افتتاحيات الصحف الأميركية تنشغل بوزراء ترامب الجدد

الصحف الأوروبية: «داعش» تستخدم الـ«درون» في الهجمات... وتوغل إيراني في المنطقة

افتتاحيات الصحف الأميركية تنشغل بوزراء ترامب الجدد
TT

افتتاحيات الصحف الأميركية تنشغل بوزراء ترامب الجدد

افتتاحيات الصحف الأميركية تنشغل بوزراء ترامب الجدد

في الأسبوع الماضي، انشغل الإعلام الأميركي باستجواب وزراء الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الكونغرس. ورغم أسئلة حرجة، حتى من بعض الجمهوريين، يبدو أن الكونغرس سيوافق على كل الوزراء. لكن، انتقدت افتتاحيات صحف كثيرة بعض الوزراء، أو كلهم.
غير أن افتتاحية صحيفة «واشنطن تايمز» شذت، كتبت: «انطلقت كرات ترامب، واحدة بعد الأخرى، نحو لاعب العصا، ولم يقدر على إصابة واحدة، ولم يقدر على تحريك لاعبي فريقه في الميدان». (تشير هذه إلى لعبة بيسبول الأميركية، حيث يرمي لاعب كرات نحو لاعب الفريق المنافس الذي يحاول أن يضربها بعصاه، لتطير بعيدًا في الميدان، وليقدر زملاؤه على أن يكسبوا).
لكن، شنت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» هجمات عنيفة على عدد من وزراء ترامب. وكتبت عن السيناتور الجمهوري جيف سيشان، الذي سيكون وزيرًا للعدل: «قال سيشان خلال استجوابه إنه حريص على استمرار تنفيذ قوانين الحقوق المدنية (خاصة لصالح السود)، وعلى عدم محاولة تغيير أي قانون منها. لكن، يجب عليه أن يثبت ذلك». وانتقدت افتتاحية صحيفة «يو إس إيه توداي» تصريحات سيشان عن حق كل أميركي في أن يشتري ويحمل بندقية. وقالت الافتتاحية: «لا بد من قانون يمنع مختلي العقل من شراء وحمل سلاح. قبل أسبوع، تسبب جندي سابق في مذبحة في مطار فورت لوترديل (ولاية فلوريدا). وكان مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) قال إنه حقق معه، ولاحظ أنه يعاني من مشكلات عقلية، لكن، رغم ذلك، أعاد إليه مسدسه». ونشرت صحيفة «سنت لويس ديسباتش» رايا سلبيا عن استجواب ريكس تيلارسون، وزير الخارجية الجديد. وقالت: «كان ترامب وصف السيناتور الجمهوري مارك روبيو بأنه (مارك الصغير)، (إشارة إلى أصله الكوبي اللاتينى). ها هو روبيو يحرج تيلارسون، ويسأله إذا الرئيس الروسي بوتين مجرم حرب. ولم يجب تيلارسون إجابة واضحة». وانتقدت افتتاحية صحيفة «سياتل تايمز» تيلارسون أيضًا. وكتبت: «قلل وزير الخارجية المتوقع من خطورة تدخل روسيا في العملية الانتخابية الأميركية. يجب ألا يقلل هذا من رغبة أعضاء الكونغرس، جمهوريين وديمقراطيين، في التحقيق في هذا التدخل. ويجب اعتبار هذا التدخل حربًا على الولايات المتحدة».
كثير من الملفات الدولية والإقليمية كانت في بؤرة اهتمام الصحف الأوروبية خلال الأيام القليلة الماضية، وتنوعت هذه الملفات بين التطورات المصاحبة لتسلم الرئيس الجديد في الولايات المتحدة، ومؤتمر باريس للسلام، ومرحلة ما بعد موت رافسنجاني في إيران، والطائرات من دون طيار التي لدى تنظيم داعش. وستكون البداية من لندن والصحف البريطانية، فمع اقتراب موعد تسلم دونالد ترامب رسميًا رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، انشغلت معظم صحف لندن بمتابعة أصداء ذلك، وخلافات ترامب مع خصومه، واحتجاجات معارضيه، وتقديم توقعات عن تأثيرات رئاسته على الوضع العالمي، والبريطاني تحديدًا.
وقد وضعت صحيفة «الأوبزرفر» عنوانًا لافتتاحيتها «نحن محقون في الخوف من تسلم ترامب الرئاسة». وقالت فيها إن الاحتفال بتنصيب ترامب، الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، ليست لحظة طبيعية، واصفة إياها بأنها «لحظة فزع وقلق ونذير شؤم». وتنشر «الأوبزرفر» تقريرًا لمراسلها من طهران تحت عنوان «المعتدلون في إيران يأملون في أن يكون موت رافسنجاني نقطة تحول باتجاه الديمقراطية». ويرى التقرير أن ثمة مؤشرات على أن حملة الإصلاحيين قد تبعث من جديد إثر الاحتجاجات التي شهدتها جنازة الرئيس الإيراني الأسبق.
وتنشر صحيفة «صنداي تلغراف» تقريرًا لمراسلها من الموصل في العراق يقول فيه إن تنظيم داعش يستخدم طائرات من دون طيار لرمي عبوات ناسفة على المدنيين في أحياء المدينة المحررة. ويضيف التقرير أن التنظيم سبق أن سيّر طائرات من دون طيار في عمليات مراقبة، ليست فقط من ذلك النوع من الطائرات الذي يباع تجاريًا لهواة الطيران، ولكن طائرات مصنعة محليًا ذات أجنحة ثابتة. ويشدد التقرير على أنه حتى فترة قريبة لم تكن هناك أدلة على أن التنظيم قد ذهب إلى مدى أبعد في هذا الصدد، لكن سلسلة من الهجمات الأخيرة أكدت أنه طور إمكانية إسقاط قنابل يدوية سعة 40 ملم عبر هذه الطائرات. ويضيف التقرير أن المدنيين الذين يذهبون للتسوق في الأحياء المحررة أخيرًا في مدينة الموصل يصبحون عرضة لهذا النمط من الهجمات.
وننتقل إلى باريس والمؤتمر الدولي الذي احتضنته باريس الأحد 15 يناير (كانون الثاني) لإحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، والذي أسال حبرًا كثيرًا في الصحف الفرنسية. فصحيفة «لوفيغارو» وصفت المؤتمر بـ«المؤتمر الرمزي» (كاتبة المقالِ إيزابيل لاسيير، المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط لدى الصحيفة، قالت إنه لا أحد ينتظرُ شيئًا من هذا المؤتمر الذي يغيبُ عنه الطرفان الرئيسيان المعنيان، الإسرائيلي والفلسطيني). وتابعت إيزابيل لاسيير التوضيح أيضًا أن مؤتمر باريس سيجدد التأكيد على المبادئ نفسِها التي أكد عليها الاجتماعُ الذي احتضنته العاصمة الفرنسية بدايةَ شهرِ يونيو (حزيران) الماضي.
«الحاجة الماسة للمضي قدمًا في عملية السلام» و«ضرورة دعم حل الدولتين» كطريقِ وحيدٍ لتحقيق «سلام دائم}»، وفقا لما نقلته إيزابيل لاسيير عن دبلوماسي فرنسي رفيع. غير أن هذا الهدفَ يواجهُ خطرًا بسبب المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وأيضًا الهجمات التي يقومُ بها الفلسطينيون، بالإضافة إلى تجميد المفاوضات، وذلك أيضًا نقلاً عن دبلوماسي فرنسي آخر رفيع المستوى، كما تقول إيزابيل لاسيير، حث على ضرورة التحرك بسرعة قبل اندلاع موجة جديدة من العنف.
وفي موضوع آخر، عنونت صحيفة «ليبراسيون» بـ«إيران والتوغل الكبير»، ووصفت ليبراسيون إيران بـ«القوةِ التي تنمو» وبـ«الجمهورية الإسلامية القوية بعلاقاتها الهادئة مع الغرب» التي تدافع عن القضية الشيعية من حلب إلى موسكو. وتعزز من مكانتها كفاعل سياسي وعسكري مركزي في المنطقة. وقد تساءلت الصحيفة إن كانت إيران تمتلك الوسائل الكافية للاستفادة من مكاسبها للحفاظ على هيمنتِها في منطقةِ الشرق الأوسط، هذه المنطقة التي تتعرضُ لجميعِ التأثيرات والتدخلات الخارجية. واعتبرت ليبراسيون أن إيران استفادت من انسحاب الولايات المتحدة من العراق منذ عام 2011، وفرضت إرادتَها على الحكومة العراقية الضعيفة التي فقدت مصداقيتَها. وفي سوريا، فالقواتُ الإيرانية موجودة على الميدان، ولها دورٌ قويٌ.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.