11 طبقًا و11 هوية

تذوّقها إذا كانت وجهة سفرك واحداً من مواطنها الأصلية

من أشهر أطباق ماليزيا
من أشهر أطباق ماليزيا
TT

11 طبقًا و11 هوية

من أشهر أطباق ماليزيا
من أشهر أطباق ماليزيا

في كلّ مرة نزور فيها بلدًا جديدًا يستحوذ موضوع أطباقها الشهيرة على مساحة لا يستهان بها من تفكيرنا. فالطعام هو لغّة بحدّ ذاتها نحاول قدر الإمكان استكشافها خلال رحلاتنا ومغامراتنا في أسفارنا، وغالبًا ما نحتار حول اسم الطبق الذي علينا اختياره، فنطرح على نادل المطعم الذي ندخله أسئلة كثيرة لنستطيع بعدها اتخاذ القرار المناسب للطبق المناسب. ولتسهيل هذه المهمّة عليك والمساهمة في التخفيف من مشقّة البحث والتفتيش عما يناسبك من أطباق في كلّ بلد تزوره اخترنا لك 11 طبقًا معروفًا من شأنها أن تسرّع عملية خياراتك في مطاعمها. فهوية كلّ بلد تكمن في أطباقه، ومن هنا نأخذك في رحلة جديدة من نوعها تتجوّل فيها بين أحد عشر مطبخًا عالميًا تتعرّف خلالها على أحد عشر طبقًا مشهورًا فيها، وفي استطاعتك تذوّقها في حال كانت وجهة سفرك السياحيّة واحدة من البلدان المذكورة.
* الـ«راتاتوي» الفرنسي
تشتهر فرنسا بمطبخها الكلاسيكي والذي ما زال يتصدّر بأهميته أشهر أطباق العالم. ويعدّ «راتاتوي» واحدًا من أعرق أطباقها وهو شبيه إلى حدّ كبير بأطباق اليخاني التي نحضّرها في عالمنا العربي. يعود أصل هذا الطبق إلى الريف الفرنسي وعادة ما كان يتم تحضيره في ثكنات الجيش الفرنسي كونه مغذّيا ويزوّد متناوله بالامتلاء لمدة طويلة. يتألّف الـ«راتاتوي» من مجموعة من الخضار (بطاطا وفاصوليا وجزر وباذنجان وكوسى وغيرها) المطهية مع البصل والثوم وزيت الزيتون وقطع اللحم الدسم.
* «الكبسة» السعودي
ينافس طبق «الكبسة» أطباق شعبية أخرى في دول الخليج العربي ولا سيما في السعودية المشهورة بأطباق الجريش والقرصان والسليق. وهو يتكوّن من الأرز ذي الحبّة الطويلة المطهوة مع لحم الضأن أو الدجاج والماعز ويضاف إليه البهارات التي تجعله يرتدي حلّة ملوّنة تتراوح ما بين الأصفر والبني والأحمر والأبيض الذي يتفنّن الطهاة السعوديون في تقديمه في المطاعم وعادة ما يزيّن بالمكسّرات والزبيب. أن تزور بلدًا خليجيًا دون أن تتذوّق طبق «الكبسة» فيه هو ما قد يفقدك متعة التعرّف إلى طبق رئيسي عادة ما يحتلّ الصدارة على المائدة الخليجية.
* «بورشست» الروسي
هو نوع من الحساء الملوّن الذي يتكوّن من الشمندر ولحم البقر مع توابل خفيفة، وهو يقدّم باردًا أو ساخنًا بعد أن يضاف إليه كمية من الكريمة الحامضة (sour cream) على وجهه.
يعدّ الـ«بورشست» طبقًا روسيا شعبيًا لاقى رواجًا كبيرًا على مرّ التاريخ بحيث انتشر في مختلف دول أوروبا الشرقية.
* «اسكالوب فيينواز» النمساوي
ظهر هذا الطبق ما بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر، إلا أن أول وصفة كتبت عنه في أحد كتب الطبخ النمساوية كانت في عام 1831.
يتألّف هذا الطبق من شريحة من لحم العجل، عادة ما يتمّ تقديمه مع شرحة من الليمون الحامض ومربّى التوت البرّي، أو مع سلطة البطاطا أو قطعا منها مطية مع الزبدة ومزيّنة بالبقدونس.
فليالي الأنس في فيينا لا تكتمل إلا مع تذوّقك هذا الطبق العريق فيها والذي بلغت شهرته مختلف بلدان العالم فصار يزيّن موائدها تحت عنوان «اسكالوب فيينواز» المعروف فيها مع إجراء مع التعديلات حسب أذواق أهل كلّ بلد.
* «باي فلوتر» الأسترالي
صحيح أن أستراليا معروفة برموز كثيرة لها دلالة مباشرة إلى تاريخها كحيوان الكانغرو الذي يرتبط ارتباطا مباشرا بها، إلا أن طبق «باي فلوتر» (التارت العائمة) يعدّ واحدا من رموز مطبخها الاصيل. هو نوع من الحساء يتكوّن من هريس البازلاء الخضراء مع صلصة البندورة تعوم في وسطه قطعة عجين (سمبوسك) محشوة باللحم. فإذا زرت مطعمًا أستراليًا عليك أن تطلب هذا الطبق الذي عادة ما يتمّ إدراجه في قسم التارت (باي) المعروفة في المطبخ الأسترالي.
* «اسادو» الأرجنتيني
لا تنحسر تسمية «اسادو» على طبق معيّن في الأرجنتين، فهو يرافق بتقنيته أي طعام يمكن شواؤه على مسطّح حديدي (باريلا) كالبطاطا واللحوم وأي نوع خضراوات أخرى. وبمعنى آخر هو شبيه بعملية تحضير الـ«باربكيو» المعروفة في مختلف بلدان العالم.
وتكمن هذه التقنيّة في نوعية الزيت المستخدمة لنقع الطعام المراد شواؤه وأيضًا بالبهارات والتوابل التي ترافق هذه العملية.
* «بلح البحر» البلجيكي مع البطاطا المقلية
هذا الطبق الشهير في بلجيكا يتناوله أهلها بشكل مستديم ولا سيما في فصل الشتاء ويرفقونه مع البطاطا المقليّة المقرمشة. وغالبا ما يتمّ تحضير هذا الطبق مع صلصات مختلفة تتنوّع بمذاقها المكوّن من الثوم والكزبرة أو الكريما المخفّفة أو صلصة البندورة مع الأعشاب. وأحيانًا كثيرة يتمّ تحضير هذا الطبق ببساطة بحيث يكون جافًا لا يدخله أي نوع صلصة وما شابهها. وعادة ما يتم تقديم هذا الطبق في مطاعم تختصّ في تحضيره بكميّات كبيرة تحت عنوان «حتى الشبع» (A gogo)، فتبلغ زنة بلح البحر الموجود فيه نحو كيلوغرام ونصف للشخص الواحد.
* طبق «فيغوادا» البرازيلي

كما في البرتغال كذلك في البرازيل، يعتبر «الفيغوادا» أحد أشهر وأعرق الأطباق المعروفة في البلدين المذكورين وحتى في بلدان أخرى من أميركا الجنوبية. يتكوّن هذا الطبق من الفاصوليا السوداء المطبوخة مع لحم الضأن المرفق مع الأرز. تفخر مطاعم البرازيل بتقديم هذا الطبق الذي أدرج على لائحتها التراثية. وفي البرتغال يعتاد الناس ارتياد المطاعم التي تخصصّ يومي الأربعاء والسبت من كلّ أسبوع لتناول هذا الطبق عندها. فإذا شئت أن تتمتّع بمذاق هذا الطبق الأميركي العريق، يتوجّب عليك أن تختار واحدة من دول أميركا الجنوبية للقيام بذلك.
* «بوتين» الكندي
هو طبق كندي تعود أصوله إلى مدينة كيبيك ويتألّف من البطاطا المقلية المغطاة بطبقة من جبن الشيدر يتم سكب الصلصة البنية القاتمة فوقها يمكن إعدادها بالطحين المحمّص على النار يعطيها هذا الرونق.
كان مطعم «لوروا جوسيب» في مقاطعة دروموندفيل الكندية أول من قدّم هذا الطبق لزبائنه عندما أدرجه صاحبه جان بول وا في عام 1964 على لائحة الأطباق اليومية لديه. يطلق على هذا الطبق تسمية أخرى (ميكست) تعرّف عنه في مقاطعات كندية أخرى.
* «التندوري» الهندي مع الدجاج
في استطاعتك تناول هذا الطبق الهندي كطبق مقبّلات تبدأ فيه طعامك، أو أن تكتفي به كطبق رئيسي لوجبتي الغداء أو العشاء. يعود تاريخ هذا الطبق إلى عام 1947 عندما أطلقه صاحب مطعم «موتي محل» في مدينة دلهي. اليوم أصبح هذا الطبق المكوّن من قطع الدجاج المطهية مع اللبن والعسل والقرفة. يتم تقديمه بأشكال مختلفة فتأخذ قطع الدجاج ألوانًا مختلفة حسب صنف البهارات المستخدمة في تحضيره وغالبًا ما تكون مائلة إلى الاحمرار.
- طبق «نازي ليماك» الماليزي
إذا زرت ماليزيا لا بدّ أن تتذوّق طبق «نازي ليماك» المشهور فيها. ويتكوّن من قطعة لحم تختارها حسب الرغبة (عجل أو دجاج)، تقدّم على صحن أرزّ مطهو مع حليب جوز الهند. عادة ما تتم عملية تحضير الأرز المغلي مع نوع الحليب المذكور بعد أن يضاف إليها ورقة من شجر الـ«باندانوس» ليعطيه نكهة مميّزة مع رشّة زنجبيل وعصرة ليمون حامض.



«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.