مادورو يجدد سلطاته الاستثنائية متجاهلاً مناوئيه

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو
TT

مادورو يجدد سلطاته الاستثنائية متجاهلاً مناوئيه

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو

أثار الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو غضب معارضيه الأحد برفضه إلقاء خطابه الرئاسي السنوي أمامهم، مما أدى إلى تصاعد التوتر الذي ترافق مع تجديده صلاحياته بموجب حالة الطوارئ المعمول بها في البلاد.
وأدى قرار مادورو إلقاء الخطاب في المحكمة العليا الموالية له بدلا من الجمعية الوطنية إلى تفاقم المأزق السياسي. كما أكد عمق المشكلات الاقتصادية التي تعصف بهذا البلد المصدر للنفط.
وأعلن مادورو في خطابه أن عائدات صادرات النفط هبطت من نحو 48 مليار دولار عام 2008 إلى 5.3 مليار فقط خلال السنة الماضية. وهذا يعني أموالا أقل لتمويل مخطط الرفاه الاجتماعي الذي أرساه مادورو مع سلفه الراحل هوغو تشافيز. واعترف مادورو بأن «هذا النموذج للحصول على عائدات لم يعد صالحًا».
وكان ظهور الرئيس الفنزويلي في المحكمة العليا أقرب إلى ازدراء بخصومه في الجمعية الوطنية حيث كان يجب أن يلقي الخطاب.
ودفع ذلك الرئيس الجديد للجمعية الوطنية خوليو بورغيس الذي ينتمي إلى المعارضة إلى القول أمام صحافيين إن مادورو خرق الدستور الذي ينص على أن الخطاب يجب يلقى أمام المشرعين. ويعتبر مادورو الجمعية الوطنية غير شرعية لأن المحكمة العليا طعنت في شرعية بعض النواب المعارضين.
ودأبت المحكمة العليا على إصدار أحكام تصب في مصلحة مادورو وضد الجمعية منذ أن حصلت المعارضة على الغالبية البرلمانية قبل عام.
وتحمل المعارضة المتحالفة تحت اسم «طاولة الوحدة الديمقراطية» الرئيس الفنزويلي مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى احتجاجات عنيفة تسببت بسقوط قتلى، إلى جانب انتشار السرقة بسبب نقص المواد الغذائية والأدوية من الأسواق. وتطالب «طاولة الوحدة الديمقراطية» بتنظيم استفتاء شعبي لعزل الرئيس من منصبه.
لكن مادورو ينفي مسؤوليته ويقول إن الأزمة هي نتيجة مؤامرة رأسمالية تقف خلفها الولايات المتحدة. وتضمن الخطاب الرئاسي الأحد مراجعة للأزمة. ووصف مادورو عام 2016 بأنه كان «الأطول والأصعب» على حكومته منذ توليها السلطة بعد وفاة تشافيز عام 2013.
وجاء تدهور أسعار النفط الذي يعتبر المورد الرئيسي للبلاد ليعمق الأزمة التي أجبرت الناس على الوقوف في طوابير طويلة لشراء حاجاتهم.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل نسبة التضخم إلى 1660 في المائة هذا العام، وهو رقم هائل. إلا أن مادورو تعهد بأن «تخرج البلاد سالمة من الأزمة» من خلال الإجراءات الناتجة من السلطات الاستثنائية.
فقبل عام، باتت الحكومة تسيطر على إنتاج المواد الغذائية إضافة إلى صناعات استراتيجية أخرى. كما وعد مادورو بزيادة برنامج المساعدات الغذائية الخاص بالفقراء.
والخلاف السياسي بين مادورو وتحالف أحزاب المعارضة مستمر منذ العام الماضي من دون أن يلوح أي حل في الأفق. وقد توقفت المفاوضات بين الحكومة والمعارضة حول الأزمة التي رعاها الفاتيكان في العام الماضي، وانتهت إلى اتهام المعارضة لمادورو بسوء النية.
وعلى الرغم من تأكيد مادورو الأحد الماضي أنه ملتزم بـ«تعزيز» الحوار، استبعدت المعارضة العودة إلى المفاوضات، وهي تخطط لتنظيم مظاهرات جديدة اعتبارا من 23 يناير (كانون الثاني) الحالي.
وصادق النواب المعارضون الذين يشكلون الغالبية في الجمعية الوطنية في الأسبوع الماضي على مبادرة تعتبر أن مادورو «تخلى عن منصبه» عمليًا بفشله في مواجهة الأزمة الاقتصادية.
لكن مادورو وصف هذه الخطة بأنها «محاولة انقلابية» وأنشأ وحدة «للتصدي للانقلاب» قامت باعتقال سبعة من أبرز معارضيه هذا الأسبوع.
ويتوقع المحلل السياسي الفنزويلي دييغو مويا - أوكامبوس في مركز أبحاث «آي إتش إس ماركيت» ومقره لندن أن يشهد عام 2017 «دستورًا يتدخل في الاقتصاد ومزيدًا من الإجراءات وعمليات تفتيش تطال المؤسسات ورقابة على الأسعار وصرف العملات إضافة إلى زيادة في التضخم والانكماش الاقتصادي».
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تؤشر إلى انخفاض شعبية مادورو، ما زال الرئيس يحظى بدعم القيادة العسكرية ويسيطر على معظم مؤسسات البلاد.
ويستبعد الخبير في العلوم السياسية ريكاردو سوكري عزل مادورو. ويقول: «يبدو بالنسبة إلي أنه بات أقوى داخل معسكره، فقد اجتاز أصعب الاختبارات عكس كل التوقعات».



موسكو تندد بتصريحات «معادية» على خلفية تسميم نافالني

المعارض الروسي ألكسي نافالني خلال مظاهرة في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)
المعارض الروسي ألكسي نافالني خلال مظاهرة في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

موسكو تندد بتصريحات «معادية» على خلفية تسميم نافالني

المعارض الروسي ألكسي نافالني خلال مظاهرة في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)
المعارض الروسي ألكسي نافالني خلال مظاهرة في موسكو (أرشيفية - أ.ف.ب)

قالت وزارة الخارجية الروسية، اليوم السبت، إنها لاحظت صدور عدة تصريحات «معادية لروسيا» فيما يتعلق بموضوع صحة المعارض الروسي ألكسي نافالني، وذلك بعد أن قالت ألمانيا إنه تعرض للتسميم بغاز نوفيتشوك للأعصاب.
وكتبت وزارة الخارجية في بيان «فيما يتعلق بهذه التصريحات المتجرئة أن... (غاز نوفيتشوك) جرى تطويره هنا، أصبح لزاما علينا أن نقول ما يلي: لعدة سنوات، لجأ مختصون في العديد من الدول الغربية والهيئات المتخصصة التابعة لحلف شمال الأطلسي إلى استخدام هذه المجموعة واسعة النطاق من المركبات الكيميائية».
واندلعت أزمة جديدة بين روسيا والغرب، بعدما أكدت ألمانيا هذا الأسبوع وجود «أدلة قاطعة» على أن أبرز خصوم سيد الكرملين فلاديمير بوتين تعرض للتسميم بغاز الأعصاب نوفيتشوك الذي طُور خلال الحقبة السوفياتية.
وأبدى قادة غربيون وكثير من الروس قلقهم البالغ حيال ما قال حلفاء نافالني إنه أول استخدام يتم الكشف عنه لأسلحة كيميائية ضد قيادي في المعارضة الروسية على أراضي البلاد.
ومَرِض المحامي البالغ 44 عاما عندما كان على متن رحلة جوية الشهر الماضي، وخضع للعلاج في مستشفى في سيبيريا قبل إجلائه إلى برلين. وما زال في غيبوبة اصطناعية منذ أسبوعين.
ونفى الكرملين أن تكون روسيا وراء ما حصل له، وقال المتحدث باسم بوتين الجمعة إن موسكو ثابتة على موقفها. وصرح ديمتري بيسكوف لصحافيين «تم التفكير في كثير من النظريات، بما فيها التسميم، منذ الأيام الأولى. بحسب أطبائنا، لم يتم إثبات هذه النظرية».
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «لا شيء لدينا لنخفيه». واتهم أمام صحافيين، الغرب بطرح مطالب «متعالية»، لافتاً إلى أن وزارة العدل الألمانية لم تتشارك حتى الآن أي معلومات مع المدعين الروس. وأضاف «حين نتلقى جواباً سنرد».
وطرحت شخصيات مؤيدة للكرملين العديد من النظريات المفاجئة في الأيام الأخيرة، بما فيها احتمال أن يكون نافالني تعرض للتسميم بأيدي الألمان أو أنه سمم نفسه.
والجمعة، قال خبير في علم السموم لصحافيين روس إن صحة السياسي المعارض قد تكون تدهورت بسبب نظامه الغذائي أو الضغط النفسي أو الإجهاد، مشددا على أنه لم يُعثر على آثار سم في العينات التي أخذت منه في مدينة أومسك بسيبيريا حيث خضع للعلاج ليومين قبل نقله إلى ألمانيا.
وقال ألكسندر ساباييف إن «المريض لجأ إلى الحمية لخسارة الوزن»، مشيرا إلى أن «التدهور المفاجئ (في صحته) قد يكون نجم عن أي عامل خارجي حتى مجرد عدم تناول وجبة الفطور».
ونفت روسيا في الماضي مسؤوليتها عن هجوم بنوفيتشوك استهدف العميل المزدوج الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في إنجلترا عام 2018 إلى جانب عدد آخر من الحوادث المشابهة.
في بروكسل، دعا حلف شمال الأطلسي إلى تحقيق دولي بشأن تسميم نافالني وطالب موسكو بكشف تفاصيل برنامجها لغاز نوفيتشوك لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وأكد الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ بعد اجتماع طارئ عقده «مجلس شمال الأطلسي» أن جميع الدول متفقة على إدانة الهجوم «المروع» الذي تعرض له نافالني.
وقدمت ألمانيا، حيث يخضع نافالني للعلاج، إيجازا لباقي الدول الـ29 الأعضاء بشأن القضية بينما أشار ستولتنبرغ إلى وجود «إثبات لا شك فيه» أنه تم استخدام نوفيتشوك ضد المعارض.
وقال ستولتنبرغ إن «على الحكومة الروسية التعاون بالكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن تحقيق دولي محايد».
وطالبت فرنسا وألمانيا مجدداً روسيا الجمعة بتفسيرات بشأن تسميم نافالني. كما طالبتا بـ«تحديد» هوية المسؤولين عن الهجوم و«إحالتهم على العدالة».
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب من جهته الجمعة أنه لم يرَ أي أدلة حتى الآن على تسميم نافالني، مضيفاً في الوقت نفسه أنه ليس لديه سبب للتشكيك فيما قالته برلين التي تؤكد أن لديها «أدلة قاطعة» في هذه القضية.
وصرح ترمب «لا أعرف ما حدث تحديداً. أعتقد أنه أمر مأساوي، إنه فظيع، وينبغي ألا يحدث». وقال في مؤتمر صحافي «لم نرَ حتى الآن أي دليل» على تسميم نافالني، متعهدا في الوقت نفسه بأن الولايات المتحدة ستدرس هذا الملف بجدية بالغة.
ودعا مسؤول الشؤون الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل موسكو في وقت سابق للتعاون مع تحقيق دولي بشأن عملية التسميم مشيرا إلى أن التكتل الذي يضم 27 دولة لا يستبعد فرض عقوبات عليها.
واعتبر الاتحاد الأوروبي أن استخدام سلاح كيميائي يعد أمرا «غير مقبول على الإطلاق في أي ظرف كان ويشكل خرقا جديا للقانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان الدولية».