قادة أوروبا «ينتفضون» ضد تصريحات ترامب... ويدعون إلى وحدة الصف

مارك إيرولت: أفضل رد هو وحدة الأوروبيين * أنجيلا ميركل: يجب ألا يثبط انتقاد ترامب اللاذع من عزيمتنا

جانب من اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (رويترز)
جانب من اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (رويترز)
TT

قادة أوروبا «ينتفضون» ضد تصريحات ترامب... ويدعون إلى وحدة الصف

جانب من اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (رويترز)
جانب من اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (رويترز)

كما كان متوقعا، أثارت تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الكثير من الغضب والانتقادات في دول العالم، وسارع الكثير من قادة الاتحاد الأوروبي أمس للرد على الانتقادات الشديدة اللهجة التي وجهها ترامب إلى أوروبا والحلف الأطلسي، مؤكدين على وجوب إبداء «وحدة الصف» و«الثقة» في مواجهة هذه الهجمات.
وكان لتصريحات ترامب وقع الصدمة داخل الاتحاد الأوروبي وآسيا، بعد أن تناول أول من أمس مجموعة واسعة من المواضيع الأوروبية، وذلك قبل خمسة أيام من تولي مهامه رسميا الجمعة، باعتباره الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة.
فقد اعتبر ترامب في مقابلتين مع صحيفتي «بيلد» الألمانية و«تايمز» البريطانية أن بريطانيا «كانت على حق» باتخاذها قرارا بالخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي تسيطر عليه ألمانيا، برأيه، وتوقع أن يكون «بريكست» «أمرا عظيما»، بل إنه حض دولا أخرى على الخروج من التكتل الأوروبي. كما وجه سهامه إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي انتقدت مرارا الرئيس المنتخب علنا، وقال: «أعتقد أنها ارتكبت خطأ كارثيا، وهو السماح بدخول كل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين»، معلقا على قرار ميركل في فتح الحدود لمئات آلاف المهاجرين، بينهم الكثير من السوريين الهاربين من النزاع في بلادهم.
ورأى الملياردير أن عواقب سياسة الاستقبال هذه «ظهرت بوضوح» مؤخرا، في إشارة إلى الاعتداء ضد سوق لأعياد الميلاد في برلين الذي أوقع 12 قتيلا في 19 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي وتبناه تنظيم داعش.
وكنتيجة متوقعة لذلك كان لهذه التصريحات أصداء مدوية في بروكسل، حيث اجتمع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي أمس.
وإن كان البريطاني بوريس جونسون تميز بوصف دعوة ترامب إلى توقيع اتفاق تجاري سريعا بين واشنطن ولندن بأنه «نبأ جيد جدا»، إلا أن الكثير من الوزراء الأوروبيين دعوا إلى التصدي لمواقف الرئيس المقبل بالوقوف جبهة موحدة، إذ قال الفرنسي جان مارك إيرولت إن «أفضل رد على مقابلة الرئيس الأميركي هو وحدة الأوروبيين».
وفي ألمانيا، شدد نائب المستشارة سيغمار غابريال على ضرورة «عدم استسلام الأوروبيين للإحباط»، مضيفا أنه يتوجب «على أوروبا في المرحلة الحالية حيث ضعفت قوتنا، أن تستدرك الأمر، علينا التصرف بثقة والدفاع عن مصالحها الخاصة».
من جانبها، ناشدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دول الاتحاد الأوروبي عدم السماح للانتقاد اللاذع من الرئيس ترامب بتثبيط عزيمتهم، وقالت أمس في العاصمة الألمانية برلين تعليقا على التصريحات الصحافية الأخيرة لترامب «أعتقد أننا نحن الأوروبيين نملك مصيرنا في أيدينا»، مؤكدة أنه يمكن للاتحاد الأوروبي العمل على مكافحة الإرهاب ومواجهة الرقمنة وأي مشكلات أخرى.
من جهته، جدد الحلف الأطلسي «ثقته المطلقة» في إبقاء الولايات المتحدة على «التزام قوي»، في وقت يثير فيه ترامب مخاوف عدد من البلدان، ولا سيما بلدان الخاصرة الشرقية للحلف التي تتخوف من وصوله إلى البيت الأبيض، وخصوصا من احتمال حصول تقارب بين واشنطن وموسكو.
وتطرق ترامب في المقابلتين إلى الحلف الأطلسي بقوله «قلت من وقت طويل إن الحلف الأطلسي يواجه مشاكل»، موضحا أن الزمن تخطاه «لأنه صمم قبل سنوات مديدة... ولأنه لم يعالج الإرهاب. وثانيا لأن الدول الأعضاء لا تدفع ما يتوجب عليها».
وسبق أن أدلى ترامب بتصريحات مماثلة خلال الحملة الانتخابية، ملمحا إلى احتمال أن يعيد النظر في مبدأ التضامن المفروض على الدول الحليفة في حال تعرضت إحداها لاعتداء، إذا لم يرفع الحلفاء مساهماتهم، علما بأن الولايات المتحدة تتحمل نحو 70 في المائة من نفقات الحلف العسكرية.
وفي ردود الفعل الغاضبة، أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، عقب لقاء مع الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ، عن «قلق» الحلف الأطلسي، ولفت إلى أن هذا الموقف «يتعارض مع ما قاله وزير الدفاع الأميركي (المعين) خلال جلسة تثبيته في واشنطن قبل أيام قليلة فقط».
واعتبر وزير الدفاع الأميركي المقبل الجنرال السابق جيمس ماتيس الخميس، خلال جلسة في مجلس الشيوخ لتثبيته في منصبه، أن الحلف الأطلسي يعد «حيويا» للولايات المتحدة، محذرا من سعي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لـ«كسر» الحلف. ومن شأن مواقف ماتيس أن تطمئن الأوروبيين المصرين على ضرورة تبني موقف حازم حيال موسكو على خلفية النزاع في أوكرانيا.
وفي هذا السياق قال دبلوماسي أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية إن الاتحاد «في ترقب» في مواجهة مواقف متناقضة أحيانا تصدر عن الإدارة الأميركية المقبلة، فيما قال دبلوماسي آخر إن «الرئيس ليس وحيدا في عملية اتخاذ القرارات».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».