كان انتخاب رئيس جديد للمجلس سيقود إلى انفراج للأزمة السياسية أم إلى تأزيمها.
وكان حزب الاستقلال قد توقع بأن يؤدي فوز المالكي بالمنصب إلى انتخابات تشريعية جديدة، معلنًا رفضه «القفز على نتائج الانتخابات، سواء خلال مشاورات تشكيل الحكومة، أو انتخاب رئيس مجلس النواب، الذي لا يمكن أن يخرج عن أحزاب الأغلبية الحكومية المرتقبة».
وعقدت جلسة أمس في ظروف استثنائية، حيث فرض قرار عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي، التعجيل بانتخاب رئيس المجلس، وباقي هياكله، على الرغم من عدم تشكيل أغلبية حكومية نظرًا لتعثر المشاورات، وذلك حتى يتسنى للبرلمان المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، ومن ثم يتقدم المغرب رسميًا لاستعادة عضويته داخل هذه المنظمة التي انسحب منها عام 1984.
يذكر أن المالكي سبق له أن شغل عدة مناصب. فقد عين عام 1990 من قبل الملك الراحل الحسن الثاني أمينا عاما للمجلس الوطني للشباب والمستقبل، كما تولى رئاسة المركز المغربي للظرفية، وفي سنة 1998 عينه الملك الحسن الثاني وزيرًا للفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري ضمن تشكيلة حكومة التناوب الأولى التي قادها عبد الرحمن اليوسفي، كما عين وزيرا للتربية الوطنية والشباب في حكومة إدريس جطو عام 2002.
وكان المالكي الذي يشغل منصب رئيس اللجنة الإدارية للحزب وهي هيئة تقريرية، من أبرز داعمي إدريس لشكر عند ترشحه لرئاسة الحزب، وأدى فوز لشكر بالمنصب إلى تصدع داخلي، وحدث تراجع كبير في شعبية الحزب الاشتراكي، وخسر 19 مقعدًا في الانتخابات التشريعية الأخيرة.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».