روسيا وتركيا تفصلان مسار آستانة عن الهدنة ووادي بردى

مصدر من المعارضة يقول إن تفاهم أنقرة يستهدف المناطق الشمالية

صورة من فيديو لوكالة «خطوة» المعارضة تظهر الدمار الذي طال «دير قانون» بوادي بردى في ريف دمشق، إثر القصف العنيف من قوات النظام والفصائل الداعمة له، أمس (أ.ب)
صورة من فيديو لوكالة «خطوة» المعارضة تظهر الدمار الذي طال «دير قانون» بوادي بردى في ريف دمشق، إثر القصف العنيف من قوات النظام والفصائل الداعمة له، أمس (أ.ب)
TT

روسيا وتركيا تفصلان مسار آستانة عن الهدنة ووادي بردى

صورة من فيديو لوكالة «خطوة» المعارضة تظهر الدمار الذي طال «دير قانون» بوادي بردى في ريف دمشق، إثر القصف العنيف من قوات النظام والفصائل الداعمة له، أمس (أ.ب)
صورة من فيديو لوكالة «خطوة» المعارضة تظهر الدمار الذي طال «دير قانون» بوادي بردى في ريف دمشق، إثر القصف العنيف من قوات النظام والفصائل الداعمة له، أمس (أ.ب)

فصل الراعيان التركي والروسي لمحادثات آستانة التي ستقام في عاصمة كازاخستان في 23 من الشهر الحالي، مفاوضات السلام عن مسار اتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار الذي تعرض لأكثر من 300 خرق، بينها 30 خرقًا روسيًا، كما تم فصلها عن مسار التطورات العسكرية في وادي بردى بريف دمشق، التي أحرز النظام فيها تقدمًا عسكريًا.
وكانت تطورات وادي بردى، أبرز النقاط التي دفعت الفصائل العسكرية للتريث قبل اتخاذ قرار المشاركة في آستانة، في وقت ذُللت تلك التحفظات السابقة، تحت «الضغوط التي مورست على الفصائل للمشاركة»، بحسب ما قال مصدر عسكري معارض لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن التطورات الأخيرة «تشير بوضح إلى فصل المسارين»، ما يعني أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تنوي الفصائل العسكرية تثبيته في مباحثات آستانة: «معني بمنطقة الشمال وليس ريف دمشق»، بحسب ما قال المصدر نفسه.
وتضاعفت الإشارات على فصل المسارين، أمس، إذ أكد رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس هناك أي تدخل فعلي لإيقاف الخروق في وادي بردى»، لافتًا إلى أن المجزرة التي ارتكبها النظام أمس في المنطقة، وذهب ضحيتها 15 «شهيدًا» و20 جريحًا «هي استمرار لسياسة المجازر التي يرتكبها وعدم احترام التهدئة». وأشار إلى أن «التفاهم الروسي - التركي يبدو أنه يشمل مناطق شمالية وليس كل سوريا، بدليل استمرار سياسة التهجير التي يرتكبها النظام والتطورات في محيط العاصمة».
وتدهور الوضع الميداني الأحد في وادي بردى قرب دمشق، حيث قتل نحو عشرين مدنيًا بقصف مدفعي لقوات النظام، في حصيلة هي الأعلى خلال يوم واحد في المنطقة منذ بدء الهدنة قبل أكثر من أسبوعين.
ورأى رمضان أن «اتفاق وقف إطلاق النار بات في حكم المنتهي، وآستانة سيتحدث عن تثبيت وقف إطلاق نار غير موجود، حتى بالشمال، في ظل التقديرات بتعرضه لـ300 خرق، بينها 30 خرقًا ارتكبها الروس، ما يعني أنهم ليسوا في وضع يؤهلهم للاستمرار بالمبادرة».
وعقدت الفصائل العسكرية أمس اجتماعًا لبحث «الترتيبات وتحضير جدول الأعمال» للمشاركة في مؤتمر آستانة، كما قال مصدر عسكري معارض مشارك بالاجتماع لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن الفصائل المشاركة «ستبحث تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار»، واتخذت القرار بعد حسم مشاركة «حركة أحرار الشام» في الاجتماع.
وبينما قالت المصادر إن القرار بالمشاركة «هو نتيجة ضغوط تركية تعرضت لها»، رأى عضو المجلس الشرعي لحركة «أحرار الشام» أيمن هاروش في تعليق نشره في حسابه على «تويتر»، أن الأتراك «امتازوا برحابة صدر وتقبلهم لنقد واعتراض من يعترض والذي وصل في بعض الخطابات إلى لغة خارجة عن سياق الدبلوماسية والعرف العام»، نافيًا الضغوط التركية على الفصائل للمشاركة.
وتغيب عن الاجتماع «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشارك في معارك ضد تنظيم داعش في الرقة، وتتهمها أنقرة بأنها «الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني» الذي تضعه أنقرة على قائمتها للمنظمات الإرهابية.
وهدّد المتحدّث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» طلال سلّو بعدم الاعتراف بنتائج مفاوضات آستانة ما لم يتم دعوتهم إليها، معتبرًا أن ذلك يعني «استمرارًا لسفك الدم السوري».
وقال سلو، في حديث لموقع «الحل» السوري المعارض: «عدم وجودنا في البحث عن حل لهذه الأزمة، سيؤدي إلى عدم اعترافنا بأي قرار يصدر عن هذا المؤتمر، فقواتنا حققت انتصارات وكافحت وحررت الكثير من المناطق، ومن الناحية العملية، لا بد أن نكون موجودين في أي مسعى لحل الأزمة السورية».
في هذا الوقت، شهدت منطقة وادي بردى، خزان مياه دمشق، أمس، اندلاع معارك عنيفة بين قوات النظام والفصائل المعارضة وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى مقتل أكثر من 15 شخصًا في قصف مدفعي لقوات النظام على قرية دير قانون في وادي بردى، في حصيلة هي الأعلى خلال يوم واحد في المنطقة منذ بدء الهدنة التي تشهدها الجبهات الرئيسية في سوريا منذ 30 ديسمبر (كانون الأول) بموجب اتفاق روسي تركي. وبحسب الهيئة الإعلامية في وادي بردى، وهي شبكة أنباء محلية معارضة، استهدف القصف مركز تجمع للنازحين في القرية.
بدوره، قال مصدر معارض في وادي بردى لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يخطط للسيطرة على المنطقة، متبعًا أسلوب السيطرة على حلب عبر تقسيم المنطقة إلى أحياء وخرقها من العمق، ليتسنى له الضغط على المدنيين بالنزوح من شمالها إلى جنوبها، بموازاة الهجمات التي يشنها على عين الفيجة»، مشيرًا إلى أن القصف لم يتوقف.
وتوتر الوضع الميداني في المنطقة منذ ليل السبت الأحد إثر إقدام مسلحين مجهولين على اغتيال رئيس لجنة التفاوض في منطقة اللواء المتقاعد أحمد الغضبان، بعد 24 ساعة من تكليفه الإشراف على تنفيذ اتفاق مصالحة بين السلطات والفصائل، بحسب المرصد.
وقال مصدر في وزارة المصالحة السورية لوكالة «الصحافة الفرنسية» أمس: «رغم اغتيال المسلحين للواء أحمد الغضبان، إلا أن التسوية لم تنهر بشكل كامل في وادي بردى». وتحدث عن «اتصالات ومساع جديدة بالتوازي مع العمل العسكري الجاري حاليًا».
إلا أن الناطق الرسمي باسم «الهيئة الإعلامية في وادي بردى» عمر الشامي قال، أمس، إن «الاتفاق يُعتبر ملغى منذ صباح اليوم بعد خرقه من النظام مرات عدة خصوصا بعد مقتل الغضبان».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.